44/11/18
الموضوع: الالفاظ/مبحث الأوامر/مقدمة الواجب
كان الكلام في عبادية الطهارات الثلاث ومنشأها ووصلنا الى المبنى الرابع وهو مبنى السيد الخوئي ان قصد التوصل كفعل من المكلف في إضافة اليه تعالى وفيه إضافة الى ذي المقدمة وهو واجب شرعي فنفس التوصل الى ذي المقدمة الذي هو واجب شرعي يكون نمطا من الإضافة العبادية وهذا مبحث مر ان الإضافة اليه تعالى تكوينا عبادة له تعالى قاعدة مهمة جدا ولها ثمرات كثيرة جدا في العلوم والابواب العديدة.
مر ان هذا الحل من السيد غاية ما يوجب الحل على صعيد الامتثال وليس على صعيد التشريع بينما السوال عن عبادية الطهارات الثلاث أيضا على مستوى التشريع. شبيه مبحث التعبدي والتوصلي تساؤل الاعلام في ذلك البحث ليس فقط على صعيد الامتثال بل حتى على صعيد التشريع ان الوجوب كيف يتعلق بمتعلق عبادي هكذا الكلام في المقام كيف يمكن تصوير عبادية الطهارات الثلاث.
طبعا هنا مقدمة أخرى وقاعدة أخرى اعتمد عليها السيد الخوئي وهذه القاعدة مهمة جدا بغض النظر عن فائدتها في المقام غير قاعدة الإضافة التكوينية الى الله. القاعدة الأخرى هي ان امتثال الوجوب النفسي عليه الثواب فماذا عن امتثال الوجوب الغيري؟ ما صلة الثواب بالعبادية في المقام؟ هذه زاوية أخرى في تحليل البحث في المقام.
هذا مبحث اثاره المتكلمون والفقهاء والمفسرون هل الثواب على الوجوب النفسي استحقاق من العبد ام هو تفضل من الله عزوجل؟ كل الطاعات في الحقيقة كسب الثواب عليها استحقاق ام هو تفضل من الله عزوجل؟ الشيخ المفيد ذهب الى انه تفضل وهو الصحيح اما الاستحقاق بمعنى ان يتقرر حق من العبد على الله عزوجل فلا.
طبعا عندما يقال الاستحقاق ما المراد من الاستحقاق؟ اذا كان المراد انه اجرة وعوض فالعبد وما يملك من الأفعال ملك لله فاي اجرة؟ الاستحقاق بمعنى الأجرة والعوض خطأ ليس لها حقيقة حتى ما ورد في القرآن الكريم ﴿ان الله اشترى من المؤمنين انفسهم﴾ هذه من باب المجاراة من الله مع المخلوق بصورة ظاهرية.﴿من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه الله﴾ أيضا هذه مجاراة من الله والا ما عندكم من الله وانتم الفقراء الى الله. فالاستحقاق بمعنى الأجرة والعوض ليس بصحيح وليس لها واقعية. الاستحقاق التكويني احد المباحث المعقدة الحساسة الفلسفية مع الفلسفة المادية والمدرسة المادية والمدرسة الرأسمالية والعلمانية انه يعتبرون ان الانسان والطبيعة هي اصل قائم بنفسه قبال الله فالتعامل مع الله تعامل معاوضة وتجاري وما شابه ذلك فمن ثم يبحثون عن الحقوق وما شابه ذلك. اذا هذا المبحث طويل الذيل ما اثاره الاصوليون ان الانسان ليس مستحق حقيقة. الحسنة من الله والسيئة من أنفسهم. المقصود ان اصل الاستحقاق اذا اشتبه الامر على الكثيرين من ان ما يأتي ويقوم به الانسان يستحقه ليس بصحيح لانه تفضل من الله عزوجل.
نعم هناك استحقاق بمعنى آخر في قبال الاشعرية انهم ذهبوا الى التفضل لكنهم منعوا الاستحقاق من رأس. هناك استحقاق بمعنى آخر بمعنى القابلية يعني ان المطيع له القابلية والشأنية تتناسب مع الرحمة الإلهية وتتناسب مع الثواب الإلهي والعكس في المعاصي يستحق العقوبة. هذا المعنى معنى تكويني وصحيح وليس هو دين على الله عزوجل لانه على كلام الاشاعرة حيث لا يذهبون الى موازين ذاتية وحسن وقبح ذاتي للافعال المفروض ان الطائعين يمكن ان يعاقبوا والعاصين يمكن ان يثابوا بالجنة. صحيح ان الملك كله لله لكن لا بمعنى ان الله يفعل ما يفعل من دون الحكمة. هم خلطوا بين الحسن والقبح الذاتي والحسن والقبح الازلي. ما يصدر من الله من الأفعال هي عن الله وليست على الله طبعا لكن وفق حكمة في الفعل وغاية في الفعل وليست غاية راجعة الى الله كي يتكامل بالغاية. هذا صحيح غنى الباري عن الغايات في الفعل لا يعني ان الفعل ليس له كمال وغاية. لان الفعل الذي ليس فيه كمال وغاية لا يكون آية للباري والفعل آية للفاعل فلا محالة لابد ان يكون للفعل غاية كي يتناسب هذا الفعل انه فعل صادر من الله. هذه الجهة جهلها الاشاعرة. البحث طويل ولا نريد ان ندخل فيه وان كان يتكرر في علم الأصول والفقه والكلام.
اجمالا الثواب استحقاقه بمعنى القابلية المناسبة صحيح اما بمعنى الدين وما شابه ذلك وان المخلوق اصيل وانه يملك مستقلا عن الباري تعالى وهم وليس بصحيح. فإذا في حين ينفى الاستحقاق الشركي لكنه لا ينفى الاستحقاق الذاتي في المخلوقات والافعال وليس الاستحقاق الازلي. وهذا المعنى الثاني لا ينافي التفضل. المهم هذا ا لبحث قاعدة لها شعب عديدة ومهمة ويتكرر في البحث الاصولي والفقهي والكلامي. ضبط ان الثواب على النفسي والغيري على ما هو.
مر بنا ان الإضافة التكوينية تلقائيا هي إضافة عبادية لا محالة ولما تكون الإضافة اليه تعالى عبادة فيكون في البين ثواب. فيا ترى انها مختص بالوجوب النفسي او مطلق؟ الصحيح انه مطلق يعني انه حتى الواجبات التوصلية التي أضيفت اليه تعالى تصير عبادية ويستحق عليها الثواب. كذلك عندما يقال ان الوجوب النفسي التوصلي ليس عباديا لا يعني انه يمتنع ان يكون عباديا بل يمكن ان يكون عباديا اذا اضيف اليه تعالى. كذلك عندما يقال ان الوجوب الغيري ليس عليه الثواب يعني لو اتي به بطبعه الاولي اما اذا اضيف اليه تعالى اخذ فيه الإضافة الى ذي المقدمة الى الوجوب الشرعي النفسي الآخر إضافة تكوينية بالتالي ستكون عبادية وستكون فيها الثواب.
اذا الوجوب التوصلي كغسل الثوب اذا قصده للصلاة يثاب عليه لكن اذا لم يقصده يصح ويقع. الوجوب التوصلي ليس قوام صحته الإضافة لكن لو اضافه لا مانع من ذلك. فاذا معنى ان الغيري لا ثواب له يعني في نفسه وطبعه اما اذا اضيف تكوينيا يستحق عليه الثواب وهذا البحث في الحقيقة يرجع الى ما هو الصحيح الحقيق بالانتباه من ان الانقياد في قبال التجري يستحق عليه الثواب العبد مطلقا بدرجاته المختلفة. والاضافة التكوينية اليه تعالى نوع من الانقياد. العبادية تعني الخضوع والخضوع يعني الانقياد من ثم الانقياد ذاتي الثواب وأيضا ذاتي العبادية. نعم لا يتوقف الواجب التوصلي نفسيا او غيريا على الانقياد ولا على الإضافة التكوينية العبادية لكن مع ذلك لو أضاف هذا الواجب التوصلي النفسي او الغيري اليه تعالى لكانت إضافة تكوينية لا محالة ويثاب عليها. هذا منبه على ان التجري حرام مطلقا عقلا وشرعا. اذا يعفو الشارع عن جملة من مراتب التجري تفضل من الله تعالى علينا. اذا صلة البحث في الثواب على الغيري هو ان الغيري يمكن ان يتبدل الى العبادي اذا قصد التوصل. هذا بيان لطيف لكن كما مر بنا ان هذا الحل الذي اعتمد عليه السيد الخوئي يفسر العبادية في مقام الامتثال ونحن نريد التفسير حتى في مقام التشريع ان الطهارات الثلاث من اين نشأت عباديتها في مقام التشريع. نعم هذا الحل يتضمن قواعد مثمرة مهمة كما ان هذا الحل بالدقة أيضا يمكنه ان يفسر العبادية الآتية من الوجوب الغيري وان كان الوجوب الغيري ليس عباديا لكن قصد الوجوب الغيري إضافة اليه تعالى لكن لا يفسر العبادية الا في مقام الامتثال والكلام في ان العبادية في مقام التشريع من اين حصلت.
الوجه الخامس: نسميه الوجوب الغيري او العنوان الإجمالي او المشير. تذكرون مر بنا الاشكال على تفسير عبادية الطهارات الثلاث بالاستحباب النفسي وكان من احد اشكالاته انه كيف يمكن ان يكون الاستحباب النفسي هو منشأ والحال ان المكلف في موارد كثيرة يجهل الاستحباب النفسي او قد يكون مجتهدا يقول بعدم الاستحباب النفسي فكيف يتأتى منه قصد الاستحباب النفسي؟
هذا الاشكال على الاستحباب النفسي اشكال على صعيد الامتثال ان الاستحباب يوجد الحل على صعيد التشريع لكن على صعيد الامتثال فيه الاشكال في الجملة لا بالجملة لان المكلف كثيرا ما يغفل عن الاستحباب النفسي لا سيما اذا قصد العدم فكيف يكون هذا حل في مقام الامتثال؟ اذا الحل الأول يعالج المشكلة على صعيد التشريع ومراحل أخرى لكن يواجه المشكلة في مقام الامتثال. بينما علاج السيد الخوئي علاج في مقام الامتثال لكنه يلاقي مشكلة في مقام التشريع. وماذا عن الحل الخامس وهو العنوان المشير؟
هذا الحل في المقام في نفسه قاعدة أصولية فقهية مفيدة كثيرة في باب خلل الصوم وخلل الصلاة وخلل الحج وخلل جملة من العبادات. العنوان الإجمالي او العنوان المشير يحقق القصد ام لا؟
مثلا الانسان اتى بالحج المستحب بنية الحج المستحب وهو مستطيع ويجب عليه الحج ولم ينو حجة الإسلام بل نوى الحج المندوب. هل تجزيه عن حجة الإسلام ام لا؟ او العكس قد يتخيل انه مستطيع ونوى حجة الإسلام بناء على ان الاستطاعة عند المتاخري شرط في شرعية ووجوب حجة الإسلام فظن انه مستطيع وليس مستطيعا فليس حجا عند المتأخرين هل تقع الحج مندوبا؟ او مثلا المكلف نوى صلاة الظهر في لسانه او في شاشة الخطور التفصيلي لكن الإرادة الارتكازية هي صلاة العصر هل تقع صلاة العصر ام لا؟ او ان الانسان ينوي صلاة الآيات ارتكازا لكن يزهل وينوي صلاة الظهر تلفظا او في شاشة الخطور التفصيلي والحال انه لو سئل لاجاب ان مرادي صلاة الآيات او في الغسل بناء على تباين الاغسال. فهنا هل يقع الواجب صحيحا او فيه خلل؟ لا سيما ان السيد الخوئي اعتمد هذا الحل كثيرا عندما يقصد المأمور به ولو اجمالا فهذا المقدار كاف في الصحة بل اكثر من ذلك هذا المقدار كاف في الصحة وهو المدار وما نواه في الخطور التفصيلي ليس المدار. كانما الإرادة الحقيقية او الجدية او القوية هي الإرادة الارتكازية وليست الإرادة التفصيلية الخطورية الحاضرة في شاشة ذهن الانسان. هذا بحث مهم.
في العقود يريد البيع لكن تلفظ بالاجارة وفي النكاح يريد نكاح امرأة معينة لكن تلفظ باسم امرأة أخرى وهلم جرا فالمدار على اللفظ او المدار على الإرادة الارتكازية؟ المدار على الخطور التفصيلي او المدار على الإرادة الارتكازية؟ اذا في المعاملات هكذا وفي العبادات أيضا هكذا ان المدار على الإرادة الارتكازية ام لا؟
فبنى السيد الخوئي على هذا. كثير من عوام الناس لا ينوي تكبيرة الاحرام. وقع السؤال كثيرا. يأذن ويقيم وبعده تبدأ بسورة الحمد وسورة التوحيد. تكبيرة الاحرام من اركان الصلاة واذا لم يكبر كيف تنعقد الصلاة وكيف تدخل في الصلاة؟ مفتاح الصلاة تكبيرة الاحرام شبيه التشهد بالشهادات الثلاث او الاثنتين مفتاح الدخول في الإسلام. هذا هو الفرق بين أصول الدين واسس الدين. فاذا لم يكبر فكيف تصح الصلاة؟ هذا خلل في الصلاة في اركان الصلاة. يمكن على علاج هذا الخلل ان هذا العامي نوى الصلاة بما هي مأمور به وبما هي عليه وهذا الصلاة التي نواه بالاجمال أولها التكبير فما يأتي من التكبير للركوع او التكبير في آخر الإقامة قد يمكن اذا نوى التكبير في آخر الإقامة بافتتاح الصلاة فهو تكبير الافتتاح وليس تكبير الإقامة وليس تكبيرة الاحرام وان نواه إقامة. او تكبيرة الركوع ان كان هذا البحث لم ينقحه ولم يبلور في كلمات المعاصرين لكن مشهور القدماء عندهم ان تكبيرة الاحرام هي تكبيرة التوجه وفي الروايات أيضا موجود انها تكبيرة التوجه. يعني ما معناه ابتداء الصلاة لكن بمعنى انه نوع من التوجه كل التكبيرات اثناء الصلاة عبر عنها في بيانات الأئمة علیهمالسلام انها تكبيرة التوجه. هذا نوع من الأداء الاستباقي لتكبيرات التوجه لو نسيها. يقول هذه التكبيرات الستة او السبعة استدراك لما ينساه من التكبيرات التوجه اثناء الصلاة. اجمالا يظهر من الروايات وفتاوى القدماء ان تكبيرة الاحرام او التكبيرات السبع هي ماهية تكبيرة التوجه فمن ثم تكبيرة الركوع لو وقعت التكبيرة الأولى هي تكون تكبيرة الافتتاح غاية الامر تكون صلاته بدون الحمد والسورة ولا يكون ركنا للصلاة لانه ناو هذه التكبيرة التي تأخذ في الصلاة وتكون اول تكبيرة. المهم البحث يحتاج الى زوايا فقهية في بحوث المركب الصلاة احد زوايا المهمة هو ان العنوان الإجمالي يغني عن العنوان التفصيلي. هذا البحث قاعدة مهمة تجري في المعاملات والعبادات بغض النظر عن المقام هنا والخوض فيها مهم جدا وفيه امثلة أخرى لهذا البحث وان شاء الله نتناولها الجلسة القادمة.