الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

44/10/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: باب الالفاظ، مبحث الأوامر، مقدمة الواجب

كنا في مبحث ان الميرزا النائيني استدل على تقديم العموم الاستغراقي على العموم البدلي بشواهد وهذه الشواهد التي استدل بها تستبطن او تنطوي على ان مرحلة الملاك من الحكم مفروغ عنها كانما يعني نوعا من التوليف بين تزاحم ملاكات الاحكام فإذا هذه المرجحات التي سنعيد ذكرها وتلخيصها من الميرزا النائيني مبتنية على ان مفاد الاحكام في التخصيص والتقييد ما قبل التخصيص والتقييد الأدلة تفيد نمط ونوعية ملاك الحكم وكانما التخصيص والتقييد نوع من الجمع والعلاج التزاحمي بين مقتضيات ملاكات الاحكام. لب مفاد كلام الميرزا هو هذا. ان التخصيص والتقييد هو نوع من العلاج بين تزاحم ملاكات الاحكام وطبعا هو ليس التزاحم المصطلح، التزاحم عند العجز عن الامتثال لكلا الواجبين بل هذا التزاحم نوع من التنسيق بين ملاكات الاحكام فاخذ وجود ملاكات الاحكام مفروغ عنها فالتخصيص والتقييد هو مرحلة ما بعد تقرر تشريع ملاكات الاحكام وبالتالي اذا مراحل الحكم الانشائي على هذا التصوير يتطابق مع كلام القدماء انهم يتعاملون بين العام والخاص من قبيل الأهم والمهم لا ان الخاص يكشف عن انتفاء العام في منطقة الخاص من رأس او ان المقيد يكشف عن انتفاء المطلق في منطقة القيد او منطقة التقييد هذا هو المعروف عند المتاخري في حقيقة التقييد والتخصيص. اذا هذه نكتة مهمة ان حقيقة التخصيص والتقييد ليس عبارة عن اصل تشريع الاحكام بل انما هي معالجات توفيقية بين منظومة الاحكام وهذه حقيقة عظيمة لو تمت في معنى التخصيص ومعنى التقييد وهذا هو الذي بنى عليه القدماء فالتخصيص نوع من التقديم والاولية للاهم على المهم في منظومة المجعولات والعمومات الشرعية فيما بين بعضها البعض. هذه نكتة جدا مهمة. فبالحقيقة يتعاملون مع العمومات بهذا النمط ويفرق مأة وثمانون درجة مع مبنى متاخري الاعصار. وتداعيات أخرى أيضا ان حقيقة الدليل الخاص ليست انشاء وتشريع جديد خاص بل هو وفاقيات بين العمومات الفوقية وتوليفات ومعالجات فحقيقة الدليل الخاص والأدلة الخاصة انها نوع من التوليف والتنسيق ونوع من النسق ونوع من المعالجة فيما بين العمومات. هذه حقيقة خطيرة لو تمت. لان متاخري الاعصار يتمسكون بالدليل الخاص بينما هذا البيان الدليل الخاص ليس انشاء جديد بل هو جمع بين الانشائات المفروغ وجودها. المشروعية عند متاخري الاعصار آتية من الدليل الخاص ما فوقه دليل اخص بينما المشروعية التي اعتمدت على العمومات ربما قليل من يكترس بها. بينما المشروعية الآتية عند القدماء بالعكس تأتي من العمومات لا من الخصوصات. اصل المشروعية آتية من العمومات والدليل الخاص نوع من التوفيق بين العمومات لا انه انشاء جديد. صاحب الجواهر وفاقا لاستاذيه الشيخ بحر العلوم والشيخ جعفر كاشف الغطاء في مبحث الاذان والشهادة الثالثة وطبعا الشيخ جعفر لم يذكره في الاذان بل ذكره في بقية مستحبات التشهد، كثير من الفضلاء ما عندهم حوصلة في ان يراجعوا المصادر. السيد بحر العلوم ذكره في الشهادة الثالثة في الاذان. هذا المبنى المشترك حاصله شرحه صاحب الجواهر في كتاب الصلاة في مبحث الاذان والشهادة الثالثة وهو ليس مبتكره صناعة قال لو كنا والعمومات نستفيد منها القيود الخاصة للمركب الجزئية مع انه ليس دليلا خاصا. الأدلة العامة من هذا المركب والمركبات الأخرى. من تلك العمومات الواردة في الشهادتين يستحب ان يقترن بالشهادة الثالثة ليست واردة في خصوص الصلاة بل واردة في أي مورد من مواطن التشهد. مواطن التشهد المستحبة مواطن عديدة مثل كتابة الوصية يستحب جعل ديباجة الوصية التشهد وكذلك في تلقين الميت وصلاة الميت مستحب وللمحتضر مستحب وفي التعقيبات وسجدتي الشكر وكذلك قبل الدعاء يستحب ان تجعل صدارة الدعاء التشهد في أي دعاء من الادعية ثم تسترسل بالثناء وتمجيد الله عزوجل. فمن آداب الدعاء ان تتشهد بالعقائد الحقة وكذلك القنوت التي هي دعاء وقد أشار الى ذلك الشيخ المفيد في المقنعة والصدوق في الفقيه. فالمقصود ان السيد بحر العلوم متفق مع زميله الشيخ جعفر كاشف الغطاء ان العمومات يمكننا ان نستفيد منها الجزئية، لكن الجزئية المستحبة او الواجبة بحث آخر. عمومات اعلى درجات وليست العمومات التي هي داخل الصلاة بل العمومات التي هي اعم من التشهد داخل الصلاة او الأبواب الأخرى من تلك العمومات نستنبط جزئيتها للصلاة والتشهد في الصلاة. كيف صناعة بحث آخر وذكرنا فيها ثلاثة وجوه او أربعة وجوه وليس الان محط كلامنا بل محط كلامنا ان الدلالة من العمومات وهذا مبنى القدماء ان المشروعية ليست آتية من المخصصات. مثل ما مر بنا ان الحقيقة الشرعية حسب ما ذكره الاصوليون للماهية الواحدة حقيقة واحدة. التشهد اوجده الشارع من آداب زيارات المعصومين البدء بالتشهد بالشهادات الحقة ومن آداب زيارات المعصومين مناجاة الله عزوجل كانما جعل مناجاة المعصوم قنطرة للتوجه الى الله ومن آداب الزيارة ان تزور المعصومين الأربعة عشر عند كل معصوم. التشهد هكذا هو هو. من ثم الروايات الواردة في تشهد الزيارة او تشهد الادعية او تشهد وصايا اهل البيت او ان المعصوم اول ما يولد يتشهد بالعقائد الحقة فالمقصود ان اصل المشروعية من العمومات لا من الأدلة الخاصة لان الأدلة الخاصة هي بالدقة عبارة عن توليف العمومات الفوقية وليس شيء وراءها. من ثم في الشعائر الحسينية والدينية اصل مشروعية الشعائر لم تأت من الأدلة الخاصة بل اصلها من الأدلة العامة. الشيخ بهجت رحمه‌الله سال واحد عنه ان هذه الاذكار التي تنقل من صالح او عابد مشروعيتها من اين يجيء؟ ميرزا هاشم الآملي رحمه‌الله نقل عنه قرائة ثلاث آيات من سورة النور «الله نور السماوات» الى آيتين بعدها 64 مرة لقضاء الحوائج عجيبة وغريبة في تعقيبات صلاة الصبح الى مدة شهرين. معروف عنه وكان متضلعا فيها. فالمقصود سأل الشيخ بهجت من اين يجيء مشروعيتها فذكر اصل الاذكار مشروعيتها يجيء من «فاذكروا الله ذكرا كثيرا» ذكر الله عموما مشروع. هذا العدد او ذاك العدد بحث آخر لكن عمومات ذكر الله. طبعا اذا عدد خاص او تركيب خاص من الاذكار ورد عن أئمة الدين لها تأثير آخر يعني طبخة خاصة من اهل البيت علهيم السلام لكن لا ان اصل المشروعية آتية من الدليل الخاص. شبيه القوانين البرلمانية او الوزارية قوانين خاصة لكن بالدقة كلها منحدرة من القوانين العامة من القوانين الدستورية.

ارجع: هذا الكلام من الميرزا النائييني ان مرحلة الملاك قبل مرحلة التخصيص يقلب علم الأصول والفقه انقلابا عجيبا ويعطي منهجية الاستنباط بعدا عجيبا. لنعاود شواهد الميرزا النائيني بغض النظر عن إشكاليات السيد الخوئي وربطها بالمقام. بعض الأحيان كبرويا يشكل السيد الخوئي وبعض الأحيان يقول صغرويا ما له ربط. بغض النظر عن الدوران بين قيد الوجوب وقيد الواجب وربطها اصل الفكرة مهمة ان حقيقة التخصيص والتقييد ما هي. الميرزا النائيني يذكر في حقيقة الدوران بين العموم الاستغراقي والعموم البدلي امرا خطيرا. مر بنا بحث حقيقة العموم امر خطير. هل صلاحيات الفقيه والمرجع شرعت في لجهاز الشيعي استغراقيا او بدليا؟ قطعا استغراقي وليس بدليا. اذا اذا صار اختلاف في الفتوى حينئذ يرجع الى الاعلم وكل يشخص الاعلم حسب تشخيصه. فاصل « انظروا الى رجل منكم نظر الى حرامنا وحلالنا...» ابدا لا يتوهم احد ان الصلاحيات الفقيه والمرجع من القضاء والفتياء خاصة والعموم بدلي. كله عموم استغراقي يعني ان الجهاز الديني عمومه من نمط آخر. الرجوع الى الاعلم في بعض الأدوار بحث آخر. لا ان كل الصلاحيات طرا ومطلقا عموم بدلي. العموم البدلي والعموم الاستغراقي ليس بحثا فنيا وطرفيا. بعض الصلاحيات الديني مجموعية واكثر الصلاحيات استغراقي باتفاق كل العلماء. كلامنا في نسبة الإخبار الى الاعلام. ان بناءهم في صلاحيات المرجع عموم استغراقي. في بعض الموارد الخاصة القليلة عموم مجموعي مثل الجهاد كما حصل في الثورة العشرين مع ان ميرزا محمد تقي يشار اليه بالمرجعية ما ارتكب ان يتفرد بفتوى الجهاد. كما ان فتوى الجهاد بالداعش كانت جماعية مع احترامنا العظيم بالمرجعية العليا اطال الله عمره وسدده. فالمقصود هذه نكتة مهمة. له كل الثمرات. في باب القضاء واصل صلاحية القاضي.

الميرزا النائيني يقول في الدوران بين لعموم الاستغراقي والعموم البدلي ان العموم الاستغراقي الملاك فيه متكثر بينما العموم البدلي الملاك فيه وحداني ومن الطبيعي ان رفع اليد عن دائرة الملاك الواحد من دون ارتفاع أولى من ان تضيق وترفع اليد عن الملاكات المتكثرة. يعني استدل بنكتة في الملاكات قبل ان يحصل تخصيص او تقييد. يعني يتعامل معها معاملة التزاحم فهذا ما يشير الى ان حقيقة التخصيص عند الميرزا النائيني ارتكازا على الأقل انه نوع من التوليف بين مقتضيات وتزاحمات الملاكات في التشريع يعني ان التخصيص مرحلة نازلة من التشريع. هذه النكتة جدا مهمة. الشاهد الاخر الذي استدل اليه الميرزا ان العموم البدلي في بدليته ... هذا البحث في نفسه نفيس انفس مما نحن فيه. النقطة الأخرى ذكرنا الامس ونعيد اليوم ان الاطلاق البدلي يتوقف على احراز تساوي الافراد في الملاك بخلاف العموم الاستغراقي. اذا جعل الاطلاق بدليا متأخر عند الميرزا النائيني عن طبيعة تسوية الملاك في الافراد. اصل الملاك في البدلي حسب زعم الميرزا يجب ان يستظهر قبل ان يحدد ان هذا المطلق مطلق بدلي او مقيد. مما يدل على انه عنده مراحل التشريع طبقات وان التقييد مرحلة نازلة. ونعم الكلام

نقاشات السيد الخوئي أيضا مهمة وسنذكرها لا لاجل النقاشات بل لاجل ان هذا المطلب نخاع قضية حقيقة التخصيص وحقيقة التقييد.