44/11/23
الموضوع: الالفاظ، مبحث الأوامر، مقدمة الواجب
الاقوال في وجوب المقدمة في الحقيقة ليست في وجوب المقدمة وانما الاقوال في متعلق وجوب المقدمة. طبعا الكلام في وجوب المقدمة في وجوبها الشرعي المستكشف من الوجوب النفسي لذي المقدمة فهنا الاقوال في الحقيقة في متعلق الوجوب هل هو وسيع او ضيق ام فيه تفصيل؟
فنسب قول لصاحب المعالم انه يقول بوجوب المقدمة مقيدا بإرادة ذي المقدمة. ظاهر ما نسب اليه يعني ان الإرادة إرادة ذي المقدمة فعندما يريد المكلف ان يمتثل ذي المقدمة حينئذ تجب المقدمة. كانما إرادة ذي المقدمة قيد وجوب المقدمة وتلقائيا يكون قيد الواجب فيقيد الوجوب والواجب.
اشكل على هذا القول انه المفروض في وجوب المقدمة انه بسعة وجوب ذي المقدمة لا أضيق ولا أوسع اطلاقا. بينما هنا صار اضيق وهذا خلف فرض تبعية وجوب المقدمة لذي المقدمة لانها تابعه نماطا وملاكا.
كما يأتي عن قريب ان الوجوب الشرعي المستكشف من وجوب ذي المقدمة معلق ومنوط بإرادة المكلف وإرادة الامتثال وهذه ظاهرة غريبة في الوجوبات الشرعية والمفروض ان الوجوبات الشرعية انها لا تضيق بإرادة المكلف.
ببيان الطف ثالث ان المفروض ان الوجوب الشرعي الذي يستكشف في المقدمة هو بنفس قالب الوجوب العقلي الغيري من باب كلما حكم به العقل او من باب آخر فالوجوب العقلي ليس مقيدا بشيء بل مطلق. على أي حال هذا وجوه لرد ظاهر كلام صاحب المعالم.
القول الثاني قول الشيخ الانصاري في متعلق الوجوب لا الوجوب نفسه يعني في الواجب الغيري ان الواجب في المقدمة ليس مطلق المقدمة بل حصة من المقدمة وهي الحصة التي يقصد التوصل بها الى المقدمة فتلك هي الواجبة او الوجوب يتعلق بها والمعروف من الشيخ انه يوجب المقدمة مع قصد التوصل لذي المقدمة.
والظاهر مراد الشيخ ليس قصدا انشائيا لان المقدمات بعضها تكويني محض والمقصود يعني بداعي التوصل يعني المقدمة التي يتوصل بها الى تلك المقدمة هي الواجبة لا مطلق المقدمة.
في قباله قول صاحب الفصول الأسبق من الشيخ الانصاري وهو يقول ان المتعلق الواجب من وجوب المقدمة هي المقدمة الموصلة يعني الحصة الموصلة الى ذي المقدمة.
في قبال القول الرابع ولعله المشهور ان الواجب من المقدمة مطلق المقدمة او كثيرون.
ما الذي ادعى الاعلام للبحث في متعلق المقدمة وما هو الغرض من ذلك؟ الغرض من ذلك هو البحث في الطهارات الثلاث نموذجا وامثالها. سواء بني على ان الطهارات الثلاث عباديتها آتية من الوجوب الغيري او الوجوب النفسي لذي المقدمة او آتية من الاستحباب النفسي على المسالك المختلفة، حيث ان الكثير لم يتبنوا ان الغسل في نفسه مشروع فضلا عن التيمم وكذلك الوضوء وان كان في نفسه راجح لكن اذا بني على ان عباديته ناشئة من الوجوب الغيري او وجوب ذي المقدمة والمكلف انطلق في العبادية من احد المناشئ فمع تخلف المنشأ يشكل امر العبادية ففي الحقيقة اذا تدقيقهم في متعلق المقدمة هو لتحرير مقدار المشروعية والعبادية في الغسل والوضوء. فاذا بني على ان الغسل المشروع لبيت لبيت الله الحرام او الغسل للزيارة او الغسل لاي غاية نص عليها فانما يكون الغسل مشروعا يوجب الطهارة اذا كان موصلا اما اذا لم يوصل يكشف عن عدم صحة الغسل وبالتالي لا يترتب عليه الطهارة وبالتالي لا يترتب عليه الاعمال الأخرى المشروطة بالطهارة. اما اذا قيل ان مشروعية الغسل علاوة على عباديته يجب ان يكون بقصد التوصل وهلم جرا. فاذا الداعي من الاعلام في البحث في متعلق الوجوب الغيري هو لمعرفة سعة وضيق دائرة مشروعية الغسل او التيمم والا فلا يكون ما أتى به الغسل او التيمم مشروعيا فلا يولد الطهارة. كذلك الوضوء ولو قيل باستحبابه النفسي المطلق لكن المكلف اذا كان منطلق العبادية والتقرب الذي أتى به ولون الوضوء بالعبادية هو الوجوب الغيري ولم ينو الاستحباب النفسي بالتالي لابد ان يراعى دائرة وحصة الوجوب الغيري. او ان يقال ان الاستحباب النفسي يندك في الوجوب الغيري فلا يبقى الوجوب الغيري وهذه زاوية نسيت ان اذكرها في الطهارات الثلاث ونحن لا نلتزم به ولا نلتزم بالاندكاك في الاحكام بل يبقى الاحكام على ما هو عليه. المقصود ان على هذه المباني مشروعية الغسل او التيمم مرهونة بتحديد متعلق الوجوب الغيري. هذا هو منشأ اثارة الاعلام هذا البحث يعني قديما عندهم ان الوضوء قبل الوقت كذا وبعد الوقت بأي نية وبأي قصد كذا. كثير في الفتاوى من علماء الحلة الى ما قبل مدرسة البهبهاني كانوا يتشددون في النية في العبادية للطهارات الثلاث. كانوا يتشددون بعضهم كان يعيد كل صلاة عمره وبعد ذلك اتى جيل وقالوا هذه التقييدات والتحديدات اختلاف انظار. فاذا مبحث من هذه الجهة مهم وحساس.
أيضا ثمرة أخرى لتحديد متعلق المقدمة والوجوب الغيري ان كثيرا ما او في الجملة يقع الابتلاء ان المقدمة محرمة في نفسها كتشريح الابدان. تشريح البدن الميت الكافر غير جائز فضلا عن المؤمن. تشريح البدن يتوقف عليه علم الطلب وكان احتياجهم في علم الطب اليه قديما اكثر لان الان الكترونيات علم الطب كاف تقريبا. المهم تشريح البدن يقع مقدمة لعلم الطب لإنقاذ الناس. فبالتالي هذه المقدمة المحرمة صارت مقدمة للواجب فمتى يسوغ ارتكاب المقدمة؟ هل مطلق بلحاظ الوجوب الغيري؟ او اذا كان موصلة او اذا قصد التوصل؟ ففي موارد حرمة المقدمة اذا لابد من تحديد دائرة الوجوب في المقدمة هل الوجوب الغيري يتعلق بمطلق المقدمة او لا؟ فبالتالي فيه ثمرة في بحث المقدمة المحرمة.
أيضا يمكن ثمرة أخرى في الطهارات الثلاث وامثاله. لعل يدعى ان الغسل الذي يستفيد مشروعيته حتى الاستحباب النفسي هو ما يشير الى مقدميته لا مطلق ذات الطهارات الثلاث. فيه استظهار هكذا. لما يقول غسل الزيارة او غسل دخول الحرم المكي ما يأتى به لأجل يشير الى ما هو مقدمة. فاذا هذا البيان الثالث يعني أن الأدلة الخاصة لمشروعية الوضوء والغسل او التيمم ولو استفيد منها الاستحباب النفسي فيما كانت مقدمة لا ان الشارع يشرع الوضوء في نفسه مطلقا او مثلا الغسل في نفسه مطلقا او التيمم كذلك. واذا كان فيما هو مقدمة اذا لابد ان يعين الحصة.
مورد رابع في مورد التزاحم بين الواجبين سيأتي في بحث الترتب ان ترك احد الضدين مقدمة للضد الاخر فلابد ان يدرس ما هو مقدار مقدمية ترك الضد هل هو مطلقا او لا؟ هناك نقحوا في الترتب آثار سواء في العقوبة او التشريع بناء على ماهو المعروف في الترتب. رتبوا هذا الترتب على مقدار دائرة المقدمة ما هي المقدمة؟ مطلق ترك الضد او ترك الضد الموصل او بقصد التوصل ام لا. في بحث الترتب أيضا له ثمرة والتزاحم غير التزاحم الذي مر بنا ان نفس المقدمة محرمة.
في موارد التعارض الشبيه بالتضاد والتخيير المنطلق من التعارض في الروايات او التعارض في فتاوى المفتي ومفتي آخر لتقليد المقلد. هنا يصيغون صياغة التخيير بين الفتويين او بين الروايتين يصيغونها بصياغة نفس الكلام مثل الترتب. المهم بحث الترتب يجري في التزاحم والتعارض له ارتباط بان احد الضدين تركه مقدمة للضد الاخر أي مقدار لمقدمية ترك الضد. لذلك القائلون بالمقدمة المقدمة استفادوا هنا في مباحث في الاجتهاد والتقليدوالتزاحم ان مقدار المقدمية باي مقدار. علي كل البحث له ثمرات وله بيانات.
اذا قول صاحب المعالم مر والقول الاخر قول الشيخ الانصاري وكلامه عنوانه قصد التوصل لكن يمكن تفسيره افضل مقصوده بداعي التوصل. فيه الفرق بين قصد التوصل وداعي التوصل فقهيا او اصوليا. فيه فرق. اذا قيل بداعي التوصل يعني يكفي فيه الداعي الارتكازي اما اذا قيل بقصد التوصل يعني قصد تفصيلي خطوري انشائي وهذا بعيد ان يريده الشيخ سيما في المقدمة التي لا هي معاملية ولا هي انشائية ان القصد بمعنى الالتفات التفصيلي او ينشأ انشائي بعيد جدا. فالمراد من القصد يعني الداعي. مثلا ان الانسان يقوم لمجي القادم يعني بداعي الاحترام. طبعا هنا انشاء. او مثل ما يقال وضع يده على المباح الأصلي بداعي التملك وبداعي السيطرة ووضع اليد الاعتبارية. وضع اليد التكوينية بداعي وضع اليد الاعتبارية. في الحيازة قالوا انه لابد ان يكون فعل الحيازة قصدية لكن هذا القصد ليس مرادهم القصد الغليط مثل باب البيع بل بمعنى الداعي ولو في الحيازة فيه تابع انشائي حتى في السبق حتى في الاحياء او التحجير اذا كان مقصوده التملك الانشائي. لكن انشائيته اخف معونة من قصد البيع. طبعا لا اريد ان اقايسها مع قصد الشيخ لكن المقدمة اخف منها. اجمالا فهذا اصل مبنى الشيخ ان الوجوب الغيري يتعلق بالمقدمة بمقدار قصد التوصل وداعي التوصل.
الدليل الذي نقل عن الشيخ أيضا قال لان المقدمة ليس فيها ملاك نفسي وانما اوجبها العقل ثم الشرع لاجل ان هذه المقدمة وذات المقدمة الخارجية تقديم وتمهيد لذي المقدمة. يعني بعنوان انها مقدمة. كلمة بعنوان ماذا يعني؟ عنوان انشائي او عنوان ايصالي هذا كلام مبهم. يقول بعنوان المقدمة واذا كان بعنوان المقدمة فلا يكون الفعل المأتي به من ذات المقدمة وافراد المقدمة لا يكون المأتي به مصداقا للواجب الا اذا قصد به هذا العنوان وعنوان المقدمة. نعم اذا لم يقصد العنوان يحقق الغرض ولكنه ليس مصداقا للواجب والوجوب. وهذا بيان عجيب. لان الوجوب والواجب تعلق بذات المقدمة بعنوان المقدمية.هذا كلام الشيخ المنقول.
اشكل عليه الآخوند وبقية الاعلام بان عنوان المقدمية ليس عنوانا تقييديا وانشائيا وقصديا. عنوان المقدمية جهة تعليلية وحيثية تعليلية يعني ما مأخوذة كلون في المقدمة. طبعا اصطلاح الحيثية التعليلية والحيثية التقييدية في العلوم المختلفة بمعاني متباينة كثيرة لا اريد الخوض الان وفي مباحث عديدة لها ثمرة. لا سيما في مبحث اجتماع الامر والنهي. الان لسنا في صدد هذا المطلب. هنا هكذا الاشكال من الاخوندو بقية الاعلام ان عنوان المقدمية ليس حيثية تقييدية يعني ليس حيثية تلون المقدمة وليس شيئا انشائيا ولا قصديا. ولا الوجوب الغيري تعلق بعنوان المقدمة.
هذا الاشكال والدعوى من الشيخ الانصاري نكتة مهمة بغض النظر عن المقام ويتأتى في كثير من الأبواب. يقولون في صلاة الظهر الوجوب فيها لم يتعلق بالحركات بما هي حركات. ولا تعلق بالحركات وافعال الصلاة واقوالها لم يتعلق بعنوان العبادة فقط. ولم يتعلق بها بعنوان الصلاة فقط وفقط. اذا تعلق بها عنوان الحركات والعبادة والصلاة والرباعية والظهر عنوان الظهر عنوان تعلق به الوجوب. هذا هو الفارق بين وجوب الظهر ووجوب العصر. الفارق هو العنوان فعنوان الظهر تقييدي في متعلق الوجوب. إن لم تقصد الظهر ولو تقصد العبادية واربع ركعات وغيرها لم تأت بصلاة الظهر. كذلك ما الفرق بين صلاة الفجر وصلاة النافلة في المصلي المستقر الذي يأتي بصلاة قائما؟ شرائط النافلة هي شرائط الفريضة ولا فرق. جملة من الاعلام منهم الشيخ التبريزي يفتي ان الشهادة الثالثة في صلاة النافلة جزء مستحب جزما. في الفريضة يحتاط وجوبا ولعل يكون توترا في الجو الفتوائي مع الاخرين والا ما يكون فرقا صناعيا. اذا كان كذلك فما الفرق بين صلاة الفجر ونافلتي الفجر الا العنوان. فالنافلة والفريضة عنوان تقييدي في متعلق وجوب صلاة الفجر او مندوبية نافلة الفجر. هذه يعبرون عنها عنوان تقييدي. في باب المعاملات هكذا في جملة من الموارد. العنوان التقييدي داخل في الماهية ويلون الماهية ويكون قصديا. فالعنوان التقييدي يختلف عن العنوان التعليلي. بحث حساس ومحل الابتلاء في الأبواب والتتمة غدا.