44/10/16
الموضوع: الالفاظ، مبحث الأوامر، مقدمة الواجب
كان الكلام في الشواهد التي ذكرها الميرزا النائيني على تقرب درجة من تشريع الحكم ما قبل عموم وخصوص الحكم وما قبل مفاد الدليل بنحو قالب العموم او غير العموم يقرر الميرزا النائيني ان للتشريع درجة سابقة تعطينا طبيعة الملاك وهذه موافقة لكلام مشهور القدماء او المشهور عموما من ان مراحل التشريع في الحكم الانشائي لا تقتصر على المرحلة الانشائي التي يعبر عنها بالفعلية المقدرة بل ما قبلها مراحل وكلها مراحل التشريع وان استشكل السيد الخوئي في استظهار اصل وجود هذه المرحلة.
هذا الاستظهار من النائيني ذكره عند الدوران بين قيد الوجوب والهيئة وبين قيد الواجب والمادة وبعينه ذكره الميرزا النائيني ووافقه السيد الخوئي فيما سيأتي في مبحث مقدمات المفوتة. من ضمن البحوث الحساسة التي تبحث في مقدمة الواجب مقدمات المفوتة وهي تعني المقدمات التي لابد ان يأتي بها قبل زمان الوجوب فضلا عن الواجب مثل السفر الى بيت الله الحرام مقدمات وجودية لابد ان تهيئ قبل اشهر الحج ان قلنا ان زمان وجوب الحج يبدأ من اول عيد الفطر ثلاثة اشهر بعد اشهر الصيام تأتي اشهر الحج. لو قيل ان وجوب الحج يبدأ من اول الشوال وعيد الفطر وبالتالي ما قبل شهر رمضان وما قبل شهر شوال ليس الحج واجبا فكيف بالمقدمات الوجودية للواجب كما قبل السفر والتسجيل الحكومي والتسجيل في الحملة وكذا فكيف يتسنى له «ولو أرادوا الخروج لأعدوا له» بل في كثير من البلدان اذا تسجل قبل سنين قد تتوفر له الفرصة للطريق للحج فوجوب الحج اين والمقدمات الوجودية اين؟ فما الملزم لهذه المقدمات قبل زمان وجوب الحج وهي ان لم يأت بها تسبب فوات الحج فتسمى المقدمات المفوتة. كذلك غسل الجنابة يوم الصيام لو قيل ان وجوب الصيام يبدأ من اذان الحج. الواجب يبدأ من اذان الفجر لكن الوجوب يبدأ منه فيه كلام لان الحق ان وجوب الصيام يبدأ من هلال شهر رمضان «من شهد منكم الشهر فليصمه» امر من الله باري تعالى لمجموع الشهر فأمرنا بوجوب الصيام للشهر من هلول الهلال وجوبا مجموعيا لذا قيل «فليصمه» مجموعا. المشهور قائلون ان وجوب الحج لكل الشهر يبدأ من هلول الهلال. لو قيل ان وجوب الصيام يبدأ من الاذان لكان الاغسال قبل الاذان كالجنابة والحيض من مثال المقدمات المفوتة وهناك امثلة كثيرة لها. فيا ترى هذه المقدمات مثل التعلم تعلم الصلاة والحج والصوم من لا يتعلم الحج فكيف له القدرة لأداء الحج بشكل صحيح لان الذي يفقد العلم باحكام الحج يفقد القدرة لاداء الحج. وهلم جرا فإذا هناك جملة من المقدمات المفوتة والان لسنا في صدد هذا البحث. في ذلك المبحث الذي سيأتي ان الميرزا النائيني والسيد الخوئي وكثير من الاعلام التزموا بان هناك مرحلة في التشريع ما قبل مرحلة الفعلية وما قبل مرحلة الحكم الفعلي وعبروا عنه بمرحلة العلم بالملاك، فالمقدمات المفوتة تستلزم تفويت الملاك الملزم وعبروا عن الملاك المصلحة في الوجوب او المفسدة في الحرمة استظهروا مرحلة الملاك ومرحلة المصالح في الوجوبات ومرحلة المفاسد في المحرمات واعتبروها مرحلة شرعية بغض النظر عن الحكم حسب مبناهم وبنى عليه السيد الخوئي اجمالا مع ان هنا يستشكل. هذه المباحث اهم من المقدمات المفوتة وهي نكتة مهمة وهي ان للحكم الشرعي مراحل يعني مقتضيات التشريع مبادئ الاحكام يعني نفس الملاك والمصالح والمفاسد اعتبروها مرحلة من مراحل التشريع يترتب عليه الاثار وهذا وفاق من النائيني مع انه رحمهالله في نصف عمره الثاني العلمي خالف المشهور لكن رغم ذلك يتبنى هذين المبنيين مبناه عند الدوران بين قيد الوجوب وقيد الواجب يستظهر مرحلة الملاك قبل العموم والخصوص ويلتزم الملاك الملزم أي مبادئ الحكم تستظهر من الأدلة، حتى السيد الخوئي اقر انها تستظهر من الأدلة. ولو فرض هناك عن مرحلة الحكم لكن تشريع المبادئ مرحلة من التشريع وهذا نعم الوفاق مع المشهور ان الحكم الانشائي له المراحل ليس الحكم الفعلي فضلا عن الحكم الفاعلي والتنجيز وغيرها من المراحل نفس الحكم الانشائي له المراحل ومرحلة منه المبادئ الاحكامية. يعني ان الدليل يدل على مصالح ومفاسد وملاك الحكم وهذا الملاك في درجة مقولب في قوالب التشريع يعني وصل الى درجة يتعاطى مع الشارع انه قالب تشريعي لا انه ملاك بما هو ملاك تكويني بل وصل الى عناية تشريعية من المشرع والمشهور يعبرون عن هذا الملاك والمبادئ الاحكامية ان هذا حكم تشريعي بدرجة الاقتضاء، كل اخوة في ذهنهم كلام الشيخ المظفر شرح مبنى أستاذ استاذه الميرزا النائيني يعبر عن المرحلة الانشائية الأخيرة الحكم الفعلي الكلي المقدر. الحكم الكلي والقضايا الحقيقة يعبر عنه بالقضية الحقيقية الكلية الفعلية المقدر والمقدر صفة للفعلي يعني بالذات هو انشائي وليس فعليا بل مقدر لان يكون فعليا. ذاتا هو انشائي كلي لوحظ موارد الفعليات الجزئية اللامتناهية فعبر عنه الميرزا النائيني بانه فعلي مقدر. هذه المرحلة الأخيرة من المراحل الانشائية لا يقتصر الحكم الانشائي عليها باعتراف النائيني في مرحلة مبادئ الحكم فيعبر عنه بالحكم الاقتضائي اذا عندنا حكم فعلي مقدر وقبله حكم فعلي اقتضائي والاقتضاء يعني يبين ويدلك على الملاك والمصالح والمفاسد. اذا هذا المقدار من اعتراف السيد الخوئي والميرزا النائيني ان عندنا حكمين انشائيين. هذه نكتة مهمة.
إشكالات السيد الخوئي وهو اشكل انه من اين يثبت هذه المرحلة؟ هو يقر بإمكان هذا المطلب في المقدمات المفوتة. ندقق اكثر: بحوث القانون اكثر من بحوث الأدلة والدلالة. باعتراف الميرزا والسيد الخوئي في الحكم الاقتضائي لا يلاحظ عموم الدلالة وخصوصها بل يلاحظ نفس الملاك في نفسه. حينئذ ملاحظة هذه المرحلة الاقتضائية مع مقتضيات الحكم الاخر يعبر التدافع بينهما بين دليل ودليل وجعل وجعل في هذه المرحلة مرحلة الحكم الاقتضائي.
عندنا مرحلة الحكم الفعلي المقدر حكم كلي، وعندنا مرحلة الحكم الاقتضائي وما الفرق بين ملاحظة الدليلين بلحاظ الحكم الاقتضائي وبين ملاحظة الدليلين بلحاظ مرحلة الحكم الفعلي؟ فيه فرق. ثم تارة نلاحظ الفعلي والفعلي او الاقتضائي والاقتضائي وتارة نلاحظ الفعلي مع الاقتضائي لانه بالتالي مراتب الحكم متعددة في الدليل للحكم فضلا عما اكتشف لنا مرحلة اسبق من هاتين المرحلتين في التشريع، يعبرون عنها حتى النائيني في الأبواب الأخرى مرحلة اصل التشريع، مثلا ان وجوب الحج تشريع في لوح الشريعة بغض النظر عن انه عام او خاص او استغراقي او كفائي او له مصلحة او ملاك ملزم. اصل تشريع وجوب الحج والاعتقاد به لازم والاعتقاد بوجوده في لوح الشريعة ولوح المحفوظ لازم. مرحلة ما قبل مرحلة الملاك وبغض النظر عن عمومها وخصوصها واعتقد المذهب العدلية ان الاحكام لها ملاكات او اعتقد الاشعرية لا ملاكات للاحكام العياذ بالله لكن يقر بوجوب الحج ووجوب الصلاة مرحلة اسبق. نفس الاعلام يلتزمون بذلك حتى النائيني والسيد الخوئي فثلاث مراحل للحكم الانشائي، اصل التشريع في لوح التشريع ثم مرحلة المقتضيات ومرحلة ثالثة مرحلة الفعلي المقدر. هذه المرحلة الفعلية المقدرة فيها عموم وخصوص ومطلق ومقيد اما المرحلة الأولى والثانية لا ربط له بالخصوص والعموم. المرحلة الثانية ان وجوب الحج ناشئ من الملاك فماذا ربطه بانه عام او خاص؟ لا ربط له. اصل الملاك لا ربط له بالعموم والخصوص. اذا لاحظ مرحلة اصل التشريع مرحلة اعتقادية كما قاله الشيخ الانصاري فمرحلة من الأصول وليس من الفروع. الصلاة في هذه المرحلة ليست من الفروع. كذلك الحج والصيام والامر بالمعروف والنهي عن المنكر ووجوب الحجاب هذه المرحلة من الأصول ويبحثها الفقهاء ومر بنا ان هذه المرحلة مرحلة عقائدية يختص ببحثها علم الفقه. حتى علم الكلام لا يبحثها. حرمة الربا وحرمة الخمر كذلك والنقاش فيه نقاش في العقيدة وليست مرحلة اجتهادية ظنية. فهذه المرحلة في موارد اركان الفروع أصول اعتقادية يجب ان نلتفت اليها. صورة كانها فقهية لكن حقيقة عقيدة من أفعال القلب وليس من أفعال البدن والنفس.
من ثم الامامة الإلهية ربما خمسين سنة قبل في زمن السيد البروجردي وقع لغط في الحوزات العلمية في تمييز بين الامامة السياسية لاهل البيت سلام الله عليهم والامامة الدينية بمعنى مرجعية اهل البيت في الدين مثل الكتاب بمعنى المصدر في الدين فبحثوا في هذا المطلب ان حديث الثقلين غاية مفاده ليس امامة اهل البيت بل غاية مفاده انهم مصدر وحياني للدين اما الامامة بحث آخر. في الغدير كان تنصيبا سياسيا. قيل هكذا. لكن الصحيح ان كل دليل لامامة اهل البيت كل المراحل فيه لمن يتدبر ويتقن في المطلب. على أي تقدير الكلام في حديث الثقلين من باب المثال: التمسلك ليس في اخذ الدين منهم بل التمسك بمعنى الولاء لهم وتنصيبهم أئمة وليس بمعنى خصوص مصدريتهم.
مثلا الان لما نقول ان أصول الحجج اربع الكتاب والمعصوم والعقل والفطرة لان الاجماع يرجع الى الفطرة. هل المقصود من الكتاب يعني حجة تنظيرية؟ ماذا حجية الكتاب؟ هذه البحوث تنقيحها في الفقه والأصول اكثر من علم الكلام. مرارا مر بنا ان علم الأصول منطق للعلوم الدينية. ما المراد بالحجية في علم الأصول للحجج الأربعة هل الحجج التنظيرية كمصدر؟ كتاب القرآن ميت وصامت؟ او ان الكتاب حقيقة جبارة ملكوتية متمثلة في شخص صاحب العصر والزمان ؟ اذا هذا الكتاب ليس شيئا جامدا. هل الكتاب شيء جامد او هو مخلوق خلقه الله ليدير سياسة العباد؟ حتى الجزئيات. هو احد الأرواح التي ذرعه الله في النبي والائمة صلوات الله عليهم. هو يدير. أي كتاب انتم تقصدون؟ هل الكتاب الذي هو تنظير ونسخة؟ او كتاب روح وحاكم؟ حسب بيانات الوحي الكتاب يشهد على قارئه ويشهد على كل بشر يوم القيامة. اذا كان جامدا وليس له روح كيف يشهد وكيف يحتج الله به. في بيانات الفريقين اول من ينطقه الله بعد سيد الأنبياء هو القرآن فكيف هو جامد؟ فما معنى حجية القرآن؟ هل هي حجية تنظيرية؟ فلاحظ كيف معنى الحجية حجية العقل العملي وحجية العقل النظري وحجية القطع الذاتية وما الفرق بين حجية القطع والظن والشك وبين حجية الحجج الأربعة ولم بدل الشيخ الانصاري الخارطة؟ قال حجية القطع وحجية الظن وحجية الشك ولم يقل بحجية الحجج الأربع؟ ما الفرق بينها؟ في المعالم والقوانين الذين تركا قالا ان الحجج الأربع الوجود الثبوتي لها المراد حجيتها والوجود الاثباتي لها الوجود الاثباتي للكتاب. الشيخ غير الخارطة واضطر الرجوع اليها في تنبيهات القطع. فبالتالي انت لما تبحث في علم الأصول حجية الحجج الأربع او حجية القطع عن ماذا تبحث؟ الحجية بلغة العقل العملي او الحجية بلغة العقل النظري وما الفرق بينهما؟ هذه البحوث لا تدرس في الحوزة العلمية. هذه البحوث موجودة لا زال تحتاج الى التنقيح الكثير.