45/03/22
الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث الأوامر/ اقسام الواجب
كنا في بحث ثمرات وجوب المقدمة وظاهرا انتهينا من الثمرات التي ذكرها الاعلام وحسب تسلسل صاحب الكفاية وصل بنا بحث الواجب الأصلي والتبعي وعرف بتعريفين. التعريف الثبوتي والتعريف الاثباتي.
التعريف الثبوتي ما تتعلق به الإرادة والتفت اليه تفصيلا فهذا هو الواجب الأصلي وما لا تتعلق به الإرادة تفصيلا بل تتعلق به الإرادة ارتكازا فيكون واجبا او وجوبا تبعيا.
مصطلح موجود في الفلسفة والعقليات: لدينا إرادة كلية مثل الذهاب من النجف الى كربلاء ويعبرون عنه الإرادة الكلية والمقصود من الكلية ليس الكلية في المنطق بل مقصودهم يعني ذات سعة خارجية فيعبرون عنه الكلية. مثلا كلية الموجودات في السماء الأولى فيعبرون عنه الكلي السعي وليس الكلي المنطقي. هذا اصلاح في مقابل الجزئي يعني المحدود والضيق. لان الكلي له اصطلاحات في مقابل اصطلاحات الجزئي.
فلما يقرر الإرادة الكلية يعني إرادة ذات سعة. يعني هذه الإرادة من النجف الى كربلا تتولد منها ارادات جزئية محدودة ضيقة مثل هذه الخطوة وتلك الخطوة فالارادة الكلية بمعنى ذات سعة تتولد منها ارادات جزئية يعني المحدودة وكلية بمعنى ذات سعة. فارادة تكوينية للإنسان او الإرادة الإلهية يفيد في بحث القضاء والقدر بحوث مهمة كلية والسعة ان الدعاء والصدقة يحجب القضاء المبرم. على صعيد الإرادة الكلية مبرم لكن على صعيد الإرادة الجزئية والتحديد والجزئية ليست مبرما. ان البداء في المحتوم بلحاظ الإرادة الكلية لكن بلحاظ الإرادة الجزئية ما امضي بعد. مثل العلامات الخمس لظهور صاحب الزمان انها من المحتوم قال علیهالسلام وفيها البداء. اذا قام المؤمنون بمسئوليات يمكن ان يبعدون السفياني في بدء نطفته حسب تحمل المؤمنين في المسؤوليات.
فالارادة فيها الكلية وفيها الجزئية في البداء وهذا يفيد في بحث القضاء والقدر والبحوث العقليات. فهنا الكلية بمعنى السعة وليس بمعنى المنطقي الذهني. فالكلي يستخدم بمعنى عديدة في العلوم العديدة حتى في العلوم الحديثة هكذا. ليس الكلي بمعنى القابل للانطباق على مصاديق كثيرة فقط. بل لها معاني متعددة.
هنا الواجب الأصلي والتبعي يعني يمكن ان يراد الشيء في ضمن الإرادة الكلية فما يلتفت اليه تفصيلا يعني ما يلتفت اليه بنحو منفرد ومنحاذ عن إرادة الأمور الأخرى. شبيه أجزاء المركب. انها تراد نفسيا لكنها واجب نفسي او واجب بالوجوب النفسي الضمني وليس منفردا. هذا التفصيل والاجمال درجات وليس درجة واحدة. لان سعة الإرادة الكلية والالتفات الكلي درجات وليس درجة واحدة. والا مثلا اذا اردنا كل خطوة أيضا فيه تفاصيل وفيه تفاصيل التفاصيل. هذه التفاصيل الكثيرة المنشعبة عن بعضها البعض كثيرا ما الانسان لا يلتفت اليه تفصيلا بل يلتفت اليه اجمالا وهذا يكفي في ايجاده. فاذا التفات الانسان بالنسبة الى الأنبياء والاولياء او من يمثل الإرادة التشريعية لله تعالى ان الالتفات ليس فقط قسمان بل في الحقيقة على اقسام لان الاجمال والتفصيل على درجات وليس على درجة واحدة. قد يكون متوغل في الابهام لكن مع ذلك مراد. هذا البحث لماذا يثار؟ ولو ان السيد الخوئي يقول لا ثمرة له لكن له ثمرة.
دعوني اذكر القسم الثاني من تعريف الواجب التبعي والواجب الأصلي. هذا الذي مر بنا هو التعريف الثبوتي له. انه على درجات وفيه تبعية جدا مبهمة ويلتفت اليه المريد من بعيد او ضمن مآت او الوف الخيارات. لكن يلتفت اليه اجمالا.
فايضا التبعية والاصلية على درجات وليس على درجة واحدة. وهذا يفيد. مثلا في العلوم التي يوحيها الله الى سيد الأنبياء حسب بيانات اهل البيت ان الله يوحي الى النبي جمل العلم والمقصود من الجمل هو هذا العلم يعني الأمور الكلي السعي. بنو امية سيحكمون هذا امر كلي. لكن متى سيحكمون والى كم سنة وتفاصيل أخرى. ان الله يوحي الى نبيه جمل العلم ثم يوحي اليه في كل سنة التفاصيل. مثل ان الله ينبأ النبي يونس ان قومك سيصيبهم العذاب. ان الله اخباره على حاله لكن التفاصيل شيء آخر. هذه نكات جدا مهم في العلم الإلهي او الإرادة الإلهية او القضاء والقدر الإلهي. لازم ان نلتفت اليه.
في باب الإرادة التشريعية أيضا كذلك. مثلا المقنن الدستوري يقنن القوانين الدستورية. القانون الدستورية اين والقانون البرلماني فيه تفاصيل والقانون الوزاري اكثر تفصيلا والقانون البلدي اكثر تفصيلا. الان هذا المقنن الدستوري هل لاحظ التفاصيل بتفاصيلها؟ طبعا لا. نعم بالنسبة الى الله تعالى عنده علم بالتفاصيل لكن الكلام في بما يبلغه الى ملائكته المقربين او الأنبياء المرسلين ليس من الضروري ان الله ينبأهم العلم التفصيلي التفصيلي. بل ينبأهم الكليات لا الكليات المنطقية الذهنية بل الكليات بمعنى السعة. هذا في علم القانون أيضا هكذا. من القانون الدستوري تنولد من بطونه الى ما شاء الله من التفاصيل لكن ليس من الضروري ان يلتفت الى التفاصيل المقنن. شبيه الاجناس النازلة التفصيلية والفصول النازلة التفصيلية.
مثلا في بحث الشعائر او غير الشعائر. المشروعية في مقابل البدعية. المشروعية ما يدل عليه الدليل. أي دليل؟ أصحاب النهج الحشوي اصوليون لكنهم حشويون كما ان الاخباريين أيضا فيهم حشويون والمشكلة في الحشوية والقشرية في كلا الفريقين. يقولون يريد دليلا او حكما فيه تفاصيل كلها. ليس التشريعات هكذا. دعنا نكمل الواجب الأصلي والتبعي في الاثبات.
بالنسبة الى الاثبات هكذا: تارة الدلالة صريحة ومطابقية. المطابقية على درجات. يعني يمكن ان يكون صريحا نصا ويمكن ان يكون صريحا دون النص ويمكن ظهورا قويا ويمكن ان يكون ظهورا دون الظهور القوي. صاحب الجواهر رحمة الله عليه في كتاب الجواهر. يقول ان العزمة مع أصحاب القشرية والحشوية من الفريقين وهؤلاء جدا خطيرون. يقولون انه لابد ان يكون صريحا جدا بالتفاصيل والا فلا دليل. هذا منهج عجيب وغريب. المهم صاحب الجواهر في مواضع من الجواهر قال لو كان الفقه يبتني على النص الصريح لا يقوم حجر على حجر في منظومة أبواب الفقه. ادنى الظهور نمشي عليه. طبعا الظهور على درجات. هذا في المطابقي فكيف بك في الالتزامي. الالتزامي يعني ليس في العدسة الاصلية في الكلام بل في الحواشي والهوامش وهوامش الالتفات. والدلالة الالتزامية أيضا درجات. في علم البلاغة يقولون ان الكناية درجات. الكناية الخفية يعني الخفاء في الخفاء. ربما الجمهور من الفريقين الاصوليون والاخباريون يقولون ليس بحجة. كيف ليس بحجة؟ ما هو الظهور الحجة؟ هذا مبحث. المطابقي دون الالتزامي؟ او الالتزامي باي درجة؟ يعني اذا كان خفاء وخفيا قسم يقولون ليس بحجة لان مبناه في الظهور الجلي او المتوسط في الجلاء. فضلا عن الخفي او الاخفى. السيد محمد باقر الصدر يقول كيف هو ظهور وهو خفي. هذه حذورة كبيرة.
هذا مبحث جدا حساس في علم التفسير وعلم الفقه وعلم العقائد العلوم الدينية كلها. حذورة فيه لغز لكن جدا مهم.
فالظهور درجات وسنبين دلائل في أعماق التاريخ ان الظهور كل درجاته حجة. الشهيد محمد باقر الصدر في بحث استصحاب العدم الازلي يبحثه الاصوليون في العموم لان نكاته مرتبطة بالعام والخاص لا بنفس الاستصحاب. لذلك يبحثه الاصوليون هناك وبحث معقد. الشهيد الصدر. هذا صحيح وقويم لكن هذا ظهور لا يلتفت اليه بجلاء عند العرف. عرف الفقهاء فضلا عن عرف العام. فاذا شمول وعموم الاستصحاب وعموم «لا تنقض اليقين بالشك» له ليس بحجة. هذا كلام الشهيد الصدر. وعجيب. وجملة من الفقهاء هكذا عندهم. مع انهم ليسوا حشويين مع ان الصحيح ببراهين عديدة ان الظهور ليس معناه التجلي للكل.
فالواجب الأصلي ما كانت دلالته جلية في تعريفه الاثباتي. اما جلية او متوسط الجلاء. اما الواجب التبعي فهو ما ليس له ظهور جلي بل ظهور خفي. مثل الدلالة الالتزامية. فهذا تعريف ثاني للواجب الأصلي والواجب التبعي. طبعا هذا تعريف اثباتي لكنه متقارب مع التعريف الثبوتي.
تعبير صاحب الجواهر يقول جملة من الحشوية او القشرية طبعا يكونون فقهاء لكن مسلكهم يميل الى الحرفية والقشرية والجمود. فصاحب الجواهر يقول لو بنينا ان الدلالة ليست حجة الا الدلالة الجلية لما قام فقه بناء حجر على حجر. فاذا الواجب الأصلي والتبعي.
تقريبا هنا ظهور والخفاء في الدلالة وفي المعنى الثبوتي تعلق الإرادة به تفصيلا او اجمالا. والإرادة التفصيلية والاجمالية درجات وليست درجة واحدة. كذلك في عالم الدلالة.
اذا لم يركز الامام في كلامه بنحو المجهر العدسي اذا الدلالة ليست حجة. البعض هكذا يبنون. مع ان الامام ربما المتكلم أصلا مراده الأصلي الذي يركز عليه في الدلالة الثبوتية خفي اما لاجل التقية او امتحان السامع هل عنده فتنة ام لا. لذلك باب الكناية باب عظيم. وباب العريض نفس الكناية. اذا الواجب الأصلي والتبعي درجات.
دعونا نذكر هذا المبحث الأخطر في علم الأصول منها حجية الخبر بالطريق او بالمتن. مبحث آخر حجية الظهور ماذا منظومته ومنها مبحث التعارض. ربما عشرة مباحث منها مبحث الظهور. اذا لم ينقحه الطالب يترجل في العلوم الدينية الكثيرة في التفسير والكلام والفقه وغيرها. فهذه نكتة مهمة لازم ان نبحثها غدا. خلافا للسيد الخوئي ثمرات هذا المبحث عظيمة.