45/05/21
الموضوع: باب الالفاظ/مبحث الأوامر/مبحث الضد
كان الكلام في استكشاف الملاك كمعالج لانعدام الامر ذكره الميرزا النائيني وان كان استكشاف الملاك هو قاعدة أصولية فقهية هامة في الأبواب الفقهية عموما بغض النظر عن بحث المقام.
طبعا مراد الاعلام في كشف الملاك ليس كشف الملاك ما قبل التشريع وانما مرادهم هو الملاك في قالب التشريع وظرفه ومراحله.
مر بنا ان صاحب الكفاية بنى على القطع في موارد التزاحم ان الفرد المزاحم فيه الملاك وان انعدم الامر واعترض عليه بما تقدم.
الوجه الآخر عدم التبعية الالتزامية للدلالة المطابقية. هذه قاعدة في نفسها مستقلة سواء في بحث الملاك او غيره. إن الدلالة الالتزامية تابعة للدلالة المطابقية وجودا وتكوينا وثبوتا لكن هل هي تابعة لها اعتبارا وحجية واثباتا؟ من بحث الامر دخلوا في قاعدة كشف الملاك ومنها دخلوا في قاعدة تبعية الدلالة الالتزامية للدلالة المطابقية وهي قاعدة مستقلة. التبعية وجودا بلا شك اما اعتبارا محل التساؤل. هذه القاعدة في نفسها مأخوذة من قاعدة اكبر وهي ان الحجج المتلازمة تتلازم وجودا لكن هل تتلازم في الاعتبار والحجية ام لا؟ بحث اعم. والخلط بين التبعية والتلازم في الوجود مع التلازم في الاعتبار ليس في محله في القاعدتين.
مثلا الشيخ الانصاري وصاحب الكفاية والمشهور في باب التعارض بين الخبرين ان استحكم التعارض ولم نتمكن من العلاج وان تساقطا للقاعدة الأولية في المفاد المطابقي لكن لا تتساقطان في المفاد الالتزامي. الشيخ الانصاري اجمالا يبني عليه. ما هو المفاد الالتزامي؟ مثلا نفي الثالث. هذا نوع من عدم تبعية الدلالة الالتزامية للدلالة المطابقية في الاعتبار والحجية وان تبعتها وجودا.
أصحاب شبهة التبعية او القول بالتبعية وجودا واعتبارا مثل السيد الخوئي ولو هو يقبل في موارد مرت بنا امس وجماعة ان التبعية بين الالتزامية والمطابقية في الاعتبار على التفصيل وفي جملة من الموارد لا تتبع فلو سقطت المطابقية من الحجية تبقى الالتزامية كما لو كان المفاد المطابقي استغراقيا او عموما انحلاليا او بدليا او مجموعيا فيقبلون عدم التبعية بين الالتزامية والمطابقية. وان كانت التبعية عند الكل مقررة في الوجود. في الوجود يعتبرونه موضوعا تكوينا.
مثل خبر الواحد وجود تكويني وليس وجودا اعتباريا. حجيته اعتبارية. الوجود التكويني لا صلة له بالاعتبار. الوجود الاعتباري شيء آخر وله عدة تسميات كالمحمول والحجية والاثبات. الظهور نفسه وجود تكويني والدلالة وجود تكويني بحسب جعل العرف لكن ليس مرتبطا بالحجية الاعتبارية الشرعية. يجب ان لا نخلط بين الوجود الاعتباري الشرعي والوجود التكويني العقلائي. وان كان الوجود التكويني او الوجود الاعتباري موضوع للحجية الاعتبارية. هذه نكتة مهمة. كثير في مباحث الحجج وكثير من اعتراضات السيد الخوئي في الرجال على المشهور من الغفلة في هذا التمييز. السيد الخوئي كبير من الكبائر لكن العصمة لاهلها. فرق بين الوجود التكويني والوجود الاعتباري. هو يقول ان القرائن المذكورة كالعدم والحال انها ليست هكذا. ليست كضم الحجر للإنسان. الوجود التكويني موجود. ثمانية عشر قاعدة توثيقية عند المشهور كما يقر السيد الخوئي لكنه لا يعتد بها ويقول كالعدم. نقول: انها ليست عدما تكوينيا. اذا كان مراده العدم الاعتباري وليكن. لكن هذا العدم الاعتباري اذا ينضم مع بعضها البعض يشكل تكوينا اخر واعتبارا آخر. الوجود التكويني موجود والتراكم بحث تكويني ويجيء بعده الاعتبار. لها وجود لكن ليس لها اعتبار وحدها. شبيه الاخبار الضعيفة. يقولون انها ليست موجودة. او يقولون ليست بحجة فانها كالعدم. هذا اشتباه. الوجود التكويني موجود والوصول الخبر الينا صحيحا او ضعيفا تكويني وليس اعتباريا. بعضهم يقولون غفلة من الغفلات القاتلة كيف يتكون التواتر من الاخبار الضعاف. يدمجون بين الخبر الضعيف والخبر الموضوع. هذه ازمة علمية. الضعيف ليس معناه انه مدسوس ومجعول. المدسوس يعني ما علم دسه. ثم علم بداهة او علم اجتهادا.
السيد الخوئي في رواية في الكافي يقول جزما موضوعا. والحال انه جزما صحيحة وعمل بها المشهور. معناها غير ما انطبع عند السيد الخوئي رحمة الله عليه. هي معمولة بها. ويستشهد بها على وجود الوضع في كتاب الكافي. هذا علم اجتهادي. حتى ما علم انه موضوع ومدسوس ليس من العلم الاجتهادي. بل المراد هو العلم البديهي. النظري صورته علم ويقين لكن واقعه ظن.
العلامة الطباطبائي رحمة الله عليه وان كان عنده حول تراث الحديث كلام عظيم في سورة البقرة ذيل آية 210 حول الرجعة يذكر عبارة حول تراث الحديث واجمالا يقول كل رواية منسوبة لاهل البيت موجودة في تراث اهل البيت ثبت بعلم الحديث اعجازه. يعني ان التراث معجزة. كلامه صحيح. اجمالا تراث اهل البيت بغض النظر عن القران ثبت انه معجز بتطور العلم. عبارة قيمة في تراث الحديث. لكن العصمة لاهلها. في حاشيته على البحار حول حديث في عالم الخلقة والأرض ورواها الفريقان ويقول قطعا موضوع. يقطع بالوضع. وبعد وفات العلامة بالاجهزة المسلحة اكتشف ان هذا الحديث عين الواقع. هو تمسك بالحس غير المسلح وكذب الرواية الصادرة عن النبي وحكم بوضعها. العلم بعده اثبت العين المسلحة اعجاز الرواية. ان الأرض على جبل قاف. لونه اخضر. العين المسلحة اثبت ان المجال المغناطيسي الذي يمسك بالأرض شكله كالجبل ولونه اخضر. بالتالي حتى الجزم بالوضع جزم نظري وخطأ. للأسف الكثير يخلطون بين الضعيف والموضوع. هل الموضوع بالنظر الاجتهادي او الموضوع بالنظر البديهي. يمكن ان يدعى انه ليس عندنا في تراثنا حديث موضوع بالبداهة. اختلاف الأنظار بحث آخر واختلاف نظري واستنباطي وليس مسلما. كم من جزم بشيء واتوا علماء آخرون جزموا بخلافه.
لذلك هذا التساؤل عجيب: كيف يتكون من الاخبار الضعيف التواتر؟ أولا كون حديث ضعيفا عند الكل اول الكلام. رب حديث ضعيف عند بعض وصحيح عند الآخرين. بغض النظر عن نسبية الاجتهاد والتخطئة. مسلم عند الفريقين انه من الاخبار الضعاف ينشأ التواتر لان منشأ التواتر ليس فقط التراكم. منشأ آخر انه امتناع تواطئ هذه الرواة والطرق المختلفة للتلاقي والتواطي على الكذب وامتناع الصدفة. فيجزم بالتواتر. فلليقين منشآن. فيمكن من الخبر الضعيف ان يتكون التواتر. حتى الخبر الصحيح انه ظني وليس يقينيا. كيف يولد الظن يقينا؟ اليقين شيء تكويني. طبعا بالتراكم يمكن. المقصود ان الوجود التكويني للخبر غير الوجود الاعتباري. هب ان الخبر لم يتصف بالوجود الاعتباري لكن لا يعني عدمه التكويني. ولا يعني عدم وصوله تكوينا. وصل تكوينا لكن معتبر او غير معتبر بحث آخر. شبيه «ان جاءكم فاسق بنبأ» النبأ جاء لنا. الوصول التكويني لا ربط به بالاعتبار. الوصول التكويني لكلام الأئمة علیهمالسلام لا يرتبط بالرواة والثقاة والاعتبار. الوصول التكويني لكلام الوحي الى الأجيال اللاحقة لا يعتمد لحجية الخبر. وهذا لا ربط له لا بالاخباريين ولا بالاصوليين ولا بالفلاسفة لانه وصول تكويني. ربما طريق معتبر لكن يخطأون في وصول كلام الأئمة ورب خبر ضعيف يوصله. ا لامام الصادق حدث عبد الملك الجريج او الجريح من فقهاء علماء الجمهور تتلمذ عند الامام الصادق وكان من علماء مكة واصله شامي. وحدثه الامام عشرات رواية حول مشروعية عقد المتعة والف كتابا في ذلك عن الصادق وكلما سأل الامام عن المتعة ارسلهم الى عبدالملك. الائمة يحملون علومهم حتى لغير الامامية لحكمة عرفها الامام علیهالسلام. هذا ليس ممتنعا. اجمالا من ثم دأب علماء الامامية ان يروا عن قضات العامة الذين تتلمذوا على يد الامام الباقر والصادق علیهماالسلام. دأب الائمة ان يتلمذوا ويربوا علميا كثيرا من قضاة العامة لحكمة ما. كما ان الشيخ المفيد والطوسي والمرتضى والخواجة نصير الدين الشهيد الثاني كانوا يربوا من فقهاء العامة. بالتالي كان مشيا معتدلا. ولود اردنا ان نسوي قائمة لمن تتلمذ من فقهاء العامة الذي تتلمذون على يد الامام الباقر والصادق كثيرون. حتى الكاتب الرجالي الدمشقي صديق ابن تيمية ومعاصره في كتاب تهذيب الكمال ذكر قائمة من فقهاء العامة الذين تتلمذوا على يد الامام الصادق والباقر بدءا من امير المؤمنين والحسن والسجاد والرضا والجواد والهادي والعسكري علیهمالسلام. حتى صاحب العصر والزمان انه يربي بالتشرفات وغيره حتى علماء العامة. يلتزم به جملة من علماء الامامية. من ثم دأب كل رواة الشيعة وفقهاء الشيعة على اخذ روايات الأئمة من تلاميذ الأئمة الذين كانوا من قضاة العامة. اجمالا ارجع الى نفس النكتة الصناعية.
ان وصول الخبر تكوينا لا يعتمد على الاعتبار. نعم اعتباره بحث آخر اما وصوله التكويني ليس يعتمد على الاعتبار. لا يمكن ان يقال ان ووصوله كالعدم. وصل لكن اعتباره بحث آخر. من ثم كما يقول آغا بزرك وغيره من الكبار لا يمكن حذف الاثار والتلاعب بها لان وصولها تكويني. كل علماء الأصول في باب الانسداد حتى أولئك الذين لم يتبنوا الانسداد كلهم يقولون ان هذا التراث وصول تكويني لتراث اهل البيت. وصول اجمالي. لا يرتبط بالاعتبار والقطع وعدما لقطع. اذا لا يلتفت الى هذه النكتة لا يلتفت الى ابجديات الرجال والفقه والأصول. لذلك عبارة السيد الخوئي رحمة الله عليه في الرجال ان القرائن كضم الحجر الى الانسان جدا عبارة غير علمية وغير مسامحة فيها ومغالطة علمية. هذه وصولات تكوينية والتكوين اذا تجتمع يصير اطمينان. اطمينان السيد الخوئي على الظهور في يوميات الاستنباط على علوم اللغة كلها اعتماد على المراسيل. لماذا لا يقول هناك ضمن الحجر جنب الانسان؟ هو يعتمد على الاطمئنان. التبيعة في الوجود التكويني لا ربط بها بالتبعية في الاعتبار. هذا ناموس مبحث الحجج في العلوم الدينية.
لماذا علماء الامامية وقبلهم الائمة يعتمدون على حديث العامة اذا لم يكن مخالفا لمحكمات القرآن ومحكمات العترة؟ لذلك علماء الامامية هم حافظوا على حديث العامة اشد من العامة. مع ان فيه الغث والسمين. لا يقال ان طريقه غير معتبر لا اكترس بحديث العامة. لابد من الفحص عن سمينه بالضوابط. وصل لك تكوينا. لابد من الموازين. غاية الامر يحتاج الى الميزان في الاعتبار. حينئذ يأتي مبنى القدماء حتى الشهيد الأول والمحقق الحلي في الجملة ان الميزان في المتن وليس الميزان في الطريق. دور النقل والناقلين في الدرجة الأولى ليس الاعتبار بل الدرجة الأولى فيهم الوصول التكويني. يعني خبر العادل غايته انه ظني. بينما اذا وصل الوصول الى التراكم والتواتر سواء الإجمالي او المعنوي او النظري او البديهي. الوصول التكويني للاخبار اعظم من اعتبارها. الوصول التكويني مادة تستطيع ان تشكلها بقوالب اعتبار مختلفة. من ثم ورد في القرآن والروايات الحث على النقل بغض النظر عن اعتباره. اما انك تصم آذانك العلمية وعينونك العلمية عن الوصول التكويني هذا صمم وعمى. التمييز بين الوجود التكويني والوجود الاعتباري في الاخبار والظنون والظهور والقرائن. لا تدمج بينهما. الوجود التكويني لا نقدر ان نكذبه. المدار على الحجية هو المتن. يمكن ان يشتبه الناطق. فالوصول التكويني له قيمة. «ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا» لا تجعلوا آذانكم صما. اسمعوا لكن تبينوا. الخبر جاء.