45/04/01
كان الكلام في الوجوه الدالة على الوجوب الشرعي الغيري للمقدمة وانتهينا من خمسة وجوه، لكن بقي الوجه الثالث وهو وجه ذكره كثيرون وهذا الوجه عبارة عن التلازم العقلي والتكويني الموجود عندما يريد الانسان ذي المقدمة كالصلاة يلازم الإرادة والشوق الى المقدمة. فالشوق والإرادة المتعلقة بذي المقدمة متلازم مع الشوق والإرادة للمقدمة. هذا التلازم تكويني او عقلي يدركه العقل فبالتالي هذا نوع من البيان العقلي للتلازم بين وجوب ذي المقدمة ووجوب المقدمة. ذكره صاحب الكفاية.
فهنا اشكل الاعلام انه ما المراد بالشوق للمقدمة الملازم والمنبعث من الشوق من ذي المقدمة؟ الشوق للصلاة يلازم انبعاث شوق آخر للمقدمة؟ ما المراد؟ ان كان المراد تلازم تكويني قهري فهذا ليس الوجوب الشرعي المصطلح لان الوجوب الشرعي المصطلح هو فعل اختياري للشارع او المقنن وانشائي وليس تكوينيا. فهذا المعنى من التلازم القهري والتكويني ليس هو الوجوب المصطلح الشرعي. واما ان اريد من الشوق والإرادة الشوق التشريعي الاعتباري انه كل ما انشأ المقنن والشارع وجوب ذي المقدمة يلازمه انشاء وجوب المقدمة هذه دعوى بلا دليل، أي ضرورة في البين؟ وان اريد معنى ثالث وهو عبارة عن إرادة الفاعل في مقام الامتثال والأداء لذي المقدمة انها تلازم الإرادة الى المقدمة فايضا يسجل عليه مؤاخذة او مؤاخذات أولها ان إرادة الفاعل في مقام الأداء لا تمثل الإرادة التشريعية التقنينية والإرادة التشريعية التقنينية ليست نسبتها مع الفعل كنسبة إرادة المكلف التكوينية لاداء الفعل. يعني ان الإرادة التشريعية لوجوب الصلاة تختلف عن إرادة المكلف الذي يكون في مقام الامتثال لاداء الصلاة. اما انها نفس الإرادة ممتنع وكانما يصير جبرا. هذا محصل الإشكالات التي ذكرت عند الاعلام.
لكن هذه الإشكالات اجمالا نستطيع ان نقول مبنائية والا لو تم هذه الإشكالات ما معنى لقاعدة كلما حكم به العقل حكم به الشارع. حكم به الشرع يعني انشاء الشارع؟ حكم به العقل يعني انشاء العقل؟ والعقل يدرك الضرورة ولا ينشأ. او يدرك الحسن الشديد للفعل او القبح الشديد او ضرورة ما. الحسن والقبح في العقل العمل والضرورة في العقل النظري. كيف تصوير المدرك العقلي والانشاء الشرعي. انها عنونت في قاعدة الملازمة بين حكم الشرع وحكم العقل هناك اشكلت وذكرها المظفر عن استاذه المرحوم الكمباني وهو يقول قاعدة كلما حكم به العقل حكم به الشرع بمعنى انه يمضي الشرع العقوبة والمثوبة لا ان الشرع ينشأ. المظفر في أصول المظفر يذكر هذا المطلب عن استاذه المرحوم الكمباني.
لكن الكلام الكلام والجواب والجواب أولا ان هناك مبنى من المباني ان الحكم الشرعي ليس حكما انشائيا بل الحكم الشرعي عبارة عن ارادات. مبادئ الانشاء او مبادئ الحكم الانشائي البعض يعتبرها هي الحكم الانشائي. المرحوم النهاوندي يتبنى هذه الموارد وغيره كالمرحوم العراقي في بعض الموارد.
ثانيا أيضا عند النائيني هذا المبنى ان العلم بمبادئ الحكم بمثابة العلم بالحكم وان لم يكن انشاء. يعني يترتب عليه التنجيز والتعذير والباعثية والمحركية وما شابه ذلك لان مبادئ الحكم تعتبر روح الحكم ولب لباب الحكم.
اذا الشوق ولو كان شوقا لكن هو نوع من اكتشاف مبادئ الحكم
المؤاخذة التي سجلت على المعنى الأول ان هذا الشوق قهري وليس اختياريا يقال فيها انها اختيارية ولو باختيارية انشاء وجوب ذي المقدمة. الشارع لما اشتاق الى ذي المقدمة او انشأ وجوب المقدمة هذا اختياري لذلك يلازم له وجوبات أخرى وان يكون وجوبا تبعيا. شبيه ما ذكره الاعلام في موارد عديدة انه مثلا المجعول بالتبع مثل ما مر بنا في الشرطية والجزئية والمانعية. هذه مجعولة قهرا تبعا انتزاعا. لكن لا يعني انها غير مجعولة. فكون الجعل قهريا ليس قهريا بقول مطلق بل القهري بمعنى انه يدرك بمنشأ انتزاعه لكن بالتالي بمنشأ انتزاعه اختياري.
اذا الإشكالات على المعنى الأول مندفعة. كما مر بنا بعين هذه الإشكالات ذكرت في قاعدة الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع. جملة من الإشكالات أوقفت المرحوم الكمباني عن تصحيح هذه القاعدة والقبول لهذه القاعدة. وفسرها بتفاسير أخرى لكن هذه التفاسير بالتالي لا تخرج اجمالا او اثارا عن مسار مشهور علماء الامامية. اذا هذه الإشكالات عن المعنى الأول غير واردة.
اما المعنى الثاني يمكن يجاب عنها ان هناك العقل يدرك ان انشاء وجوب ذي المقدمة يلازم يعني ينتزع منه لكن ينتزع بنحو الوجود الانتزاعي لكن وجوب شرعي بالتالي. ولم نقف على تصريح من الأصوليين انهم يقولون في الوجوب الغيري الشرعي للمقدمة انه ينشأ بوجوب مستقل وانشاء مستقل ليس هذا مرادهم بل مرادهم تبعي وانتزاعي وما شابه ذلك. وفرق بين ان نقول هذا المقدار وبين ان نقول مستقل وكذا كذا. لذلك من باب الملازمة قالوا يدركه العقل ومعنى ادراك العقل يعني ان العقل ينتزع ويستولد. فهذا المقدار من الوجوب الغيري التبعي الانتزاعي لا بأس به وموجود. فضلا عن وجه الميرزا النائيني وهو وجه مستقل ومؤيد لا اقل في المقدمات الشرعية. ليس نفس هذا الوجه. ذاك نفسي وهذا غيري. النفسي يعني ان الملاك فيه اما الغيري يعني ليس فيه الملاك. ذكرت انه المقارب لكلام الميرزا النائيني باعتبار انه في الشرعية نوع من الانتزاع لكن هنا العقل ينتزع لا لملاك في المقدمة الا التمكن العقل العادي من ذي المقدمة. هذا معنى الغيري. فصحيح ان هذا الوجه تام الذي ذكره صاحب الكفاية وقبله وهو شبيه قاعدة كلما حكم به العقل حكم به الشرع يعني جعل انشاء انتزاعي.
هذا تمام الكلام في بحث وجوب المقدمة من جهة المقدمة. بعد ذلك يذكر صاحب الكفاية المقدمة المستحبة. طبعا عطف الكلام فيها في الكلام في المقدمة الواجبة وليس شيء جديد.
ماذا عن المقدمة للحرام؟ هل مقدمة الحرام حرام او ليس بحرام؟ الميرزا النائيني قسم المقدمة للحرام الى ثلاث اقسام. القسم الأول ما كانت المقدمة للحرام سبب لا ينفك عن إيجاد الحرام كالعلة والمعلول. يعني لا يتخللها الإرادة الاختيارية ما ان يوجد المقدمة تلقائيا تنوجد ذي المقدمة الحرام ويسمى توليدية. مثل انشاء الربا في القرض او البيع. ان انشاء الربا سبب المنشأ وهو الربا المحرم. القسم الثاني يتخللها الإرادة الاختيارية لذي المقدمة. فهذا اما يقصد باتيان المقدمة التوصل والوصول الى المقدمة او لا يقصد فيكون قسما ثالثا. المهم ان هنا في القسم الثاني والثالث هناك انفكاك بين إيجاد المقدمة وفعل الحرام. يعني لابد من إرادة أخرى للحرام.
اما القسم الأول فبنى الميرزا النائنيي ان هذه المقدمة التي لا تنفك عن ذي المقدمة حكمها نفس الحكم الذي يتعلق بذي المقدمة بعينه يتعلق بالمقدمة عرفا وعقلا. عندما يقول الله عزوجل احل الله البيع وحرم الربا. احل تنطبق علي انشاء البيع وعلى المسبب والبيع. كذلك في حرم الربا. انشاء الرباء والمنشأ محرم والالتزام به محرم والاستمرار به محرم كانما الحرمة ممتدة من السبب الى المسبب. فاذا هذا ليس من باب الحرمة الغيرية بل من باب الحرمة النفسية فهذه الحرمة ليست ضمنية بل حرمة نفسية مستقلة نفس الحرمة التي تتعلق بذي المقدمة تتعلق بالمقدمة. هذا مبنى الميرزا النائيني.
السيد الخوئي لم يوافق استاذه وقال لا دليل على تسرية الحكم النفسي في المسبب الى السبب. كون المسبب غير مقدور الا بالسبب باعتبار انهما علة ومعلول غاية الامر القدرة تتولد من السبب ومصححة للحكم الشرعي المتعلق بالمسبب والمعلول فكون القدرة المصححة للتكليف آتية من السبب لا يعني ان السبب حكمه حكم المسبب ولا وجه له. الملاك في المسبب وليس في السبب. بالتالي هذا الحكم الشرعي الموجود في المسبب لا موجب لتسريته وسرايته الى السبب والعلة. نعم السبب مصحح للتكليف باعتبار القدرة فيه ويكفي في القدرة القدرة عليه بواسطة. السيد الخوئي هو يجيب بنفسه فيما تقدم في الاشكال على الآخوند ان الشوق قهري لكن القهري مقدور ولو بالواسطة. على كل. فالغفلة يمكن عند الانسان مهما يكون. لكن هذا الاشكال ليس تاما والوجه عند الميرزا النائيني سليم عرفا وقانونا يكون السبب والمسبب واحدا. من باب التولد والتوليد والتوالد بين العلة والمعلول. يعني ملاك العلة هو ملاك المعلول وبالعكس. فالصحيح ان ما ذكره الميرزا النائيني سليم وما عليه غبار. فاذا هذا ليس من باب الحرمة الغيرية بل من باب الحرمة النفسية المستقلة ان نفس هذه الحرمة التي تتعلق بذي المقدمة تتعلق بالمقدمة.
اما الصورة الثانية وهي ما اذا اتى بالمقدمة بقصد التوصل والايصال لذي المقدمة الحرام مع ان ذي المقدمة له إرادة مستقلة. ذهب الميرزا النائيني الى ان هذه الصورة الثانية المقدمة محرمة. هل هي حرمة نفسية من جهة التجري او حرمة غيرية؟ المهم ذهب الى الحرمة مرددا في ذلك. بخلاف الصورة الثالثة فلم يذهب الى الحرمة لانه حين المقدمة ليس لديه قصد التوصل والتجري الى الحرام حتى بمجيئه بالمقدمة بدون هذا الداعي يضل المكلف ارادته واختياره في ارتكاب الحرام ان يرتكبه او لا يرتكبه. فلا يمتنع عليه امتثال الحرمة النفسية المتعلقة بذي المقدمة بعد ارتكاب هذه المقدمة. بينما ضابطة المقدمة وملازمتها انه بدونها يمتنع امتثال ذي المقدمة. هنا مع المجيء بالمقدمة لا يمتنع امتثال الحرمة في ذي المقدمة ويمكنه يترك. ضابطة المقدمة وتلازم المقدمة انه بدونها يمتنع الامتثال وهنا بمجيئها وبمخالفته بفعل المقدمة لا يمتنع له ان يترك ذي المقدمة.
السيد الخوئي يقول هذا الوجه بعينه يأتي في الصورة الثانية وليس فقط في الصورة الثالثة. في الصورة الثانية أيضا كذلك لو ارتكب المقدمة يضل اراته موجودة. يبقى التجري ويقول نحن لا نقول بحرمة التجري الا في موارد صرحت الروايات بحرمتها. طبعا الصحيح لدينا ليس هكذا وفاقا مع المرحوم الاخوند وكثيرون ان الصحيح ان التجري بكل انواعه حرام سواء حرمته من الصغائر او من الكبائر او تتفاوت هذا بحث صحيح موكول لبحث التجري. لكن اجمالا التجري حرام. فاذا اتى بالمقدمة حرمته ليس من جهة المقدمية وليس من باب التلازم المقدمي بل من باب ان المقدمية نوع من التوطئة للتجري والتمهيد للتجري كما ان في مقدمة الواجب بقصد إتيان المقدمة لاجل ذي المقدمة يبتدأ الانقياد ويثاب عليه. هذا دليل آخر للتلازم ان في المقدمة تلازم في الوجوب او استحباب انقيادا لو نوى ذلك. الانقياد في الوجوب او الاستحباب يبدأ المقدمات ويثاب عليه عقلا وشرعا والحرمة في الحرام او في المكروه والتجري موجود من المقدمات. انه معفو عنه لا يعني انه ليس بحرام. مثل حرمة الظهار انها معفو عنها لكنها لا يعني انه ليس بحرام. بنص القرآن والروايات ان الحرمة الظهار حرمة نفسية وغير منسوخة لكن مع ذلك لا يعاقب عليه. ورد ذلك في تأخير الصلاة عن اول الوقت بلا داعي موجه. معصية وسيئة مغفورة بحيث يأتي بالصلاة بعد ذلك.
هذا النوع من التجري حرام واذا أدى الى كذا فالاكثر واذا لم يؤد معفو عنه. فهذا وجه آخر وسادس انه من باب الانقياد والتجري. لكن هذا الوجه يثبت الحكم النفسي وان كان ملاكه ليس في نفسه باعتبار الجرئة او الانقياد للمولى. فتصويره في داعي التوصل والايصال اما اذا يكون غافلا عن ذلك فلا يكون تجريا او انقيادا.
هذا تمام الكلام في مبحث مقدمة الواجب المباحث الضمنية في مقدمة الواجب اهم بكثير من نفس نهاية المسألة.
بسم الله الرحمن الرحيم الكلام في مبحث الضد.
مبحث الضد ظاهر الاعلام انه البحث الأصلي المركزي مقدمية ترك الضد لاتيان الضد الاخر. او هو مبحث ان الامر بأحد الضدين يلازم النهي عن الضد الاخر. هذه اصل المسألة. واذا كان النهي عن الضد وكان عبادة يستلزم الفساد. لكن حقيقة هذا ليس هو مركز البحث وان كان هو مركز لكن ليس المركز الوحيد للبحث ونستطيع ان نقول ان المركز البحث الأهم في مبحث الضد هو البحث عن حقيقة التزاحم واقسام التزاحم وأنواع التزاحم واثار التزاحم وفوارق التزاحم ومغايرته للتعارض. هذا هو البحث الأصلي الأهم. والا هذا البحث ليس مركزيا مركز المراكز. نعم عنون البحث بهذه لكن الكثير يكترس بذلك المبحث. ذاك المبحث مبحث التزاحم وأنواع التزاحم اهم واكثر فائدة. اصل مبحث الضد هو مبحث التزاحم وفرقها عن التعارض ثم البحث في أنواع التزاحم وهذا مبحث حساس جدا وما هي احكام التزاحم وأنواع التزاحم. نعم يبقى هذا المبحث الديكوري او الصوري ان الامر بالشيء يقتضي النهي عن الضد مركزي لكنه ليس مركز المراكز. لذلك نختصر عن كثير مما حاولوا في المبحث الأول ان الامر بالشيء هل يقتضي النهي عن الضد والاعلام توسعوا كثيرا فلسفيا لكنه فذلكات وتفاصيل فلسفيات الى ما شاء الله وما له داع لذلك الحد. سنختصره الا عن المفاصل الصناعية الأصولية والعمدة مبحث التزاحم مقابل التعارض هذا مبحث ثمار فقهية قوية.