44/10/30
الموضوع: الالفاظ، مبحث الأوامر، مقدمة الواجب
كان الكلام في ان هناك بدائل عن الواجب المعلق وان بلورة صاحب الفصول للواجب المعلق كان بلحاظ الالزام بالمقدمات قبل زمان الواجب او الوجوب فكيف يمكن تصويرها. فهناك بدائل عن ذلك وهي كما مر عند الميرزا النائيني ومدرسته منهم السيد الخوئي وتلاميذه قضية استكشاف الملاك الملزم للحكم وان لم لكن الحكم موجودا. وجوه البدائل عن الواجب المعلق احدها هذا الوجه وهو الملاك الملزم.
هذا الملاك الملزم ليس تخرصا من لمجتهد وانما هو من خلال استنطاق الأدلة. في موضع من اجود التقريرات يذكر هذا المطلب كيف يمكن استكشاف الملاك ويقرره بهذا النمط، انه من جهة اطلاق المادة يعني اقم الصلاة لدلوك الشمس او الحج اطلاق مادة الحج واطلاق مادة الصلاة أوسع من الهيئة «اقم» والامر بالصلاة واوسع من «على الناس» فهذه المادة التي هي على نسق واحد من الملاك نستكشف ان الملاك الملزم لتشريع الوجوب أوسع دائرة الوجوب. هذا نمط من استظهار الميرزا النائيني للملاك الملزم. لما مر ان الميرزا النائيني عدل عن مبنى المشهور وهو في مراحل الحكم تختلف عن مدرسة النائيني واكثر تلاميذه ومنهم السيد الخوئي واكثر تلاميذه. مسلكهم في مراحل الحكم الفعلي والفاعلي وربما التنجيز مندمج في مرحلة واحدة وان كان في موارد النائيني ومدرسته ارتكازا يرجعون الى المشهور من تفكيك وتعديد وتمايز مرحلة اصل الفعلية الناقصة عن الفعلية التامة والفاعلية التامة او الناقصة نادرا. بينما هذا التفكيك بين الفاعلية والفعلية من كلمات صاحب الكفاية الى حد ما وبشكل صريح اكثر من المحقق العراقي. فهذه المراحل يجعلها الميرزا النائيني مندمجة فاذا امتنع الفاعلية امتنعت الفعلية. فاعلية الحكم يعني محركية الحكم وباعثية وهذه اذا امتنعت فامتنعت الفعلية. بينما المشهور يجعلون الخطاب اسما للحكم للمرحلة الفاعلية وليس في مرحلة الفعلية بينما الميرزا النائيني يجعل الخطاب هو عين الفعلية وكم فرق كبير. قد يكون الخطاب ممتنعا لا لاجل عدم الملاك او الخلل الشرعي وانما مانع عقلي فالحكم لا يكون محركا مثل ان يكون الانسان عاجزا تماما فكيف يحرك الى الفعل وتحريك الحكم لا معنى له لكن هذه المحركية صفة الفاعلية. الفاعلية الناقصة هي المحركية من قبل المولى والتامة محركية الحكم بالإضافة الى العبد. الناقصة فيها لا اقل احتمال الحكم والقدرة او امكان تحصيل القدرة اما الفاعلية التامة للحكم وهي محركية الحكم بالنسبة الى المكلف لا بالنسبة الى المولى يجب ان يكون العلم في البين او القدرة وفيه اختلاف في القيود. المهم ان مرحلة فاعلية الحكم تختلف عن مرحلة فعلية الحكم . بينما الميرزا النائيني واكثر تلاميذه والسيد الخوئي واكثر تلاميذه دمجوا بينهما وسبب جل التباسات كثيرة في الأبواب الفقهية بينما المشهور صاحب الكفاية والعراقي يفككون بين هذه المراحل، حتى الفعلية الناقصة عندهم تفترق عن الفعلية التامة. ماذا الفرق بينهما؟
الفعلية الناقصة يعني تشريع الحكم من قبل المولى وانطباقه جزئيا على الموضوع بمجرد عموم التشريع وانطباقه على الجزئي ويسميه صاحب الكفاية بالحكم الفعلي من قبل المولى لا من قبل العبد. يعني مباحث خلل الصلاة وخلل الحج والخلل في أبواب المعاملات اذا لا يفترق الانسان بين هذه المراحل يلتبس البحث كثيرا.
مثلا امام جماعة يرى شيئا مستحبا اجتهادا وتقليدا والطرف الاخر يرى الشيء مانعا. هذا لا يخل بصلاة الجماعة لان هذا وظيفته الشرعية ان هذا الشيء مستحب فيأتي به والشيء المستحب ليس مانعا ركنيا بل مانع غير ركني. المانع الركني مثل ان يخل بالاركان كالوضوء واصل القبلة. القبلة ليس كلها ركن كما ان الوقت ليس كله ركن. فالمقصود ان امام الجماعة اذا اتى بشيء مستحب والمأموم يراه مانعا لكن لا المانع الركني بل المانع غير الركني حينئذ الجماعة صحيحة واقعا وليس ظاهرا. الجاهل والعالم ليس بحسب الاطلاق على الاقوال بل بحسب الوظيفة الشرعية وهو هنا وظيفته الشرعية ان هذا العمل مستحب تقليدا او اجتهادا وذاك يقلد من يفتي بمانعيته. فمن يأتي بالعمل المستحب يأتي به مع عدم العلم التعبدي الشرعي في نظر هذا المأموم. بالتالي صلاة الامام واقعا صحيحة وان كانت صلاة الامام يأتي بها الامام في نظر المأموم بالمانع. هذا ليس مانعا ركنيا والا كانت صلاة الجماعة في كل حزب تقليدي والموانع بين المجتهدين مختلفة ولازم ان يصير المأمونون أحزابا مرجعية. انما فيما اذا كان الخلل من جهة ركنية الوضوء والسجود والركوع وركن الوقت وركن القبلة. مثلا مرجع معين القبلة عنده عشرين درجة على اليمين ومرجع معين ان التياسر مستحب في قبلة العراق تياسرا خفيفا مثل ما اشكل خواجه نصير الدين الطوسي على المحقق الحلي في الدرس كيف تفتي باستحباب التياسر في القبلة فاما هي قبلة فالتياسر واجب او ليس بالقبلة فالتياسر حرام فاما الى القبلة فملزم او الى غير القبلة فحرام. فالمحقق بالبداهة أجاب انه مستحب من القبلة الى القبلة فكلاهما قبلة ونأخذ بالاكثر استحبابا من القبلة فهذا يشعر ان القبلة ليست خطا مستقيما عند المشهور. بل القبلة تتسع. سيما في البلدان التي هي تقع شرق مكة مثل وسط العراق وما دون والايران يستحب لهم التياسر لانه مشرق القبلة. المقصود لا نريدان ندخل في التفاصيل. ذكر صاحب العروة ان العامل المشترك بين الامام والمأموم لا انهم يقلدون من مرجع واحد وانما الشرط ان لا يكون هناك خلل ركني في صلاة الامام اما الخلل غير الركني يقضى عنه فصلاة الامام واقعا صحيحة والجماعة واقعا صحيحة.
هذا البحث يرجع الى بحث ان «لا تعاد» أين تجري؟ اذا لا يفكك بين مراحل الحكم لا يمكن التحقيق في المسألة. فكلمة الخطاب مرتبطة بمنطقة فاعلية الحكم سواء ناقصة او تامة. الخطاب يعني الحالة بين المولى والعبد. الخطاب اسم للفاعلية اذا امتنع الخطاب لا ملازمة لامتناع مرحلة فعلية الحكم. السيد الخوئي والنائيني مع انهم يدمجون لكن ارتكازهم يبني على ان الحكم له الملاك والملاك يعني اصل الفعلية ومرحلة الفعلية وليست فاعلية. مر بنا مرارا كل مرحلة من مراحل الحكم لها اسم. يجب ان لا نعمم هذا الاسم او الوصف على مراحل الحكم. كما ان اسم او وصف التكليف اسم لمرحلة التنجيز. امتناع التكليف يعني امتناع التنجيز وليس امتناعا لكل المراحل. لان الميرزا النائيني يرى ان التكليف قد يمتنع مع ذلك نشعر بالملاك سمى هذه المرحلة مرحلة الفعلية ومرحلة الملاك واعتبره شيء له اثر شرعي. صحيح كلامه لكن المفروض تسمى المرحلة الفعلية لا المرحلة الملاك فقط. صاحب الكفاية يعبر عن مرحلة الفعلية او الفعلية الناقصة بالحكم الاقتضائي وفعلا تسميته صحيحة. لماذا؟ الحكم يعني حكما جزئيا والاقتضائي يعني فيه الملاك. طبعا لا يخفى عليكم وصف او اسم الحكم الاقتضائي كما اهو اسم لمرحلة الفعلية الناقصة آو التامة يطلق على بعض المراحل الانشائية للحكم. هذه البحوث اذا لا يتقن بالدقة كما عند صاحب الكفاية والشيخ الانصاري في مطارح الأنظار فمباحث اجتماع الامر والنهي يلتبس على الانسان مباحث معقدة فيه ااو التزاحم او الضد او ان النهي يقتضي الفساد في العبادات او المعاملات. هي بحوث دقيقة يجب ان يلتفت اليها.
المانع في أي مرحلة؟ المانع في مرحلة الانشائية او الفعلية او الفاعلية؟ حتى الموانع في باب الخلل على أنواع واقسام. كيف ان القيد على اقسام سواء قيد الوجوب او قيد الواجب على مراحل. كذلك الحال في المانع. المانع قد يكون في مراحل دون مراحل. هذه البحوث دقيقة صناعية في مركبات الصلاة او العبادات او المعاملات.
اذا لكل مرحلة من مراحل الحكم أسماء وصفات وامتنع التكليف لا يعني ان اصل الحكم يمتنع كما يدعي الميرزا النائيني. امتنع الخطاب لا يعني ان يتمنع اصل الحكم الفعلي. بالتالي الملاك لا يكون تخرصات علمية ولا يدعيه الميرزا النائيني والسيد الخوئي وتقرر انها مرحلة من مراحل الحكم. هو نفس المرحلة الفعلية. في مراحل الحكم زوايا كثيرة جدا ولا نستطيع في موضع واحد ان نجمعها. فالان لا تلقوا بانفسكم الى التهلكة» هذا الحكم موجود حتى في وسط الطريق بين السماء والأرض. لكن الخطاب ما موجود. النائيني والسيد الخوئي حاولوا ان يتوصلون بهذه القاعدة الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقابا في الحكم وان نفاه خطابا. هو هذا المبحث محل البحث عند المتكلمين انه اذا امتنع الحكم هل العقاب يمتنع او الخطاب؟ اذا لا ثمرة لان يحرك العبد فاذا امتنع الخطاب لا يلزم ان يمتنع العقوبة لان مصحح العقوبة ليس الخطاب. لطيف. الخطاب امتنع لكن الحكم وصل الى مرحلة التنجيز وفيه العقوبة. يمكن ان نتصور عدم الخطاب لكن التنجيز موجود. الميرزا النائيني في موارد جريان قاعدة الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار يقول لا ينافي الاختيار خطابا وعقابا او لا اقل عقابا. فالتنجيز لاي شيء؟ التنجيز لملاك ملزم والملاك الملزم يعني الحكم والتشريع فالمرحلة الفعلية موجودة لكنه لم تمر بالمرحلة الخطاب لكن التنجيز على حاله.
هذه المراحل ليست فقط للحكم التكليفي بل تسري الى الحكم الوضعي. مثلا الحكم التكليفي اسم للحكم لكن في الحقيقة اسم للحكم التكليفي في مرحلة التنجيز.
من باب الغوص الأكثر في مراحل الحكم. لماذا اطلق الحكم التكليفي في قبال الحكم الوضعي؟ اليس التكليف مرحلة التنجيز؟ قالوا وكلامهم صحيح في شرح الحكم الوضعي والتكليفي ان التكليف اسم لمرحلة التنجيز فقط قالوا ان لحكم الذي فيه التحريك يسمى التكليفي. التحريك يعني المرحلة الفاعلية الناقصة و الفاعلية التامة. بينما الحكم الوضعي ليس فيه التحريك. الملكية موجودة او ليس بموجودة ذاتا. نفس الملكية ليس فيها التحريك بل الاحكام الذي تترتب عليها فيه التحريك. تقريبا نستطيع ان نقول ان الحكم الوضعي من قبيل الاحكام النظري الوجود ولا وجود طبيعة جامدة وجافة. هذه الخاصية من الحكم الوضعي لا يرحم الصبي ولا يرحم المجنون او الرضيع. افترض زوج صغير وزوجة صغيرة وقبل البلوغ حصل ما حصل فيجنبان لان الجنابة حكم وضعي وما له ربط بالحكم التكليفي. الحكم الوضعي طبيعته الوجود واللاوجود. بخلاف الحكم التكليفي هو من قبيل حكم العقل العملي يعني فيه العمل والتحريك.
سوال: الأصول علم بالقواعد الممهدة لاستنباط الحكم الشرعي، أي حكم؟ الحكم الوضعي والحكم التكليفي. اذا للحكم الذي من قبيل الحكم النظري او من قبيل الحكم العقل العملي. الحجية التي تبحث في علم الأصول في باب القطع، أي حجية؟ حجية العقل العملي أي الذي فيه التحريك او الحجية في باب العقل النظري الذي ليس فيه التحريك بل الوجود والعدم وفيه الادراك فقط؟ الصحيح انه في كلا الحجتين. حجية العقل النظري وحجية العقل العملي لان الحكم اعم من التكليفي والوضعي. هذه المراحل التي ذكرت للحكم التكليفي والعقل العملي تجري في الحكم الوضعي الذي من قبيل الحكم العقل النظري. مثلا نفس الامارية حكم وضعي بالدقة، حجية ظنية معتبرة. نعم في جملة من مباني حجية ظنية معتبرة حكم تكليفي. الاقوال بعضها تكليفية وبعضها وضعية. هذه الأمور فهرسية ونخاعية يجب ان نذكرها دوما لانه يترتب عليها آثار في يوميات الاستنباط في الأبواب الفقهية.
بعض خلل الصلاة مرتبط بالحكم الوضعي وبعض خلل الصلاة مرتبط بالحكم التكليفي وكذلك خلل الحج وخلل الاحرام وصلاة المسافر وهلم جرا واذا ما يفكك الانسان بين هذه الأبحاث يوجب الدمج والخلط.