44/11/03
الموضوع: الالفاظ، مبحث الأوامر، مقدمة الواجب
كان الكلام في المقدمات المفوتة والمقدمات الوجودية التي يسبق وجودها وجود الواجب فهناك حل من الواجب المشروط بالشرط المتأخر وهناك حل الواجب المعلق الذي ذكره صاحب الفصول وهناك حل الملاك الملزم الذي ذكره الميرزا النائيني وهذا الملاك الملزم كما مر نوع من تصوير الميرزا النائيني للحكم الفعلي الناقص وهو يتوصل في تصويره ان هذه المرحلة الفعلية الناقصة موجودة للحكم وان افترض امتناع الفعلية التامة او الفاعلية الناقصة والتامة وهذا كلام صحيح ولو بتوسط الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقابا وان نفاه خطابا يعني بلحاظ بعض مراحل الحكم.
فاذا الفعلية الناقصة غير مرهونة بالفعلية التامة ولا بالفاعلية واذا كانت الفعلية الناقصة ممكن التقرر مع امتناع الفعلية التامة والفاعلية فكيف بك مع عدم امتناعها لكنها مع تأخرها زمانا يمكن تصوير الفعلية الناقصة. ومر بنا انه من المهم معرفة ماهية الحكم الفعلي الناقص الذي يعبر عنه بانه الحكم الفعلي من قبل المولى يعني تمامية الحكم الجزئي من قبل المولى وان لم يكن الحكم وشرائطه الشرعية او العقلية من قبل العبد تماما.
مر بنا ان الشرائط الشرعية تتصور بلحاظ كل مراحل الحكم عند المشهور عكس ما يدعيه مدرسة الميرزا النائيني ومنهم السيد الخوئي. على كل هذا ممشاهم العام لكنهم بعضا ما يمشون على ارتكازهم مع المشهور.
الشرائط الشرعية ليست كلها منحصرة ومنصبة في اصل الفعلية الناقصة كما قد يظهر ويدعى من قبل الميرزا النائيني ومدرسته. بالدقة الشرائط الشرعية في الفعلية الناقصة وقيود الوجوب وشرائط الوجوب الشرعية هي دخيلة في اصل الملاك يعني في اتصاف الملاك بانه متوفر وتام. اما الشرائط الشرعية لبقية المراحل سواء الفعلية التامة او الفاعلية او التنجيز عند المشهور قيود شرعية لكنها ليست دخيلة في اصل الملاك.
من باب ان اسرد فوائد هذه المراحل وهي لب بحث مقدمة الواجب او البحوث الأخرى اذا ركز عليها الباحث تذلل له صعاب معقدة كثيرة.
القيود الشرعية لبقية المراحل غير دخيلة في اصل الملاك عند المشهور. القيود الشرعية في الفعلية التامة مثل ان الشارع يقول لمن كان ناسيا تصح الصلاة مع الخلل في غير الاركان. هذا النسيان قيد شرعي.
أتذكر أن صليت خلف الشيخ مرتضى الحائري ابن مؤسس الحوزة فكانت هناك تطويل في الاذكار وكانوا يستشكلون في الاتصال والمهم بعد الصلاة قالوا بطلت الصلاة. قلت لا ما بطلت الصلاة. أولا الصلاة الفرادى لا تبطل على أي تقدير ودخلت في هذه الصناعة قيود الصلاة مثل ان كلام الآدمي مبطل للصلاة ولا يعقل ان يكون مبطلا في التشهد ولا يكون مبطلا في القنوت. كلام الآدمي مبطل للصلاة في أي مكان من الصلاة ولا يمكن تصوره. نعم ان لم يكن في القنوت مبطلا كما افتى بذلك الشيخ المفيد والشيخ الصدوق في الشهادة الثالثة بل الشيخ المفيد يسرد أسماء الأئمة جملة وهذا اذا كان كلام الآدمي لا فرق بين القنوت وبقية أجزاء الصلاة. مثل الحدث. نعم مثلا بعض الموانع ليست مبطلة لكل الصلاة بل مبطلة لبعض الأجزاء مثل الحركة اليسيرة ليست مبطلة للصلاة بل مبطلة للقرائة لان القرائة تصح في حال الاستقرار. مثل من أراد ان يلحق بركوع الجماعة ويكبر ويركع وبعده يمشي الى صلاة الجماعة. لان الاضطراب ليس مانعا لكل الصلاة بل مانع عن القرائة. بعض الموانع مانع لبعض الأجزاء لا كل الصلاة. اما بعض الموانع ككلام الادمي مانع عن الصلاة تماما. ولا يبعد ان كلام الآدمي في صلاة الميت أيضا مانع. لان الصحيح عند القدماء ان صلاة الميت صلاة أيضا غاية الامر صلاة من غير ركوع وسجود فلا يحتاج الى التسليم ولا فاتحة يعني ليس فيه الركوع والسجود خلافا لمتاخرين قالوا انها مجرد الدعاء.حتى الصلاة التي مجرد الدعاء لايمكن ان تتكلم فيها بكلام الآدمي. فاذا كان كلام الآدمي مبطلا ما الفرق فيه بين صلاة الميت او النافلة الشيخ التبريزي بالجزم يفتي بالجزئية المستحبة للتشهد في صلاة النافلة. مركب الصلاة النافلة عين الصلاة الفريضة في الموانع والأجزاء والشرائط العامة. واضح ان عدم الفتوى في الفريضة من باب الاحتياط الوجوبي كان تجنبا عن التشنج العمومي. والا اذا جزم بالجزئية المستحبة للشهادة الثالثة في تشهد الصلاة لا فرق بين النافلة والفريضة. ما له معنى لمبطلية الشهادة الثالثة في الفريضة وعدم مبطليتها في النافلة. نعم فيه شرائط خاصة والموانع الخاصة في الفريضة دون النافلة لكن غالبا الموانع والشرائط فيهما سواء لمن خبر باب الصلاة وصناعة الصلاة.
فالكلام في الخلل غير العمدي كونه غير عمدي قيدا جعله الشارع في مقام الامتثال قيد للحكم لكن في مقام الامتثال. وليس حكما في مقام اصل الفعلية. مثلا نسى السورة الحمد هذا لا يعني ان الحمد غير مأخوذة في الفعلية في المتعلق لكن في مقام الامتثال يتغاضى الشارع. فلا تعاد قاعدة شرعية وتصرف شرعية في مرحلة الامتثال. كما ان «اذا شككت في شيء ودخلت في غيره» هذا قيد شرعي في المرحلة الأخيرة للحكم احراز الامتثال. كلما فرغت من شيء فامضه كما هو مرحلة احراز الامتثال وهي آخر مرحلة.
فقيود شرعية كثيرة كلا تعاد والتجاوز. لكن سنخان وليسا سنخا واحدا. هذه الأمور اذا نسيه الانسان الباحث فليقرء على البحوث الصناعية الفاتحة. لابد ان نميز القيود الشرعية لاي مرحلة هي وهذا لب بحث مقدمة الواجب واجتماع الامر والنهي وبحث الضد والنهي يقتضي الفساد. حتى كبار الاعلام تحصل عليهم الغفلات.
اذا كلام المشهور ان القيد الشرعي في اصل الفعلية دخيل في الملاك. اقم الصلاة لدلوك الشمس. قيد لاصل الفعلية. لله على الناس حج البيت من استطاع». قيد شرعي في التنجيز وهو الصحيح عند القدماء. لو تماحينا مع المتاخرين ان الاستطاعة قيد لاصل الفعلية حينئذ أي حج تذهب من دون الاستطاعة لا ملاك لحجة الإسلام فيه. حج مندوب ومشروع لكنه ليست حجة الإسلام. بناء على ان الاستطاعة قيد اصل الفعلية الناقصة. حينئذ هل هذا الحج مجزئ عن حجة الإسلام او لا طبقات المتاخرين مضطربون في الفروع الكثيرة. فقط في مبحث قيدية الاستطاعة السيد اليزدي في العروة ذكر مأة وعشر فرعا. مضطرون ان نراجع كل الفروع على ان نحد انها قيد التنجيز او الفعلية. والحق مع القدماء للادلة. حتى القدماء ليسوا صريحين فيها بل نفهم ارتكازا من كلماتهم في الاثار. تمحيص قيود الوجوب ليس بشيء سهل. أولا قيد شرعي او عقلي؟ ثم اذا كان قيدا شرعيا قيد في أي مرحلة؟ السيد هادي الميلاني كان من انبغ تلاميذ النائيني مع السيد محمود الشاهرودي المدفون هنا. أيا ما كان السيد محمود الشاهرودي تابع المشهور. الميرزا النائيني يرى ان كل القيود الشرعية قيد في الفعلية الناقصة. التنجيز في الحج يجعل حجة الإسلام دينا في ذمة المكلف دينا وضعيا وهذا صحيح لكنه ليس دخيلا في اصل مشروعية حج الإسلام.
مثال آخر لأهمية القيود. مثال البلوغ. هل هو قيد اصل فعلية الاحكام او هو قيد الفعلية التامة او قيد الفاعلية او قيد التنجيز؟ المتأخرون من المحقق الحلي الى بعد بنوا على ان البلوغ قيد شرعي عام. البلوغ دليله اعم لانه ليس مختصا بوجوب من الوجوبات. هذا بحث مهم. بحث البلوغ ولدينا بحث عمد الصبي خطأ. البحث طويل الذيل ومهم في المعاملات كلها والايقاعات كلها والعبادات كلها. كثير من القدماء على ان البلوغ ليس قيدا لاصل الفعلية. اما قيد الفعلية التامة او قيد التنجيز. مع انهم بنوا على ان البلوغ قيد الفعلية التامة قالوا اذا كان القيد قيد الفعلية التامة فصلاة الميت من الصبي غير البالغ لا تجزي في اسقاط الواجب الكفائي. لماذا؟ اذان الصبي لا يسقط استحباب او الوجوب الكفائي للأذان. الشيخ البهائي يقول اتفق الفقهاء على ان أي مدينة لا ترفع الاذان وتصر على عدم الاذان يجب محاربته. كيف يجب محاربتهم على امر مستحب؟ هذه سيرة النبي. «ان جاءكم فاسق بنبأ» كان شخص اخبر ان القوم رأيتهم لا يرفعون الاذان. طبعا كذب. سيرة سيد الأنبياء وسيد الاوصياء. بل لو كان الواجب الكفائي العادي هل تحارب مدينة؟ هذه قضايا فقهية لازم ان تضبط. حتى السيد الخوئي يعترف بهذا الحكم. هل يمكن سفك الدماء لواجب كفائي عادي؟ هذا يدل على ان الاذان من هوية الدين وأركان الدين. فكيف يعطل العتبات ويعطل الكعبة؟ اذا اذان هكذا مصيره يعتبر من بيضة الدين هل يمكن سد الكعبة والاضرحة المقدسة؟ الاذان هكذا فكيف بما هو اعظم من الاذان. فيه واجب كفائي ركن الدين وتسفك له الدماء. هذه نكات لازم ان نلتفت اليه.
المقصود ان البلوغ قيد ماذا؟ عند المتقدمين قيد الفعلية التامة. لكن المتاخرون يعتبرونها قيد الفعلية الناقصة يعني اصل الملاك. مع ان الرضيع يستحب ان يعتمر به ويستحب ان يحج به. يعني يوقع الحج فيه. فاذا البلوغ قيد اصل الفعلية الناقصة عند المتاخرين وقيد الفعلية التامة عند المتقدمين. مع هذا قالوا ان صلاة الصبي ولو مميز ولو مراهق للبلوغ اذا ليس مسقطا للواجب الكفائي وصلاة الميت. لماذا؟ مع انه ليس قيدا للملاك. هذه كلمة مطبقة عندهم. أيضا قالوا تغسيل الميت من قبل الصبي. تغسيل الميت عبادة لكن الحنوط توصلي وتكفين الميت توصلي واقبار الميت توصلي اما تغسيل الميت تعبدي. قالوا لا يجزي تغسيل الصبي للميت في اسقاط الواجب الكفائي. لماذا؟ نكتة مهمة. نجعلها غدا.
مما يدل على ان القيود الشرعية في كل مرحلة لها آثار صناعية. صاحب الجواهر في جملة من أبواب الجواهر يبني على مبنى القدماء وفي جملة من الأبواب لا يبني على مبنى المتاخرين يعني تذبذب عنده رحمة الله عليه. بينما الشهيد الأول تابع القدماء. أيا ما كان له آثار. المقصود هذا الحديث لاجل معرفة بحث القيود الشرعية لكل مرحلة تخفى على الاكابر فضلا عن الاصاغر. ولها آثار كثيرة. العصمة لأهلها في المباني العلمية والعلم لا يرحم وعنده ميزان.