الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

45/03/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: باب الالفاظ، مبحث الأوامر، مقدمة الواجب

 

كنا في مبحث ثمرات مقدمة الواجب وسبقتنا ثمرة متصلة بأنواع القيود وهي أنه على القول بوجوب المقدمة فيما كانت المقدمة محرمة يلزم منه اجتماع الامر والنهي. اجتماع الامر والنهي حالة مسببة من القول بوجوب المقدمة بخلاف ما اذا لم نقل بوجوب المقدمة فلم يكن اجتماع الواجب والحرام. هكذا قررت هذه الثمرة.

اشكل صاحب الكفاية على هذه الثمرة بان عنوان المقدمة ليس عنوانا تقييديا بل هو عنوان تعليلي، فاذا كان عنوانا تعليليا فليس هو متعلق الوجوب ولا يتصف عنوان المقدمة بانه الواجب بل الفعل الخارجي الذي عين متعلق الحرمة سيكون متعلق الوجوب.

محصل كلام الاخند انه في باب اجتماع الامر والنهي يفرض المسألة فيما كان عنوان متعلق الوجوب يغاير عنوان متعلق الحرمة. هذان العنوانان حرام والواجب انطبقا في مورد واحد ولا يبحث عن اجتماع الحرمة والوجوب او اجتماع الواجب والحرام فيما اذا كان للوجوب عنوان يتعلق به وللحرمة أيضا عنوان. فاذا فرض مسألة اجتماع الامر والنهي قوامها بكون وجود حكمين ومتعلقين يتصادقان صدفة في مورد واحد.

اما عندما يكون الواجب لا عنوان له بل يتعلق بعين ما تعلق به الحرام حينئذ ليس من مباحث اجتماع الامر والنهي، سواء على الامتناع او على الجواز. فرض مسألة اجتماع الامر والنهي تتقوم بالوجوب والمتعلق. القضية القانونية لها ثلاثة أعمدة او أربعة لكن العمدة ثلاثة. الموضوع وهو قيد الوجوب والمحمول وهو الحكم مثل الوجوب وضلع ثالث وعمود ثالث وهو المتعلق يعني الزوال موضوع وقيد الوجوب ووجوب حكم والمتعلق هو الصلاة. فالزوال غير الصلاة بل هو موضوع اصولي للحكم. اذا زالت الشمس تجب الصلاة. فهناك علاقة بين الحكم وهو الوجوب والزوال علاقة السبب والمسبب وهناك علاقة بين الوجوب والمتعلق وهو الصلاة. الحكم متعلق بالشيئين. الشيء الأول هو الزال يعني القيد والمقيد او السبب والمسبب. الموضوع الاصولي للحكم ضلع للقضية القانونية. العمود الاخر الذي يتعلق به الحكم هو المتعلق. طبعا في علم الأصول والفقه طبيعة تعلق الحكم بالموضوع تختلف عن طبيعة تعلق الحكم بالمتعلق. المتعلق يعني ما يبعث نحوه الحكم التكليفي. يبعث نحو أداء الصلاة او اذا كان حرمة يزجر عن المتعلق مثلا ان شرب الخمر حرام فالشرب متعلق والخمر موضوع اصولي للحرمة. طبيعة تعلق الحرمة بالخمر تختلف عن طبيعة تعلق الحرمة بالشرب. متعلق المتعلق عمود رابع ولا نريد ان ندخل فيه. المهم عندنا موضوع اصولي وهو قيود الحكم والحكم ومتعلق الحكم فيما اذا كان الحكم تكليفيا سواء الوجوب او الحرمة او الكراهة او الاستحباب او الاباحة. هذا فيما اذا كان تكليفيا وماذا اذا كان الحكم وضعيا؟ «احل الله البيع» الحلية اذا اريد به الحكم الوضعي تعني الصحة. موضوع الحكم الوضعي هو البيع العرفي والحكم هو الصحة والمتعلق هو البيع الشرعي. عندنا بيعان البيع العرفي والبيع الشرعي.

المقصود من الأمور الحساسة في الاستنباط في أي مسألة فقهية ان يشخص الباحث او المستنبط الحكم الشرعي انه وضعي او تكليفي ويشخص موضوع الحكم وقيود الحكم ويشخص المتعلق حتى في الفقه السياسي. مثلا الصلاحية او الولاية او القيادة بيد من؟ في باب القضاء أيضا هكذا وباب الحدود. فاول ابجديات الاستنباط في أي مسألة فقهية يجب ان يعين الباحث الحكم وموضوع الحكم ومتعلق الحكم ولابد من تشخيصها.

الشهادة الثالثة في تشهد الصلاة ما هو الحكم وما هو الموضوع وما هو المتعلق؟ فتوى علماء الامامية في الاذان بالشهادة الثالثة صياغتها ما هو؟ أي حكم يريدونه؟ الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء في حاشيته على العروة يجزم بالجزئية من الأدلة العامة وهناك وجدنا من القدماء من يرى الجزم بالجزئية من الكبار كالسيد المرتضى ابن براج والشهيد الأول غفل عن فتاواهم. كلامنا ليس في الغفلة. المقصود لابد ان نشخص الحكم وقيود الحكم.

مثلا في الجزء الأول استقرأنا فتاوى الاعلام التي جمعها السيد المقرم رحمة الله عليه في الفتنة الكاظمية وتصدى لها علماء النجف في مقدمة السيد محسن الحكيم والسيد الخوئي وغيرهم من الكبار وأيضا علماء قم فتاوى الاعلام في الشهادة الثالثة في الاذان ست قوالب صناعية مختلفة عن بعضها البعض. مثال جدا عظيم لكن النكتة صناعية. فتاوى الاعلام ترجع الى ست وجوه صناعية مختلفة ممن تحدد الحكم ما هو والموضوع ما هو والمتعلق ما هو. تحديد الصناعي للحكم والمتعلق والموضوع امر هام سواء في الاحكام الوضعية او التكليفية ومن ابجديات الاستنباط. الامر بالظاهر سهل لكن بالغوص في امثلة الأبواب تجده صعبا.

في بحث المقدمة يقول الاخند ان عنوان المقدمة ليس متعلقا للوجوب. الوجوب الغيري للمقدمة ما هو قيود الوجوب الغيري؟ هو وجوب ذي المقدمة. مثلا وجوب الصلاة موضوع وقيد لوجوب الوضوء المقدمة. اذا وجوب المقدمة وهو الوضوء ما هو قيوده؟ وجوب الصلاة وذي المقدمة. متعلقه ماذا؟ المرحوم الاخند يقول متعلقه نفس ذات الوضوء لان عنوان المقدمة حيثية تعليلية وليس تقييدية. ويتبنى ان باب اجتماع الامر والنهي يتقوم على ان يكون الواجب والحرام المجتمعان في مورد واحد ذا عنوانين. حينئذ يقال هل يجوز اجتماعهما او يمتنع؟ اما اذا لم يكن عنوانين بل عنوان واحد لا يمكن تصوير اجتماع الواجب والحرام. من ثم سجل المؤاخذة على ان تكون ثمرة الوجوب الغيري للمقدمة باب اجتماع الامر والنهي. هذا كلام صاحب الكفاية على هذه الثمرة.

نحن لسنا كثير المهتم بالثمرة بقدر ما نهتم بهذه المسألة ان عنوان المقدمة قيد تعليلي او تقييدي؟ أنواع القيود مهمة. السيد الخوئي يرد اعتراض صاحب الكفاية ويقول: انما ينسد وينغلق باب تصوير باب اجتماع الامر والنهي فيما اذا كان متعلق الحرمة والوجوب واحدا وعنوانا واحدا. طبعا إذاً من باب تشخيص أنواع القيود يريد الاعلام ان يضبطوا باب اجتماع الامر والنهي ويميزوه عن باب التعارض. من المباحث الحساسة في مسألة اجتماع الامر والنهي تمييز اجتماع الامر والنهي عن مسألة التعارض، ما الفرق بينهما؟ فهذا مبحث حساس.

لماذا العموم والخصوص من وجه في باب التعارض تعارض وتباين. اجتماع الامر و النهي أيضا عموم وخصوص من وجه.ما الفرق الجوهري بين باب التعارض وباب اجتماع الامر والنهي. الاعلام يفترضون ان الفارق جوهري. الخوض في هذا لسنا الان في صدده. لكن تنوع القيود وانضباط القيود هو يفرز ويميز لك بين باب اجتماع الامر والنهي وباب التعارض. مرحوم الاخوند يقول اذا اتحد متعلق الحرمة والوجوب ليس من باب الاجتماع لانه عنوان واحد وكل منهما تعلق بشيء واحد. رد السيد الخوئي على صاحب الكفاية كانما يتبنى السيد الخوئي ويقول انه ليس ضابطة الاجتماع ان يكون العنوانين تقييديين. طبعا المظفر في أصول المظفر متعرض الى هذا ان باب اجتماع الامر والنهي الى الضابطة هل الضابطة ان يكون العنوانين تعليليين او تقييديين. ليست المسألة متسالما عليها. كتاب المظفر خلاصة اراء النائيني والكمباني وشيء ما العراقي كتاب من هذه الجهة مهم. ظاهره في السطح لكن نكاته انصافا عالية. مثل الجزء الثالث في منطق المظفر. ظاهره في المقدمات لكن يجب ان يغوص الباحث فيه الى نهاية الاجتهاد. جزء ثقيل ومهيمن وخطير على بحوث العقائد والتفسير والأصول. ما اتفق مع في جملة من المباحث لكن نفس المباحث حساسة ومعقدة ومهمة جدا. لو كرر الانسان عشرين مرة يستثمر مباحث كثيرة. صناعة البرهان وصناعة الجدل وعلم الكلام القسم الوافر منه جدل بالتي هي حسن. باب المغالطات في السياسة والعقائد والفكر يجب ان تلتفت الى أنواع المغالطات وصناعة الخطابة. طبعا لست اتفق مع المظفر فيما ذكره في الخطابة او البرهان لكن نفس المباحث مهمة والا كثير من مباحث كتاب العقل العملي رد على ما زعمه الفلاسفة. المهم هذه مباحث مهمة. نظرية المعرفة تبدأ من الجزء الثالث من المنطق المظفر وقد اوتي المظفر قلما بياني جيد.

نرجع الى كلام المظفر. طباطباي غوص عميق عنده لكن قلم المظفر ليس عنده. طبعا هما زميلان في الدروس. ربما المظفر متأخر زمنا شيئا ما.

المظفر بين ان باب اجتماع الامر والنهي هل الضابطة فيها كون العنوانين للمتعلقين تقييديين او يمكن ان يكون تعليليين. الكلام في أي قيد؟ في المتعلق لا قيود الوجوب. في المتعلق وهو عنوان المقدمة او الموصلة.

بين القوسين. بين قيود المتعلق وقيود الواجب او الحرام عن قيود الحكم فرق سنخي. مثلا الوضوء والاستقبال قيد في الصلاة والزوال قيد في وجوب الصلاة. بين قيدية الزوال وقيدية الاستقبال فرق سنخي مع ان كلا منهما قيد. لكن الفرق سنخي موجود. يجب ان نميز بينهما. لابد من التمييز بين بابي القيود. باب قيود الوجوب وباب قيود المتعلق.

الان كلام الاخوند في الضابطة المائزة بين باب اجتماع الامر والنهي وباب التعارض ذكر ان قيود المتعلق يجب ان تكون تقييدية في الحكمين. بينما هناك من يذهب انه ليس من اللازم ان يكون القيود تقييدية. قال لماذا التعليلية ممكن؟ قال بدليل ان القيد التعليلي وان كان تعليليا لكنه يغاير النسبة بين متعلق الحرمة ومتعلق الوجوب. لان القيد التعليلي يغاير النسبة بين متعلق الحرمة ومتعلق الوجوب وهذه المغايرة تدفع المعارضة وتدخل المسألة في اجتماع الامر والنهي. غدا نوضح المسألة ان شاء الله.