45/03/24
كان الكلام في الواجب الأصلي والواجب التبعي ومر ان لهما تعريف ثبوتي ولهما تعريف اثباتي.
التعريف الثبوتي ما كانت إرادة المقنن او المشرع متوجهة الى الحكم والانشاء والمنشأ فيقال الأصلي واما اذا كانت الإرادة غير متوجهة اليه فيكون تبعيا فهذا اذا تعريف ثبوتي لهما.
مر بنا انه على هذا التعريف الأصلي متفاوت في الاصالة والتبعي متفاوت في التبعية لان الالتفات درجات تفصيلا وإبهاما والتبعي أيضا متفاوت في عدم الالتفات يعني عدم الالتفات التفصيلي وان كان هناك التفات ارتكازي ويسمى اجمالي وهذا مبحث جدا مهم.
مثلا ليس من الضروري في انشاء الوجوب او المنشأ ان يكون المشرع او المقنن يلتفت التفاتا تفصيليا بل يكفي ان يلتفت التفاتا اجماليا. شبيه المقنن في القوانين الدستورية لم يلتفت التفاتا تفصيليا في الاحكام تفصيليا منشئبة في القوانين البلديات او الوزارات لكن المقنن ملتفت بنحو كلي اجمالي الى مجموعة القوانين.
ومن ثم نستطيع ان نعرّف الخاص بتعريف آخر ان الخاص عبارة عن انشائات تفصيلية متولدة من انشائات كلية فوقية. العمومات هي انشائات عامة وطبعا هي عكس ما يقال في التعريف ان الواجب الأصلي هو الذي يتم الانشاء فيه بنحو اجمالي يعني العموم الإجمالي والواجب التبعي على خلافه والاصلية والتبعية وصفان اضافيان نسبيان والا العموم هو المتأصل في التشريع والاحكام التفصيلية ليست متأصلة في التشريع بل تبعية ثبوتا حتى التبعية اثباتا.
على كل نظام العام والخاص وطبقات العموم وطبقات الخصوص يجب إعادة تعريفها خلاف متاخري الاعصار او مطابقا لما عرفها المتقدمون. هذه النكات جدا مهمة يجب ان نلتفت اليه.
من ثم جملة من العمومات والتشريعات العامة في الطبقات الفوقية جدا قد ينظر اليها متاخروا الاعصار انها من قبيل فلسفات التشريع وغايات المقاصد وفقه المقاصد. لكن بناء على مدرسة أصول القانون هذه التشريعات تشريعات قانونية وليست من باب المعارف في الفلسفات التشريع ليست الا. بل هي تشريعات.
نعم نحن لا نتوافق مع مدرسة فقه المقاصد او مدرسة روح الشريعة ومذاق الشريعة التي يلتزم به علماء الامامية بل نلتزم مدرسة ثالثة وهي مدرسة أصول القانون لان في مدرسة أصول القانون يتم بيان طبقات القانون ومنظومة القانون ونظام القانون وكل علاقة منظمة وفق الموازين والضوابط. امتيازات كثيرة لمدرسة أصول القانون عن مدرسة فقه المقاصد او مدرسة روح الشريعة وان كان هاتان المدرستان لهما إيجابيات كثيرة.
مثلا «خلق لكم ما في الأرض جميعا» تعتبر هذه من القوانين الدستورية الفوقية وكذلك كثير من الايات التي لم يدرجها الاصحاب في آيات الاحكام الخمسمأة وربما تزيد على هذا البيان الى الفين آية في آيات الاحكام. فالصحيح ان القانون طبقات والتشريع والتقنين اصلي وتبعي والاصلي طبقات ودرجات والتبعي درجات وليس درجة واحدة.
هناك نكتة أخرى في قواعد أصول القانون غير الذي مر بنا امس قاعدتان او ثلاث. قاعدة أخرى جدا نفيسة في مدرسة أصول القانون وهي انها طبيعة طبقات القانون تختلف في دورها القانوني والوظيفي القانوني. طبقات القانون تختلف في الوظيفة القانونية لها والأداء القانوني عن الطبقات الأخرى.
مثلا القانون الدستوري ليس من ثماره ان يعطى لآحاد المواطنين بل هو لا يعطى الى الوزارات ولا يسمح للوزارات ان يستولدوا او يستؤدوا او يقننوا منه القوانين وانما هذا حكر على القوانين البرلمانية فلاحظ القانون الدستوري قانون ولكنه احد ثمراته المهمة ان المقنن والمشرع البرلماني والذي طبقته في التشريع يختلف عن المقنن الدستوري نظامه وناظمه القوانين الدستورية. فلها دور قانوني لكن دور قانوني لا يعطي كثير من المتاخري الاعصار ان الحكم الاستنباطي هو الذي يعطى الى المكلف العامي. هذا ليس ضابطة الاستنباط والحكم.
نفس علماء الاعلام في اول القطع ذكروا ان الاحكام الشرعية في علم الأصول لا يخاطب عموم المكلفين انما يخاطب بها الفقهاء. الان هل يخاطب بها الفقهاء بالوكالة او بدون الوكالة؟ معذرة ذكروا هذا المثال مثل خطابات الحيض والاستحاضة والنفاسة نظام طبقات العموم والعمومات المتدرجة والمعقدة في الاستحاضة والنفاس وكثير من الاعلام يرون باب النفاس والاستحاضة والحيض دوخة صعبة وقواعدها صعبة لكن بالعكس سهل قواعد رياضية لكن عموم المكلفات لا يلتفتون الى الخطابات كل طهر كذا واقل الطهر واكثر الطهر قواعد لم يخاطب بها المكلفات بل خوطب بها المجتهد والفقيه او الفقيهات. اذا مع انه احكام شرعية وقواعد فقهية او أصولية لا يخاطب بها عموم المكلفين. مثل لا تنقض اليقين بالشك. لان دورهم وظيفي وقانوني خاص.
لاحظوا مبحث ان المكلف اذا التفت اما ان يظن او يشك او يقطع هناك الاعلام جلهم ذكروا هذا المبحث ان الاحكام الشرعية ليس يخاطب بها كل آحاد المكلفين من عموم الناس. بعض القوانين لا يخاطب بها الا الفقهاء وبعض القوانين لا يخاطب بها الا افقه الفقهاء وبعض القوانين لا يخاطب بها الائمة وبعض القوانين لايخاطب بها الا سيد الرسل وهلم جرا مع انها قوانين. وهذا معنى ضرورة الولاية التشريعية للنبي وضرورة الولاية التشريعية للائمة علیهمالسلام لان طبيعة القوانين طبقات. فرائض الله هي العليا وبعدها يأتي دور النبي في التشريع وبعده دور الأئمة. طبيعة التشريع طبقات والفقهاء لا يستطيعون ان يستفيدوا حاق الاحكام من تشريعات الله فقط او تشريعات الرسول بل لابد من وساطة جعفر بن محمد الصادق والائمة علیهمالسلام. لذلك بعد رحيل رسول الله الامة اضطرت الى الرجوع الى اوصياء النبي من اميرالمؤمنين وفاطمة والحسن والحسين علیهمالسلام الى الامام الجواد والحسن العسكري علیهمالسلام وبعض الاحكام ضلت معطلة الى زمان الجواد مثل قطع اليد من اين. ما كانوا يقدرون ان يستنبطونها من تشريعات الله في الحدود. حتى جاء الجواد علیهالسلام وبينها بدلائل لم تكن الامة تستطيع. اذا طبيعة نظام القوانين طبقات ووظيفة كل طبقة قانونية تختلف عن الطبقة الأخرى.
نحن لا نوافق المشهور الذين يقولون ان ايات الاحكام هي التي معها تماس مع عموم العوام. هذا التعريف ليس بصحيح. سبق ان مر بنا بعض الفقهاء فحول في الطبقة النازلة من الاستبناط وهي ما يرتبط بعموم العوام وبعض الفقهاء فحول في الطبقة المتوسطة. مثلا الاعلام الثلاثة النائيني و الكمباني والعراقي معروف انهم في الطبقات المتوسطة القواعد الأصولية وجذر القواعد الفقهية جدا كانوا أقوياء وتلاميذهم جلهم عيال عليهم. لا أقول من باب التعصب لانهم لم يؤسسوا كثيرا في الطبقات المتوسطة وانما استمسكوا لهولاء الثلاثة. لكن في الطبقات النازلة ابدائات قليلة عند الثلاثة لكن عند تلاميذهم ابدائات كثيرة. طبيعة الاستنباط درجات وطبقات. يعني ان المرحوم الكمباني تعطي القواعد الفوقية جدا قوي لكن في الطبقات النازلة محشي العروة اقوى. كل واحد شمة عنده. المقصود هذه النكات جدا مهمة.
قد يكون الانسان اعلم في الطبقات المتوسطة لكن في الطبقات النازلة ليس. فيه اعلم في الطبقات النازلة لكن ليس اعلم في الطبقات المتوسطة فضلا عن الطبقات العليا. وهذا ليس في علم الفقه فقط وعلم الأصول بل في العلوم التجربية والرياضيات وكل العلوم.
اذا نكتة قاعدة سبق ان اشرنا اليها ان الطبقة القانونية لكل قانون لها أداء وظيفي قانوني يختلف عن الطبقات التي فوقها وتحتها ويجب ان نلتفت اليها.
من ثم بحث الاستنباط وضوابط الاستنباط من الخطأ ان نجعله في الطبقات النازلة بل كل الطبقات استنباط واجتهاد وتتنسق وتترتب بحسب مهارة الفقهاء والمجتهدين. حتى في علم الكلام أيضا هكذا.
يعني كما عندنا أبواب عرضية يتفاوت الفقهاء والمجتهدون في القوة والضعف فيها كذلك عندنا طبقات طولية يتفاوت غالبا المجتهدون في القوة والضعف فيها. فهذا مبحث لطيف. اذا مبحث الواجب الأصلي والتبعي بمعناها الثبوتي من بحوث أصول القانون بامتياز وجدا مهم. هذا هو المعنى الثبوتي للواجب الأصلي والتبعي ونكتة جدا مهمة وتقسيم جدا مهم خلافا للسيد الخوئي
اما المعنى الاثباتي لهما فهو أيضا مهم لانه يعين لك منهج الاستنباط. ثبت العرش ثم انقش. لابد ان نعرف المناهج كلها. المقصود ما هو المعنى الاثباتي؟ اليقظة للمنهج اهم من الخوض والسير في المنهج من دون التفات الى اصل المنهج مثل من يسير في الطريق ولا يعرف من اين والى اين.
المعنى الاثباتي للواجب الأصلي والتبعي عرف ان الأصلي ما كانت الدلالة مطابقية والتبعي ما كانت الدلالة التزامية. فاذا المدلول والدلالة التبعية او الالتزامية هي التي لا يتكون عدسة الدلالة وعدسة تصوير الدلالة مركزة عليها بخلاف المدلول والدلالة المطابقية عدسة الدلالة تركز عليها. هذا بالنسبة الى الدلالة المطابقية والالتزامية.
طبعا ربما المدلول الالتزامي هو متقدم رتبة على المدلول المطابقي كما مر بنا في بحث البيع ان «اوفوا بالعقود» دالة على اللزوم مطابقة ولكن نفس هذه الدلالة مدلولها الالتزامي صحة العقود الا ما اخرجه الدليل. فمن أوسع العمومات دلالة على صحة العقود حتى العقود المستجدة بناء على المبنى الصحيح وطبعا هذا من المباحث التي اثاره محشوا العروة. من بحث الاجارة الى بحث الوصية جدا دسمة وتثقل الملكة الاجتهادية الصناعية في باب المعاملات للفضلا فعليهم بالمباحثة فيها. المقصود هناك الاعلام سواء في متن العروة او المحشين عندهم جدلية هل العقود المستحدثة تشملها العمومات ان لم تخالف القوانين العامة ام لا. بحث مهم وحساس. فمن احد العمومات التي يمكن ان يركن اليها هي اوفوا بالعقود. للتصحيح قبل اللزوم.
اعترف الاعلام ان «اوفوا بالعقود» مفاده المطابقي لزوم ومفاده الالتزامي هو الصحة والصحة مدلول متقدم رتبة على اللزوم فهنا المدلول الالتزامي متقدم رتبة ثبوتا على مفاد اللزوم وان كان دلالة مفاد الصحة متاخرا وليس من الضروري ان يكون المتاخر دلالة متاخرا ثبوتا بل قد يكون على العكس.
المهم ان الدلالة كالتصوير في انعكاس المدلول وانعكال الانشاء فتركز على شيء في عدسة الدلالة لكن ما يكون في هامش الدلالة اهم من مركز الدلالة. فما يكون في الهامش يعبر عنه بالدلالة الالتزامية.
الدلالة التضمنية يعني ان المطابقي فيه المضامين مطوية فيه وهذه يعبر عنه أيضا الدلالة التضمنية والدلالة الالتزامية بالمعنى الاعم. مثل ان الكامرا والعدسة يركز على شخص. اذا نركز على بعض أعضائه دلالة تضمنية واجمال مجموع صورته مطابقية.
فيه لغط عند علماء البلاغة او علماء النحو او الصرف او الاشتقاق او علماء العلوم العربية عموما وكذلك كعند علماء الأصول ان الدلالة وهي الظهور الى أي درجة سعة دائرة الظهور تكون حجة؟ أي سعة من الظهور هو الحجة؟ لان الدلالة الالتزامية فيها خفاء. اذا تلاحظون علم البيان وعلم المعاني في المطول المتروك دراسته او مختصر المعاني فنون الدلالة في علم المعاني عن فنون الدلالة في علم البيان ما الفارق الصناعي بين نظام الدلالة في علم المعاني ونظام الدلالة وعلم الدلالة في علم البيان؟ لسنا في صدده. هذا مبحث صناعي جدا مهم في علم الأصول وعلم الكلام وعلم التفسير والاجتهاد والاستنباط. ما الفارق الصناعي بين الدلالة في علم المعاني وعلم البيان؟ فنون الدلالة سواء في علم المعاني او في علم البيان بعض الدلالات لا يقف عليها ولا يدركها ولا يلتفت اليها الا اوحدي الادباء او اوحدي المفسرين. وربما أجيال بعده تأتي ويستصعبون فهم ما وقف هو عليه. هل دائرة الظهور بهذه السعة حجة ام لا؟ مبحث عمود فقري ونخاع شوكي أساس في مبحث حجية الظهور. الفقيه الذي يستطيع ان ينقح هذا المبحث يؤثر على منهجه في كل العلوم الدينية في علم التفسير بالذات وعلم الفقه وعلوم عديدة دينية انه ما هي ضابطة نظام الظهور. يعني كل ما نقول من تاثيرات هذا المبحث قليلة. هذا المبحث حساس الى الغاية الإخفاق فيه يخفقه في متاهات منهجية عجيبة وهذا من البحوث الجحفلية والقواعد الدستورية في علم الأصول ومن غبن فيه مغبون مغبون ومن استبصر فيه بصير بصير. الان لست في صدد الخوض فيه ونكمه اجمالا غدا. حتى ان البعض مثل السيد الخوئي والنائيني واستاذنا السيد الروحاني يقولون ان اخطر مبحث في علم الأصول هو هذا المبحث مبحث الظهور لانه يؤثر على كل العلوم الدينية.