الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

44/10/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الالفاظ، مبحث الأوامر، مقدمة الواجب

كان الكلام في ان مدرسة النائيني بما فيها السيد الخوئي وتلاميذه يقف الباحث في كلماتهم على تقرير ان للحكم الانشائي ثلاث مراحل، مرحلة مدونة في لوح التشريع وهذه مرحلة اعتقادية كما يذكر الشيخ الانصاري والامتثال لهذه المرحلة بالموافقة الالتزامية القلبية ومرحلة أخرى هي تشريع الحكم بما يستفاد منه الملاك الملزم او تستطيع ان تعبر عنها المبادئ الاحكامية، كما في روايات الأطعمة والاشربة بيان للامام علي بن موسى الرضا حول عموم الاحكام ان تشريع الشارع الحكم على وفق متعلق معين وجوبا كاشف عن مصالح وملاك ملزم او الحرمة كاشف عن المفاسد وهذه المرحلة لا ربط لها بسعة متعلق الحكم او موضوع الحكم او ضيقه فهذه المرحلة يعترف السيد الخوئي ان استكشاف الملاك الملزم وان كان السيد رحمة الله عليه يوافق استاذه في ذلك لكنه لا يعطي ضابطة متى نستكشف هذه المرحلة ومتى لا نستكشف. يعني اجمالا يقر بوجودها فيما لو فرض تعقب المرحلة الثالثة وبهذا المقدار يقر ان المرحلة الثانية يستكشف إناً فيما فرض تعقب المرحلة الثالثة. طبعا تعقب المرحلة الثالثة او الرابعة لولا المانع العقلي وتقريبا هذه الضابطة عند السيد الخوئي للاستكشاف الإني عن المرحلة الثانية. والمرحلة الثالثة هي مرحلة الفعلي المقدر يعني فعليته مقدرة وليست فعليته محققة وليس لها وجود فعلي خارجي. التعبير هكذا فالفعلي المقدر هنا فيه العموم والخصوص.

أصلا مرحلة تصرف الخاص في العام هنا في المرحلة الثالثة وهذه الأمور لم تبلور بشكل صريح عند الأصوليين المتاخرين لكنه من خلال ارتكازات كلماتهم يمكن ان يستنبط هذا المطلب من عندهم متطابقا مع القدماء فلذلك القدماء عندما يبينون حقيقة التخصيص نوعا من جمع المقتضيات يعني بعبارة أخرى ما عندنا خاص ودليل خاص متأصل في التشريع وهذه حقيقة قانونية عظيمة. ليس لدينا دليل خاص تشريعه من رأس يعني ليس فوقه تشريع انحدر منه فالاصالة في التشريع للعمومات كلما يزداد العموم فوقية كان ذلك مؤشر تأصله في التشريع وتقدمه في التشريع وهذه حقيقة قانونية عظيمة في علم أصول القانون الذي هو احد علمي علم الأصول. الفرق بين الفقيه ذو المنهج التحليلي مع الفقيه ذو المسلك الجمودي على قوالب الالفاظ والأدلة. كثيرا ما يركز على الأدلة الخاصة ويعطيكها مقاما ما فوقه مقام ولا يعبأ بالادلة العامة ويعتبرها من قبيل فلسفات التشريع لا أثر لها. يعني الافراط في مدارية الدلالة وعكسه الافراط في مدارية ذات المدلول. فرق بين الاجتهاد ا لدلالي يعني دليلية الدليل وهذا موجود في تعريف الأصول بينما علم الأصول هو علم بالقواعد الممهدة للاستنباط والاستنباط نمطان وفيه كاشفية وطريقية والدلالة وفيه الاستنباط بمعنى الاستخراج والاستيلاد الثبوتي وتقدم هذا النمط كتقدم الدليل الاجتهادي على الدليل الاصولي. حقيقة الشهر القمري حقيقة ثبوتية. لو جئت بألف رواية في اثبات الشهر القمري مؤولة الى اثبات حقيقة ثبوتية ماهوية تكوينية للشهر القمري. اذا الشهر ما يتصرف. كيف يعين الرؤية للصوم؟ هل الرؤية بدلية كافية لكل العالم او الرؤية الاستغراقية بحيث يصير اثبات الشهر في ثلاثة أيام؟ البحث اثباتي بخلاف اذا كان البحث ثبوتيا فدائما البحث الثبوتي مقدم. مثلا الان اصوليون عندما يبحثون اجتماع الامر والنهي يبحثون عن البحث الثبوتي. كيف يجتمع الحرام مع الواجب ويعطفون كل الأدلة عليه وكذلك بحث مقدمة الواجب واقسام الواجب كلها بحث ثبوتي. الواجب المعلق او المشروط بالشرط المتاخر وغيرها بحوث ثبوتية وكذلك بحث الضد وبحث ان النهي يقتضي الفساد في العبادات او المعاملات وبحث التعبدي والتوصلي وحقيقتهما ولو الأدلة الاثباتية تقول ان العبادية ليست فيها النية وليكن لكن البحث الثبوتي قاد الباحث الى أنها الأصل في الماهيات التعبدية. ادلة ثبوتية للماهية او الأدلة للماهيات المركبات العبادية او المعاملية بوجودها الثبوتي مقدمة على ادلة المركبات الاثباتية. هل نتمسك بدليل «اذا صمتم وجاءكم رجلان من منطقة أخرى وقالوا انا صمنا قبلكم وشهدنا قبلكم فاقضوا اليوم» هل نتمسك باطلاق هذه الرواية ان الرؤية كافية لكل الكرة الأرضية كما استشهد السيد الخوئي بها اثباتا. والطرف الاخر يقول ليس هكذا بل منصرف. وليس منصرفا. هل نتمسك بالاطلاق او لا البحث الاثباتي يمكن جرجرته بالانصراف والاطلاق بخلاف اذا تحرر البحث ثبوتا وبلاشك قيمته اكثر.

نرجع الى هذا المطلب ان حقيقة العام والخاص حتى عند السيد الخوئي والنائيني في المرحلة الانشائيني الثالثة. افترض يأتينا دليل ويقول هذه الشعيرة في شعيرة الحسين سلام الله عليه «فلطمن اللاطمات على الخدود و...» هذا دليل خاص وهل هذا الدليل الخاص اعظم من الدليل المتواتر الوارد علينا «يحزنون لحزننا ويفرحون لفرحنا» والبعض يكترس اكثر والحال انه ليس هكذا بل هذه آلية. هذه بحوث جدا مهمة ان الفقيه يتعامل في الاستنباط تحليليا وثبوتيا.

مثلا فروع العلم الإجمالي في الصلاة والخلل كله بحوث تحليلية والا ما عندك نص خاص في الفروض. تداخل القواعد العديدة في الخلل ويستنتج الفقيه منها. فالمقصود اجمالا في الأبواب الطريقة السطحية عند جملة من الاخباريين القشريين وجملة من الأصوليين القشريين وهو منهج موجود عند بعض الاخباريين وبعض الأصوليين والتحليل والتحقيق منهج موجود عند كليهما. والشيخ المفيد يفرقون بين من هو حشوي سطحي وجمودي على الدلالة سواء على مسلك الاخباري او مسلك الاصولي وبين منهج التحليل. هذه نكتة مهمة.

فاذا كون حقيقة العام والخاص من مرحلة ثالثة من مراحل الحكم الانشائي. نحن في هذه الدورة نتوقف في عطاء البحث الثبوتي والقانوني اكثر من البحوث الدلالية.

من إشكالات السيد الخوئي ان تقديم العموم الاستغراقي على العموم البدلي انما يقرر اذا كان التعارض بالذات لا التعارض بالعرض وهذا التقسيم شيده الاصوليون المتاخروا الاعصار ان التعارض ينقسم الى قسمين والتعارض بالذات يعني ان الدليل ذاتا يتنافى مع ذلك الدليل والتعارض بالعرض انه ليس هناك تنافي دلالة ومدلولا بين الدليلين بل علم اجمالي ودليل ثالث عندنا دال على ان بين هذين تنافي. جملة من الأصوليين فرقوا بين احكام علاج القسمين من التعارض في باب التعارض. عندنا قسم ثالث ذكروه في بداية التعارض وهو مورد اشتباه الحجة مع اللاحجة. انظر فرقه عن التعارض بالذات والتعارض بالعرض. في التعارض كل من الدليلين واجد لشرائط الحجية الاقتضائية اما القسم الثالث صورة كلا الروايتين صحيحتين لكن اعلم ان احد الروايتين نسخة غلط اما الطريق او المتن. لكن أي من الروايتين لا اعلم. الرواية الأولى في التهذيب والرواية الثانية في الكافي والمحققون عندهم اتفاق ان احد النسختين فيه اشتباه. هذا كلامنا في ان صحة الكتاب اعظم من صحة الطريق لان صحة الطريق صورة ومن قال ان الطريق غير مزيف او الراوي مشتبه فيه لذلك عند القدماء اجمعون صحة الكتاب اعظم بمراتب من صحة الطريق. او كتاب متوسط الاعتبار اعظم من طريق اعلائي صحيح. لان الطريق قد يمكن ان يكون ديكور ومزيف. بينما رواية مرسلة فس الكافي يعتدون عليه اكثر. هذا ممشى المشهور لان صحة الكتاب عندهم مهمة. ونفس المشهور عندهم صحة المضمون اعظم من صحة الكتاب. ثلاث مراحل للصحة. هذه البحوث مرتبطة بالحجج موجودة في كتاب القوانين والان حذفت حتى الشيخ الانصاري حذف شيئا كثيرا من علم الأصول. من تطابق كتاب القوانين مع الفصول مع الرسائل يرى ان كثيرا من علم الأصول حذف.

المقصود. ابن الغضائري في هذه النسخة التي لا يعترف به السيد الخوئي والحق هكذا لان هذه النسخة لا اصل لها ولدت في عصر السيد احمد بن طاوس والشيخ الطوسي ما اطلع عليه والعلامة الحلي بعد قرنين اطلع عليه وكيف يمكن مع ان السيد احمد ابن طاوس ما ذكر سنده. مع غض النظر عن سند الكتاب واصل الكتاب هذه النسخة الموجودة فيها عجيب ان احكمها على التراث المسند. هذا الكتاب لصيق بالمكتب الشيعي ولا يمكن ان تجعله على التراث الشيعي. ابن الغضائري تابعنا مع جماعة من الاخوة يوميا كلمة وكلمة وسطر وسطر عنده صحة المتن مقدمة ثم صحة الكتاب ثم صحة السند. النجاشي من اوله الى اخره أولا عنده صحة المتن ثم صحة الكتاب ثم صحة الطريق والمفيد هكذا والمرتضى والطوسي والوحيد البهبهاني هكذا. ابن الغضائري ذكر أحدا من رواة قم وقال طعن فيه القميون بانه غال ولكني وجدت له كتابا في الصلاة كاملا كل ما فيه صحيح. ليس المراد صحة الكتاب لان الكتاب محل نقاش لان الراوي محل الطعن والطريق أيضا محل الطعن للراوي فما الصحة يقصدها؟ واضح يقصد المتن له. يقولون في كتاب الهداية الكبرى وتحف العقول سند رواياتهما ضعيفة للنصيريين. اذا كان المتن صحيح فما لنا بالسند. عجيب البعض يقولون ان كل ما ينقله النصيرية باطل. بلي ما عندهم من الانحرافات ما نأخذ بها. الاراكي يقول لا نستبعد ان أئمة اهل البيت قد رووا وحدثوا أصحاب الفرق الباطنية قبل انحرافهم او الصوفية لان اكثر الفرق الباطنية كانوا من أصحاب الأئمة. في بحث ان الإسلام مطهر والكفر منجس هناك الفقهاء يقيمون بحثا عقائديا في الفرق والملل ولمذاهب واذا تريد ان تصير متضلعا لابد من مراجعة بحث الفقهاء والفقهاء في مبحث طهارة الإسلام ونجاسة الكفر بحثوا بحثا عقائديا مسلسلا. ما هو الإسلام الظاهري والايمان الواقعي والإسلام الواقعي وهذا موسوعة عقائدية في المذاهب والملل والفرق عظيمة جدا. مبحث عقائدية صرف بلغة فقهية. الشيخ محمد علي الاراكي وهو من تلاميذ الآخوند والشيخ عبدالكريم الحائري واقوى كتاب في الصلاة صناعيا عند المتاخرين كتاب الشيخ عبد الكريم الحائري كان يدرس كتابه في النجف الاشرف قبل سبعين سنة وكان يدرس في الحويش ويدرسه الميرزا حسن اليزدي من تلاميذ النائيني وكان اكثر الدروس ازدحاما وتوفي وهو صغير السن. لانه من جهة الصناعة جدا قوي صناعة الخلل في الصلاة. بحث خلل الصلاة معقد جدا ومهم وهذا كتابه من ارقى الكتب عند متاخري الاعصار.

الشيخ محمد علي الاراكي في ذاك المبحث في الطهارة يذكر اننا لا نستعبد ان الائمة حدثوا أصحاب الفرق الباطنية او الصوفية قبل ان ينحرفوا بروايات اسرار المعارف لم تصل الينا عن طريق اصحابهم. المدار على انه تطابق ما عندنا من المحكمات او تنافي. يعني ان المدار على صحة المضمون. على كل للكلام تتممة نواصل ان شاء الله.