الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

45/04/21

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الالفاظ/ مبحث الأوامر/مبحث الضد

 

الاعتراض الثاني على المقدمية بين الاضداد يعني عدم الضد مع الشيء نفسه. الاعتراض الاول للميرزا النائيني وهو نظرية ثانية في الاضداد وهو ان التمانع بين المقتضيات والاعتراض الثاني يقرر ان التمانع ليس بين الاضداد ليكون عدم الضد مقدمة للشيء ولا بين المقتضيات بل بين تأثير مقتضيات الاضداد. لانه لا يمكن مع تواجد مقتضيين للضدين ان ينوجد الضدان. فاذا يمتنع تأثير المقتضيين للضدين. الضدان اذا كان في محل واحد ممتنع لانه عقلا كحصر عقلي اما ان يكون المقتضيان غير موجودين وهذا ليس محل الكلام وإما احد الضدين غير موجودين وأيضا هذا ليس من بحث التمانع أو مع وجود المقتضيين وهذان المقتضيان اما متساويين في التأثير فلا يمكن تأثيرهما الا بسبق زماني او مرجح او احدهما اقوى فهو يوجد والاضعف ودونه في التأثير لا يوجد ضده.

فيكون تأثير المقتضي الأقوى مانعا عن تأثير المقتضي الأضعف. فإذا هو الذي مانع لا ان الضد الأقوى والمقتضي الأقوى مانع للضد الأضعف. ان الذي مانع عن وجود الضد الأضعف هو المقتضي الأقوى لان اقتضاء كل من المقتضين بتأثير متضاد ممتنع فالامتناع في التأثير يسبق التضاد او التمانع في الضدين. لكن على ضوء هذه النظرية الضدان ليسا ضدين. تبناه السيد الخوئي وكثيرون. فالتضاد ليس بين الاضداد والحال انه بالبداهة العقلية التضاد بين الاضداد. دعوى انما التمانع بين تأثير مقتضيات الاضداد. او ربما التمانع بين تأثير مقتضيات الاضداد بلحاظ المؤثر لا بلحاظ نفسها.

التمانع إما في الضدين او في مقتضيي الضدين او في تأثير المقتضيين، التمانع في تأثير المقتضيين بلحاظ الضدين لا بلحاظ المقتضيين نفسهما. فهذه النظرية أيضا تسجل عليه هذه المؤاخذة التي جزم بها السيد الخوئي. نعم يعترض على مبنى الميرزا النائيني أيضا ان التمانع ليس على المقتضيين. حتى في الانسان ربما عنده شوق لشيئين متضادين وما اكثر هذا في الانسان. اما معصية وطاعة او طاعتان او معصيتان. التضاد عند الانسان موجود ما شاء الله ومن يغلبه؟

الكلام هذا ان التمانع ومركزه اين؟ في المقتضيين او في تأثير المقتضيين او في الضدين؟ الصحيح انه في الضدين لكن هذا الاعتراض الأول فيه كلام والاعتراض الثاني فيه كلام وتأمل.

نذهب الى الاعتراض الثالث على التمانع بين الضدين. اذا كان التمانع بين الضدين فمعنى التمانع يعني ان عدم احد الضدين مقدمة للضد الاخر. كلمة التمانع عبارة أخرى عنه.

الاعتراض الثالث نقض بأن عدم الضد في رتبة الشيء او نعبر ان عدم احد الضدين في رتبة الضد الآخر. فبالتالي يريد ان يدعي المرحوم الاخوند بان عدم الضد في رتبة الشيء واذا كان في رتبته فكيف يكون مقدما عليه وجزء العلة؟ فاذا يعترض على دعوى الدليل الأول وهو النظرية الأولى في المقدمية. بان عدم الضد ملائم للشيء او قل ان عدم الضد الثاني ملائم للضد الأول ولما يكون ملائما يعني في رتبته. هذا المبحث او هذه الفذلكة التي ذكرها الاخوند كاعتراض ثالث هي تقريبا نستطيع ان نقول مركز البحث الرتبي عند الاعلام. مركز معترك الآراء. كما مر بنا مبحث الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده لبا وغايته المهمة هو بحث الرتبة يعني ان النهي التبعي سيأتي دراسته هل له فائدة او ليس له فائدة والمهم انه نهي تبعي. لكن تبعي ثبوتا او تبعي اثباتا؟ بل تبعي ثبوتا.

اصل المدعى في مبحث الضد وهو مقامان. المقام الأول الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده بالدليلين والمقام الثاني مبحث التزاحم واحكامه وفرقها عن التعارض. مبحث الضد يتخلص في مقامين. المقام الأول ان الامر بالشي يقتضي النهي عن ضده ولو هذا بحث صحيح وعنوان المسألة ولكن المقدمات الضمنية في البحث هي البحث الأصلي مثل بحث المقدمة الواجب ان تقسيمات الوجوب اهم واخطر للوجوب الغيري الشرعي للمقدمة. التقسيمات هي المطلوبة بذاته وليس الوجوب الغيري الشرعي وان كان له دور لكن ليس خطورته كتقسيمات التي ذكرت في الواجب المشروط والمعلق والمطلق وغيره.

هكذا هنا في المقام الأول في بحث الضد اللب الأهم هو بحث الرتبة. في البحوث الفقهية او البحوث الأصولية او التفسيرية او العقائدية او الأخلاقية والروحية البحث الضمنية هو قمة البحث كثيرا ما. هذا شيء مهم. اطار البحث الذي صيغ قولبة ليس من الضروري ان يكون قمة البحث كثيرا ما البحوث الضمنية هي لباب البحث واخطر وقمة البحث. هذه نكتة يجب ان نلتفت اليها.

هنا في المقام الأول اللب بحث الرتبة وليس ان النهي التبعي موجود. كثير من الاعلام لا يقيمون خطبا للنهي التبعي.

المراد من الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده والمجعول التبعي ليس التبعية في الدلالة بل التبعية في الثبوت. والا التبعية في الدلالة لا تقلل من شأن الحكم. رب مدلول التزامي لحكم شرعي اهم من المدلول المطابقي. مثلا دليل مطابقي على شيء معين بالالتزام يدل على شيء اهم. التبعية في الدلالة لا تقلل أهمية الحكم الشرعي المستفاد. هذه نكتة صناعية يجب ان لا نغفل عنها.

مثل اوفوا بالعقود مفاده المطابقي هو اللزوم لكن مفاده الالتزامي هو الصحة وهي اهم رتبة من اللزوم. ثبت العرش ثم انقش. اذا المراد من التبعية ليس التبعية في عالم الدلالة وهي غير مضرة بالاهمية لملاك الحكم. بل المراد هو التبعية في الثبوت والجعل. الجزئية مجعولة تبعا للامر بالركوع ضمن مركب الصلاة. مثل الجزئية والشرطية. الامر بالوضوء قبل الصلاة ينتزع منه الشرطية وكذا المانعية. اذا المجعول التبعي مفاد ينتزعه العقل من المنشأ الشرعي. فعندنا التبعية في الدلالة وعندنا التبعية في الجعل. وكلامنا هنا في التبعية في الجعل.

الدليل والاعتراض الثالث الذي ذكره الاخوند على المقدمية بين عدم احد الضدين والضد الاخر او عدم الضد والشيء وهو يقول ان عدم الضد نقيض الضد ويلائم الشيء يعني الضد الآخر. واذا كان يلائمه فكيف يكون مقدما عليه وسابقا عليه رتبة. الملائم يعني في رتبته. بحث الرتبة لبا هنا. لكن هذا صحيح آخر بحث آخر.

المرحوم الاصفهاني اشكل على استاذه المرحوم الاخوند يعني رد على الاعتراض الثالث من الاخوند يعني النظرية الرابعة باعتبار انه يريد ان يقول الاخوند ان التمانع بين الاضداد لا يكون منشأ لمقدمية عدم احد الضدين لوجود الضد الاخر. اذا كان مقدما يعني سابق رتبة بينما الاضداد في رتبة واحدة. الاضداد وان كانت اضداد وتتنافر لكن لا يعني ان عدم احد الضدين مقدمة للضد الاخر. تنافر الضدين لا يستلزم او لا يوجب ان عدم الضد الثاني مقدمة للضد الأول. لماذا ينكر الاخوند النظرية الأولى؟ لان بين عدم الضد الثاني كمال الملائمة مع وجود الضد الاخر.

هذه الدعوى ستتضح تفسيرها اكثر من خلال المعترك والنقل والابرام في كلمات الاعلام. اذا بالدقة كلام الاخوند نظرية رابعة.

الدليل الأول كان نظرية أولى والاعتراض الأول على الدليل من النائيني نظرية ثانية يقول ان التضاد والمقدمية بين المقتضيات لا بين الضدين كما في الدليل والنظرية الثالثة للسيد الخوئي تأثير الضدين والنظرة الرابعة يقول لا مقدمية بين عدم احد الضدين والضد الاخر بل المعية.

هذه النظرية الرابعة يعترض عليها المرحوم الاصفهاني باشكالين. وهذان الاشكالان بغض النظر عن كونهما اشكالين تامين نفس هذين الاشكالين ضابطتان مهمتان في الرتبة.

الاشكال الأول الذي يذكره الكمباني قاعدة فلسفية وتقريبا منقحة في الفلسفة وعلم الكلام. وتستثمر في مباحث في العلوم الدينية كثيرا.

القاعدة لها عدة صياغات لكن قاعدة واحدة. قاعدة عقلية يستفاد منها في مباحث الرتبة. احد صياغاتها هي ان ما مع المتقدم زمانا متقدم زمانا وما مع المتأخر زمانا متأخر زمانا وما مع القبل الزماني قبل وما مع البعد الزماني بعد. هذه قاعدة واحدة. ان التلازم الزماني ينسحب على المتلازمين زمانا. فما مع المتقدم زمانا مثلا كان هناك صديق لجد زيد. فكما ان جد زيد متقدم زمانا فصديق جد زيد متقدم زمانا. هناك عدو لآدم النبي اذا كما ان آدم متقدم زمنا فعدو آدم متقدم زمانا. هناك عدو لصاحب العصر والزمان وهو السفياني فكما ان صاحب الزمان متأخر فعدوه متأخر. فالتلازم ا لزماني ينسحب على الاثنين في احكام الزمان. هذه نصف القاعدة. صيغت بصياغات ثلاث.

النصف الاخر بخلاف الرتبة ما مع المتقدم رتبة ليس من الضروري ان يتقدم رتبة وما مع المتأخر رتبة ليس من الضروري ان يكون متأخر رتبة. وما هو مع المتقارن رتبة ليس من الضروري ان يكون متقارنا في الرتبة. يعني ان التلازم في الرتبة ليس من الضروري ان ينسحب عليه احكام الرتبة. مثلا العلة متقدمة على المعلول رتبة. هناك ما هو ملازم لها وليكن. ملازم العلة ليس من الضروري ان يكون متقدما رتبة. مثلا المعلول له ملازم وجودي لكن ليس من الضروري ان يكون الملازم الوجودي للمعلول متأخر رتبة بل قد يكون متقدما. يعني ان لمعلول متأخر رتبة لكن من يقول ان الملازم للمعلول وجودا متأخر رتبة. هذا المبحث جدا مهم. يعني ههنا يكمل بحث الرتبة.

ان التلازم الزماني ينسحب على المتلازمين اما التلازم الوجودي لا ينسحب في الرتبة. كيف تصويره؟ ولماذا؟

نكتة: لان الرتبة يحتاج لها الملاك. وجود الملاك في احد المتلازمين رتبة ابدا لا يعني وجود الملاك في ملازمه. العلة لانها تفيض المعلول وتوجد المعلول هي متقدم رتبة لكن ليس من الضروري ان يكون ملازم العلة أيضا يفيض المعلول. فليس بين المعلول والملازم سبق ولحوق وتقدم وتاخر رتبي. المعلول متأخر عن العلة لانه مفتقر الى العلة. لكن ليس مفتقرا الى ملازم العلة وجودا. هذا المبحث جدا مهم. في التوحيد والامامة والنبوة والعلوم الدينية عموما مهم. ان التلازم الوجودي في الزمان صحيح اما التلازم الوجودي في الرتبة لا ليس من الضروري ان ينسحب على كليهما. لا انه يمتنع. لكن بمجرد التلازم الوجودي لا يلزم اتحاد الرتبة. فضلا ان تنخلق بين ملازم المعلول وملازم العلة. هذا شبيه بحث الرضاع. نشر الحرمة في الرضاع. الرضاع لحمة كلحمة النسب. يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب. الرضاع جهة طولية آباء او أبناء بناء على عدم عموم التنزيل والمنزلة. بناء على عموم التنزيل والمنزلة يأخذ العرضيات. هذه فكرة هندسية ورياضية. المهم نواصل البحث.