44/10/20
الموضوع: الالفاظ، مبحث الأوامر، مقدمة الواجب
الواجب المعلق
القيود العقلية والشرعية لكل مراحل الوجوب
كاان الكلام في ماهية الواجب المعلق وهل الواجب المعلق يندرج في الواجب المشروط او يندرج في الواجب المطلق ومر بنا ان الواجب المطلق بمعنى الوجوب المطلق نسبيا او ان الواجب وجوبه بالنسبة الى القيد المعين مشروط او لا. الواجب المعلق وصف كما مر بنا لنفس الواجب بخلاف الواجب المطلق والمشروط ان الواجب معلق على قيد او ليس معلقا على قيد فيكون منجزا.
طبعا مراد صاحب الفصول ان الواجب الذي علق عليه الواجب ليس الواجب تحصيله كبقية قيود الواجب وهذا هو ميزة الواجب المعلق عن القيود الأخرى للواجب. يقع الكلام بين الاعلام ان هذا القيد الذي هو قيد الواجب هل هو قيد الوجوب أيضا ام لا؟ قيد الوجوب بنحو الشرط المتأخر ام لا؟ هذا من الموارد التي يكون القيد قيدا لكل منهما ولا يجب تحصيله. وعندنا امثلة أخرى مثل الزمان انه قيد الوجوب وقيد الواجب ولا يجب تحصيله والذي يجب تحصيله إيقاع العمل في الظرف الزماني اما نفس الزمان لا يجب تحصيله مع انه بنحو ما قيد الواجب أيضا وان كان القيد هو إيقاع العمل في الظرف الزماني لكن قيد القيد وهو نفس الزمان لا يجب تحصيله فهو قيد بنحو ما للواجب وقيد للوجوب. فياترى ان هذا القيد في الواجب المعلق قيد للوجوب ام لا؟ السيد الخوئي يصر انه قيد الوجوب لكنه متأخر عن الوجوب. صاحب الفصول يقول ليس من الضروري ان يكون قيد الوجوب بل الواجب المعلق يندرج في الواجب المطلق بلحاظ هذا القيد. يسمى الواجب المطلق او يسمى الواجب المشروط بلحاظ الوجوب لا الواجب نفسه. فهذا القيد في المعلق هل هو قيد للوجوب أيضا ام لا؟ الصحيح ان الواجب المعلق قد يكون واجبا مطلقا وقد يكون واجبا مشروطا ودعوى السيد الخوئي انه دائما يكون واجبا مشروطا دعوى مبنائية مبني على ان مبنى الميرزا النائيني ووافقه السيد الخوئي من ان كل قيد غير مقدور وله دخل ما في الواجب والملاك هو قيد للوجوب لكن هذا لا يرتضيه المشهور إذا اريد من قيد الوجوب قيد المرحلة الفعلية. لكن اذا اريد من قيد الوجوب قيد غير المرحلة الفعلية كمرحلة التنجيز فصحيح.
ببيان آخر: للوجوب مراحل عديدة ثلاثة انشائية على اقل تقدير واثنتان فعليتان واثنتان فاعليتان والتنجيز والامتثال واحراز الامتثال. صاحب الكفاية يلتزم بها اجمع. كلامنا في القيد الشرعي يعني ان الشرع اخذه قيدا والقيد العقلي لا يوجد له في الأدلة الشرعية ذكر لكنه قيد عقلي. والقيد العقلي من عجائب بحوث الأصوليين وهو متصور في كل مراحل الحكم من الانشائية والفعلية وغيرهما وهذا مستنبط من مجموع كلماتهم وخفي من عساعس كلماتهم لكن عند الميرزا النائيني وتلاميذه والسيد الخوئي وتلاميذه ان القيد العقلي قيد للمرحلة العقلية.
((بيانه حفظه الله في جواب واحد من التلاميذ والسؤال ما مفهوم)): اللغة العقلية شيء وحكم العقل شيء آخر. اللغة العقلية يعني التصور مثل ما نقول اللغة العربية والتصديق شيء آخر وحكم العقل تصديق. في المعارف كلها لغة عقلية والفروع فيه لغة عقلية ولغة اعتبارية وقانونية. اللغة كتصور اما التصديقات حكم وشيء آخر. ومن ثم المعارف اللغة التصورية في الفلسفة والكلام ضرورية وتصديقات مباني الفلاسفة لا يأخذها وحيا منزلا. لازم ان يفرق في تفنيد الفلسفة في اخطائها لانها نتاج بشري ومحدود ونفرق بين البعد التصوري في الفلسفة والبعد التصديقي. هذا الذي ذكرت لكم اني سألت من عشر مراجع حول الفلسفة خلاصة كلامهم هو هذا الفرق بين اللغة التصورية واللغة التصديقية. النتاج البشري اجتهاد قابل للخطأ. كذلك في العرفان البشري والتصوف البشري تصديقاتهم لانفسهم أما اللغة التصورية في الروحيات والقلبيات استعملها الشارع حتى في الفقه عندنا موضوعات حالات القلب، حرمة سوء الظن وحرمة الحسد وحرمة الرياء وحرمة العجب، هذه كلها حالات روحية كما انه من الكبائر سوء الظن بالله. سبعين بالمأة من الروايات المستفيضة التي أوردها صاحب الوسائل في كتاب الجهاد جهاد النفس في جرد الكبائر هي أفعال القلوب وافعال الروح وهي اخطر من الصغائر بكثير ومتروك هذا الجانب في الفقه يعني ان نفكر ان علم الاخلاق كله مستحبات بل قسم وافر من علم الاخلاق كبائر، الكبائر دون صفات الروح وصفات الروح دون صفات القلوب. الاداب والأخلاق وصفات الروح وفعل الروح وفعل القلوب. المقصود انه لا يعبأ بالعرفان والتصوف ولا يتشأن به صحيح لكن بمعنى تصديقاتهم لان التصديقات ترجع الى الوحي لكن كلغة تصورية ما يمكن ان تنفي اللغة التصورية لحالات القلب ولغة تصورية لحالات الروح. فالفلسفة كتراث تصوري والعرفان كتراث تصوري اما التصديق لازم ان تأخذ من الوحي. نعم أيضا في التصورات لغة الاداب هذا بحث منهجي انقل لكم عن الكبار مختصرا لكنه بحث منهجي عظيم لان علم الأصول منهج للمعرفة الدينية كلها فالمقصود ان البعد التصوري لايمكن ان تنفيه كما ان علم النحو وعلم الصرف وعلم الاشتقاق تصورا نأخذ منها. نعم، في التصورات أيضا اشتباهات بشرية سواء في النحو او الصرف او البيان او المعاني او الفلسفة كثير من تصوراتهم خطأ ويهديهم الوحي لان التصورات خطيرة وكذلك الصوفية. لا نقول ان التصورات في الفلسفة او العرفان وحي منزل لكنه يتعاطى بها كما ان بعض التصديقات في الفلسفة بديهية او بعض التصديقات في العرفان بديهية لانها ترجع الى الفطرة او العقل البديهي.
نرجع الى القيود: الوجوب له قيود عقلية. المراد من الوجوب هو الاحكام التكليفية الخمس او الخمس عشر و الاحكام الوضعية والكلام سيان. ليس المراد منه خصوص الوجوب التكليفي والوجوب نموذج وليس حصرا.
قيود الوجوب العقلية عند مدرسة النائيني رحمة الله عليه واكثر تلاميذه والسيد الخوئي واكثر تلاميذه مع انه عظيم في نفسه لكنه فيه مؤاخذات خلافا للمشهور. على كل، في مدرسة النائيني ان القيود العقلية قيود في المراحل العقلية للوجوب لان المراحل الاحدى عشر بعضها عقلية وبعضها تكوينية وبعضها شرعية. مثلا الانشائية شرعية والفعليتان شرعيتان والفاعليتان ممزوجة بين الشرعية والعقلية والأكثر عقلية والتنجيز عقلية والامتثال تكويني واحراز الامتثال عقلي. فمراحل الحكم بعضها عقلي وبعضها شرعي وبعضها تكويني. هذه الأمور ناموس علم الأصول والاحكام.
القيود العقلية عند مدرسة النائيني ومن تبعها هي في المراحل العقلية للحكم. اما المراحل الشرعية للحكم لا محالة عندهم القيود شرعية. هذا مبنى الميرزا النائيني. لكن الصحيح عند المشهور ان القيود العقلية موجودة في كل المراحل وقابل للتصور حتى المراحل الشرعية لكنه قيد عقلي وليس شرعيا والقيد العقلي في كل مرحلة مع انه ليس شرعيا وليس دخيلا في الملاك وتفصيله طويل الذيل وبحسب أبواب الأصول شرحه الاصوليون لكن لا اقل خذوها فهرسيا وتابعوا أبواب الأصول. القيد الشرعي أيضا عند الميرزا النائيني ومن تبعه لا يتصور في المراحل العقلية يعني تصريحات النائيني غالبا هذا وقد يخالف نفسه. بل لابد في المراحل الشرعية. ولكن المشهور على خلافه سيما مشهور طبقات العلماء والفقهاء والقيد الشرعي قابل للتصور في كل المراحل حتى المراحل العقلية مثلا المشهور شهرة عظيمة ان لا تعاد قيود في مرحلة الامتثال وهي مرحلة تكوينية. بينما النائيني يجعل لا تعاد في المرحلة الفعلية. فباب خلل الصلاة وخلل الحج يختلف على المبنيين. لان القيود الشرعية هل هي متصورة في المراحل العقلية والتكوينية ام لا؟ متصورة عند المشهور. مثلا القيود الشرعية التي تذكر في اجراء قاعدة التجاوز والفراغ قيود شرعية لكن المشهور جعلها للقيود الشرعية في مرحلة احراز الامتثال وهي مرحلة عقلية. فاذا القيود الشرعية عند جمهور الفقهاء سيما القدماء لكل المراحل شرعية وعقلية وتكوينية.
مثلا المتاخرون طرا عندهم البلوغ قيد شرعي لكن قيد لاصل الفعلية يعني اصل المشروعية بينما المتقدمون لا كلهم بل كثير منهم حتى الشهيد الأول البلوغ ليس قيد الفعلية الناقصة بل هو اما قيد التنجيز او قيد الفعلية التامة او الفاعلية وليس البلوغ قيدا لاصل الفعلية. كما ان النوم رفع القلم عن النائم حتى يستيقظ. اصل اليقظة ليس قيدا لأصل الفعلية لان اليقظة في النائم ما مأخوذة في اصل الفعلية. هذا في النوم الطبيعي لا الاغماء. فكما الحال في النائم ففي المجنون ما هو؟ أي جنون مرفوع عنه الحكم. اجمالا البلوغ عند القدماء كثير منهم قيد الفعلية التامة وليس قيدا للفعلية الناقصة فالمشروعية في عبادات الصبي صحيحة على حالها. فما ورد في مشروعية احجاج الرضيع هو يكون محرما ولو انا انوب عنه في الفاظ الاحرام. من الغفلات الكبيرة لصاحب الجواهر قال يتوضأ النائب عن الرضيع وهذا غفلة كبيرة بل يوضأه. المهم مشروعية فعله على الأصل في الرضيع فكيف في غيره من الصبي.
فالقيود شرعية وعقلية ثم أي منهما في أي مرحلة؟ ولها آثار.
البحث طويل الذيل ولا اقل كقائمة فهرسية من الخطأ أن ينسى الانسان هذه القائمة.