45/03/23
الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث الأوامر/ الواجب الأصلي والواجب التبعي
كان الكلام في الواجب الأصلي والتبعي وذكر الاعلام لهما تعريفان، تعريف ثبوتي وتعريف اثباتي. الثبوتي هو الواجب الأصلي هو ما تتعلق به الإرادة ويلتفت اليه المتكلم او المقنن او المشرع والتبعي ثبوتا هو ما لا يلتفت اليه.
ومر أيضا الإرادة الكلية والإرادة الجزئية وان الإرادة الكلية على درجات وليست على درجة واحدة. يعني الالتفات على درجات والتفصيل على درجات والاجمال على درجات وليس على درجة واحدة. فما ذكره السيد الخوئي ان الواجب النفسي لايمكن ان يندرج في الواجب التبعي في التعريف الثبوتي بل لابد ان يندرج فقط وحصرا في الواجب الأصلي هذا يمكن التأمل فيه لان الالتفات والإرادة درجات وليس على درجة واحدة. وبعض درجات التبعي يمكن تصوير ان الواجب النفسي لا يلتفت اليه بدرجة معينة وان كان يلتفت اليه بدرجة معينة لان الالتفات درجات والإرادة التفصيلية والاجمالية درجات فحصر الواجب النفسي في الواجب الأصلي ثبوتا محل تأمل كبير.
وخلافا لدعوى السيد الخوئي رحمة الله عليه من ان هذا التقسيم للواجب ليس له ثمرة، اتفاقا له بالغ الثمرة كما سيظهر. ممشى السيد الخوئي في الموارد التي ليس فيها بحث تحليلي او بحوث تحليلية وكثيرا ما مشيه مشي جمودي على دلالات الروايات في الاستنباط. نحن اصغر من ان نبدي ملاحظة على كلام السيد الخوئي لكن العلم يفسح المجال للنقاش في هذا المجال. مثلا أتذكر استفتاء من السيد الخوئي انه سئل عن بعض مصاديق الشعائر قال: لا تعد شعائر لانه لم يرد فيها نص. هذا يعني النص الخاص. طبعا ليست السيد الخوئي في صدد المشروعية ولم يمنع المشروعية بل منع عنوان الشعيرية. لكن مع ذلك نقول انه حتى عنوان الشعيرية لماذا صدق عنوان الشعيرية مرهون بالنص الخاص؟ هو في فتوى أخرى في مورد اخر يبني على عدم وجود النص الخاص ويقول هو من اعظم الشعائر. وهذا هو الصحيح طبعا. حول الشهادة الثالثة في الاذان ويتبنى ان النص ما موجود كما هو مبنى المتاخرين. طبعا منصوصة لان الصدوق روى متون طوائف ثلاث في الشهادة الثلاثة ولم يكتم الصدوق متون روايات الشهادة الثالثة. تعبير المجلسي الأول ان الاكابر لم يتدبروا في كلام الصدوق والحال ان الصدوق ذكر الروايات ومتون الروايات. لا انه لم يروها. حذف اسانيدها ومصادرها اما متونها رواها بنحو مرسل. ففرق بين ان نقول هذه الروايات لم تصل الينا او نقول اسانيدها لم تصل الينا. الصدوق رواها ومرسلة. هذا من حيث علم الحديث وعلم الدراية صناعيا خطأ ان نقول لم تصل الينا. فمؤاخذة المجلسي الأول على جيل الطبقات انه تسرعوا في تنقيح مواد المسألة في محله نتيجة السرعة والعجلة والا الصدوق روى لكن رواها مرسلة وفرق ان نقول لم يروها. زيادة على ذلك السيد المرتضى روى متنا رابعا كان تؤذن به في الدولة الحمدانية في الموصل. «ان محمد وعلي خير البشر» يقرأ في الحمدانيين في الحلب والموصل واكثر من مأة عام طال دولة وكان الفيلسوف الكبير الفارابي مقربا في الدولة الحمدانية وهذه الدولة كان معاصرا للدولة البويهية وهذه الدولة أيضا كانت اثناعشرية. فاربع متون رويت لنا في الشهادة الثالثة وليست متنا واحدا.
انظر التأني في صناعة علم الحديث. لازم ان نفتح كتاب الفقيه والتهذيب والتدقيق فيه وهذه ضرورة في صناعة علم الحديث. علاوة ان الصدوق يذكر الروايات يقول ان هذه الثلاث روايات كل منها طائفة من الروايات وليست رواية.
المجلسي الاولي رغم تدقيقه قال ان الثالثة طائفة وانا رأيت انها ثلاث طوائف في كلام الصدوق وليس روايات. التأمل في كلمات الفقهاء القدماء ومتونهم امر بالغ الأهمية ربما اكابر ونجوم عندنا في المذهب يصير عندهم غفلة لان العصمة لاهلها. البحث العلمي ليس فيه مجاملات بل فيه التدقيق. الاحترام على حاله لعظماء المذهب لكن الندقيق شيء آخر.
المهم السيد الخوئي يتبنى في الشهادة الثالثة انه لا نص في البين رغم انه لا نص في البين يذهب الى ان الشهادة الثالثة في الاذان والإقامة من اعظم شعائر المذهب كما يذهب اليه السيد محسن الحكيم في المستمسك. طبعا كيف تخريجها الصناعي يراد لها الصناعة وكثير ممن يبلغ الاجتهاد لا يقدر على التخريج الصناعي. التخريج الصناعي بغض النظر عن الشهادة الثالثة يحتاج الى الصناعة القوية.
على كل هنا السيد الخوئي اثبت ان الشهادة الثالثة من الشعائر رغم انه ليس فيه نص خاص لكنه في فتوى أخرى غفل رحمة الله عليه. المقصود ان الشعائر مرهونة للنص الخاص او النص العام؟ طبعا في فتوى ثالثة عظيمة من السيد الخوئي باللغة الفارسية يذكر فيها ان الشعائر الحسينية من اركان الدين ويستدل على ان الشعائر الحسينية من اركان الدين بأربعة ادلة وفتواه موجودة. المقصود المطلب شيء آخر وبحث الشعائر مثال. البحث الأصلي هو انه هل المشروعية او التشريع لشيء مرهون بالنص الخاص او لا ان التشريع ينبثق من النص العام؟
في علم القانون الوضعي ان اصل التشريع لابد ان ينطلق من النص العام والنص الخاص كاشف وليس أصلا. لطيف عندهم ان النصوص الخاصة والتشريعات الخاصة ليست في علم القانون ومر بنا انه كبحث تصوري لا يتغاير القانون البشري مع القانون السماوي في اللغة التصورية في القانون لان الشارع يتخاطب مع البشرية بلغة علمية من اللغات غير اللغة اللسانية وهي لغة القانون وهي موجودة سواء من الشرائع السابقة او الملل السابقة فعلم القانون في نفسه كتصور موجود قبل بعثة سيد الرسل وهذه نكات مهمة في علم القانون والمفروض تركيز عليه في علم الأصول اكثر من المسائل الأخرى. مسائل ام اكثر أهمية من المسائل الفرعية وان كانت لكل أهمية بدرجة لكنها لا تعدل المسائل الام. وهذا ما لا نجده في كثير من استدلالات السيد الخوئي. في باب البيع وباب الصلاة تحليلات فوقية موجودة من السيد الخوئي لكن في أبواب أخرى يجمد على النص الخاص والحال ان التشريع ليس أساسه واصالته في النص الخاص. اصل التشريع في علم القانون مرهون من النص العام. هذه نكتة جدا مهمة ف يعلم القانون وعلم الأصول وعلم الفقه والعلوم الدينية عموما. اصل التشريع متاصل في النص العام والنصوص الخاصة مرت بنا مرارا انها عند القدماء عبارة من معالجة من المقنن بين عدة عمومات بتركيب وتوليف معين يبرزها المقنن بقالب النص الخاص.
نكتة أخرى أصولية محال ان يكون النص الخاص تشريعه مبتور تماما عن كل العمومات الفوقية وهذا ما لا يلتفت اليه المتاخروا الأصوليين بخلاف المتقدمين. ما عندنا نص خاص واصلا ما معقول ان يكون النص الخاص يشرع ويقننه المقنن مبتورا تماما كانما تشريع ابتدائي من أساسه ومحال. نص خاص يشرع في ظاهر قالب النص كانما تشريع ابتدائي من الأساس لكن اذا تدقق ترى ان هذا النص الخاص فحواه الماهوي يرجع الى مجموعة معجون عمومات أخرى مقدمة على هذا العام الذي يخصص بالخاص. لا ان هذا الخاص مبتدأ وممتنع ان يكون نص خاص في علم القانون مبتدأ. اذا أساس كل خاص في التشريع هو العمومات. من ثم القدماء يحرصون على التشريح وعلم التحليل والتركيب في النص الخاص ان هذا النص الخاص اصله من اين. بينما اذا يغلب على الاستدلال جمود على خصوصيات النص ونصوصية الخاص فيه تأمل. مر بنا في الواجب الأصلي والتبعي ان العموم درجات والإرادة درجات وليست درجة واحدة< يعني ان المقنن يلتفت او لا يلتفت؟ يريد او لا يريد هذه درجات. يعني اذا كان العام فوقيا جدا. هم الاصوليون المتاخريون نقحوا هذا النظام نظام طبقات العموم. المتاخرون في مأة سنة شيدوا هذا النظام يعبرون عنها درجات العموم في كل باب ينقحون درجة العموم الفوقاني والعموم بالدرجة الاثنين وهو نازل اضيق من العموم الدرجة الأولى وكذلك العموم الدرجة الثالثة اضيق من الثانية والرابعة اضيق فاضيق. فيدارجون ويدرجون العموم بحسب دائرة العموم ضيقا وسعة. ففي الحقيقة العام الثاني كالخاص بالنسبة الى العام الفوقي لكنه بالنسبة الى المسألة كالعام. هذه هندسة في كل باب شيدها المتاخرون ونعم التشييد ونظام مهم. فالعموم درجات.
السيد محمد باقر الصدر يحاول يراعي هذه النظام في أبواب الطهارة كثيرا وهو ينقحه اكثر. لماذا يلاحظون درجات العموم بالتالي يقرون الاصوليون المتاخرون في هذا العصر ان كل هذه العموم طبقاته مرتبطة بهذه المسألة الجزئية الخاصة. يمكن ان تكون هذه المسألة الخاصة مرتبطة بخمسة او ستة من الطبقات من العموم. حسب كل باب وكل فصل.
فالعموم اذا درجات واصل التشريع كلما صعد العموم فوقا وسعة هو اكثر اصالة في التشريع والتقنين. وكلما نزل العموم درجة كان من المواليد وليس من الآباء. فالمتأصل في التشريع كلما ازداد العموم فوقية فهواصل في التشريع . في علم القانون الوضعي الان القانون الدستوري هو الأصل. لماذا صناعية كصناعة أصول القانون؟ باعتبار ان القوانين الدستورية اعم والقوانين البرلمانية منشعبة من القوانين الدستورية كما ان القوانين الوزارية في تأصلها ليست كالقوانين البرلمانية. والقوانين البلدية مواليد المواليد. اذا هذه ضابطة هندسية لا غبار عليها ان المتاصل في التشريع هو النص العام والمشرعية مرهونة بالعام لا بالخاص. لا تطالبني بالنص الخاص. الأصولي يذهب الى أصول التشريع لا الى النصوص الخاصة. وعجيب في الفضاء العلمي زيارة الأربعين مع ان النصوص الخاصة موجودة يقولون ان النص العام لا يفيد. أصلا النص الخاص من دون ان تحلل اصله لا يفيد. اذا لا يرجع الى فوقه واصله وآباءه لا يفيد. الأصل للاباء والاجداد. فالنص الخاص ليس أصلا في التشريع.
قاعدة ثانية ان النص الخاص معجون تركيبي من العمومات مقدمة على النص الخاص. محال ان يكون النص الخاص تشريعا مبتدأ. في علم القانون ممتنع ان يكون النص الخاص أساس التشريع. لابد ان يكون معجونا. القاعدة الثانية وليدة القاعدة الأولى ومن القواعد العظيمة في أصول القانون.
فترة من الفترات من زمن المحقق الحلي الى ان وصلت الى الميرزا الصغير والشيخ الانصاري ان هذا الامر تقصده بالخصوص او تقصده بالعموم؟ اذا تقصده بالخصوص والامر الخاص والنص الخاص والدليل الخاص ولم يرد فيه نص خاص يكون بدعة وتشريع. واما اذا تقصده بالعموم وورد فيه العموم لم يكن بدعة. الان بده المبنى ويصير فيه كساد. المبنى تأتي بالشيء بقصد الورود يقصدون الامر الخاص والنص الخاص والدليل الخاص واذا لم يرد فيه دليل خاص معتبر وتقصد نية الورود فبدعة وتشريع. العمل ما فيه اشكال لان العموم يدل عليه. ليس اشكالهم بدعية العمل بل اشكالهم بدعية القصد ان ا لمدار في قصد الورود او الامر الخاص ان يرد النص الخاص والامر الخاص. من ثم بدت التدقيقات من المحقق الحلي الى العلامة الحلي والشهيدين والمقدس الاردبيلي وصاحب العروة والشيخ الانصاري والنائيني ومحشي العروة انه تأتي بالشيء بقصد الورود ومقصودهم من قصد الورود النص الخاص وهذا يعتمد على النص الخاص. الاشكال في القصد لا العمل. العمل اذا ورد فيه العموم ما فيه اشكال. فتوى السيد الخوئي التي نقلتها في البداية ان هذه الشعيرة لم ينقل فيها نص خاص. التدقيق من هذه الجهة انه بقصد الورود او عدم قصد الورود.
في قباله مبنى امتن واصح لازم ان نشرحها تبناها الشيخ جعفر كاشف الغطاء في تشهد الصلاة وتبناه بحر العلوم في منظومته الفقهية لكن ما ادري من تأثر بمن. قالوا ان قصد الورود ليس تابعا للامر الخاص. تابع العلمين تلميذ العلمين صاحب الجواهر. انه قال قصد الورود والامر الوارد و التشريع ليست مرهونة بالامر الخاص والامر العام. تأتي بشيء بقصد الورود وان لم يرد فيه امر خاص. وان لم يكن عليه دليل خاص مع ذلك يشرع لك ان تقصد الامر الوارد. باي دليل؟ هنا فذلكة موجودة عند هذين الجهبذين وهذه الفذلكة هي ما مرت بنا من القاعدة وسنوضحه ان شاء ا لله
المقصود هذا البحث الواجب الأصلي والتبيع الذي ذكر السيد الخوئي لا فائدة فيه، فيه فائدة عظيمة منهجية اذا يتأمل فيه الانسان يتبدل عنده الاستنباط على خلاف دعوى السيد الخوئي.
الواجب التبعي مشروع والواجب الأصلي أيضا مشروع والمشروعية لا تنحصر بالاصلي بل تعم التبعي الثبوتي. اذا المجتهد والمستنبط حصر الاستنباط بالاصلي واويلاه في الاستنباط. لا سيما ان الأصلي درجات والتبعي درجات. هذا في المعنى الثبوتي فضلا عن المعنى الاثباتي. الان كثير من التسطيح في المنهج الاستنباطي الاجتهادي بنحو حشوي قشري سطحي جمودي. نعم يجب ان يكون الاستنباط بموازين وشواهد لكن هذا لا يعني السطحية والجمودية.
الدليل العام اعظم من الدليل الخاص على الامامة. هذا مسلك الوهابية يريدون الدليل الخاص والحال ان الدليل العام اعظم من الدليل الخاص.