الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

45/03/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث الأوامر/اقسام الواجب

 

كان الكلام في الواجب التبعي والاصلي

اجمالا من حيث الظهور الخص هذا المطلب لان التعريف الثاني للواجب الأصلي او التبعي هو ما كانت الدلالة مطابقية او الدلالة التزامية ومر انه عند علماء البلاغة هذا البحث موجود الدلالة الالتزامية واقسام الدلالة الالتزامية والبينة وغير البينة والبينة بالمعنى الأخص او الاعم او غير البينة هل هي حجة وهي حجة من باب الظهور او من باب العقل؟ بحوث عندهم في علم البلاغة وعلم الأصول.

اجمالا هناك خلط عند كثير من الاعلام بين قدرة العرف على الاستظهار وبين نظام الظهور. خلط حصل حتى عند الاكابر. نظام الظهور تابع للعلوم اللغة وقواعدها. العرف هو وعاء حامل لعلوم اللغة وعندما يقال ان المدار على العرف هنا مسامحة. ليس المدار على قدرة العرف في الاستظهار او في استثمار هذه القواعد، انما المدار في الحقيقة على النظام العلمي لعلوم اللغة وقواعدها التي يحملها العرف. وفرق بين ان نقول ان المدار على قدرة العرف وبين ان نقول ان المدار على العلوم التي يحمله العرف.

استثمار العرف وقواعد العلوم يمكن ان يكون بقدرة الهية وهي معجزة ومن ثم كانت بلاغة القرآن معجزة يعني ان يعجز عنها البشر ويعني استثمار قواعد علوم اللغة بما لا يتمكن منه بقية البشر.

المعجزة عجز عند البشر عن مجيء بمثلها وان كان عند البشر قدرة على فهم وادراك اجمالي للمعجزة. هذا لطيف في خاصية المعجزة سواء في المعجزة البلاغية او أي معجزة أخرى. فيها خاصيتان: خاصية ان البشر يعجزون عن المجيء بمثلها لكنهم لا يعجزون عن ادراكها اجمالا، انما يعجزون عن ادراكها تفصيلا و عن المجيء بمثلها. طبيعة المعجزة هذه والا لو كانت المعجزة عجزا مطلقا لصارت مبهمة وما تحقق الغرض منها والغرض منها تنبه البشر الى وجود غيبية مهولة غير صادرة من المخلوقات. فلذلك في المعجزة هذه الخاصيات الثلاث ادراك اجمالي ومن جانب ثاني عجز عن الادراك التفصيلي وعجز عن المجيء بمثلها.

تم التذكير به من وصف الامام الباقر سلام الله عليه بوصف الباقر انه يدرك أسس العلم التي بينها من دون القدرة على فهمها تفصيلا ومن دون القدرة على المجيء بمثلها.

فتكون المعجزة من علوم اللغة دليل على ان القدرة في استثمار قواعد اللغة ليست قدرة متساوية بين البشر وبين خالق البشر بل بين البشر انفسهم. والقدرات العديدة متفاوتون فيها كالقدرة على الفهم والقدرة على تاليف وتكوين الكلام ذي البلاغة. وليس المدار لا على قدرتهم في الفهم ولا على قدرتهم في التكوين وتأليفهم الكلام. انما المدار على العلوم التي يحملها العرف وقواعدها. وهذا بحث المعجزة احد الشواهد في سعة نظام الظهور.

اذا معنى الظهور ما هو؟ معنى صناعي علمي قل انه جديد. ليس جديدا بل التفت اليه الاعلام المحققين لكنه ليس متداولا للاذهان. الظهور ليس بمعنى التجلي للكل. حتى ان مريم يتجلى لها جبرئيل ولا يتجلى لآخرين بالتجلي النسبي او مثلا موسى والجبل. في مورد يتجلى الله لموسى وللجبل «فجعله دكا فخر موسى صعقا» تجلى الله لاثنين. بينما النبي موسى على نبينا وآله وعليه السلام في موارد لما كان يذهب الى الجبل المخصوص كان التجلي فقط للنبي موسى والجبال لم تندكّ فالتجلي والظهور نسبي لا انه مطلق.

المقصود ان نظام الظهور عبارة عن قواعد في الدلالة دالة على معاني وهذه القواعد دالة سواء وقف عليها من وقف او غفل عنها الكل لكن يبقى على ظهوره. الظهور عبارة عن سلسلة من القواعد مقتضاها الدلالة لمن وقف عليها وربما الكل لا يقفون عليها وربما اوحدي الناس يقفون عليها. هذا لا يخل بالظهور

طبعا مثل ان في نظام القرآن الكريم بعض طبقات القرآن يخاطب بها ويفهمها مع اختلاف الافهام جميع البشر وطبقة منه يفهمه اكثر فضيلة وطبقة منها يفهمها كل ذو تخصص مثل الفقها يدركون في الفقه وعلماء الكلام يدركون في الكلام وعلماء الاخلاق وفقه القلوب او العرفاء لا من جهة العرفان البشري بل من جهة انهم مأنوسون بهذه اللغة العرفانية يدركون من الخطاب القراني ما لا يدركون بقية العلماء والادراك وفق الموازين والضوابط الى ان يصل الى بعض طبقات القرآن لا يدركها الأنبياء ولا المرسلين ولا غيرهم بل يدركها النبي واهل بيته خاصة «انما يعرف القرآن من خوطب به» بعض درجات القرآن خاصة بسيد الأنبياء. وهذا لا ينافي عمومية فائدة القرآن. لان بعض الوظائف للقيادة وليس للرعية. وهذه الوظائف كثيرا ما تكون سرية وخلاف الحكمة ان تنتشر. كما ورد في الحديث المتواتر حديث يوم الدار. «انذر عشيرتك الاقربين» متواتر عن النبي في هذا الحديث ان النبي بعث بحزمة خاصة من الوظائف لخصوص بني هاشم. «بعثت اليكم يا بني هاشم بخاصة» يعني باوامر خاصة ووظائف خاصة يعني قيادتهم. وبعثت الى الناس بعامة وفي بعض الفاظ الحديث بعثت اليكم يا بني هاشم خاصة وبعثت الى عامة الناس عامة. كلا التقديرين من الفاظ الحديث المعنى ان هناك حزمة وظائف.

كما في قوانين الدولة ان بعض القوانين خاصة للوزارات والرؤساء وهذه القوانين ليس من الصالح اطلاع الرعية عليها مثل الملف الأمني والامن الاقتصادي والامن البنكي في كل وزارة هناك ملف امني مرتبط ببيئة تلك الوزارة ولا تطلع عليها حتى الوزارة الأخرى. شبيه انه ما لدى الخضر غير الذي لدى موسى

اجمالا ان الظهور ليس ما سبق من تعريف المشهور انه ما يفهمه الجميع بل الظهور ما لدى العلوم اللغوية التي يحمله الجميع لا المدار فيه على قدرة الجميع. بعض أنواع الظهور لا يدركه الا المعصوم : ﴿ان في ذلك لآيات للمتوسمين﴾ علم التوسم علم قسم منه بشري وقسم منه وحياني وقسم من علم التوسم من لحن الكلام وما يتكلم يقرأ شخصية هذا المتكلم تماما ولتعرفنهم في لحن القول. ولو ان عند النبي أسباب عديدة لكن احد أسباب المعرفة لحن الكلام والمرأ مخبوء تحت لسانه.

الان في علوم الروح وعلوم النفس وعلوم الاستخبارات يدرسون من كلام واحد شخصية الشخص تماما. فكيف بك بالوحي.

احد تلامذة السيد الخوئي كان عنده القدرة الوهبية هذه ويستطيع من الكلام يقرأ ملف الشخص من صغره الى مماته. طبعا هذا المقدار والأكثر ما عنده. شبيه العلوم الحديثة يعرفون شجاعة هذا الشخص وجبنه وعلمه و عصبيته ويدرسون شخصيته. وبعضهم يدرس شخصية الشخص من خلال كتابته ويفهم اخلاقه من طريقة كتابته. وعلوم عديدة في هذا المجال.

هذا طبعا ليس شأن العلوم العربية فقط بل منتدى النقد العربي ومتندى النقاد الادبي وهذا كان في زمن الجاهلية وبحث المعلقات وانما هي بسبب لجنة النقد الادبي في أيام منى في سوق عكاظ. الناقد قد يفهم من المتكلم البليغ ما لا يفهمه نفس المتكلم البليغ. مع ان المتكلم بليغا. ذاك يفهم اجمالا وذاك يفهم تفصيلا.

هذه نكتة لطيفة ان الادب وكل العلوم على نطمين. علم تحليل وعلم اجمالي. زمخشري ليس اديبا وليس لغة الام لديه العربية وكان من سمرقند ولكن عنده قدرة لتحليل الكلام العربي. وامثاله وكثير من علماء الادب من غير أبناء العربي لان عندهم القدرة التحليلية. نعم هذا الذي عنده ارتكاز قد يحدث بالسرعة لذلك الذي غير عربي عنده كثيرا ما قدرة على تحليل الكلام العربي اكثر من العربي وهذا في كل اللغات. سيما في الاستظهار مما يعتني الفقيه او المفسر والمتكلم العلم التحليلي من العلم الإجمالي الارتكازي. بحوث كثيرة لا نريد ان ندخل فيه.

اجمالا الصحيح في تعريف الظهور وسعة الظهور انها غير مرهونة بقدرة المتكلم وقدرة السامع وقدرة العرف وانما هي مرهونة بنظام قواعد اللغة ليس الا. وسيرة الفقهاء كان هكذا. قرون مرت على هذه الجملة المعادلة «لا تنقض اليقين بالشك» استنبطوا منها ما لم يستنبطه القدماء الى القرن العاشر واستنبطه منه ا مور كثيرة. وهذا امر موجود ومتعارف.

اذا كان هكذا اذا الواجب الأصلي والتبعي على درجات في المعنى الثاني الثبوتي وليس على درجة واحدة. وهذه كله في البحث الواجب الأصلي والتبعي.

بعد ذلك صاحب الكفاية يتعرض الى مقتضى الأصل العمي ثم يتعرض لادلة القائلين بالوجوب الشرعي للمقدمة ثم يتعرض الى المقدمة المستحبة والمكروهة ثم المقدمة المحرمة وينتهي مبحث المقدمة.

اما بالنسبة الى الأصل العملي فيذكر صاحب الكفاية ان اصالة العدم لا تجري في هذه المسألة. لان الملازمة بين وجوب المقدمة وذي المقدمة هي ملازمة ازلية. اما موجودة او غير موجودة. فليس هناك حالة سابقة لعدم وجودها ثم وجدت.

هذه نكتة لطيفة انه ماهي المسائل الازلية التي لا سابق لها. يبحثون فيه في علم الأصول والفقه والكلام وسوف نتعرض اليها