45/04/27
الموضوع: الالفاظ/مبحث الأوامر/مبحث الضد
كنا في أن احكام الرتبة هل تجري في احكام الشرع ام لا؟ من الأمور المهمة في مبحث الضد هو مبحث الرتبة ومراعاة الأصوليين والفقهاء لتقدم الموضوع على الحكم هو نوع من التقدم الرتبي لان الأدلة التي تتعرض للموضوع متقدمة على الأدلة التي تتعرض للمحمول رتبة.
سأل الاخوان سؤالا في محله ان الرتبة تارة رتبة شرعية وتارة عقلية. الرتبة الشرعية هي من جعل الشارع نظير الرتبة بين الموضوع والمحمول فهذا رتبة شرعية وجعل شرعي. اما الملازمة بمعنى انه كلما كان المحمول كان الموضوع هذه ملازمة عقلية مجعولة بالتبع او عقلية منتزعة عقلا.
طبعا كما ان عندنا رتبة عقلية ورتبة شرعية كذلك عندنا ملازمة شرعية وملازمة عقلية. الملازمة الشرعية هي التي جعلها الشارع مثل جعل الملازمة بين الموضوع والمحمول. بخلاف الملازمة بانه كلما وجد المحمول وجد الموضوع «هذا عكس القضية الأولى انه كلما وجد الموضوع وجد المحمول» ملازمة عقلية. فالملازمة تارة تكون عقلية وتارة تكون شرعية.
الرتبة أيضا كذلك تارة عقلية وتارة شرعية وبينهما تأثير كبير. لا سيما في باب الأصول العملية يتحدد الاحراز بقدر الجعل الشرعي. لا بحسب التلازم العقلي او الرتبة العقلية. هذه نكات لابد ان يلتفت اليه الانسان الرتبة العقلية والرتبة الشرعية والملازمة العقلية والملازمة الشرعية ولها آثار لاسيما في باب الأصول العملية وغيرها من الأبواب.
نرجع الى نفس المطلب: هل الاحكام الشرعية تأخذ احكام الرتبة ام لا تأخذ وانما تأخذ احكام الوجود الزماني؟ كان ظاهر كلام السيد الخوئي انه يرفض مراعاة الرتبة مطلقا وان كان هذا الظاهر لا يمكن الالتزام به حسب مبناه. لكنه قد يكون في العبارة فيها ايهام. والا هو في بحث الترتب يرتضي بالتقدم الرتبي وكذلك تقدم الموضوع على المحمول.اذا ما هو مراد السيد الخوئي؟ وكذلك جماعة غير السيد الخوئي
ما المراد من ان الرتبة لا تجري او الوجود الرتبي لا يجري او الاحكام الشرعية لا تجري في الرتبة؟ اذا هو في الجملة يقبل الرتبة فما المراد من رفض الرتبة؟
مرت بنا الامس امثلة عديدة وكثيرة وغيرها اكثر. آخر مثال كان في الرتبة بين أجزاء الغسل وأجزاء الوضوء فالعلة مقدمة رتبة على المعلول ولكن مع ذلك فلا يصح تقدم المعلول زمنا على العلة اما ان يكون المعلول مقارنا زمنا للعلة لا مانع منه. لذلك الميرزا النائيني منع الشرط المتأخر في الوجوب. منع عن الواجب المشروط بالشرط المتأخر والمراد من الواجب المشروط هو الوجوب المشروط لا المتعلق المشروط. اصطلاح جرى عليه الاصوليون والفقهاء.
الواجب المعلق وصف بحال الواجب نفسه أي الواجب الذي زمانه ليس زمان الوجوب على الأشهر الاغلب. الميرزا النائيني منع عن الواجب المشروط بالشرط المتأخر لان الشرط وقيد الوجوب بمنزل العلة والسبب. قيود الوجوب موضوعا لغويا واصطلاحيا بمثابة السبب للوجوب. فاذا كان هكذا كيف يكون العلة متأخرا عن المعلول؟ أحد الاشكالات الأساسية في الواجب المشروط بالشرط المتأخر هو هذا. المقارنة الزمانية لا مانع منه بين العلة والمعلول لكن تأخر العلة زمانا عن المعلول لا يمكن. العلة متقدمة رتبة على المعلول لكن لا يمكن ان يكون متاخرا زمانا عن المعلول. العلة بمعنى المقتضي.
فالتقدم الرتبي وان لم يلازم التقدم الزماني كما في العلة والمعلول، لكنه لا يمكن ان يكون التقدم الرتبي مع التأخر الزماني. اجيب عن هذا الاشكال لكن هذا احد الإشكالات على الواجب المشروط بالشرط المتأخر.
أجاب عنه بما يرفع اليد عن تأخر القيد كان القيد ليس هو المتاخر بل يكون مقارنا. تعقب الوجوب بالقيد المتاخر هو القيد والتعقب ليس منفكا زمانا في علم الله عن الوجوب.
فهنا في المسح على الرجلين ان الرجل اليمنى رتبة مقدم على مسح اليسرى لكن ليس ضروريا ان يكون متقدما زمانا بل يمكن مسح الرجلين في زمان واحد. الدليل الذي وجدنا في أعضاء الوضوء او أعضاء الغسل من تقدم الأعضاء اليمنى على اليسرى هذا الدليل لا يزيد على التقدم الرتبي لا التقدم الزماني. وان كان المشهور استظهر منه انه التقدم الزماني لكن الصحيح ليس هكذا. لان الأدلة الواردة في البطلان ليس فيما لو قارن بين الأعضاء بل في ما قدم زمانا المتاخر رتبة على المتقدم رتبة اما ان يقارن فلا مانع منه. من ثم الأدلة الواردة في الغسل الارتماسي والوضوء الارتماسي ادلة على القاعدة لان الارتماس تقارن زماني وليس تقارنا رتبيا. الغسل الارتماسي تقارن الأعضاء زمانا وليس التقارن رتبيا. سواء في الغسل او في الوضوء وهذه لها آثار. اذا المقصود من التقدم في الآية الكريمة «فاغسلوا وجوهكم وايديكم الى المرافق...» الواو للترتيب الرتبي وليس للترتيب الزماني. فادلة الغسل الارتماسي يكون على القاعدة لانه حصول الغسل للاعضاء دفعة زمانيا وليس دفعة رتبة.
مثلا في الوضوء يمكنه ان يرمس كلا اليدين. حتى التركيب من الترتيب والارتماس. لماذا؟ لان الدليل في الارتماس ليس دليلا خاصا بل مقتضى القاعدة. فيمكنه غسل وجهه لا بالارتماس ثم غسل يديه بالارتماس. يبقى اشكال المسح ببلة الوضوء لكن له جواب. او مثلا يغسل وجهه ارتماسا بالترتيب في الوجه اما يغسل يديه ترتيبا. لانه ليس تباينا في الحقيقة بين الترتيب و الارتماسي والدفعي الزماني. لان هو نوع من الافراد الرتبي. فصور عديدة كلها سائغة. النكتة هي انه هنا الترتب والتقدم رتبي وليس زمانيا. هذا كمثال بنينا عليه.
المهم ان الانسان يلتفت ان التقدم الرتبي لا يتناقض مع التقارن الزماني ويختلف عن التأخر الزماني. من ثم المرحوم الاصفهاني نقل هذه الضابطة الفلسفية ان ما مع المتقدم زمانا متقدم زمانا وما مع المتقدم زمانا متأخر زمانا. مثلا غدا يوم الاثنين فما مع الاثنين متأخر زمانا وما مع السبت متقدم زمانا. فالمعية الزمانية تكسب المتلازمين الحيثية الزمانية في التقدم والتاخر. اما المعية الرتبية. ما مع المتقدم رتبة ليس بضروري ان يكون متقدما رتبة ما مع المتاخر رتبة ليس بضروري ان يكون متاخرا رتبة. هذا في بحث علم القانون جدا له تأثيرات.
الان كلامنا مع مبنى السيد الخوئي انه يفصل في الرتبة. تارة يراعيها وتارة لا يراعيها. ما هو تفصيل السيد الخوئي في قبال النائيني والاصفهاني. مقصود السيد الخوئي من الرتبة التي لا تراعى والرتبة التي تراعى سواء من الرتب الشرعية او الرتب العقلية وليكن في ذهن الاخوان لا سيما في الأصول العملية بل حتى غير الأصول العملية كالتوارد والترتب ان الرتبة الشرعية تختلف عن الرتبة العقلية. بخلاف اذا لم تكن في البين رتبة لا شرعية ولا عقلية.
مراد السيد الخوئي من ان الرتبة انما تراعى فيما اذا كان فرض وافتراض وجود زماني للحكم الشرعي. اذا الرتبة في ظرف الوجود لازماني للاحكام الشرعية تراعى اما اذا كان الرتبة في فرض وافتراض وجود رتبي لا وجود زماني لا تراعى ولا يقبلها السيد الخوئي. اذا يريد ان يفرق في الرتبة انها تراعى في ظرف الوجود الزماني للاحكام الشرعية اما ان تفترض وجودا رتبيا تقديريا لالاحكام الشرعية لا يقبلها. اذا السيد الخوئي لا يرفض مراعاة الرتبة في منظومة القوانين. يرفضها اذا كان الوجود في الحكم الشرعي وجودا رتبيا يعني وجودا تقديريا وافتراضيا.
دليله ان الاحكام الشرعية أتت للوجود الخارجي والزماني والمادي بلحاظ الوجود الخارجي. اما في التقدير والفرض والافتراض والاعتبار بما هوا لاعتبار كانما خيال. فليس من سنخ الاحكام الشرعية. الاحكام الشرعية شرعت بلحاظ الوجود الخارجي الزماني. هذا مدعى السيد الخوئي ودليه.
من ثم يخالف الكمباني او النائيني او غيرهم من متاخري الاعصار فيما اذا روعيت الرتبة مثل صاحب الجواهر في شراء الولد لأبويه الرقين انه يصح الشراء وينعتق عليه مع انه لا يملكهما ومن جهة لا بيع الا في ملك. يجمع صاحب الجواهر ان الضرورات تقدر بقدرها. يعني ان التنافي بين هذه الأربع ادلة او الخمسة ادلة نخصص او نقيد بعضها ببعض بقدر الضرورة لرفع التنافي والوجود التقديري آنا ما من الآنات الرتبية وليس آنات زمانية بل في الظرف الرتبي. اذا كان بإمكان الوجود الرتبي لا حاجة او لا مسوغ لفرض الوجود الزماني لملكية الولد لابوبه. فرض الوجود الرتبي . فيه اثر وفرق بين ان تفترض الوجود الزماني او الوجود الرتبي. الشيخ الانصاري قبل والأكثر قبلوا. العلاج الذي ذكره صاحب الجواهر بفرض الوجود الرتبي ان الولد يمتلك رتبة بالملك التقديري الرتبي. لانه اذا فرضنا الوجود الزماني فيه محاذير أخرى. الكل قبلوا الا السيد الخوئي. لانه لا يقبل الملكية الرتبية. الملكية حكم شرعي لابد ان تفرض الوجود الزماني. في مباحث البيع السيد الخوئي يرفع اليد عن مبناه وسياتي في مبحث البيع. مثل اجارة الحر نفسه لابد ان تراعى الرتبة. او بيع البايع المبيع الكلي في الذمة فلابد فرض الرتبة.
المهم هذا مبنى السيد الخوئي لكن الصحيح على مشهور متاخري هذا العصر وموارد عديدة يكفي في وجود الااحكام الشرعية بالوجود الرتبي ولا حاجة للوجود الزماني.
غدا نوضحه اكثر لماذا الحق مع المشهور لا مع السيد الخوئي.