45/03/28
كان الكلام في مقتضى الأصل العملي وطبعا مر ان تقسيم الواجب او الوجوب الى الأصلي والتبعي من البحوث المهمة في أصول القانون على خلاف ما ربما ذكره بعض الاعلام انه لا فائدة فيه.
بالنسبة الى الأصل العملي في اصل المسألة وشككنا ان هناك وجوب شرعي في المقدمة ام لا، فتارة يراد تقرير الأصل في الملازمة بين الوجوب الشرعي للمقدمة مع الوجوب الشرعي لذي المقدمة فيقرر الشك ويجرى الأصل العملي. وتارة يراد تقرير وظيفة الشك في نفس الوجوب الشرعي للمقدمة وبتعبير الاعلام ان الملازمة مسألة أصولية واما الوجوب الشرعي للمقدمة فمسألة فقهية وحكم فقهي ولازم ان يلتفت اليه.
شبيه ما مر بنا ان جملة من القوانين الشرعية خاطب بها الشارع عموم الناس وجملة من الاحكام الشرعية خاطب بها الشارع خصوص الفقهاء او العلماء او الفضلاء وهلم جرا وجملة من الاحكام الشرعية خاطب بها الله تعالى خصوص الائمة وجملة منها خاطب بها خصوص سيد الأنبياء يعني ان هناك طبقات. هذا المطلب ذكره الاصوليون في اول مبحث الحجج ان المكلف اما ان يقطع او يظن او يشك واثير عندهم أسئلة حول جملة من القواعد الشرعية انه كيف يخاطب بها عموم الناس وجملة من الاصوليون قالوا ان المخاطب بها خصوص العلماء. شبيه القواعد البرلمانية او الوزارية لا يصح لعموم الناس التمسك بها وانما يتمسك بها الوزراء او الوزارات او البلديات او ما شابه ذلك.
قسم اخر من الاصوليون قالوا ان كل الاحكام مخاطب بها كل الناس لكن هناك خطاب بالوكالة وهذا تقريبا نفس القول الأول يعني ان يخاطب بها الفقيه والعالم نيابة عن العموم مثل احكام الحيض خاطب بها الفقيه وكالة عن النساء.
فاذا بعض الاحكام هي لب اللباب فيها عموم الناس لكن الذين يخاطبون بها اصالة او وكالة هم العلماء والفقهاء. هذا البحث أيضا جيد.
فالاحكام الأصولية الملازمة بين الوجوب الشرعي للمقدمة مع الوجوب الشرعي لذي المقدمة الشرعي ولا يخاطب بها العوام. فمن ثم الحشوية في الاصوليون والاخباريين والقشرية يقولون انه يجوز لكل مكلف ان يستنبط من الروايات ويقرأ القرآن. نعم القرآن يقرأ للكل لكن ليس الخطاب في القرآن للكل بالاصالة. فيه بيان من الائمة «انما يعرف القرآن من خوطب به» مما يدل على ان خطاب القرآن على درجات.
اجمالا فاذا المسائل الأصولية احكام شرعية لكن ليس من الضروري ان يخاطب بها الناس شبيه ما مر بنا في الظهور انه درجات وبعض درجات الظهور لا يلتفت بها الا اوحدي من العلماء وهنا مبحث الخطاب وهو أيضا هكذا ما دام على الميزان.
هذه نكتة من أصول القانون ان هناك احكام شرعية أصولية من أصول الفقه. الشيخ المفيد والمرتضى والقدماء يعبرون عنه الاحكام الأصولية ومقصودهم أصول الفقه او القواعد التي لا يخاطب بها عموم الناس ويعبرون عنها الاحكام الأصولية. ان المسائل الشرعية في علم الأصول وحيثية الحكم الشرعي او المسألة الأصولية يختلف عن حيثية المسألة الفقهية او الحكم الشرعي الفقهي
حينئذ يقول صاحب الكفاية اذا اردنا ان ننقح وظيفة الحال في الملازمة فهذه مسألة أصولية طبعا وان اردنا ان ننقح الحال في الوجوب الشرعي للمقدمة فهذه مسألة فقهية وحكم فقهي فلذلك لازم يلتفت. مثل باب التعارض ان التباين والتغاير بين المسألة الأصولية والمسألة الفقهية شيء هام.
مثلا التخيير بين الاخذ بالمتعارضين يعني العمل والاستناد في المسألة الأصولية يعني اصل الحجية بخلاف اذا قلنا ان نتيجة التعارض هو تلفيق مجموعي من مضمون الخبرين او الاخبار المتعارضة. اذا كان النتيجة هو التلفيق بين الاخبار سوف يكون كخصال الكفارات تخييرا فقهيا. فيكون تخييرا في العمل الفقهي والمسألة الفقهية. المهم ان يلتفت الباحث في التفرقة بين المسألة الأصولية الشرعية والمسألة الفقهية.
القدماء اذا تلاحظون كلام المحقق الحلي والمرتضى وابن ادريس لم يتعبرون مسائل علم الأصول مسائل شرعية فرعية وكلامهم دقيق. انها تحدد المنهج في العلوم الدينية لذلك يعبرون عنها المسائل الأصولية وليست المسائل الفقهية. هذه ضوابط مهمة في مباحث علم الأصول.
اذا اردنا ان نجري وننقح وظيفة الشك في الملازمة فمسألة وحكم اصولي ويجري فيه التفصيل ويجري في علم الكلام وغيرها من العلوم. ومر بنا انه خطأ وغفلة كبيرة عند الأصوليين ان نعد نتيجة علم الأصول منحصرة في علم الفقه الفرعي. بل علم الأصول منطق ومنهجي لكل العلوم الدينية قاطبة للسيرة العلمية للاعلام في كل العلوم على استنادهم بعلم الأصول.
على كل اذا اردنا ان ننقح الوظيفة العملية في الملازمة فهذه مسألة أصولية واذا اردنا ان ننقح الشك في الوجوب الغيري للمقدمة فهذه سيكون تنقيح المسألة كانما مبحث فقهية وليست مسألة أصولية.
فيقون المرحوم الاخوند اذا اردنا ان ننقح الوظيفة في الملازمة باستصحاب العدم فهذا ليس لها حالة سابقة عدمية لان الملازمات ازلية. هذه العبارة تفيد في العلوم الدينية والعقائد.
ما معنى ان الملازمات ازلية وان هناك ازلية غير الله عزوجل؟ باي معنى؟ هذا مبحث يبحثون في العقائد او المعارف مثلا سأل الامام الرضا هل يعلم الله عزوجل بالممتنعات؟ فقال الامام ليس فقط يعلم الباري تعالى بالممتنعات بل للوازم اللامتناهية للممتنعات ومثل سلام الله عليه بالآية الشريفة «لو كان فيهما آلهة لفسدتا» فالباري تعالى يعلم ملازمات الممتنعات. فما هو هذه الممتنعات وأين تقرر الممتنعات؟ بحث كلامي فلسفي عرفاني تفسيري اين هو تقرر الممتنعات؟ لسنا في صدد الخوض فيه وفقط اشير انه مقرر في علم الباري فيقولون ان علم الباري لا يختص بالحقائق بل علم الباري يشمل الممتنعات. مع ان الممتنعات لا وجود لها فماذادور العلم وماذا دور العوالم؟ بحث غامض في مباحث المعارف.
حينئذ هذا العلم وهذا المعلوم ازلي ليس ازليا بذاته بل ازلي بازلي الله. اجمالا هذا المبحث هكذا قرر. المرحوم الاخوند يقول ان هذه الملازمة لا حالة سابقة لها.
طبعا هذه الملازمات ليس ازلية بمعنى مطلق بل هذه الازلية ازلية ذاتية وليست ازلية بقول مطلق. المفروض ان يستذكرون المطلب في المنطق ان هناك ضرورة ذاتية وضرورة ازلية. الضرورة الازلية تختلف عن الضرورة الازلية في مباحث كثيرة لا سيما في المعارف والعقائد يجب ان لا نخلط بين الضرورة الذاتية والضرورة الازلية وهناك ازليات تابعة للذاتيات فهي ليست ضرورة ازلية بقول مطلق. هذه الازلية التي يبحث عنها الاخوند ليست ازلية بقول مطلق بل ازلية تابعة للضرورة ذاتية بخلاف ازلية الباري تعالى انه ازل الازال. فالازلي بقول مطلق هو ذات الباري تعالى.
فاذا مبحث الملازمة ليس له حالة سابقة كي نستصحب العدم والبرائة لا تجري لان المفروض انه لا يترتب المؤاخذة على نفس الملازمة. هذه بالنسبة الى الملازمة.
اما اذا اردنا ان نلاحظ الوظيفة الشرعية للشك في المسألة الفقهية والوجوب الشرعي للمقدمة هنا جملة من الاعلام قالوا لا يجري الأصول العملية. طبعا فيه حالة سابقة وقبل ان يدخل الزوال لم يكن الوجوب الشرعي لصلاة الظهر فلم يكن الشرعي للمقدمة فنستصحب لكن قالوا لا يجري لانه لا ثمرة في جريان الأصول العملية سواء شرعية او عقلية. لان هذا الوجوب الشرعي الغيري لا يترتب عليه العقوبة والالزام به لم يأت من الوجوب الشرعي الغيري للمقدمة والالزام به عقلا موجود ولا يرتفع بسبب الوجوب الشرعي للمقدمة والعقوبة لا يترتب على الوجوب الشرعي للمقدمة بل يترتب على ذي المقدمة فاين ثمرة جريان الاستصحاب او جريان البرائة العقلية او الشرعية؟
هكذا صرح الاعلام لكنهم في بحث الاستصحاب فرقوا بين البرائة والاسصتحاب. البرائة تعني رفع العقوبة لكن الاستصحاب ليس ضروريا ان يكون بمعنى رفع العقوبة. مآلا نعم والا الاستصحاب لم يشترط في اجراء الاستصحاب نفي العقوبة بل بلحاظ التعذير والتنجيز. الا ان يقال ان هنا لا معنى للتعذير والتنجيز. هذا بحث آخر. لا معنى للتعذير والتنجيز لكي يجرى الاستصحاب في التعذير والتنجيز بغض النظر عن العقوبة. وكذلك الأصول العملية<
نعم لو فرض هناك اثر شرعي آخر يترتب على الوجوب الشرعي للمقدمة فحينئذ يمكن التمسك بالاستصحاب او البرائة اذا كان الأثر الشرعي ملزما او معذرا. هذا اجمال الكلام في الأصل العملي.
يبقى الأدلة التي استدل بها على الوجوب الشرعي للمقدمة وتقريبا ثلاثة وجوه يستدلون بها في الوجوب الشرعي للمقدمة.
الوجه الأول: ما نقل عن الاشاعرة وانهم قالوا انه لو لم يوجب الشارع شرعا المقدمة وحكم بجوازها لامتنع ذي المقدمة. لان الواجب يعني لست ملزما بالمقدمة ومع عدم المجيء للمقدمة تمتنع المقدمة. او يغير الوجوب الشرعي لذي المقدمة الى انه مقيد بالحصول الاتفاقي للمقدمة. والمفروض ان الشارع رخص في المقدمة وانت لست ملزما في الاتيان بها. مع جواز المقدمة يمتنع ذو المقدمة.
هذا استدلال الاشاعرة وفيه استدلال ثاني وهو التمسك بالاوامر الواردة واعتمد عليه صاحب الكفاية واستدلال ثالث ونكتة لطيفة عند الأصوليين في الرد على الاشاعرة مناقشة علمية مثمرة في الأبواب الأخرى.