45/05/22
الموضوع: باب الالفاظ/مبحث الأوامر/مبحث الضد
كان الكلام في كشف الملاك لمعالجة محذور انعدام الامر بناء على انعدام الامر والا الترتب معالجة لمحذور انعدام الامر لكن بغض النظر عن الترتب مر البحث في كشف الملاك. بالتالي من احد الطرق المهمة عند الاعلام في كشف الملاك هو عدم تبعية الدلالة الالتزامية للمطابقية في الحجية وان كان لها التبعية في الوجود التكويني الوجود التكويني باعتبار ان اللفظ الصادر لابد من وصوله التكويني كي تصل الدلالة المطابقية وتصل الدلالة الالتزامية
مر ان جماعة من الاعلام يبنون على تبعية الدلالة الالتزامية وجودا واعتبارا الا ما استثني. الأصل لديهم تبعية الدلالة الالتزامية للدلالة المطابقية الا ما استثني فيما اذا كان الدلالة المطابقية انحلالية استغراقية او عموما مجموعيا. مثل ان عموم اكرم عشرة من الفقراء واتى دليل قال لا يجب عليك اكرام اثنين من العشرة. العموم يبقى. يعني بسقوط بعض الدلالة المطابقية لا يسقط الدلالة الالتزامية. او اذا كان العموم استغراقيا الكلام الكلام. طبعا الكلام في ما نحن فيه في العموم الاستغراقي او العموم البدلي فبسقوط الدلالة المطابقية لا تسقط الدلالة الالتزامية.
الان سنعود ونحرر هذا المبحث اكثر وهو من بحوث علم البلاغة ومرتبط بعلم البيان. الا ان هذه القاعدة مرتبطة بقاعدة اكبر منها وهي ان الحجج المتلازمة هل هي تتبع بعضها البعض في الوجود التكويني والاعتباري معا او في خصوص الوجود التكويني؟ من البحوث المثمرة لهذه القاعدة قضية حجية الخبر. ان هناك خلط كما مر بنا امس بين الوصول التكويني والوصول الاعتباري. الوصول الاعتباري او اعتبار الوصول. ففرق بين الوصول التكويني وبين اعتبار هذا الوصول التكويني. الخلط بينهما حساس. مثل ما مر بنا انه ربما في جملة من أبحاث خبر الواحد الجو الحاضر في ان الأصل حجية الطريق على انه عندهم عدم اعتبار الطريق ينعدم وصول الخبر لدينا والحال ان هذا غفلة كبيرة. لان الاعتبار في الأصل موضوعه الوصول التكويني. اذا فرض عدم الوصول التكويني فالاعتبار محمول على أي شيء. فالوصول التكويني الي اقوال المعصومين او اقوال النبي صلوات الله عليهم لا صلة له باعتبار الطريق. لها أسبابها التكوينية الخاصة سواء رواه الثقات او غير الثقات. ربما رواه الثقات لكنهم لا يضبطون الالفاظ او يصبح عندهم سهو او أي شيء ورب خبر ضعيف بل مرسل لكنه وصل تكوينا لنا وهذا الخبر المرسل الذي وصل تكوينا هو اضبط وفي متن الواقع هو تمام كلام المعصوم. الان فرق بين ان نحرز ان هذا مطابق او غير مطابق بنحوا لاطمئنان. لكن الوصول التكويني ليس مرهونا باعتبار الطريق ووثاقة الرواة. هذه الوثاقة لاجل ان نطمئن اما اصل الوصول التكويني لا صلة له بوثاقة الرواة او ضعف الرواة. كم من خبر مرسل متنا اضبط من الخبر الصحيح. مرارا نقلنا هذا المطلب ان استاذنا السيد محمد الروحاني في جلسته الاستفتاء كثيرا ما يعتني بالفقه الرضوي فسئلته هل يعتبره حجة. قال شاهدت ان متون الفقه الرضوي عبارة عن التوليف لطوائف الروايات. يعني خلاصة لطوائف الروايات تجدها في الفقه الرضوي مع ان الفقه الرضوي نستخته منقطعة الاتصال. معروف حال هذا الكتاب لكن بمطابقة متونه الذي ذكره الصدوق في كتابه الفقهية علم مطابقة هذا الكتاب. المقصود ان لا ارسال الخبر ولا اسناد الخبر ولا وثاقة الخبر ولا ضعف الخبر غير مرتبطة بالوصول التكويني. نعم كون الإسناد ثقاة وعلماء وفقهاء من المٍؤثرات التكوينية لكنه حصرا ليس مرهونة بها. بل الوصول التكويني يختلف عن احراز الاعتبار او احراز الوصول الشرعي او الاعتباري. اذا كان الحال كذلك فالوصول التكويني له قيمته غير الاثار الشرعية المتفقة عند الاخباريين والاصوليين من حرمة الرد كما مر بنا مرارا. حرمة الرد يعني قيمة تصورية موجودة في الخبر الضعيف. كما يقول الفلاسفة والمناطقة ان القيمة التصورية هي التي تولد التصديق. فبالتالي الاخبار وصولها التكويني يعني الحفاظ على التراث بالايصال التكويني اعظم من قضية توثيق الطرق او تنقيح الطرق. نفس الحرص التكويني على جمع التراث شبيه منهج التحريات الجنائية انها لا تعتمد على الميزان القضائية بل تعتمد على لملمة أسباب تكوينية تتراكم توصل الى العلم ولا ربط لها بقضية الاعتبار القانوني الظني. منهج تحريات الجنائية هي هذه.
منهج اعاجيب قضاء اميرالمؤمنين هو هذا. انه لا يسلك طريق الاعتبار الظني فقط كالبينة واليمين. كثيرا ما بتوسط العلوم التي لديه ينقب عن أسباب تكوينية توجب العلم للآخرين لا له.
هذا بحث قضائي انه ما الفرق بين اعاجيب اقضية امير المؤمنين وقضاء داود. قضاء داود علم لدني يستند اليه داود في الفصل بين الخصومات. لكنه لا يوجب العلم لدى اطراف المتنازعة. والمراقبين من البشر لفصل النزاع. من ثم كان مورد التهمة واستعفى من هذا القضاء مع انه طلبه أولا واعطاه الله إياه. لانه نوع من الريبة عند الناس في النبي داود. لان الأسباب التي يقضي على وفقها داود ليس أسباب منتشرة عند النبي داود وهذا توجب الطعن. اما اقضية امير المؤمنين لم يكن يستعمل هذا النمط الداودي وانما كان يتحرى أسباب للعلم يدركها كل من ينظر في القضية ويدركها اطراف المتنازعة. بطريق معينة يتحرى تحريات جنائية توجب العلم للمشاهدين. بالتالي تجر المبطل للاقرار.
هذه نكتة مهمة في باب الحجج ان الوصول التكويني لمواد التراث اعظم من قضية الاعتبار الظني لطرق التراث. لان من خلال الوصول التكويني قد يتشكل لديك علم تكويني. اين العلم التكويني من الظن الاعتباري. اذا ليس الطريق منحصرا في باب الاستنباط وباب الحجج في الظنون. لذلك عنون علماء الأصول حجية القطع قبل حجية الظن. المكلف حتى المجتهد اما يقطع او يظن او يشك. قيمة الظنون ليست من جهة مواصفاتها الاعتبارية. هذه قيمة نازلة والعملة الصعبة والمثمرة هي تحصيل العلم. نحن لسنا انبياء ينزل الينا العلم لكن لملمة الأسباب التكوينية وتجميعها واستقصاء القرائن يوصلنا الى العلم عبر أنواع واقسام عديدة من التواتر والاستفاضة. شدة نكير ابن قبة ونكير الشيخ المفيد والسيد المرتضي ونكير القدماء ابن براج وابن زهرة وابن ادريس عندهم عبارات جدا شديدة على القول الاخر علي القول بان الحجية مدارها الرواة ولا غير. عندهم عبارات قاصية جدا لا اذكرها وجدا شديدة على من يتبنى حجية الرواة فقط. أولا تحصيل العلم افضل من تحصيل العلم. لا انهم يريدون ان لا يكترسوا بالظنون. يقولون ان الظنون تجميعها لتوصليك الى الاطمئنان والعلم لا انك تكتفي بظن واحد. أصلا شبهة ابن قبة التي يطعن المتاخرون عليه لا يريد ان يفرط في الاخبار والظنون التراث بل يريد ان يعتمد على خبر ثقة واحد. اذا الأسباب التكوينية توصلنا الى الاطمئنان او العلم واليقين. اذا الوصول التكويني لا صلة له بالاعتبار. اما مقولة ضم الحجر الى الانسان مقولة خطابية خاوية تماما. والا كيف نشأ من الظن المعتبر علم تكويني. ما عندنا دليل اعتباري على توليد العلم التكويني من الظن المعتبر. حتى لو كان لدينا دليل يكون دليلا على العلم الاعتباري وليس له قيمة العلم التكويني. فما الذي ابدل الظن الاعتباري الى العلم التكويني؟ نظرية التراكم او معادلة امتناع تواطئهم على الكذب. اذا منشأ العلم ليس خصوص اعتبار الخبر. أصلا ليس له دور في التواتر الا من جهة زيادة احتمال الخبر. لان تولد التواتر ممتنع ان يكون من الاعتبار. التواتر والاستفاضة شيء تكويني وممتنع ان يتولد من الاعتبار. هذه الصناعة غائبة عن الجو المعاصر سواء في باب علم الرجال او علم الفقه. مثلا كثير من الاعلام يقولون ان صاحب الجواهر متسامح في الطرق. واحد من اعلام من تلاميذ السيد الخوئي يقول ان كتاب المستمسك او صاحب الجواهر او الشيخ الجواهر متسامحون في علم الرجال. لانه لا يلتفت الى مبنى الشيخ الانصاري وصاحب الجواهر وبحر العلوم والوحيد البهبهاني والشيخ جعفر كاشف الغطاء والنراقيان وجيل مدرسة الوحيد البهبهاني انهم يعتمدون على تراكم القرائن. لا انه يحصرون الاستدلال بنظرة انفرادية. وهذا التراكم سبب تكويني. هذا فضلا عن ان التراث في الأصل حجيته الاجمالية منجزة بالعلم الإجمالي الكبير. اعتماد الخبر الاحاد انما للفراغ الظني من منجزية العلم الإجمالي الكبير. يعني حجية الخبر الواحد الصحيح بالدقة ليس حجية احرازية. بل سنخ وكنه حجية خبر الواحد للفراغ عن العلم الإجمالي الكبير بان الوحي موجود في هذا التراث. من لا يعيه لا يفقه ابجديات باب الانسداد. باب الانسداد من الأبواب الاصيلة في علم الأصول. وفيه يثبتون ان حجية التراث بالعلم الإجمالي الكبير. اما هذه الحجية التفصيلية سيما على مبنى الأصوليين ان المنجز لا يتنجز ثانيا مع انا لا يقبله. المنجز هو متنجز بالعلم الإجمالي الكبير فكيف يتنجز ثانيا. على مبنى مشهور الأصوليين ان حجيت الخبر الواحد الصحيح انما هي للفراغ التعبدي من منجزية العلم الإجمالي الكبير. مثل انك تعلم ان في ذمتك مشغولة بصلاة الظهر والعصر لكنك لا تعلم ان القبلة اين. تأتيك خبر ثقة او بينة تقول ان القبلة الى هذا الاتجاه. هذه البينة ليست منجزة لصلاة الظهر وانما هي تفرغ ذمتك تعبدا ظنيا من الاشتغال اليقيني بصلاة الظهر الى اربع جهات. فاصل حجية الخبر الواحد مفرغ وليس منجزا. اذا خطب المفرغ ليس خطبا شديدا عظيما. يمكن ان اعمل بالمفرغ الاطمئناني. ما المانع من ذلك. كذلك التقليد انه مفرغ يمكن ان اعمل بشيء من التقليد والاحتياط. التقليد مع شيء من الاحتياط افضل من التقليد بمفرده. لانه زيادة في الفراغ. يمكن ان احتاط بين اقوال الموجودين. هذا ارفع درجة من التقليد. في مرتبة الفراغ انت ما محصور بان تأخذ المرتبة النازلة من الفراغ. يعبر عنه الاحتياط في الاستنباط وهو غير الاحتياط المعهود. الاحتياط في الاستنباط يعني لا تعتمد على الطريق الواحد. بل تعتمد على مجموعة ادلة ودلائل وقرائن كي تتضح لك الصورة. هذا يعبر عنه الاحتياط في عملة الاستنباط. اذا الأدلة الدالة على حجية الخبر الواحد العادل سنخ هذه الحجية حجية مفرغة وليست منجزة. لابد نلتفت الى هذا الكنه الصناعي. اذا البحث مدمج ومخبوط. حقائق صناعة علم الأصول في هذا العصر غير مبلورة. فمدرسة الوحيد البهبهاني الى الشيخ الانصاري متطابقة مع مدرسة المتقدمين ونبني عليها.
أولا الوصول التكويني لا صلة له بالاعتباري. ثبت العرش ثم انقش. الوصول التكويني هو العرش. لذا الحرص على استقصاء كتب الحديث ونسخ كتب الحديث وتصحيحها وجمعها واستقصاء الفحص والتثبت أسباب تكوينية للاستنباط واعظم من الأسباب الظنية الاعتبارية وان اعتمد على ظن معتبر واحد. راجعوا الى عبارات ذكرها الشيخ الانصاري عن المفيد في حجية خبر الواحد. كيف تبتني على ظن واحد. هل خبر الواحد الصحيح بدون الفحص عن المعارض والحاكم والمخصص والوارد حجة؟ ليست حجة مستقلة. لكن لا يقال انها كالعدم. طبيعة الحجج يعني تراكم الظنون. حجية خبر الواحد لا يدل على انها حجة واحدة لا شريك له. لابد الفحص عن المعارض. فما عندنا حجية مستقلة تماما. لكن يعتبر جزء الحجة. الشيخ الانصاري في حجية الاجماع المنقول يقول جزء الحجة. مبنى الشيخ الانصاري في حجية الاجماع وافقه الشيخ تستري. ما عندنا الكل في الحجية تماما. كل الحجج جزء الحجية. لابد من حجية الطريق والدلالة وانضمام بقية الأدلة والفحص عن المعارض وغيره.
فهذه نكتة مهمة ان نفرغ بين الوجود التكويني في الحجج والظنون والوجود الاعتباري. اكبر غلو علمي ان تعطي الشيء زيادة عن حده