الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

44/11/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الالفاظ، مبحث الأوامر، مقدمة الواجب

كان الكلام في التعلم وهو من المقدمات المفوتة في جملة من الموارد وليس فقط مقدمة لإحراز الامتثال كما هو طبع التعلم بل في جملة في الموارد مثل صلاة الآيات في ما كان الوقت ضيقا فأداء هذه الصلاة يفوت ان لم يتعلم الانسان كيفية الصلاة هذه وبعض أنواع الشكوك يسبب ابطال الصلاة او في مباحث الحج كما مر وفي هذه الموارد ليس التعلم صرف مقدمة علمية لإحراز الامتثال بل هو مقدمة مفوتة أي دخيل في الوجود.

فوقع الكلام بين الاعلام في تخريج الوجوب للتعلم، هل هو من باب المقدمات المفوتة؟ او من باب دفع الضرر المحتمل؟ او من باب التمسك بادلة وجوب التعلم؟ وهذه الأدلة من الايات والروايات منهم من حملها على الوجوب النفسي كالمحقق الاردبيلي او الوجوب النفسي الطريقي الشرعي او الوجوب الغيري او الوجوب الارشادي وما الفرق بين الارشادي والطريقي والنفسي؟

الوجوب الطريقي قد يكون عقليا وقد يكون شرعيا مثل وجوب الاحتياط عقلا في موارد العلم الإجمالي ومنجزية العلم الإجمالي في اطراف العلم الإجمالي فيوجبه العقل طريقي الاجل رعاية المعلوم بالعلم الإجمالي فهو وجوب طريقي عند العقل فإذا هناك وجوب طريقي كالاحتياط عقليا او شرعيا وحجية الظنون عند المرحوم العراقي كما مر بنا وجوب تكليفي طريقي متعلق بالاستطراق والتمسك بالطريق. طبعا ليس كذلك التمسك بالثقلين وليس طريقا بل له موضوعية ذاتية. اذا حجية الظنون عموما عند من ببني على ان الحجية فيها حكم تكليفي حكم طريقي بخلاف النائيني عنده حجية الظنون المعتبرة حكم وضعي بان يقال ان هذه الظنون علم. الفرق بين الحكم الوضعي والحكم التكليفي المفروض ان الاخوة يستحضرونه. المهم احد عشر قولا في حجية الظنون واحد ا لاقوال من باب المثال حجية طريقية شرعية تأسيسية او شرعية امضائية.

فإذا الحكم الطريقي قد يكون عقليا وقد يكون شرعيا. فائدة معترضة مر بنا قبل سنين وهي ان تقسيمات الاحكام الشرعية برمتها موجودة في الحكم العقلي فضلا عن الحكم العقلائي. التقسيمات المذكورة كالتكليفية والوضعية وبقية التقسيمات. فإذا في النظام القانوني العقلي كذلك وفيه نظام قانوني عقلائي وفيه نظام قانوني شرعي وفي آخر كتاب العقل العملي نقلنا كلمات الأصوليين في الفرق بينها في الخاتمة وما قبل الخاتمة. المقصود اذا فيه ناظم قانوني عقلي عقلائي شرعي والترتيب أيضا هكذا. العقلي تكويني والعقلائي العرفي والاعتباري والشرعي. هذه التقسيمات كلها موجودة في العقلي والعقلائي والشرعي. لكن كيف بحث اخر. لكن نكتة مهمة.

فعندنا وجوب نفسي يحتمل وجوبا طريقيا او غيريا او ارشاد قد يقال امر ارشادي او يقال ارشاد او دليل ارشادي فما هو الدليل الارشادي وما هو قيمة الدليل الارشادي؟ المعروف ان الارشاد قيمته في المرشد اليه وليس فيه نفسه وحجيته في المرشد اليه ليس في الارشاد نفسه. ان كان المرشد اليه حجة فهو حجة وان لم يكن المرشد اليه حجة فليس بحجة. ما هو الارشاد؟ الارشاد الذي ليس هو حجة يعني ليس فيه تصديق وانما الحجية ان كانت موجودة فهي في المرشد اليه وليس فيه نفسه. سواء الامر الارشادي يعني انشاء امر ارشادي وهو ليس قانون اعتباري بل مجرد ارشاد وليس حجة يعني ليس فيه تصديق بل المرشد اليه يجب التدبر فيه. مجرد التصور والاحتمال الذي يعده الشرع احتمالا يجب ان يلاحظ المرشد اليه. يعني الارشاد سواء بصيغة الانشاء او الارشاد بصيغة الاخبار. كل منهما ارشاد ليس فيه حجة تصديقية بل فقط احتمال وهذا احتمال ملزم يعني ملزم بالفحص والتدبر في المرشد اليه. بخلاف القياس انه لا ارشاد فيه ولا احتمال يعتد به الشارع او السحر او الشعبذة او الطلسمات المحرمة او الارتباط بالجن والكهانة كل اقوال الكهنة المنجمين في القسم المحرم منهم والشعبذة والسحر حتى بمقدار الارشاد يحرم الشارع ويمنع الشارع عنها. حتى بمقدار الارشاد حرام او منع من الشارع ان يتعاطى الانسان معه. لذلك محرمة يعني حتى تصورا الشارع لا يتعاطى عنه. شبيه الفرق بين الخبر المعتبر يعني حجية تصديقية فيه وخبر ضعيف وخبر موضوع يعلم بوضعه فما له معنى ان يتعاطى معه تصورا ولو في موارد السيد الخوئي في معجم الرجال الحديث ذكر امثلة للخبر الموضوع والحال ان المشهور قالوا ان الخبر متين ولا غبار على معناه فتحديد الصغرى فيه الاختلاف. ففيه الخبر بين الخبر الموضوع الذي علم وضعه بتناقضه مع ثوابت الدين والخبر الضعيف يعني المحتمل فيعتنى به قدر الاحتمال. معنى حرمة الرد لخبر الضعيف اجمع عليه كافة علماء الامامية الا من له مبنى شاذ يعني تعامل علميا مع الاخبار الضعيفة تعامل الارشاد على اقل التقدير.

ذكرت لكم ان السيد محمد الروحاني رحمة الله عليه وكان يوصفه السيد المرعشي بانه عبقري زمانه في علم الأصول وهو اهل ومحل للسيد. دائما يوصي بان الفقه الرضوي ما يقول. فواحد سأله هل الفقه الرضوي معتبر عندكم؟ قال بغض النظر عن الاعتبار نفس المفاد الذي يجيء بها عبارة عن توليفه وتأليفه بين الروايات المتعارضة في الأبواب بشكل نسق متين ودقيق. من ثم يسرعي الانتباه اليه. هذا هو معنى الارشاد. فحرمة الرد حرمة شرعية وضعية يعني حتى استنباط المجتهد مع عدم اعتناءه بالاخبار الضعيفة فكيف يعتني به المجتهد؟ يعتد بها ارشادا وتصورا ليرى ان المعتد اليه موجود في الروايات الأخرى ام لا؟ هذا كان يدمنه كافة فقهاء الامامية. سيد محسن الحكيم وصاحب الجواهر والشهيد الأول حتى الشهيد الثاني مع تصلبه بالطريق يعتني بالاحتمال. كافة علماء الامامية ابدا لا يعزب في مفاده لانه اصل التصور لابد من الالتفات اليه. فاذا الارشاد والامر الارشادي والحكم الارشادي هو في نفسه ليس مولوي لا تكليفا ولا وضعا لكن يعتد للارشاد والمرشد اليه. طبعا الحكم الارشادي لا يغلب على التصديق الظني وكما ان التصديق الظني لا يغلب على التصديق اليقيني وهلم جرا. هي مراتب حتى التصديق اليقيني لا يأخذ بمفرده بل مجموعة الدين. لا يأخذ الدين من آية واحدة ولا من رواية واحدة. الدين منظومة. ليس فقط حسبنا كتاب الله وليس فقط حسبنا احاديث العترة بل هما معا. فهذه منظومة بلاشك. لكن الارشاد بالتالي هذا هو دوره. الكثير يجعل الارشاد تصديقا وهذا ليس صحيحا والكثير يجعل الارشاد كالسحر وهذا أيضا ليس صحيحا. لا افراطا في هذا الجانب ولا الافراط في ذلك الجانب.

اذا الكلام في الحكم الارشادي او الحكم النفسي او الحكم الطريقي او الحكم الغيري. حينئذ هذا البحث اجابه الاعلام. اما من باب المقدمة المفوتة والصحيح انه حكم نفسي طريقي. المشهور ذهبوا الى ان الأدلة في الايات والروايات على وجوب التعلم انه حكم طريقي وليس نفسيا وليس ارشاديا وليس غيريا كبقية الاحكام الطريقية. في جملة من الموارد التعلم وجوبه غيري كالمفوتة بحيث اذا لم يتعلم سيؤدي به الى عدم الامتثال. مثل الناطق بغير العربية. فاذا لم يتعلم العربية في السورة والحمد قبل البلوغ او بعد البلوغ ستفوت له جملة من الصلوات بقرائة صحيحة وهذا اذا كان بسوء الاختيار وان كان صلاته صحيحة لكنه مأثوم بتفريطه من مرتبة من الصحة من الصلاة. يعني هناك أبواب عديدة من المركبات العبادية ان الشارع يصحح العبادة الناقصة وبسوء الاختيار ومأثوم لكنه يصحح وضعا. المشهور تقريبا بنوا على هذا. في الصلاة او الطواف او نسك العمرة او نسك الحج. مثلا المشهور شهرة عظيمة وتبنيناه الى صاحب الجواهر ان الخلل في الطواف والسعي الغير العمدي والغير الملتفت اليه وخرج الشهر ذي الحجة وبطل الطواف او بطل السعي عند المشهور هو الصحيح والأدلة موجودة لكن المتاخرين لم يتبنوه. العمرة صحيحة والحج صحيح غاية ما عليه يقضي الطواف او يقضي السعي. مع انه مأثوم في التقصير لكنه صحيح. الخلل في الطواف ولو تقصيرا ليس عمدا وليس شاكا لا يبطل العمرة التمتع ولا يبطل عمرة. فقط يقضي عنه آخر حتى لو كان في غير ذي الحجة. والا يكون محرما الي ان يطاف عنه.

اذا هو حكم طريقي وفي بعض الموارد مقدمة مفوتة هذه كلا بهذاالمقدار اجمالا واضح. اما مقدمة مفوتة مضافا الى الأدلة الخاصة في التعلم وواضح ذو وجوه مختلفة في لزوم التعلم وليس مقدمة علمية بل مقدمة وجودية مفوتة

بقي في وجوب التعلم صورة معينة او زاوية معينة بالنسبة الى غير البالغ سيما اذا ما يتعلم شيء. هذا اذا دخل عليه وقت الصلاة او الواجبات الأخرى لم يستطع فهل يلزم الصبي او لا يلزم؟ السيد الخوئي جزم انه لايلزم لان رفع القلم عن الصبي. لا يلزم بنفس التكاليف ولا يلزم بتخريجات المقدمات المفوتة لانه مرفوع عنه كل التكاليف بما فيها المقدمات المفوتة. مرفوع عنه الوجوب الطريقي النفسي الشرعي في ادلة وجوب التعلم. كل الوجوبات في الشريعة مرفوع عنه. فاذا بيني السيد الخوئي على ان غير البالغ لا يلزم بالتعلم قبل بلوغه وما فيه ملزم. النائيني رحمة الله عليه مع ان مبناه مبنى متأخري العصر ذهب الى ان خصوص التعلم مستثنى من الواجبات المرفوعة عن الصبي. لان التعلم في طول الاحكام التكليفية وليس لنفس الاحكام التكليفية وظاهر حديث الرفع رفع الاحكام الأولية سيما ان التعلم او المقدمات المفوتة ملاك الالزام فيها ليس نفسها بالدقة انما ذيها الذي فعلي في وقته وطبعا الصبي بعد البلوغ التكليف عليه فعلي والملاك ملزم والملاك اولي. فاذا المقدمات المفوتة تختلف عن بقية التكاليف عند الميرزا النائيني ولا تقاس ببقية التكاليف ونمطها نمط طولي وثم هي ناظرة للتكليف في ظرفه وهو في ظرفه ملزم. من ثم الميرزا النائني عنده ان المقدمات المفوتة استثناءها عن حديث الرفع تخصص لان حديث الرفع ليس ناظرا اليه كما ان جملة من الاعلام من المتاخري العصر قالوا ان الفرائض الاعتقادية خارجة عن حديث رفع القلم عن الصبي. بعض المتاخري الاعصار قالوا ان في الفرائض الاعتقادية بالتوحيد والنبوة والامامة خارجة عن حديث الرفع وليست مرفوعة. البعض قال انه قد العقوبةخارجة حتى في العقائد لكن الفريضة ليست مرفوعة. المهم ان الاعلام متاخري العصر عندهم نوع من الاضطراب او نوع من الاختلاف في تصوير رفع الاحكام في العقائد. ان شاء الله نخوض فيه مفصلا. بخلاف القدماء. انهم كثير منهم او جملة منهم أصلا حديث الرفع ليس رفع الاحكام لا الفرعية فضلا عن الاعتقادية. حديث الرفع لا يرفع الاحكام عن الصبي انما الذي يرفعه يرفع المؤاخذة وهذا هو الصحيح ونحن نتبناه. ان شاء الله غدا نشير اليه. شبيه ان الكافر مكلف بالفروع ام لا؟