الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

44/11/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الالفاظ، مبحث الأوامر، مقدمة الواجب

كان الكلام في منشأ العبادية في الطهارات الثلاث، هل هو الوجوب الغيري او هو الاستحباب النفسي او هو الوجوب النفسي الضمني او هو قصد التوصل او القصد الإجمالي والعنوان المشير؟

بالنسبة الى الوجوب النفسي الضمني الوجه الثالث الذي بنى عليه الميرزا النائيني الآتي من وجوب ذي المقدمة وهو الصلاة، أشكل عليه بانه لو تعلق الوجوب النفسي للصلاة بالشرط الشرعي كما يتعلق بالجزء الشرعي للزم من ذلك ان الشرط كالجزء وأجبنا عن ذلك أن نحو تعلق الوجوب بالجزء تعلق نفسي اسمي بينما تعلق الوجوب بالشرط تعلق نفسي حرفي فتعلق الوجوب على نمطين وليس على نمط واحد. الوجوب هو نفسي يتعلق بالأجزاء نفسيا إسميا ويتعلق بالشروط نفسيا حرفيا.

أشكل علاوة على ذلك بان وجوب الصلاة مثلا لو كان يتعلق بالشرط لكان لبس الساتر شرطا شرعي ولنتج عن ذلك ان لبس الساتر يكون تعبديا والحال ان شرطية لبس الساتر توصلي. او ربما يقال ان الشرط تقيد وليس ذات الشرط وذات القيد كما يقال في البحث الفلسفي.

الجواب عن ذلك نقضا وحلا: الجواب النقضي ان عندنا شروط داخلية في الصلاة وهي من متعلق وجوب الصلاة مثل إقامة الصلب او جلسة الاستراحة سواء بين السجدتين او بعد السجدة الثانية او الموالاة بين الأجزاء هي شروط شرعية داخلية في الصلاة لكنها ليست تعبدية بل توصلية. والجواب حلّا ان الأدلة اذا دلت على ان المتعلق او هذا الشرط او الجزء داخل الصلاة يمكن ان يكتفي الشارع بانها توصلية ولا ضير بذلك. اما قضية التقيد جزء عقلي وليس القيد بالتالي هناك نحو ارتباط بين القيد والتقيد والمقيد لك ان تسمي السراية وهذه السراية الارتباطية حرفية وليست اسمية وهي نوع من اشعة الوجوب الى الشرائط الشرعية سواء كانت الشرائط داخلية او خارجية. هذه نكتة مهمة. نوع الارتباط ونوع التعلق وبالدقة لا فرق بين الشرط الداخلي والشرط الخارجي. على كل هذا الحل من الميرزا النائيني متين وحلال في أبحاث عبادية كثيرة ولكن حلّ المشكلة هنا في المقام ليست كاملة لانه يحل مشكلة عبادية الطهارات الثلاث فيما اذا دخل الوقت لا اذا لم يدخل الوقت. مر بنا انه لو توضؤ قبل الوقت فلأي منشأ للعبادية؟ ولو توضؤ قبل الوقت هل يسوغ له البقاء بطهارته قبل الوقت باعتبار ان الاستحباب النفسي يندك في الوجوب الغيري او الوجوب النفسي الضمني؟ اذا هذا حل ثالث لكن هو حل موجبة جزئية وليست موجبة كلية وان كان في نفسه متين.

الحل الرابع يعنون بقصد التوصل. الوجوب الغيري شيء وقصد التوصل شيء آخر. قصد التوصل فعل المكلف نفسه اما الوجوب الغيري حكم والاستحباب النفسي حكم آخار والوجوب النفسي الضمني حكم آخر والعبادية في تلك الوجوه ناشئة من الحكم بينما هنا العبادية ناشئة من فعل المكلف وهو قصد التوصل سواء حصل التوصل او لم يحصل التوصل نفس قصد التوصل نحو إضافة اليه تعالى يعني قصد التوصل لاداء ذي المقدمة الواجب كالصلاة او الطواف او قرائة القرآن او الدخول في الأماكن الشرعية هذه العبادات الشرعية عبادات امر بها الله تعالى ﴿في بيوت اذن الله ان ترفع﴾ أي شرع وامر. فقصد التوصل والوصول الى تلك الغايات الراجحة لدى الشرع نفسه إضافة تكوينية اليه تعالى ولو بوسائط فالاضافة ملحوظة مثل «قل لا اسئلكم عليه اجرا الا المودة في القربى» قربى نبي الله فهناك إضافة بين القربى والنبي وبين النبي والله تعالى.

من باب الفائدة الولائية: قالوا هذه الآية الكريمة ﴿قل لا اسئلكم عليه اجرا الا المودة﴾ او الاية الكريمة ﴿يا أيها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما﴾ عند القدماء عند الفريقين أي امر قرآني يأتي لابد له من مصداق واجب. هذا مبنى تفسيري فقهي في آيات الاحكام. فالامر بالصلاة على النبي بعض مواضعه واجب ويقولون مصداقه تشهد الصلاة باجماع الفريقين على ان التشهد بالشهادتين في تشهد الصلاة لا يجزي بل لابد من ضمن الصلاة على النبي والصلاة على الآل. هذا امتثالا للامر القرآني بالصلاة حسب مبنا القدماء من الفريقين انه لابد من مصداق واجب. كل السنة قاطبة اجمعوا على ان الشهادتين في تشهد الصلاة لا يكتفى بها بل لابد من ضمن الصلاة والصلاة فيها الآل ولا يقتصر فيها على سيد الأنبياء. من باب بحث الإضافة قلنا.

نرجع الى ما كنا فيه: المقصود في قصد التوصل إضافة وهذه الإضافة التكوينية هي إضافة اليه تعالى. تقريبا عند المتكلمين والفقهاء والاصوليين متسالم ان أي إضافة تكوينية اليه تعالى لابد ان تكون عبادية تكوينا وتشريعا. تشريعا منبثق من التكوين. أي فعل فيه إضافة بنحو او آخر، بواسطة او وسائط الى الله تعالى هذا الفعل لا محالة فيه لون العبادية وهذه الإضافة التكوينية لا محالة فيها عبادية فعندهم العبادية هي إضافة تكوينية ينبثق عنها العبادة التشريعية او تتقرر ماهية العبادة التشريعية. هذا مبحث حساس مهم في مواطن عديدة. نفس هذا المبحث قاعدة فقهية أصولية كلامية أخلاقية عقائدية لان كل هذه العلوم تبحث عن هذا المبحث. أي إضافة اليه تعالى تكوينا في فعل المكلف ينجم منه إضافة عبادية. هذا مبحث طويل الذيل يعني قاعدة يطرد عنها أبحاث كثيرة.

الشيخ جعفر كاشف الغطاء رحمة الله عليه في كتاب منهج السداد اخذ هذه القاعدة سيفا يصاب به الوهابية ويصاب به المشككة من الداخل. لان الشيخ جعفر اخذ في مواطن عديدة من كتابه هذه القاعدة لدفع كثير من الشبهات مثل تقبيل العتبات. قال لنفترض ان الشارع نهى. أولا حل السجود انه إضافة الى الله كتعظيم آدم بالسجود مع انه ليس تأليه آدم. في سبع سور إن لم يكن اكثر في القرآن يكرر الباري تعالى «اسجدوا لآدم» ما قال اطيعوا آدم او انقادوا لآدم او أعطوا ازمة الأمور بل كلمة اسجدوا. لم يصر القرآن على هذه الكلمة؟ هل الله يأمر بعبادة غير نفسه؟ المعروف هذا الجواب كما في بيانات الأئمة سلام الله عليهم انه إضافة اليه تعالى فالعبادة له تعالى وتعظيم لآدم وعبادة لله تعالى ولو كان شيئا شركا لما اختلفت ماهيته من نبي الى نبي ومن شريعة الى شريعة. لو كان السجود لغير الله تأليه للمسجود اذا لكانت الملائكة ألهت آدم. لا يمكن ان يقال هنا امر الشارع وفي محل آخر ما أمر الشارع لان الفارق ليس هذا بل الفارق هو الإضافة في السجود ان منتهاه هو الله والسجود لله وانما كان احتراما وتفخيما وتعظيما لآدم. فالاضافة حلال المشاكل.

فالمقصود ان الإضافة التكوينية للفعل اليه تعالى توجب حلولا للمسائل. لذلك هو يقول من يسجد للأئمة وافترض انه ارتكب محرما هل اشرك وأله الائمة؟ يقول كاشف الغطاء لا. افترض انه عصى لا انه اشرك لانه بالدقة هو يريد الله وان عليا ولي الله لا انه الله العياذ بالله. هو في الحقيقة يسجد لله. الإضافة التكوينية هي هذه. في نفسه السجود لله وليس لاميرالمؤمنين سلام الله عليه كبحث تكويني وكلامي واصولي وفقهي. شكرا لله على ان بلغه زيارة وليه. على اية حال فقضية الإضافة تلوين ماهوي وهذه قاعدة مهمة. ويوجب العبادية.

ذكرت لكم هذه القاعدة ينفتح منها قواعد عديدة غاص فيها الاعلام. الشيخ جعفر كاشف الغطاء في كتاب منهج الرشاد بالصراحة حلحل إشكاليات وساوس تلكأ عرفاء الشيعة العظام في حلها بعد الشيخ جعفر وقبله وكذلك فلاسفة الشيعة اما الشيخ جعفر حلها عقليا وفقهيا واصوليا بقواعد هذه أحدها. الشيخ جعفر كان عنتر في علم الفقه والأصول والكلام واستطاع ان يحلها. مثل السجود للكعبة اللام للاتجاه وليس للتأليه. والا ما الفرق بيننا وبين الوثنيين؟ الفرق هو هذا انه للاتجاه. هذا كلام الشيخ جعفر يقول حتى لو كان محرما تكليفا ومعصية فرق بين ان يكون معصية وبين ان تقول تأليه. ابدا لون التأليه ليس فيه تكوينا وقاعديا. في كتاب منهج السداد اول كتاب كتب في رد الوهابية وكل من كتب بعده لم يأت بمثله لانه هو مستأسد في علم الفقه و علم الكلام وعلم الأصول وعلوم متعددة.

المقصود هذه النكتة مهمة إضافة اليه تعالى. يقول لو تسأل اجهل عوام الشيعة تعظيم النبي والأئمة لاجل ماذا؟ لأجل اضافته اليه تعالى. افترض ان الشارع نهى المرأة ان تصلي في بعض المواضع فلو أتت المرأة الصلاة لله هل الصلاة ليست لله؟ تكوينا الصلاة لله فعاصية لكن الصلاة مضافة اليه تعالى لكن الله لا يرغب هذه الإضافة.

هذه القاعدة هي أساس الحل عند الأصوليين في مبحث التعبدي والتوصلي في الدور وما شابه ذلك حلحلته عند الأصوليين هذا المبحث حينئذ في الطهارات الثلاث يمكن تصوير عباديتها انها مضافة اليه تعالى. يقصد ان يتوصل بها الي الصلاة فهو منشأ عباديتها. هذا الحل اعتمد عليها السيد الخوئي سواء قبل الوقت او بعد الوقت وهلم جرا.

الان ما كملت شرح الحل والحل له مقدمات بل الان عنونتها والمقدمات مهمة ومثمرة بغض النظر عن المقام. اجمالا هذا الحل عند السيد الخوئي حل جيد ولكن هذا الحل بالدقة حل في مقام الامتثال بينما المشكل ليس في مقام الامتثال فقط بل المشكلة ا يضا في مقام التشريع والانشاء والفعلية من اين العبادية للطهارات الثلاث تشريعا. ليس في مقام الامتثال فقط؟ ما الذي الزم العبادية من ناحية الحكم والامر وغدا نكمل الحل ان شاء الله والحل الخامس حلال المشكلات