44/11/25
الموضوع: الالفاظ، مبحث الأوامر، مقدمة الواجب
كان الكلام في مبنى الشيخ الانصاري في مقدمة الواجب ومر ان هذه التدقيقات من الاعلام لها ثمرات في بحوث أخرى عديدة وليس ثمرتها في اصل وجوب المقدمة والثمرة هي تحديد الواجب.
وكانت مؤاخذة في كلامه قدس سره حتى في توجيه المرحوم الاصفهاني من وجهين كما مر ويجب الالتفات اليه. نعم، له وجه ثالث من المرحوم الاصفهاني وهو ان الواجب لابد ان يكون اختياري والاختياري ارادي والإرادة لابد ان يتوجه الى المقدمة وبالتالي الواجب هو خصوص الذي يقصد به التوصل لانه هو الارادي يعني يراد به ما وراءه.
يشكل عليه السيد الخوئي بان اللازم هو كونه اراديا واختياريا ولكن فيه مبنى لطيف بغض النظر عن المقام تبناه الميرزا النائيني أيضا. يجيب السيد الخوئي بأن الضيق الناشئ من تعلق الوجوب بالواجب او المتعلق او القيود العقلية وان ضيقت المتعلق لكن لا ضرورة لتطابق دائرة المتعلق بهذا الضيق. هذه نكتة لطيفة في القيود العقلية. مثلا العقل يحكم انه لا معنى ان يتعلق الحكم الا بما هو مقدور. فالقدرة قيد عقلي سواء في الفعلية او الفاعلية او الانشاء حسب المباني. القدرة تارة يقال انها قيد عقلية او شرعية او تكوينية. يصفون القدرة بالقيد العقلي او الشرعي لان الذي يحكم بقيدية القدرة تارة هو العقل وتارة هو الشرع والشرع ربما يأخذ مطلق القدرة قيدا وربما قدرة خاصة مثل ما ذهب السيد الخوئي ان الاستطاعة المأخوذة في الحج قدرة خاصة من المال والقدرة وتخلية السرب. وان كان المشهور ربما اخذوا مطلق القدرة. المقصود ان الشارع قد يأخذ مطلق القدرة وقد يأخذ حصة خاصة وليس بالضرورة ان يأخذ مطلق القدرة. فالقدرة هي تكوينية اما ان يأخذها العقل او يأخذها الشرع والشرع اما يأخذها بقول مطلق او بنحو الحصص. اخذ الشارع للقدرة يفترق عن اخذ العقل. اخذ الشارع للقدرة اذا كان ف يمرحلة الفعلية يعني ان القدرة دخيلة في الملاك واما اذا اخذ الشارع في مرحلة التنجيز او الفاعلية لها اثر آخر. المهم اخذ الشارع للقدرة وفي أي مرحلة لها اثار تختلف عن بعضها البعض. قد يأخذ العقل القدرة وفيه اختلاف بين الاعلام انه يأخذها في أي مرحلة من مراحل الحكم. اجمالا اخذ العقل للقدرة التكوينية للحكم يختلف عن اخذ الشرع للقدرة.
هنا كلام تنقيح النائيني تبناه السيد الخوئي هنا في المقام. القدرة اذا اخذها العقل بالتالي يضيق متعلق الوجوب ويكون فقط الفعل المقدور ولا يتعلق الوجوب بالفعل الغير المقدور.
نكتة لطيفة هنا بغض النظر عن المقام يذكره النائيني. يقول ان القيود العقلية وان ضيقت الوجوب او متعلق الوجوب لكن المرحلة الانشائية من الحكم تبقى مطلقة متعلقا وحكما ووجوبا. يعني غالبا القيود العقلية تأتي ما بعد مراحل الانشاء. طبعا هذا توجيه من عندي لكلام النائيني والسيد الخوئي وبلورة لكلامهم حتى يطابق كلام الاخوند يعني في مقام الدلالة أنهم بنوا على ان متعلق الحكم لا يضيق بتضييق القيود العقلية لان القيود العقلية في مراحل الفعلية او الفاعلية والتنجيز وهذا لا يوجب تقييد متعلق الحكم في مقام الانشاء والجعل الانشائي والملاك انما يستكشف في مقام الانشاء لا خصوص مقام الفعلية او الفاعلية او التنجيز. ملاك الحكم انما يستكشف في مقام الانشاء سعته ودائرته.
بناء على هذا فالعقل وان حكم بانه لابد من حصة المقدور او مثل ما قال الاصفهاني انه لابد من متعلق الحكم اراديا واختياري لكن في مقام الحكم والانشاء يمكن ان يكون عنوان المتعلق والفعل الذي تعلق به الحكم لا يضيق بهذا التقييد فهو طبيعة عامة اعم من كونه اختياريا واراديا او لم يكن. الان يجيء دليل آخر يضيق المتعلق والفعل فيمقام الانشاء بخصوص الاختياري لانه عبادي امر آخر. مثل الساتر في الصلاة شرط سواء حصل اختياريا او قهرا بالتالي ساتر. من اين بنى الفقهاء على ان الساتر الذي هو شرط في الطواف والصلاة اعم من الاختياري وغير الاختياري لان المتعلق أوسع وليس ضيقا بضيق القيود العقلية في مقام الانشاء او مقام الدلالة. هذه النكتة يستفيد منها الميرزا النائيني ان في مقام استكشاف الملاك او الصحة مقام الانشاء لا المراحل الأخرى التي يتدخل فيها القيد العقلي فيبقى على اطلاقه. هنا يستثمره السيد الخوئي يقول ان هذا القيد الذي ذكره الكمباني ليس في مقام الانشاء بل مقام الانشاء اعم فحينئذ ليس الواجب في مقدمة الواجب خصوص الإرادة الاختيارية يعني لو حصل المقدمة الغير العبادية عفويا وبدون الإرادة يكفي ان يستثمرها المكلف لذي المقدمة في المقدمات التوصلية. هذه مما يكشف ان ملاك المقدمية أعم. إذا هذا الوجه غير تام.
مر بنا اجمالا في رد كلام الاصفهاني وهو ان الارادي والاختياري يختلف عن كونه قصديا او بنحو القصد التفصيلي او القصد الإجمالي او الداعي او الارتكاز يعني ان القصد أيضا على المراتب. اختيارية الفعل على مراتب والقصد أيضا على مراتب. والاحكام المترتبة على ارادية الفعل واختيارية الفعل أيضا على مراتب مثل باب الضمان. باب الضمان حتى ضمان الخطأ يكفي فيه الارادي البعيد. لم لو يكن اراديا أصلا لا يضمن أصلا. لكن اذا نسب اليه الفعل ولو بمتعلقات بعيدة نسب اليه الضمان كالدية ودية المال. فارادية الفعل درجات واختيارية الفعل درجات والقصد أيضا على درجات كالقصد التفصيلي والاجمالي والداعي والارتكازي. هذه كلها على درجات واي منها يريد الاصفهاني او الشيخ الانصاري. البحث في هذا المقام من هذه الجهة مهم لا خصوص مقدمة الواجب.
مثلا في صلاة المسافر اختلاف الزوجة اذا لم تقصد المسافة او الإقامة من نفسها بل قصدت ما قصده الزوج. وما علمت الذي قصده الزوج تفصيلا. ليس الكلام في الزوجة فقط بل مطلق التابع والمتبوع يكفي في قصد المسافة او قصد الإقامة القصد الإجمالي او لابد من القصد التفصيلي؟ بين الاعلام اختلاف. هذا لا من جهة عدم القصدية. بل من جهة أن القصد الذي أخذ في السفر او الإقامة أي درجة من القصد؟ تفصيلي واضح او تفصيلي متوسط او اجمالي او اجمالي من بعيد؟ فالقصد على درجات. على كل ما ذكره المرحوم الاصفهاني تشييدا لكلام الشيخ محل تأمل.
بعد ذلك الميرزا النائيني ينقل عن استاذه السيد محمد الفشاركي من تلاميذ الميرزا الكبير كان في سامرا وبعد وفات الميرزا النجف. فشارك منطقة من أصفهان وكان دقيقا في علم الأصول ويقال كان ادق من اقرانه في الصناعة الأصولية والفقهية. كثير من اتبكارات العراقي مرهونة من هذا السيد. أيا ما كان السيد محمد الفشاركي له رسائل مطبوعة وهذا السيد يوجه كلام الشيخ الانصاري ان مراد الشيخ بقصد التوصل ان الواجب في المقدمة هو خصوص قصد التوصل كلامه انما هو محمول في مورد التزاحم أي ما كانت المقدمة محرمة وذي المقدمة واجب اهم من حرمة المقدمة. ههنا أراد الشيخ ان يضيق المقدمة. لانه تزاحم الحرمة والوجوب نقدم الأهم وهو الوجوب وذي المقدمة لكن في التزاحم فيه تفريط للمهم ورعاية للاهم لكن الضرورات تقدر بقدرها. في الترتب قالوا اذا امتثل المكلف بالاهم معذور في التفريط بالمهم اما اذا المكلف لم يأت بالاهم يعاقب على الأهم والمهم. هذا المبحث معركة اراء. اذا ترك الأهم هل يعاقب على الأهم فقط او هما معا؟ هنا توجيه يقال من بركات الترتب بغض النظر عن ذلك المبحث. لم قيل يعاقب عليهما؟ لان التفريط بالمهم اذا كان معذورا فيه لا يعاقب اما التفريط بالمهم اذا لم يكن معذورا فلم يعذر ويؤاخذ. وانما يعذر بقدر الضرورة فيما اذا راعى الأهم وامتثل الأهم. اما اذا ترك الأهم والمهم يعاقب عليهما. في المقدمة المحرمة وذي المقدمة الواجب انما يسوغ ارتكاب المقدمة الحرام فيما اذا أراد ان يتوصل للأهم يعني للطائع اما الذي لايريد ان يمتثل ذي المقدمة لماذا يعذر في ارتكاب الحرام. مثل من دخل الأرض المغصوبة لا لإنقاذ الغريق فيؤاخذ عليه. تارة يدخل الأرض المغصوبة لاجل انقاذ الغريق فمعذور. فاذا الشيخ قال ان مقدمة الواجب انما هي خصوص ما قصد التوصل لذي المقدمة هذا فيما اذا كانت المقدمة حرام فجمع بين حرمة المقدمة ووجوب الأهم لذي المقدمة فيضيق وجوب المقدمة في خصوص قصد التوصل. هذا التوجيه بغض النظر عن تفاصيله توجيه جيد. مثلا تشريح بدن الميت كافرا او مسلما انما يسوغ فيما اذا كان القاصد هذا المتعلم ان يمارس الطبابة لينقذ الناس. اما لاجل ان يتعرف فقط ليس جائزا. لان المثلة حرام لا فقط للإنسان حتى بالكلب العقور حرام. الكلب الذي يجب ان يقتل. حرام ان يمثل. حتى هذا الكلب العقور الذي يؤذي الناس حياته يجب ان تنعدم لكن بدنه لا يجوز ان يمثل. حكم متفق عليها ومنصوص ومفتى به. حتى الكلب العقور التمثيل به حرام شرعا. يدل على ان هذه الجثة بغض النظر كلبية الكلب وعقورية الكلب الجثة فعل الهي ولا تتعدى عليه. التمثيل في الجثة حرام في نفسه حتى جثة الحيوان وحتى الحيوان المؤذي فكيف بك في الانسان. فتشريح الابدان حرام في نفسه. متى ترفع الحرمة؟ شبيه الترتب انما يسوغ ارتكابه فيما قصد به التوصل الى الطب اما مجرد الاطلاع على الأجساد في نفسه لا يسوغ ارتكاب تشريح الجثث. وان كان هذا البحث وهذا الذي ذكره السيد الفشاركي لا يتوقف على القول بالوجوب الشرعي للمقدمة لان التزاحم بين ذي المقدمة والمقدمة. هذه النكتة لطيفة حقيقة التزاحم هنا بين الوجوب الغيري وحرمة المقدمة او حقيقة التزاحم هنا بين وجوب ذي المقدمة وحرمة المقدمة؟ نكتة لطيفة تبحث في بحث التزاحم. هذاالبحث لا يقتصر على القول بالوجوب الشرعي للمقدمة لكن النكتة في نفسه مهمة<
توجيه اخر من النائيني لكلام الشيخ قال ان مراد الشيخ من قصد التوصل ان المكلف لا يثاب ولا يعد ممتثلا للواجب الغيري الا اذا قصد التوصل. هذا الكلام متين لكنه غير مرتبط للمرحلة الانشائية للحكم ولا المرحلة الفعلية بل مرتبط بمرحلة الامتثال. وهذه نكتة في نفسها نفيسة بغض النظر عن المقام وهي انه ليس كل إتيان الواجب هو امتثال.عندنا أداء الواجب وهو غير امتثال الواجب. سواء في التوصيات بل حتى في العباديات وسبق ان شرحناه وله ثمرات مهمة. كيف يمكن الأداء في العباديات. المهم أداء الواجب يسقط الواجب لكن ليس امتثالا. فاداء الواجب أوسع من امتثال الواجب. لهذه النكتة ثمرات. في مرحلة الامتثال فيه امتثال الواجب وأداء الواجب. المرحلة الفاعلية والمرحلة الفعلية قد تختلف وتتغاير سعة المتعلق الواجب في المرحلة الانشائية عن سعة المتعلق في المراحل الأخرى وااللاحقة قد تضيق في المراحل اللاحقة لكن هذا لا يعني ضيقها في المرحلة الانشائية. سعة وضيق المتعلق بحسب المراحل نكتة شرعية وقانونية لها آثار. فضيق وسعة المتعلق في مرحلة ليس من الضروري ان تكون هذه الحد من السعة و الضيق يبقى في كل المراحل ولها آثار. نفس هذه النكتة في نفسها نفيسة تفيد في الأبواب الفقهية الكثيرة. السيد اليزدي رحمة الله عليه في الحج قال لو اتى الحج بنية المندوب عن نفسه وهو كان في الواقع مستطيعا يقول تجزي هذا الحج المندوب عن حجة الإسلام. هذه قضية السعة وضيق المتعلق. المقصود هذه نكتة لطيفة ان المتعلق قد يكون في مرحلة وسيعا وفي مرحلة ضيقة. هذا تمام الكلام في مبنى الشيخ في قصد التوصل ويبقى الكلام في القول الاخر الثالث او الرابع ان الواجب في مقدمة الواجب هو المقدمة الموصلة. ذكرت هذا القول فيه معركة الآراء ماشاء الله وليس الثمرة في نفس المقام او مقدمة الواجب بل الثمرة في الأبواب الأخرى فمبحث حساس لا للمقام بل للابواب الأخرى. ان شاء الله بعد التعطيل.