44/11/07
الموضوع: الالفاظ، مبحث الأوامر، مقدمة الواجب
كان الكلام في التعلم وان كان طبيعة العلم والتعلم مقدمة احرازية لاحراز الامتثال بخلاف المقدمات الوجودية التي هي مقدمات لوجود الامتثال ولكن في جملة من الموارد التعلم دخيل في القدرة وطبيعة العلم أيضا دخيل في القدرة فبدون العلم لا تتحقق القدرة كما اذا كان مركب عبادي يحتاج الى التعلم كي تحصل القدرة على الاتيان به لتعقيده وغموضه وبالتالي في تلك الموارد تكون العلم مقدمة وجودية. طبعا لازم عقلا على الانسان كما هو وجوب الامتثال لازم عليه احراز الامتثال. يعني يلزم عليه احراز الامتثال واليقين بالفراغ لان احتمال الامتثال يقارن احتمال المخالفة والتخلف عن الامتثال واما عند اليقين بالامتثال تنتفي المخالفة. فكما ان العقل يلزم بالامتثال يلزم احراز الامتثال واليقين بالامتثال. من ثم في موارد العلم الإجمالي يلزم الفراغ اليقيني او الموافقة اليقينية كما يعبر عنه الاصوليون ان الاشتغال اليقيني يقتضي الفراغ او الموافقة اليقينية. من ثم كان العمل بخبر الواحد الصحيح في الشريعة موافقة ظنية وليست موافقة يقينية. ففي الأصل معنى حجية خبر الواحد هو عذرية الموافقة الظنية بخلاف من يعمل بجميع الاخبار عملا علميا وليس العمل العملي يعني ان الفقيه والمجتهد يعمل بجميع الاخبار عملا علميا بحيث يصطاد الواقع فيكون موافقة يقينية سواء على صعيد الفتوى او على صعيد العمل. فاصل معنى حجية خبر الواحد اعتمادا على الطريق عبارة عن موافقة ظنية لا ان اصل التنجيز للشريعة واحكام الشريعة هو بتوسط خبر الواحد الثقة او الصحيح بل اصل التنجيز في كل باب هو من العلم الإجمالي حتى في باب المعارف والعقائد وانما بتوسط خبر الواحد الثقة يثبت للإنسان عذر في الفروع والشريعة ففي الحقيقة خبر الواحد ليس هو مثبتا كما قد يتخيل بل المثبت هو نفس العلم الإجمالي الكبير وانما خبر الواحد عذر وموافقة عذرية وظنية والا اصل التنجيز بالعلم الإجمالي بالاثبات الإجمالي.
من ثم العمل بمجموع التراث كقاعدة أولية قرره الاصوليون جميعا في المقدمة الأولى او الثانية او الثالثة من مقدمات الانسداد سواء من وافق الانسداد او من خالف الانسداد من الأصوليين لان المقدمات الثلاث الأولى او حتى الأربع متفقة بين الأصوليين وهذا خطأ علمي كبير ان باب الانسداد لا يدرس لان هذا المبحث يعطيك خارطة عامة ما ورائية لابواب علم الأصول. منها ان اصل التنجيز من العلم الإجمالي مفروغ منه بادلة كثيرة ونحن ملزمون بالتراث اجمالا لا ان لنا خيارا في الاخذ به. فخروج كتاب من الكتب ورواية من الروايات يحتاج الى مؤمن. مثل الصلاة الى الجهات الأربع فخروج جهة من الجهات الأربع يحتاج الى مؤمن لان عندك علما اجماليا. هكذا في التراث بل هو اعظم وهذه نكتة جدا مهمة. غاية الامر ليس فوضة في العمل كما ذكر الاصوليون في باب الانسداد. لابد من مراعاة المحكمات والقطعيات في كل باب ودرجات القوة في الاحتمال والضعف في الاحتمال والصناعة الاستنباطية وهلم جرا.
فلما يبحث في الانسداد ان العلم الإجمالي ليس يقتضي الاحتياط عند العامي المكلف بل بالدرجة الأولى يقتضي الاحتياط في العمل العلمي الاستنباطي للمجتهد انه يجب ان يستنبط بطريقة تجمع امتن الاقوال واسد الاقوال ولا يغادر الفذلكة التي تسوغ للمجتهد. فالاحتياط العلمي معقد وصعب وانما يقضي عليه فحول المجتهدين والمستنبطين.
فاذا اصل حكم العقل لزوم الامتثال وعندنا لزوم احراز الامتثال يقينا اما الامتثال الظني بالخبر الواحد الصحيح امتثال ظني واحراز ظني لا انه هو مثبت. الاثبات الإجمالي العلمي من الأول موجود وانما خبر الواحد مفرغ عذري ظني لا ان اصل الاحراز به ولو قلنا به هو احراز تفصيلي ظني لان المشهور لا يقولون به بل يقولون مفرغ ظني.
العلم هو لاجل الفراغ واحراز الامتثال لكن في جملة من الموارد يكون العلم هو مقدمة وجودية لاصل الامتثال مثل علاجات خلل الصلاة و نحو المركبات في بعضها او الحج او الطواف من دون ان يعلم الحد اللازم مشكل نيته.
يواجه انه ما الدليل على وجوب التعلم؟ هو لاحراز الامتثال او الامتثال؟ فماذا عن الواجبات التي ليست فيها سعة؟ كيف يمكن حينئذ الامتثال فلابد ان يقع التعلم قبل زمان الواجب وقبل زمان الوجوب وما الملزم للتعلم؟ هل هو من باب دفع الضرر المحتمل او المقدمة المفوتة او من باب الدليل الخاص الوارد في التعلم كما ان لدينا ادلة خاصة دالة على التعلم قرآنيا وروائيا كما ان هذه الأدلة المسلمة الوورد اختلف الاعلام في مفادها هل مفادها الوجوب النفسي كما نسب ذلك الى المقدس الاردبيلي او الوجوب الطريقي وذهب اكثر المتاخري العصر الى ذلك وما الفرق بين الوجوب الطريقي والوجوب النفسي او مفادها الارشاد او مفادها الوجوب الغيري بمعنى الوجوب المقدمي لان العلم في جملة من الموارد مقدمة وجودية سواء مقدمة وجودية للامتثال او مقدمة احرازية وجودية لاحراز الامتثال؟ عندنا مقدمات علمية يعني مقدمات للعلم بالامتثال اصطلاحا. فهل هو مقدمة علمية او ارشاد او هذه الأدلة ما هو مفادها؟
ما هو الفرق بين الحكم الطريقي والحكم النفسي؟ النفسي فيه اصطلاحات تارة نفسي في مقابل الغيري وتارة نفسي مقابل الطريقي. النفسي المقابل الطريقي يعني الواقعي والا الطريقي هو نفسي في مقابل الغيري. فالنفسي يستعمل بمعنيين او اكثر. نفسي مقابل الطريقي يعني المطروق والطريق للمطروق والواقع طريقي وليس نفسيا يعني يلزم الزاما لا لنفسه بل لاجل الوصول الى الواقع الخارجي. فالطريقي مقابل النفسي بهذا المعنى مثل الظاهري المقابل للواقعي لان الظاهري طريقي للواقع. ولكن فيه نفسي مقابل الغيري. الظاهري كثيرا ما نفسي مقابل الغيري. الغيري يعني المقدمة الوجودية لذي المقدمة فعندنا وجوب طريقي وعندنا وجوب نفسي مقابل الطريقي وكذلك عندنا وجوب نفسي مقابل الوجوب الغيري.
حجية الظنون المعتبرة اذا فسرت الحجية بحكم تكليفي حجيتها حكم طريقي مثل تعبير «لا تنقض» حكم تكليفي طريقي اذا فسرناها بمفاد الحكم التكليفي. فالحكم الطريقي التكليفي الظاهري الاستطراقي.
العراقي اكثر ميله في حجية الظنون المعتبرة الى الحكم الطريقي فاذا لاحظ الحكم الطريقي انه حكم ظاهري تكليفي. فهل وجوب التعلم اذا جاء العبد وخالف وعصى فيقال هلا عملت ويقول لم اعلم فيقال: علا تعلمت. روايات متعددة والصدوق في آخر كتاب التوحيد فصل في البيان والتبيين ذكر جملة من الروايات على وجوب التعلم. فعلى أي تقدير ﴿فاسئلوا اهل الذكر﴾ امر بالسؤال فما هو المراد به.
حينئذ الامر بالتعلم هل هو من باب الطريقي او النفسي المقابل الطريقي يعني هو في نفسه له امتثال وله عصيان سواء أدى الى مخالفة الواقع او لم يؤد فيعاقب عليه. مثلا الشيخ الانصاري يقول وجوب التعلم بالنسبة الى العقوبة وجوب طريقي لكن بالنسبة الى الفسق وجوب تعييني نفسي والنائيني اشكل عليه انه كيف فككت بين الفسق والعقوبة؟ والخوئي رد اعتراض النائيني. فلاحظ وجوب التعلم عند الشيخ الانصاري بلحاظ العقوبة طريقي في كل الشريعة وهو بلحاظ الفسق نفسي يعني ليس يدور مدار الواقع بل يدور مدار نفسه وكثير من الاعلام ايدوا الشيخ الانصاري ان الفسق والعدالة ليس تدور مدار مخالفة الواقع بل تدور مدار برائة الذمة عقلا فاذا لم تبرء ذمته ولا يبالي ببرائة ذمته يكون فاسقا وسيأتي البحث فيه.
اذا وجوب التعلم بلحاظ الفسق وجوب نفسي انه لنفسه اذا خالفه الانسان يفسق لكن وجوب التعلم بلحاظ العقوبة طريقي خلاف للمقدس الاردبيلي. طبعا هذا في الفروع والا في العقائد وجوب التعلم هو نفسي لان اصل الواجب هو المعرفة والايمان متقوم بالمعرفة. ففي العقائد التعلم هو نفس الواجب لان الواجب ليس شيء وراء التعلم. في العقائد الواجب هو المعرفة والتعلم. هل المعرفة فقط او المحبة بعد؟ المعرفة وظيفة العقل النظري والفكر والمحبة وظيفة القلب. الايمان ليس معرفة من قوة الفكر فقط بل عمدة الايمان الواجب هو فعل القلب وهو المحبة لا ان المحبة والعاطفة لا دور لها في اصل الايمان بل اصل الايمان قائم على المحبة والمعرفة. فالعاطفة اذا اريد من العاطفة فعل القلب الذي يأثر على المشاعر الباطنية الروحية انه اصل الايمان «قل لا اسئلكم عليه اجرا الا المودة» وليس الا الادراك الجاف. اصل الايمان والعقيدة هي المودة وهي اشد من المحبة بنص القرآن. فاذا هو اصل الايمان. الحديث طويل.
اجمالا المعرفة احد ركني الايمان وليس هي تمام عاصمة الايمان. المعرفة بلا أي عاطفة ليس بإيمان ولا هداية فلا بد من قمة العاطفة وهي الحب والمودة وان كان تعريف المتكلمين والفلاسفة مخل جدا وهو سبب ما سبب من الغفلات والاخطاء. الفرائض الايمانية اعظمها في القرآن الكريم هي المودة والمحبة وليس المعرفة. اعظم فريضة هي مودة الله ومودة الرسول ومودة القربى. اعظم فريضة ليست الصلاة وليست الزكاة بل بنص القرآن اعظم فريضة مودته ومودة نبيه ومودة القربى طبعا لذلك لا المعرفة فقط. على الاطلاق هو اعظم فريضة بلا قابلية للتقييد. نعم مقدمة للمعرفة هي المحبة «فتحت باب فهمي بلذيذ مناجاتهم» النجوى باب مفتوح ونافذة مفتوحة مع كل العوالم. الصلاة تمهيد لذلك لا ان الصلاة تترك. «اقم الصلاة لذكري» المهم هو ذكر القلب وذكر الفكر وفي نصوص متعددة معتبرة «شرعت الصلاة لذكر الله وذكر الرسول» فعلى اية حال اذا في الايمان العلم او المحبة ليس مقدمة وجودية ووجوبه طريقي بل وجوبه نفسي غاية الامر نفسي يمهد الى ما هو اوجب منه وهو المحبة والمودة. اذا فيه الفرق بين العلم في العقائد ودور العلم في الفروع. قد يكون مقدمة وجودية وقد يكون مقدمة علمية اما في فرائض الاعتقاد العلم هو وجوبه نفسي وليس طريقيا.