44/11/02
الموضوع: الالفاظ، مبحث الأوامر، مقدمة الواجب
كان الكلام في ان هناك مقدمات وجودية للواجب لابد من ايجادها قبل زمان الوجوب وقبل زمان الواجب فهذه المقدمات كيف يلزم المكلف بها؟ وبالتالي صاحب الفصول يتوصل بالواجب المعلق وهو تصوير لتفكيك زمان الوجوب عن الواجب وبدء زمان الوجوب اسبق من زمان الواجب.
الخيارات الأخرى التي يذهب اليها الميرزا النائيني باعتبار انه لا يتبنى الواجب المعلق ولا يتبنى الواجب المشروط بالشرط المتأخر لانه أيضا هو نوع من حلال المشكلة ويكون الوجوب متقدما وشرط الوجوب متأخرا. يتوصل الميرزا النائيني بحل ثالث وهو استكشاف الملاك الملزم. لماذا يتبنى على الملاك الملزم وليس الحكم الفعلي؟ باعتبار انه يقول اذا خالف المكلف ولم يأت بالمقدمات الوجودية قبل زمان الوجوب مثل انه لم يسجل للحج ففي زمان الوجوب وهو اشهر الحج مثلا وزمان الواجب يمتنع خطاب المولى للعبد ولكن هذا الامتناع بالاختيار فلا ينافي العقاب. الامتناع بالاختيار ينافي الخطاب لكن لا ينافي الاختيار عقوبة. فهذه القاعدة تحدد ان العقوبة على امر اختياري والمفروض ان الملاك تام وملزم فمن باب ان العقل يحكم فوته المكلف وعاجز نفسه وان لم يخاطب. فاذا الملاك الملزم هو الذي يحث العبد على مجيءه المقدمات الوجودية السابقة على زمان الوجوب ويحثه على الاتيان بها قبل زمان الوجوب.
قبل ان نواصل هذا الحل الثالث للميرزا النائيني استعرضنا جملة من النكات حوله من ان هذا الذي يتبنى عليه الميرزا النائيني من وجود الملاك الملزم هي نفس مرحلة الفعلية الناقصة التي يلتزم بها صاحب الكفاية او الفعلية التامة بالتالي الخطاب اسم لمرحلة الفاعلية للحكم الذي يمتنع من الحكم الفاعلية وليست اصل الفعلية التي الملاك مرهون بها. فهذا الذي التزم به الميرزا النائيني تغيير للاسم والا هو حقيقة حكم فعلي ومر بنا سابقا وهذا ارتكاز وإقرار من الميرزا النائيني بذلك.
لكن هناك فائدة في المقام مفيدة في الموارد الأخرى وتفيد في أبحاث الفقه وابواب الأصول وهي ان المناط في اختيارية الشيء بهذه القاعدة التي تمسك بها الميرزا النائيني وتلامذته والسيد الخوئي وتلامذته وهي قاعدة مهمة تفيد في أبحاث فقهية وكلامية واصولية كثيرة. الفائدة هي ان الشيء او الفعل او الشيء الذي لم يكن فعلا كالصفة ليس مناط الاختيار فيه هو الاختيار في الوقت الراهن والوقت الحالي بل المناط انه اختياري ولو بتوسط مقدمات سابقة متصلة ولو بعيدة مع الالتفات. فيه كلام. افترض الحسد والعصبية والصفات الرذيلة التي يبتلى بها الانسان دائما وصدور الأفعال من الانسان عبر هذه الصفات يكون كالقسري والجبري لكن هذه الصفات في الرواية «رفع عن امتي الحسد» في الفقرات التسعة في بعض نصوص حديث الرفع فقراته تسعة وفي بعض الطرق ثلاثة او أربعة وهي مروية عن النبي بالسن متعددة. في بعضها «رفع عن امتي الحسد» معناها انه محل المسؤولية لكن منة من الله والنبي رفع الحسد. هو فعل نفساني قبل ان يكون فعلا بدنيا. اصل الحسد طاقة ممتازة واصل منشأه طاقة إيجابية جدا لكن الانسان يسلك طريقته الخاطئة. فبالتالي الحسد حتى عند الأنبياء لا الأنبياء الفوق التبرئة من الحسد بعد اللتيا والتي من باب ترك الأولى يعني درجات خفية منه. أيا ما كان المقصود فيه كلام عند الفقهاء كيف يرفع الحسد وهي غير اختياري. الشيخ الانصاري يقول ان الصفات الرذيلة غير اختياري. احد الشواهد التي يبني عليها الشيخ في ان التجري النفساني ليس عليه الحكم لا التجري البدني هو ان الصفات كيف يمكن للإنسان ان يزيلها. لكن هذه مسامحة لان في حديث الرفع ينبه على هذه النكتة ان اختيارية الشيء ليس مدارها في الوقت الراهن. الان ليس اختيارية لكن بعد مقدمات عديدة يقوم برياضات روحية بتحكم في نفسه ولو خطوة خطوة يخففها او يزيلها. فيمكنها بتعبير سيد الأنبياء ان النظرة سهم من سهام ابليس. النظرة هي تخلق طاقة مشحونة في الانسان تتوجر وتشتعل تدفع الانسان نحو المعصية. لذلك بالمقدمات البعيدة يمكن للإنسان ان يتحكم ويضبط. مقدمات بسيطة ويسيرة اذا يتهاون فيها الانسان يجره الى نتائج صعبة وشديدة. المقصود ان الامتناع الراهن والحالي بالاختيار البعيد لا ينافي ان هذه الصفة يصدر اختياريا. سيما اذ كان عنده عصبية شديدة وادمان لبعض المعاصي وهي يسبب طاقة جوهرية والذنب هو نفسه جوهر اشد من الجن والشياطين ويسيطر على الانسان اكثر من الجن والشياطين. بالتالي الانسان يستطيع ان يواجه امنا بالمقدمات البعيدة. فبالتالي هذه القاعدة جدا مهمة ان الامتناع بالاختيار ولو بالمقدمات البعيدة لا ينافي انه يحاسب على الصفة خلافا للشيخ الانصاري وبعض من الفقهاء حتى الشيخ الكلبايكاني. اذا ممكن للإنسان من أيام بعيدة ان يسيطر على الصفات النفسانية او على الأفعال النفسانية التي جدا اصعف من الأفعال البعيدة. فمناط الاختيار في صفات الانسان الرذيلة ليس هو الاختيار الحالي بل مناط الاختيار أوسع دائرة. لذلك في باب الضمان أيضا التزم الفقهاء بانه ينسب القتل للشخص ولو انه لم يفعل عمدا او شبه عمد او خطأ لكن بلحاظ معينة أدت الى قتل مقتول معين. فهذا باب في باب الضمانات والديات والابواب المتعددة يفيد حتى في علم الاخلاق والرياضات الروحية الشرعية ان الامتناع بالاختيار السابق المتقدم ولو بالمقدمات البعيدة لا ينافي الاختيار. الكون في مكة المكرمة لا يحصل فجئة بل خطوة وخطوة وحالات الانسان هكذا. والمعيار في اختيارية الشيء او الفعل او أي شيء آخر مثلا واحد يقول ما بال ابن الزنا كذا كذا. طبعا هناك مجازات من الله في موارد عديدة بلحاظ أفعال سابقة وعوالم سابقة او بلحاظ علم الله بافعال الانسان اللاحقة. هذان نمطان من العقوبة. مثل المدارس المتفوقين المتميزين في بدء السنة قبل الامتحانات قبل الابتدائية علم وزارة التعليم والتربية بان هؤلاء الأرضية والمساورة والجد عند هؤلاء الأطفال اكثر من غيرهم. علمهم بالمستبقل يلزم الإدارة الرشيدة ان يهيؤ الأرضية تختلف عن أرضية الباقين. فلاحظ هناك مجازاة حتى عقلائية وعقلية للعلم بالافعال المستقبلية. قد يكون الانسان محروما من معلومة نورانية حالة نورانية وسببه علم الله انه سيرتكب في مابعد. المقصود اذا الاختيار ليس منوطا بالحالي والراهن قد يناط بما سبق وقد يناط بما سيأتي. «فشرطت عليهم الزهد فعلمت منهم الوفاء فقبلتهم وكرمتهم» فاذا الاختيار في الانسان لاذي يجازى عليه لا ينحصر بالاختيارية الراهنة عقليا وعقلائيا. في أبواب الفقه والكلام. الان انتخابات الرئاسات والقيادات قد لا يلحظون السابق بل يلحظون القابليات للشخص. فاذا الاختيار وسيع لا يتقيد ولا ينحصر. في الروايات النية للمستقبل قد تفتح أبواب الرزق وقد تسد للإنسان أبواب الرزق. سواء الرزق المادي او المعنوي. بتعبي رالامام الصادق سلام الله عليه وهذا بيان عقلي عظيم «خلد اهل النار في النار لنياتهم» أعمالهم محدودة الفلاسفة والعرفاء قالوا كيف يخلدون في النار؟ احد الأجوبة من الامام الصادق خلد لنياتهم. طاقة عجيبة وخلد اهل الجنة في الجنة لنياتهم لا لاعمالهم. مع ان النية مرتبطة بالعمل المستقبلي. راشدوا كتاب الارشاد لابن سينا قال عقلا يمكن تصور الخلود وفيه أجوبة عديدة السيد عبد الله شبر اعتمد على أجوبة عقلية مذكورة في بيانات الائمة والاسف ما مطبوعة طبعا مرتبة. حري ان يطبع طبعة جيدة وهو جزؤان وطبع طبعة قديمة. كتاب مهم ويصلح مصدر دراسي او كتاب تدريسي في بدايات بحث الخارج في علم الكلام بلغة وحيانية عقلية وجمع فيها مرام علماء الامامية مليء بالنكات والسداد والاستقامة. حري ان ينقح ويطبع.
فاذا الاختيار في الانسان أيها الباحث أياك ان تحصره في الاختيار الحالي الراهن والمجازات عليه بل الاختيار أوسع مما سبق وما يأتي. حتى العقلاء عندهم مجازاة للمستقبل مجازات فعلية لمستقبل آت. لا أقول في كل الأفعال بل في جملة من الأفعال. من ثم لابد ان يشتغل الانسان بتهذيب النفس دائما. ساعة ساعة الانسان يكون في حالة تطهير وتهذيب النفس كي يكتب له الغنيم الكبرى. اذا هذا هو بحث مهم؟ ما هو مناط الاختيار. العوالم السابقة او العوالم اللاحقة او ما شئت فعبر. اذا هذا هو الحل الثالث. الملاك الملزم غير الواجب المشروط وغير الواجب المعلق. وهو إقرار امن الميرزا النائيني بمرحلة الفعلية الناقصة.
اعيد تعريف صاحب الكفاية لمرحلة الفعلية الناقصة.مر بنا ثلاث مراحل انشائية للحكم الانشائي بعد ذلك المرحلة الرابعة الفعلية الناقصة والمرحلة الخامسة الفعلية التامة والسادسة الفاعلية الناقصة والسابعة الفاعلية التامة. ما الفرق بين الفعلية الناقصة والتامة؟ او الفرق بين الفاعلية والفعلية؟ ضروري ان نلتفت اليه. ماهية طور الحكم في كل حكم تختلف عن ماهية الحكم في طور المرحلة الأخرى. كيف الان مضغة فعلقة فعظام فكسونا العظام لحما ثم انشأناه خلقا آخر. هذا الحكم في كل طور له ماهية. نفترض ان طبيب يفحص عن جنين والجنين يتحرك. في الشهر الثاني ما له روح فاشتبه للطبيب. او في الأسابيع الأولى مضغفة فيقول العلقة ما موجودة لكن المضغة موجودة. اذا ما نشخص الماهية لا نشخص وجود هذا الجنين من الحكم. مثلا طبيب يقول انه في الشهر الثاني ممتنع اللحم. طبعا هكذا لكن فرق بين فكسونا العظام لحما وبين مرحلة العظام او مرحلة العلقة. مثلا كثير من الفقهاء هل يعتبر هذا نفاس او لا؟ النفاس باعتبار أي مرحلة؟ الحامل بالعلقة لها مرحلة والحامل بالعظام لها مرحلة. نفس الجنين طبيعته يمر بمراحل ماهيات مختلفة وليست مرحلة واحدة.
حينئذ اذا شخصنا مرحلة كذا في الحكم ومراحل أخرى ما نتعجب ان المرحلة ليس لها روح لكن الحكم موجود. فاذا معرفة ماهية الحكم في كل مرحلة مهم. ماهي ماهية الحكم في الفعلية؟ صاحب الكفاية معنى ماهية الحكم في الفعلية الناقصة ان الحكم فيه إرادة جزئية شخصية من المولى تجاه العبد وليس من ناحية العبد. اذا الفعلية الناقصة عبارة عن الإرادة الجزئية او الحكم الانشائية المتشخص تجاه عبد معين وإرادة جزئية وان لم يكن في العبد قابلية والالتفات. فاذا الفعلية الناقصة عند صاحب الكفاية هو الإرادة الجزئية من قبل المولى. تعبير دقيق منه. لا تقل إرادة العبد وكذا. هذه المرحلة مثل العلقة او مثل العظام وبعده ما كسونا العظام لحما. الفعلية التامة علاوة على الإرادة الجزئية من قبل المولى تجاه العبد هناك من قبل العبد إمكانية واحتمال الحركة والتحرك. هذه هي الفعلية التامة. اذا فرق بين الفعلية التامة والناقص. ان الفعلية الناقصة من جهة المولى والفعلية التامة علاوة عليها الفعلية من قبل العبد والانفعال والحركة. ماذا عن الفاعلية؟ فيها ناقصة وفيها فاعلية تامة. لابد من تعريف ماهوي للحكم والتدقيق فيها مهم. لما مر ان الطبيب يفحص عن اللحم لكن الجنين ما وصل الى مرحلة العظام بعد. العظام مرحلة من مراحل الجنين والعلقة هكذا والمضغة. فلابد ان نلاحظ مرحلة طور الحكم.
لابد من فائدة عقلية. الخروج من ماهية الشيء من طور الى طور يسمونه تكاملا. اليوم أكملت لكم دينكم باختلاف ماهوي. اما الآجر في الجدار تنضده جنب بعضها البعض لا يقال تكامل وخطأ ان تستعمل كلمة التكامل. يقال اتممت الجدار. لذلك فرق الله بين اتممت عليكم نعمتي واكملت لكم دينكم. دقة عقلية. لماذا قال اتممت بينما في الدين قال أكملت. بدون الولاية ولشهادة الثالثة أصلا الدين لم انشأناه خلقا آخر. قالوا آمنا قل لم تؤمنوا ولما يدخل الايمان في قلوبكم. التكامل خروج من طور الى طور والاتمام ضم الأشياء الى بعضها البعض الى التمام. لم في باب النعمة قال الاتمام. لان من اخذ احكام الإسلام في باب معين يحصل تداعياته التكوينية في الدنيا او ربما الاخرة كنعمة. لذلك في صلة الارحام ولو في الكفار ينمي الله اعمارههم ويكثر رزقهم ولو كانوا مؤمنين ولو اشد الايمان لكنهم يتقاطعون الرحم ان الله عزوجل يقصر أعمارهم ويقلل رزقهم. كل باب له نعمة خاصة في أبواب الدين. فنعم الاحكام شيء آخر واكمال الدين شيء آخر.