44/11/11
الموضوع: الالفاظ/مبحث الأوامر/مقدمة الواجب مقدمة التعلم وآثار الاحتياط الوجوبي
كان الكلام في الوجوب الغيري والوجوب النفسي ولكن فيه نقطة نسيناها في مبحث وجوب التعلم ومقدمية التعلم وهي ان الشيخ الانصاري رحمة الله عليه في رسالته العملية افتى ان وجوب التعلم وان كان الصحيح هو وجوب طريقي لكن تارك التعلم مطلقا فاسق فكيف يجتمع القول بكون وجوب التعلم طريقيا والقول بان تارك التعلم مطلقا فاسق لان المفروض ان يقرر ان تارك التعلم ان صادف ترك الواقع فيوجب الفسق وان لم يصادف ترك الواجب الذي لم يتعلمه لا يفسق، فلم بنى الشيخ على ان تارك التعلم مطلقا فاسق؟ الميرزا النائيني اعترض على الشيخ الانصاري بهذا الاعتراض.
والتزم السيد الخوئي رحمة الله عليه بان حالق اللحية وان لم يفت بالحرمة لا تقبل شهادته ولا يأتم به في صلاة الجماعة يعني ما يعامل معاملة العادل مع انه لا يفتي بحرمة حلق اللحية وانما هو احتياط وجوبي. فيخرج مبنى الفسق عند الشيخ الانصاري بان الفسق ليس بالضروري ان يكون ارتكاب المعصية والمخالفة الواقعية. لو كان الفسق هو ارتكاب المعصية والمخالفة الواقعية لكان اعتراض الميرزا النائيني في محله ولكن اذا فسر الفسق ليس بالمخالفة والمعصية بل الفاسق هو الانسان غير المنضبط وفق المقررات الشرعية. ليس بالضروري ان نقول المخالف للاحكام الشرعية او العاصي للاحكام الشرعية بل لو افترضنا انه ليس مخالفا ولم يرتكب معصية ولكن هو غير منضبط وغير متقيد وغير ملتزم وغير مستمسك بالمقررات الشرعية فعدم الانضباط بالمقررات الشرعية يسميه السيد الخوئي فسقا. كان الفسق مع العدالة عند السيد الخوئي الى حد ما او في البالغين ضدان لا ثالث لهما فحكمهما شبيه النقيضين بخلاف الضدين الذين لهما ثالث فيمكن فرض حالة الوسط. لكن الضدين الذين لا ثالث لهما وان كانا وجوديين لكنهما من قبيل النقيضين. فاذا اذا عرفنا الفسق بعدم الانضباط بالمقررات الشرعية فصعب ومحل الابتلاء في الشهادة والشهود وصلاة الجماعة وغيرها فيعرف الفسق بانه عدم الانضباط وان لم يرتكب المعصية وهذا حتى في بيانات القرآن في الفسق وان كان الفسق في القرآن اصطلاح غير المعصية وغير الاثم وغير الخطيئة بل عنوان خاص. فاذا تفسير السيد الخوئي هكذا انه لا سيما على مبنى الشيخ الانصاري ومبنى المشهور وهو الصحيح ان العدالة ملكة. فالفسق ليس ملكة رديئة بل الفسق عدم الملكة السديدة. تارة نقول ملكة رديئة والرذائل وتارة نقول عدم الملكة في الفضائل هو بنفسه فسق. حتى على مبنى السيد الخوئي ان العدالة ليست ملكة لكن مبناه في العدالة انه استقامة عملية والسلوك العملي على وفق المقررات الشرعية. هذا توجيه لا بأس به في كلام السيد الخوئي.
فيه توجيه لكلام الشيخ الانصاري ليس على مبنى الشيخ الانصاري وهو ان يقال ان التجري معصية وهو الصحيح انه معصية عقلا وحتى شرعا. انه عفي ولا يعاقب عليه لا يعني انه ليس معصية. مثلا الظهارة حرمة معفو عنها فمعصية وفسق لان الصغائر اذا تم الفراغ عنها يصير كبائر. فبناء على ما هو الصحيح ويبنى عليه الاخوند وغيره ان التجري بكل مراتبه معصية وحرام شرعا وعقلا والأدلة الواردة في عدم العقوبة في التجري لا ترفع الحرمة العقلية والشرعية وانما ترفع العقوبة في بعض صور التجري وفي بعض صورها لا ترفع العقوبة أيضا كما هو العكس في الانقياد. فهذا توجيه لمن يترك ترك التعلم وان كان وجوبا طريقيا يوجب الفسق.
تارة يترك الاحتياط الوجوبي يقلد من يجوز فعنده مؤمّن وهذا بحث آخر اما اذا لم يحتاط ولم يقلد من يقول بالجواز فحينئذ قل صلاته باطلة. مثلا في قضية التشهد بالشهادة الثالثة السيد الخوئي يفتي بالاحتياط الوجوبي وان كان كلامه في العروة خلاف ذلك. في العروة يبني على ان الشهادة الثالثة بالضرورة قول راجح ايماني يعني عبادي لان اكبر العبادات هو الايمان. يدعي بالضرورة لا بالاجتهاد والأدلة الظنية الشهادة الثالثة قول راجح ايماني لكنه يحتاط لعله لاجل عدم التشنج او ما شابه ذلك. طبعا الميرزا جواد التبريزي في صراط النجاة يفتي جزما بجزئية المستحبة للشهادة الثالثة في النوافل لكنه في الصلوات الفريضة يحتاج بمعنى انه لا يفتي فيفصل وهذا واضح ان الموازين الصناعية بين الصلوات النوافل والصلوات الفريضة هي واحدة الا ما استثني وهذا ليس منها. فهذا واضح انه لمراعاة الجو التشنج والتوتر وما شابه ذلك. لان البعض لا يتحملون الشهادة الثالثة في الاذان. أيا ما كان لا زال اعوذ بالله لا يتحملون علميا وصناعيا
فالسيد الخوئي في الشهادة الثالثة يبني على الاحتياط أما لا يمكن النسبة اليه انه يقول بالبطلان وانما تبطل عمل المكلف اذا لم يرجع الى من يجوز. نسبة البطلان للسيد الخوئي نسبة زائفة بل يقال ان لم يرجع الى من يجوّز فاللازم ان يحتاط فرأيه هو السكوت والتوقف. بحث الاحتياط الوجوبي ورعايته في قضية ان الانسان اذا لم يرجع الى من يفتي بالجواز ولم يحتاط حينئذ لم يأت بالمقررات الشرعية ظاهريا. لا ان ننسب الى المرجع انه يقول بالبطلان بل هو توقف ولم يفت بشيء. فالمقصود أيا ما كان ضوابط الاحتياط الوجوبي يجب الالتفات اليه.
هذا تمام الكلام في بحث من ترك التعلم. نرجع الى بحث الوجوب الغيري والوجوب النفسي.
من باب ان الشيء بالشيء يذكر: تدبرت كلام الشيخ الطوسي في المبسوط في الاحتياط الوجوبي فهو يقول انه وردت روايات في فصول الاذان بعدد كذا. اذا يتدبر في كلمات القدماء يظهر خفايا من كلماتهم خفيت على الفقهاء العظام رحمة الله عليهم اجمعين. بالتالي العلم يقتضي التدبر والجهد. الشيخ الطوسي في فصول الاذان يقول وردت عدد كذا وكذا. مثلا يقول اخر الاذان أربعة تكبيرات لكن هذا ما يلتزم به المشهور والروايات موجودة. في فصول الاذان الروايات متضاربة باعتراف الشيخ الطوسي في فصول لازمة وجوبا. أشار الى ذلك المجلسي الاب. الشيخ الطوسي يقول من عمل باي من هذه الروايات، عملا اجتهاديا لا العمل التقليدي لانه يقول رويت روايات كيت كيت ويقول من عمل باي من هذه الروايات لم يكن مأثوما. هذا كلام الشيخ الطوسي. في روايات الشهادة الثالثة نفس الشيخ الطوسي في النهاية يقول من عمل بهذه الروايات الشواذ في الشهادة الثالثة لم يكن مأثوما. نفس العبارة في المبسوط حول فصول الاذان الوجوبية يقول في النهاية يمكن ان يعمل بهذه الروايات التي مفادها ان الشهادة الثالثة جزء واجب. الشيخ الطوسي يقول الذي يعمل بها غير مأثوم وان لم يبن عليه هو نفسه كما في عدد فصول الاذان رأيه رأي المشهور لكن يقول يسعى موازين الاجتهاد وا لاستنباط كلا الاجتهادين الاجتهاد المشهور وغير المشهور. موازين الاجتهاد تسع
ماذا يعني؟ يعني ان القول بجزئية الشهادة الثالثة ليس خلاف الضرورة لأن عندنا نصا معتبرا ان التشهد الذي في الاذان هو التشهد في الصلاة نصا معتبرا الى فضل بن شاذان عن علي بن موسى الرضا وعمل بها المشهور ان التشهد الموجود في الاذان والإقامة هو نفسه موجود في داخل الصلاة+ واثنين هذه الروايات الشاذة سندا معتبرة. هو زعيم الطائفة ولم لا نتدبر كلامه. الشيخ الطوسي حول الروايات الواردة في تشهد الاذان يقول العامل بها ليس بمأثوم العامل بها عملا اجتهاديا. والثلاثة من اين ندعي ان جزئية الشهادة الثالثة هذه بدعة ولم يقل بها احد. الشيخ الطوسي يقول ليس خلاف الضرورة وليس عندنا ضرورة مذهبية ان الشهادة الثالثة ليست جزء للصلاة وجزء للاذان ولا تسالم. رحمة الله على الشيخ الطوسي يقول انه ليس خلاف الضرورة واثنين يقول شاذة يعني سندها معتبرة والثلاثة يعني موازين الاجتهاد تسعه والاجتهاد على الموازين. ليس يقول ان الجزئي ليس خلاف الضرورة يعني مفاد الروايات جزئية واجبة وليست مستحبة. فليس اتفاق. نعم الشيخ الطوسي يقول ان رأيي هذا واخطّأ من يفتي بالجزئية لكنه ليس بمأثوم. يعني مثل المجتهدين لما يختلف آرائهم فيخطّأ كل منهم غيره ففي حين انه يخطّأ لكنه يقول ليس بمأثوم.
العلامة الحلي في التذكرة أيضا هكذا يقول ونفس موقع الشيخ الطوسي اذا كيف يقال ان القائل بالجزئية المستحبة ليس على الموازين. العلامة الحلي يقول فيه وجه في الجزئية الواجبة. العلامة الحلي في المنتهى والتذكرة يخطّأ يكنه يقول ليس بمأثوم ومفاد الروايات جزئية واجبة وليس مستحبة. اعترف بورودها الشيخ الطوسي والصدوق وموقف العلمي للطوسي يختلف الموقف العلمي تجاه هذه الروايات يقول شاذة يعني سندا معتبرا لكنه لم يعمل بها. الشهيد الأول في البيان أيضا عنده نفس الموقف العلمي ان الذي يعمل بهذه الروايات مخطأ لكنه ليس بمأثوم يعني لا خلاف الضرورة وليس خلاف موازين الاجتهاد. هذه حقيقة عظيمة. الشيخ الطوسي والعلامة الحلي والكثير من الاعلام قرروا هذا الموقف. اذا القول بالجزئية الواجبة ليس خلاف الاولين والاخرين. المقصود هذه النكات في بحث التعلم والاحتياط الوجوبي وغيره يحتاج الى تثبت كثير والا كثيرا ما تصير النسب غير صحيحة وغير سديدة.
درسنا خلل الصلاة عند السيد محمد الروحاني بدءا ثم الميرزا هاشم الاملي وكانا فحولا في مبحث صناعة الصلاة ثم درسنا عند السيد علي الفاني ثم الميرزا جواد التبريزي يعني اربع مرات درسنا بحوث خلل الصلاة بصناعتها وتعقيدها وترعرنا على هذه الفحول مع ذلك بعد ثلاثين سنة وقفت على كلام الشيخ الطوسي امس ثم افتهمت من كلامه هذا المطلب العظيم. مع اشتغالي بهذه العبارة عدة مرات الان افتهم نكات صناعية يذكر الشيخ الطوسي والمشهور غفلوا عنها. التثبت في المواد والأدلة شيء عظيم.
مثل فتوى بحر العلوم الان افتهمت انه يفتي بالوجوب لا الوجوب التخييري بل الوجوب التعييني. البحث العلمي مفتوح وباب الاجتهاد ما مسدود. ما عندنا في ناموسنا في المذهب الجعفري سد باب الاجتهاد كما ان الشيخ الطوسي يفتي ان من يفتي بهذه الروايات مخطأ لكنه ليس بمأثوم يعني على الموازين. فضلا عن ان يقال انه بدعة او فتنة او كذا. المقصود ان بحر العلوم من باب الفائدة العلمية قرأت هذه الفتوى عشرات مرات والان افتهمت انه يذهب بالجزئية الواجبة بالادلة العامة في التشهد بالجزئية الوجوبية الركنية. اكثر من هذا ينسبه الى الطائفة ان كل من يقول ان الشهادة الثالثة من احكام الايمان فهو يلتزم بالجزئية الواجبة للشهادة الثالثة بالادلة العامة لا الخاصة. المقصود ان البحث العلمي والتعلم والاحتياط الوجوبي يصب في ان باب الاجتهاد ليس بمسدود وليس تهزبا وصراعات حزبية ونعوذ بالله عن تبديل التقليد الى صراعات.