45/05/29
الموضوع: باب الالفاظ/مبحث الأوامر/مبحث الضد
سياتي في بحث كشف الملاك هل هو بالنمط الذي ذكره الميرزا النائيني او بنمط آخر وكان الكلام في قضية التزاحم. طبعا السيد الخوئي رحمة الله عليه قال لا حاجة بنا الى كشف الملاك بآلية الدلالة الالتزامية انها لا تتبع المطابقية في الحجية. بتقريب ان التزاحم بين الحكمين الموسع والمضيق هو في فرد ولما يكون فردا واحدا على نحو الاطلاق البدلي باعتبار ان الذي يزاحم انقاذ الغريق هو خصوص فرد من الصلاة كما مر بنا ان تعميم حكم قد يكون استغراقي من جهة الموضوع وبدليا من جهة المتعلق بغض النظر عن حكم جزئي او كلي. فعمومية الحكم لها جهات وزوايا متعددة فالمزاحمةفي الحقيقة هنا مع فرد من الطبيعي البدلي للصلاة وهنا يتبنى السيد الخوئي ان الامر لا ينعدم لان اطلاق الطبيعة التي هي متعلق الطبيعة لا مانع ان يعم الافراد المقدورة و الافراد غير المقدورة. لو اختص بغيرالمقدور لكان هذا محذورا اما ان يكون بدليا يعم المقدور وغير المقدور فلا مانع من ذلك فاذا شمول الامر للطبيعة البدلية التي هي شاملة من المقدور وغير المقدور لا مانع منه فاذا الطبيعة المأمور بها لم تسقط في الفرد غير المقدور بما هي مأمور به. فاذا هذا استكشاف الملاك في الوجود الامر الفعلي لا من باب عدم تبعية الدلالة الالتزامية عن المطابقية. فمن ثم يقول انا لا نحتاج الى الترتب.
الترتب لاجل تصوير بقاء الامر والتضاد و المزاحمة لا تعدم الامر. فهنا في موارد تزاحم الموسع والمضيق اذا كان الموسع على نحو البدلي لا يسقط كي نقول هناك في البين محذور والنهي التبعي لا يوجب الفساد والامر لا ينعدم فاذا العبادة الموسعة صحيحة وان اتى بها في آن انقاذ الغريق. فعند السيد الخوئي ان تزاحم المضيق والموسع ليس أصلا من باب التزاحم والتضاد وهنا لا تضاد بين الامر الكلي المتعلق بالطبيعة البدلية الموسع مع الامر بالمضيق وهو انقاذ الغريق. الفرد ليس محط تعلق الامر بل محط تعلق الامر هو الطبيعة البدلية وهي شاملة للمقدور وغير المقدور. نعم الفرد غير مقدور لكن الكلام في الطبيعة وهي شاملة للمقدور غير المقدور ومع ذلك الامر فعلي ولم يسقط.
اذا كبرويا السيد الخوئي يقول ان التزاحم بين المضيق كانقاذ الغريق والموسع في الطبيعة البدلية ليس من باب التزاحم لان الطبيعة البدلية غير منحصرة في الفرد المضادّ للمضيق فلابد ان نخرج بحث المضيق والموسع عن باب التزاحم وفي الموسعين بطريق أولى وانما التزاحم بين المضيقين فقط. هذا بيان السيد الخوئي رحمة الله عليه.
فكل الفذلكة التي صاغها الكركي او النائيني او الشيخ البهائي كلها مبنية على فرض التزاحم بين المضيق والموسع اما اذا استطعنا ان نبين انه ليس في البين تزاحما ولا تضاد ولا تنافر فلا حاجة بهذه الفذلكات.
اما بيان المختار في هذه الأبحاث:
طبعا كنقطة فهرسية سابقا اشرنا الى تلك اجمالا ان التزاحم أنواع وليس نوعا واحدا. المعروف والمعهود في اذهاننا هوا لتزاحم في مقام الامتثال. لكن هناك تزاحم في مقام احراز الامتثال يعني بين الحكمين ليس تزاحما وانما اذا اريد ان احرز امتثال الحكمين يقع التزاحم. مثلا علم اجمالي مع علم اجمالي حينئذ يقع التزاحم في احراز الامتثال يعني الموافقة القطعية مع الموافقة القطعية لا يمكن ولا بد ان يقتصر للموافقة الاحتمالية لكل من الواجبين.
مثلا الوقت لا يكفي لاربع ركعات للظهر واربع ركعات للعصر لتجاه القبلة فلا بد ان نأتي للموافقة الاحتمالية للظهر والموافقة الاحتمالية للعصر. اما ان نأتي لاربع ركعات للظهر ثم نأتي للعصر لا يسعنا الوقت. هنا لو كشف الواقع عن القبلة لا تزاحم بين صلاة الظهر وصلاة العصر بل هذا تزاحم في احراز الامتثال. هذا نوع من التزاحم.
كما انه هناك تزاحم بين الحكمين في مقام الفعلية التامة. لا في مقام الامتثال كما في جملة من موارد اجتماع الامر والنهي وسيأتي توضيحه اكثر في ذاك المبحث او بعض صور النهي عن العبادة.
وكما ان هناك تزاحم في مقام الجعل وهو الذي ذهب اليه المتقدمون في حقيقة التخصيص او حقيقة التقييد او النسخ. هذا نوع من التزاحم في الجعل ويعبر عنه التزاحم في المقتضيات. طبعا هذا الأنواع من التزاحم لكل منها موازين وقواعد وضوابط تختلف غالبا عن التزاحم من نوع آخر. وان كان بينها اشتراك من الأهم والمهم لكن فيه اختلاف ولو ان هذه الأنواع من التزاحم تجمع في مكان لكنه ذكرها اما كثير من الاعلام او بعض الاعلام في مواطن أخرى. كما ان التعبير بالتزاحم في المقتضيات تسمية للتزاحم في الجعل وأيضا تسمية للتزاحم في الفعلية الناقصة.
فاذا هناك جملة من أنواع التزاحم. مشهور المتقدمين أيضا عندهم ان غالب ما يترائى انه تعارض (امس مر بنا الفرق بين التعارض والتزاحم ان التزاحم نوع من التضاد بعد فرض وجودهما اجمالا بانواعها اما التعارض في تعريف المشهور عموما هو التناقض بين الوجود والعدم. فروق كثيرة بين التزاحم والتعارض ولسنا في صدد استقصاء الفروق لكن اجمالا ان التعارض تكاذب ان التضاد ليس ضروريا ان تكاذبا بل لكل منهما مقتضي. شبيه عالم البداء في المحتوم. شيء محتوم يعني مقتضيات وجوده موجودة ويدخل على الخط الدعاء والصدقة والاستغفار ويبدل المحتوم. هذا تزاحم المقتضيات وليس تكاذبا بل تجاذب لان التضاد نوع من التجاذب. بخلاف التعارض ان الأصل فيه التناقض يعني التكاذب. هذا فرق أساسي من بين الفروق الكثيرة. طبعا التعارض المستقر لكن التعارض غير المستقر يترائى انه تكاذب. أيا ما كان التعارض المستقر او غير المستقر واقعا وصورة هو التكاذب والتناقض)
مر بنا أيضا ان مشهور المتقدمين لا يلتزمون بالتعارض المستقر مهما امكن. يعني لا يلتزمون بالتكاذب والتناقض ولايلتزمون باسقاط احد الدليلين فضلا عن اسقاط كلا الدليلين. يعني ان الجمع مهما امكن أولى من الطرح فما يصلون الى باب مغلق بل نوع من التأويل يجرونه فيه فلا يكون في البين تكاذب. نادرا يرضى المتقدمون بالتعارض المستقر. غالبا يؤولون وهذا مبناهم صحيح. يشكل عليهم متاخروا العصر ان هذا تكلف او تمهل او تبرع هذا كله ليس صحيحا. حتى ما يترائى عند متاخري العصر انه تكلف او تبرع وتخرص لنا شواهد علي القاعدة التي ذكره وذكرنا في الدورتين السابقتين في باب التعارض. لسنا كلامنا في النظرية ودليل صحته لكن اجمالا التعارض المستقر والتكاذب يندر التزام المتقدمين به وهذا مبنى لازم ان نلتفت اليه فلا يفرطون في الأدلة فضلا عن ان يذهبوا الى تساقط كليهما. غاية الامر اذا يريدون ان يلتزمون بالتعارض المستقر يسقطون احدهما لا كليهما خلاف المتاخرين ان الأصل عندهم تساقطهما. وهذا مشكل لابد من القرائن وانعدام القرائن. يلتزمون بالتساقط او الترجيح او التخيير الى ان تصل النوبة الى التساقط. بينما المتقدمون أولا تساقط كلا الدليلين خلاف القاعدة عندهم بل تساقط احد الدليلين خلاف القاعدة عندهم ونادرا يبنون على ان التعارض مستقر. كما ان المتقدمين قليلا يتشبثون بعلاج الترجيح. لان الترجيح الوارد في الروايات العلاجية ترجيح محمولي وهم يقدمون العلاج الموضوعي لتقدمه رتبة على العلاج المحمولي بل حتى العلاج المحمولي يفسرون بما يؤول الى العلاج الموضوعي. انصافا صناعة ممتازة عند المتقدمين. هذا بحث طويل وذكرت فهرسة النظريات.
اذا ماذا يلتزم المتقدمون بعدم التساقط؟ يلتزمون اذا استقر التعارض يرجعون التعارض الذي يترائى مآلا انه تعارض مستقر الى التزاحم في الجعل. احد العلاجات المهمة عندهم يسمى التزاحم في الجعل. وهذا غير التزاحم في الامتثال وغير التزاحم في الفعلية التامة واحراز الامتثال. اذا غالب التعارض عند المتقدمين اما مؤول او معالج بالترجيح غاية الامر يكون تزاحم المقتضيات يعني ليس تكاذبا في الأدلة. الاخوند شيئا ما يميل الى هذا في مبحث اجتماع الامر والنهي وان لم يلتزمه كالمتقدمين في بحث التعارض. لانه اذا حمل لكلا الدليلين انه في صدد الحكم الاقتضائي وليس في صدد الحكم الفعلي التامة فليس فيه تكاذب. ان الشارع يبين ان العام فيه المقتضي والعام الاخر فيه مقتضي ويتلاقيان ويتجاذبان يعني قابل للتصوير. المهم هذا فرق التعارض والتزاحم فهرسية اجمالية.
نقطة أخرى قضية مراحل الحكم مهمة جدا. لا يظن ظان انه تكرار. كل مرة نثير مراحل الحكم فيه زوايا جديدة. مراحل الحكم عبارة عن آلية يكرر الاستفادة منها في أبواب عديدة وزوايا عديدة. فبحث مراحل الحكم بحث حساس وينقح كيفية العلاج و ينقح اين هو الداء وأين هو دوائه.
ثم نتعرض لنقطة أخرى نقطة ان القيود الشرعية على ا نواع والقيود العقلية على أنواع والمتقدمون ارتكازا ملتفتون اليه ومتاخروا الاعصار يدمجون المفروض ان ينقحوه اكثر لكن بعض المباحث عند المتقدمين اكثر تفصيلا.