45/03/03
الموضوع: باب الالفاظ/مبحث الأوامر/مقدمة الواجب/المقدمة الموصلة وأنواع القيود
كان الكلام في الاقوال في مقدمة الواجب او بعبارة أخرى متعلق الوجوب وفي الحقيقة ليس البحث في متعلق الوجوب الشرعي بل يشمل حتى متعلق الوجوب العقلي ان وجوب المقدمة يلازم وجوب المقدمة عقلا محل الاتفاق، اما شرعا محل الخلاف. لكن هذا الخلاف الذي يستعرضه الاعلام بالدقة موجود حتى في الوجوب العقلي ان الوجوب العقلي وبالتالي الوجوب الشرعي هل هو مطلق المقدمة او الاقوال الأخرى.
وصل بنا القول بالمقدمة الموصلة والمراد من الموصلة هي الموصلة ليس من قبيل بقية القيود مثل لا صلاة الا بالطهور قيد من قيود الصلاة مثل الجزء في الصلاة. بعض القيود ليس من هذا القبيل ك«لا صلاة الا بالطهور» او القبلة او الوقت او ما شابه ذلك. فيه قيود ليس من قبيل القيد التقييدي ولا القيد التعليلي.
قيود الوجوب بالنسبة الى الواجب قيود من قبيل الحيثية التعليلية مثل الزوال او الاستطاعة للحج ولكن قيود الواجب المعهودة المعروفة غالبا من قبيل الحيثية التقييدية مثل لا صلاة الا بالطهور او الوقت او الاستقبال الى القبلة. طبعا نفس اصطلاح الحيثية التعليلية والتقييدية في العلوم متعدد ولها عدة معان والان ليس من الضروري الخوض في ذلك والا ليس بمعنى واحد. التعليلية بالمعنى الأول يقابلها التقييدية بالمعنى الأول والتعليلية بالمعنى الثاني يقابلها التقييدية بالمعنى الثاني وهلم جرا. فالتقييدية والتعليلية ليس بمعنى واحد متقابل. في الفلسفة لها اصطلاحان وفي المنطق لها اصطلاح وهلم جرا.
فاذا كلامنا في الحيثية التعليلية والتقييدية. طبعا ما مر بنا ان قيود الوجوب حيثية تعليلية للواجب لا يعني ان كل حيثية تعليلية للواجب هي قيد الوجوب. بل كل قيد الوجوب هو حيثية تعليلية بالنسبة الى الواجب للواجب لا العكس. كما ان كل انسان جسم وليس كل جسم انسان.
هنا عنوان الموصلة لا هو حيثية تعليلية ولا هو حيثية تقييدية. عنوان غريب. اذا ماذا؟ وباي معنى؟ الحيثيات التقييدية من اللازم على المكلف تحصيلها مثل الطهور و الاستقبال وهلم جرا. فماذا عن العنوان الموصلة؟ لا هو حيثية تعليلية ولا هو حيثية تقييدية فما هو؟ سبق ان اشرنا ان الاعلام يفسرون العنوان الموصلة كمثال لمبحث أوسع انه هذا النوع من القيد عنوان مشير مثل المرحوم الاصفهاني او العنوان في القضية الحينية ويؤكد عليه المرحوم العراقي الفرق بين القضية الحينية والقضية الشرطية مثلا: اذا كان النهار موجودا فالضياء موجود او يعبر «ان النهار موجود في حال وجود قرص الشمس». اذا يعبر «في حال وجود الشمس» يعبرون عنها القضية الحينية لم يأخذ وجود قرص الشمس شرطا. في بعض أماكن القطب الشمس في الشتاء النهار موجود ولكن قرص الشمس غير موجود. تارة قرص الشمس يأخذ من قبيل القضية الحينية وتارة يأخذ من قبيل القضية الشرطية. الشرطية تعني الحيثية التعليلية او التقييدية أما اذا اخذ القضية الحينية يعني من باب التقارن ليس الا. شبيه العنوان المشير.
لماذا يسمونه العنوان المشير؟ في مقابل مثل ما اخذ الانسان عنوانا لزيد. هذا ليس مشيرا. عنوان الانسان بالنسبة الى زيد عنوان من العناوين الذاتية له او الجسم اذا اخذ عنوانا للإنسان او زيد. هذا عنوان ذاتي داخل في الذات والمصداق. اما اللابس القلنسوة قيد وليس داخلا في ذات زرارة ولا دخيل في الرجوع الى زرارة. هذه القلنسوة مشير الى زرارة وغير دخيل في أي شيء لا في الموضوع ولا في الحكم. العنوان المشير غير دخيل لا في الموضوع ولا في المحمول ولا ذاتي بل هو عنوان مشير يشير. طبعا الفقهاء في يوميات الاستنباط يلتفتون الى هذا العنوان ان بعض القيود يذكرها الامام ليس من باب الحيثية التقييدية ولا الحيثية التعليلية بل هو عنوان مشير يريد ان يشير الامام الي الموضوع الأصلي ودوره اشاري. شبيه الارشاد. الامر مولوي او ارشادي. قالب في الدليل مولوي وقالب في الدليل ارشادي. فاذا لدينا عنوان مشير يعبر عنه بعبارة أخرى القضية الحينية وبعبارة أخرى ضيق الملاك كما يعبر عنه الميرزا النائيني. في ضيق الملاك القيد غير مأخوذ في الموضوع ولا في المحمول لكن الشارع يشير بقيد الى ضيق الملاك. فمن قرينة ضيق الملاك نلتفت الى متعلق الحكم او موضوع الحكم انه ضيق. طبعا فيه فرق بين متعلق الحكم وموضوع الحكم ان موضوع الحكم كاصطلاح في الأصول يراد به قيود الوجوب.
فيه عبارة رابعة وخامسة وبهذه العبارات يريد الفقهاء ان ينبهوا ان هنا نمطا من القيود ليست على وتيرة بقية القيود فاذا لم تكن على نمط بقية القيود لا تتعامل معها تعامل الحيثية التعليلية او الحيثية التقييدية. فاذا ليس من قبيل بقية القيود وهذا اذا لم تكن المعاملة معه كبقية القيود اذا لابد ان يكون نمط التعامل يختلف وليس من قبيل بقية القيود. فلابد من نظام آخر في التعامل مع هذا القيد او هذا العنوان. وتسميته القيد مسامحة ويعبر عنه نتيجة التقييد كما يعبر عنه الميرزا النائيني وارتضاها البقية. يعني ان المقنن يتوصل ويصل الى نتيجة التقييد بدون ان يمارس التقييد الاصطلاحي.
تعبير خامس قد يعبر عنه الميرزا النائيني بمتمم الجعل مثلا بناء على استحالة اخذ قصد القربة في متعلق الامر الأول في الصلاة وبقية العبادات حينئذ يتوصل الشارع بجعل ثان يعبر عنه الميرزا النائيني بمتمم الجعل فهذان جعلان بمجعولين وامرين لكن ملاكهما واحد. فمتمم الجعل موجود وهذا الجعل الثاني جعلا ومجعولا وهو الامر ومتعلق الجعل وهو الواجب ليس اصطلاحا قيدا للمجعول الأول لكنه يفيد نتيجة التقييد بحيث لو اردت ان تمتثل الامر بدون قصد القربة لا يسقط الامر الأول مع انك اتيت بالصلاة والامر الأول لكنه لا يسقط لان فيه متمم الجعل وهذا المتمم وإن لم يأخذ كقيد اصطلاحي لكنه دخيل. شبيه ادلة ولاية اهل البيت علیهمالسلام عندنا ادلة كثيرة على ان ولاية اهل البيت شرط صحة الاعمال ولو بدليل مستقل ومتمم الجعل. اذا لاحظت الأدلة الأولية ليس فيها تقييد لكنها مقيد بمتمم الجعل. فاذا الفقيه عندما يريد ان يستنبط مركبا معينا على مبنى الميرزا النائيني ومبنى الاعلام لا يكفي ان يفحص الأدلة الأولية في الجعل الأول بل عليه ان يستغرق الأدلة الأخرى قد تكون بمثابة متمم الجعل.
لاحظ على مبنى الميرزا النائيني في نية القربة ان القربة في مبناه ليس قيدا كالركوع والسجود القيام بل من قبيل المتقارنين لكن هذا التقارن لابد منه لاستيفاء الملاك. نظرية متمم الجعل للميرزا النائيني هي هذه. نظرية العنوان المشير عند الاصفهاني هي هذه. هذا العنوان دخيل في صحة المركب كما كذلك عند المرحوم العراقي في القضية الحينية. خمس اصطلاحات او اكثر عن شيء واحد. هناك في المركبات أمور كانما المركب ظرف لها وما مرتبط صناعيا وصوريا واصطلاحا بالمركب وليس حيثية تقييدية وليس حيثية تعليلية ومع ذلك دخيل في الصحة بحيث لا يسقط المأمور به الأول. فايه الباحث صناعيا لا تتوهم ان الدخيل في الصحة فقط وفقط الأجزاء والقيود بل هناك عناوين أخرى لا قيود ولا أجزاء دخيلة صميمة في تحقق الملاك والصحة وهذا الباب وهذا النمط من القيود وليس قيود اعتمدها العراقي والكمباني والنائيني في أبواب عديدة في الأصول والفقه. لاحظوا كلمة متمم الجعل او العنوان المشير او العنوان الإجمالي يلهج به الاعلام في الأبواب العديدة وكذلك القضية الحينية لان الاعلام شاهدوا ان بعض الأمور في الأدلة الأولية ما موجود لكن ادلة أخرى في الظاهر اجنبية لكنها دخيلة صميما في الصحة والملاك إما تعتبرها متممم الجعل او العنوان المشير او القضية الحينية. اذا يجب ان يتنبه الباحث صناعيا ان استخلاص تمام المركب لا يكتفى بالادلة الأولية. ربما ادلة في الظاهر اجنبية لكنها دخيلة في الملاك كما يتبنى الميرزا النائيني في قصد القربة وكما هو كذلك في ولاية اهل البيت.
من ثم صاحب الجواهر وبحر العلوم في منظومته الفقهية يقول ان الشهادة الثالثة ما مأخوذة في الأدلة الخاصة طبعا كما يقوله المشهور والا نحن نقول هذا غفلة. لكن يقول انه صحيح انها بالادلة الخاصة خارجة ولكن والجة بحسب الأدلة العامة ومن ثم يذهب الى الوجوب وجوب اقتران الشهادة الثالثة بالشهادتين لانه لا يكون تشهدا بالدين لان الدين الناقص لا يصح. الدين الكامل عندما تتشهد بالشهادات الثلاث. هذا كلام بحر العلوم.
المقصود هناك مركبات لا تكتفي بالادلة الخاصة بل عليك بمتمم الجعل. هذا البحث ليس في خصوص العبادة وليس في خصوص الشهادة الثالثة بل مطرد في الأبواب كلها ومما نحن فيه قضية الموصلة. انها لم ترد في متن الأدلة انما من ادلة اجنبية ظاهرا. فقيد المقدمة الموصلة مراده ان هذا القيد ليس قيدا اصطلاحا تقييديا او تعليليا بل نمط من قبيل متمم الجعل او العنوان المشير. اذا الفرض اصبح واضحة كثير من الإشكالات تندفع.