الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

45/05/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث الأوامر/ مبحث الضد

 

كان الكلام في ثمرة الامر بالشيء واقتضاءه النهي عن الضد وهل هو تقتضي فساد العبادة ام لا؟ ومر ان الشيخ البهائي بيّن ان الفساد غير منحصر بالنهي عن الضد بل يمكن ان يكون بسبب انعدام الامر بسبب التزاحم. فنصل الى نفس نتيجة الفساد.

من جانب آخر الميرزا النائيني قال ان هذا النهي عن الضد لا يقتضي الفساد لانه ليس نهيا اصليا ناشئا عن المفسدة. كما ان انعدام الامر هو الآخر أيضا لا يوجب الفساد لانه يكفي في امتثال الطبيعة العبادية وصحة العبادة قصد الملاك ولا حصر في عبادية العبادة بقصد الامر فلو لم يكن في البين امر مع ذلك يمكن تصحيح العبادة.

فاذا الميرزا النائني يصحح العبادة وبالتالي يرد منشأ الفساد سواء النهي عن الضد او انعدام الامر.

القول الثالث للكركي يقول بالثمرة فبناء على وجود النهي عن الضد ينعدم الامر واذا انعدم الامر بناء على ان صحة العبادة متوقف على قصد الامر فتفسد العبادة.

القول الآخر ان القدرة ان كانت نابعة من التكليف يستلزم النهي عن الضد فساد العبادة مع حصر العبادة بقصد الامر. وان كانت القدرة بحكم العقل فلا يلزم الفساد. فالثمرة صحيحة اذا بني على نقطتين. الأولى: هي ان التكليف نابع من الامر فالنهي عن الضد يعدم الامر لان النهي والامر لا يمكن ان يجتمعان. هذه نكتة لطيفة. الثانية هي اعتماد صحة العبادة على قصد الامر. اذا بني على هاتين النقطتين يلزم الفساد.

اعيد: الركيزة الأولى: ان القدرة ناشئة من التكليف ومأخوذة من نفس التكليف لا من حكم العقل. والركيزة الثانية ان النهي يُعدم الأمر والركيزة الثالثة انحصار العبادية بقصد الأمر. فثلاث نقاط يلزم منها الفساد.

هذه كلها ضوابط صناعية لازم ان نتقنها انها صحيحة او لا.

هنا النقطة الثانية نلتفت اليها وهي ان النهي عن الضد وان كان تبعيا وان كان غير نفسي الا انه احد ثمراتها ليس من باب ان النهي يتعلق بالعبادة كي يقال ان هذا النهي ليس فيه مفسدة كي يفسد العبادة لكن من جهة ان النهي وان كان تبعيا يتنافى مع الامر. النهي زجر والامر بعث وتحريك فتنافر بين نفس الامر بالعبادة مع النهي التبعي عن العبادة. باعتبار وجوب انقاذ الغريق. فاذاً النهي التبعي يفسد العبادة لا من جهة مفسدة فيه او حضاضة فيه. حتى النهي الغيري او الامر الغيري وان لم يكن فيه ملاك كي يفسد العبادة ولكن هذا النهي التبعي او النهي الغيري يتنافى ويتنافر مع الامر. النهي زجر والامر تحريك ولا يمكن جمعهما فيعدم الامر.

تأتي النقطة الثالثة ان العبادة متوقفة على قصد الامر على هذا المبنى وهنا لا امر في البين فحينئذ يستلزم الفساد. اما على القول بان العبادة لا تتوقف على قصد الامر بل يكفي في العبادة مطلق الإضافة الى الله تعالى. يكفي محبوبية الفعل وملاكه بالتالي تصح العبادة. فلا يكون النهي عن الضد مثمرا في الفساد.

النقطة الأولى ان تكون القدرة نابعة من التكليف اما اذا كان القدرة مأخوذة من حكم العقل فلا. نفس هذا المبحث يبسطه النائيني ببسط. يعني هنا خارطة من البحث. الملاك كيف يحرز و الامر ينعدم او لا ينعدم، أي امر ينعدم بالتزاحم؟ مثلا اقم الصلاة واجب موسع. انقاذ الغريق واجب مضيق. الامر بطبيعة صلاة الظهر ينعدم؟ لا ينعدم. الامر بخصوص هذه الحصة المقارنة زمنا لإنقاذ الغريق هل هو المراد؟ ما الذي يضر؟ انعدام الامر بالطبيعة او الامر بالحصة؟ في الصلاة الواحدة هل طبقتان من الامر؟ الامر بالطبيعة لكل مكلف واحد. اقم الصلاة من دلوك الشمس الى غسق الليل. الامر بالطبيعة طبقة والامر بكل فرد فرد امر آخر. فيه افراد طولية زمانية وفيه افراد عرضية زمانية. فاي امر ينعدم؟ هذه خارطة من الأبحاث يخوض فيه الاعلام. الملاك كيف يحرز؟ اذا ينعدم الامر كيف يحرز الملاك؟ من جانب آخر هل التعبدي ينحصر بقصد الامر او لا؟ القيد القدرة بحكم العقل او نابعة من التكليف؟

لانه اذا كان الامر والحكم في نفسه ما مأخوذة فيه القدرة بل بحكم العقل. افترض اذا تخلف قيد عقلي لكن الحكم موجود. بعبارة أخرى يمكن ان يقال هذا تساؤل ومحور رابع: هل انعدام القيود العقلية يعدم الحكم الشرعي او لا؟ فنلاحظ في هذه المباحث بالدقة ان مراحل الحكم الشرعي مؤثرة جدا. فدعونا ان نذكر بعض الاصطلاحات في مراحل ا لحكم الشرعي ثم نذهب الى تفاصيل الاعلام ثم نرجع الى تتمة المراحل. كي نلمس أهمية مبحث مراحل الحكم الشرعي.

مر بنا ان مراحل الحكم الشرعي بعضها شرعي وبعضها عقلي وبعضها تكويني. الشرعي مراحل الانشاء الثلاث ومعرفة ثلاثية مراحل انشاء الحكم الشرعي مؤثر في مباحث الشبهات الحكمية. مؤثر في حقيقة التخصيص والتقييد وحقيقة العموم وفي تمييز الجعل عن المجعول ومبحث إمكانية جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية. لان النراقي والسيد الخوئي منعا اجراء الاسصحاب في الشبهات الحكمية وهذا مبحث مرتبط بمراحل الانشاء. المقصود ان مراحل الانشاء الثلاث لها ثمرات ولها أهمية في مباحث الشبهة الحكمية. الان لسنا في صدد الدخول فيها. مبحث حقيقة النسخ مرتبط بها. فاذا مبحث مهم.

المرحلة الأخيرة من الانشاء هي التي عبر عنها النائيني بالقضايا الحقيقية التقديرية. هي كلية. كلية من ناحية المكلف وكلية من ناحية المتعلق وكلية من ناحية كل شيء. هي مرحلة الفعلية المقدرة. هي حقيقية باصطلاح الفارابي وليست حقيقية باصطلاح ابن سينا بل خارجية كلية باصطلاحه. هذا مبحث منطقي آخر مفيد لمراحل ثلاثية الانشاء لكن لا نخوض فيه الان. اذا المرحلة الثالثة من الانشائية يعبر عنه القضايا التقديرية. هذه مرحلة ثالثة من الانشاء.

بعد ذلك تأتي مرحلتان من المراحل الفعلية. فعلية الحكم ومتن الحكم. هاتان المرحلتان الحكم فيها جزئي. يعني يتعلق بمكلف خاص بموضوع خاص. وليس جزئيا من ناحية المتعلق. مثلا اقم الصلاة لدلوك الشمس. زوال الشمس لهذا اليوم موضوع جزئي وتوجه امر جزئي من كل اقم الصلاة للمكلف في هذا اليوم جزئي وان كان المتعلق وهي الصلاة ليس جزئيا. ففي مرحلتي الفعلية الموضوع وقيود الوجوب والمكلف والحكم جزئية لكن من ناحية متعلق الحكم كلي. لانه أي صلاة تأتي بها في اول الوقت وآخر الوقت وافراد عرضية منها. فمن ناحية المتعلق الحكم كلي يبقى له نحو من الكلية. الفعلية الناقصة ويعبر عنه الاخوند الفعلي من قبل الشارع والتامة فعلي من قبل العبد. وهذا اصطلاح له منشأ ليس ضروريا ان نخوض فيه كثيرا. فيسمي الفعلية الناقصة الأولى من قبل الأولى بالحكم الاقتضائي. وان كان عنوان واسم الحكم الاقتضائي لا ينحصر عند الأصوليين بالفعلية الناقصة. له عدة استعمالات واصطلاحات عند الأصوليين. احد مراحل الحكم الانشائي قد يعبر عنه بالحكم الاقتضائي.

بعد ذلك تأتي فاعلية الحكم يعني محركية الحكم. هذه الفاعلية ناقصة وتامة أيضا فمرحلتان. وهاتان المرحلتان بلورة المرحوم العراقي فيهما من امتيازاته. الخطاب اسم للحكم بلحا المرحلة الفاعلية سواء الناقصة او التامة.

بعد ذلك تأتي مرحلة التنجيز وهي اسم الحكم فيها التكليف والكلفة. وقد يطلق التكليف على مرحلة الفاعلية التامة. لكن بالدقة والصحيح اطلاق التكليف اسم للحكم في مرحلة التنجيز. فاذا هذا الاصطلاح اذا اتقنه الانسان يلتفت الى غفلات كثيرة حتى عند المشهور ولو انهم هم رسموا هذه الخارطة لكن مع ذلك الغفلة موجودة. التكليف ليس اسما للحكم في كل المراحل. اذا كان هناك محذور وعوارض للتكليف لا يعني انسحاب هذه المحاذير لكل المراحل. مع ذلك الاعلام يسحبونها لكل المراحل. والحال انه اسم للتنجيز فقط.

بعد ذلك تأتي مرحلة الامتثال. والمرحلة الأخيرة احراز الامتثال. مرحلة الفاعلية يعتبرونها تكوينية وطور تكويني للحكم وبعضهم يجعلها عقلية. مرحلة التنجيز طور عقلي للحكم. ومرحلة الامتثال مرحلة تكوينية. ومرحلة احراز الامتثال عقلية مع التكوين. فاذا مراحل الحكم بعضها شرعية وبعضها عقلية وبعضها تكوينية.

مر بنا الضابطة في التمييز بين القيود الشرعية والقيود العقلية ومر بنا ان الصحيح القيد الشرعي ما اخذه الشارع في أي مرحلة من المراحل. ان الشارع يمكنه ان يأخذ قيدا شرعيا في أي مرحلة من المراحل.