44/10/11
الموضوع:الالفاظ، مبحث الأوامر، مقدمة الواجب
كان الكلام في تنوع قيود الوجوب وقيود الواجب ومن خلال ما سيأتي من كلمات الاعلام في الواجب المعلق الذي لم ندخل فيه بعد والمقدمات المفوتة هناك يصرح الميرزا النائيني وا لشيخ الانصاري وصاحب الكفاية والسيد الخوئي ان القيود لا ينحصر اخذها في المركبات بلسان او بقالب لا صلاة الا بالطهور مثلا. يعني بلسان بصريح او قل بلسان المشتمل على المركب والجزء والشرط مثل أولها التكبير وآخرها التسليم وثلثها والسجود وثلثها الركوع. هذا اللسان جعل صريح في الجزئية والاعلام قالوا لا ينحصر اخذ القيود (ليس مرادهم خصوص الشرط بل مرادهم يشمل الجزء لان كل جزء قيد للجزء الاخر او المركب) بلسان جعل المركب او الاخذ مضمونيا او ضمنيا في المركب. كثيرا من القيود ستأتي امثلتها في الأبواب الفقهية لم يلتفت اليها او يتوصل اليها عبر لسان صريح هكذا، بل بجعل متمم الجعل يعني جعل اجنبي ثبوتا واثباتا لكن الملاك الذي ينطلق منه متمم الجعل الذي بلوره الميرزا النائيني لكنه موجود في كلام الشيخ الانصاري او قبله، فجعلان لكن الفقيه يفهم ان هذين الجعلين ينطلقان من وحدة الملاك فيكون بمثابة القيد وان لم يكن صورة قيدا.
نقلنا كلام بحر العلوم يقول بحسب الأدلة الخاصة الشهادة الثالثة خارجة من الاذان لكن بحسب الأدلة القطعية العامة داخلة في ماهية التشهد سواء في الاذان او الصلاة او غيرها. المقصود ان هذه الفكرة فهمها صاحب الجواهر من استاذه بحر العلوم انه لا ينحصر الجزئية والدخول بالادلة الخاصة التي هي صريحة في الضمنية بل قد تكون ادلة عامة قطعية وضرورية تدخل الشيء في الشيء.
كما صرح الاعلام في الواجب المعلق والمقدمات المفوتة ان القيود لا تكون فذلكتها الصناعية بقالب جعل «لا صلاة الا بالطهور» «لا صلاة الا بالفاتحة» بل حتى لو كان الجعل مستقلا ونعلم ان لملاك واحد وحقيقة الدين وهوية الدين ومعلم الدين بالثلاثي لا بالاثنين. اينما ذهب التشهد يذهب بدليل «اليوم أكملت لكم دينكم» كما يصرح بذلك بحر العلوم. والدين بدون الشهادة الثالثة ناقص والدين الناقص كالعدم.
الخيار الثالث حكم العقل الذي يتبناه الاعلام. لا متمم الجعل في البين ولا في الجعل الأول ذكر فمن اين يثبت؟ العقل غير المستقل يدرك من مجموع الأدلة ان هذا الشيء الذي لم يأخذ في الجعل الأول ولا في الجعل الثاني دخيل في الملاك. عبادات غير المؤمن غير صحيحة والعقل يدركه. هذا العمل لا بد فيه من قصد القربة لان ملاكه عبادي كما ان العقل يدرك ان اصل قصد القربة والتقرب الى الله من دون الولاية ليس بصحيح. فالصحة ملازم للقبول. هذا نمط ثالث وانماط أخرى متعددة تذكر في بحث المقدمات المفوتة. مما ينبه على ان الفقهاء في الأبواب الفقهية لم يحصروا القيود في الدليل الصريح او الجعل الأولي او ما شابه ذلك بل عندهم خيارات عديدة وآليات عديدة للتوصل لقيدية الشيء في المركب. على فرض ان الشهادة الثالثة لم تأت في الأدلة في تشهد الصلاة ولم تأت في تشهد الاذان مع انه واقعا موجود لكنه لا ينحصر دليل اخذ القيد في المركب بالطريق الأول بل عدة طرق متعددة. هذه نكتة لطيفة.
سيما اذا نلاحظ تنوع القيود في كيفية اخذها وأنواع ونماذج من قيود الوجوب وقيود الواجب فمن الخطأ ان نقول اننا لا نشاهد آثار القيدية للواجب المعهودة فيها. من اين نثبت ان الوتيرة من قيود الواجب كلها على منوال واحد؟ نكتة مهمة. او قيود الوجوب على منوال واحد؟ بل فيه تنوع وفيه مفاجئات في القيود في الأبواب اذا تتبع الانسان.
بيان الميرزا النائيني في الدوران بين قيد الوجوب وقيد الواجب لم نبسطه قبل شهر رمضان وبيان مهم بغض النظر عن تطبيقه في المقام. قيد الوجوب يعني قيد الهيئة وقيد الواجب يعني قيد المادة. فعندنا هيئة لفظية دالة على الوجوب ومادة دالة على الواجب. عند الدوران تارة هناك قرائن حافلة على ان القيد قيد الهيئة او قيد المادة على اختلاف تنوع القيود ولو تردد عند الشيخ الانصاري الأصل ان القيد قيد المادة. والنائيني هكذا. واستدل النائيني بشواهد والسيد الخوئي عنده إشكالات متينة ووجيهة على الشيخ الانصاري والنائيني سنتعرض اليها وتعرضنا اليها اجمالا لان الهدف ليس تنقيح الدوران بل الهدف نكتة اهم وادسم وخطيرة بغض النظر عن ارتباطها بالمقام هي في نفسها ثمينة.
الميرزا النائيني بنى على ان العموم في الهيئة والوجوب استغراقي وغالبا هكذا وصحيح. احل الله البيع، كل بيع. بينما العموم في المادة «اقم الصلاة» أي في الواجب غالبا بدلي لا دائما. هذا ليس محل الكلام. العموم في الوجوب استغراقي والعموم في المادة بدلي. الكلام عند الدوران بين العموم الاستغراقي في الوجوب والعموم البدلي في المادة. الصلاة الواحدة للظهر تكفي لان العموم فيها بدلي اما الهيئت استغراقي. هذا القيد اما قيد الهيئة او قيد المادة. اذا كان قيد الهيئة سوف يستلزم نقص وجوب من الوجوبات عند انتفاء القيد. سوف يسبب ارتفاع جملة من افراد الحكم المستقلة وشيء طبيعي اما اذا كان القيد قيد الواجب وبدليا لم يستلزم انتفاء الواجب لانه بدلي ومرة واحدة يكفي. هذه المعادلة أيضا لا غبار عليها ان قيود الوجوب استغراقي ويسبب ارتفاع افراد مستقلة من الحكم اذا قيدنا الهيئة اما اذا قيدنا المادة لم يسبب ارتفاع الحكم ولا يسبب ارتفاع الواجب بل تطبيق الواجب سيضيق دائرة اما اصل الواجب لا يرتفع ولا يزول مع جعل القيد قيد المادة. الى هنا الكلام واضح. يقول عند تعارض العموم الاستغراقي مع العموم البدلي نرجح العموم الاستغراقي ونوجه القيد الى البدلي لان توجيه القيد الى البدلي لم يرفع لنا حكما وملاكا بل يضيق لنا أداء.
للسيد الخوئي جملة من الإشكالات لكن هذا البيان في نفسه ثمينة وسنتعرض اليه في التعارض بين رواية ورواية او آية ورواية هل نرجح العموم البدلي او نرجح العموم الاستغراقي. هل الأصل ان نرجح العموم الاستغراقي على البدلي بهذا البيان ام لا؟
هذا البيان عند الميرزا النائيني بغض النظر عن صحة استنتاجه بل نفس هذا العناصر التي اعتمد عليها النائيني لا تتوافق هذه العناصر الا مع مباني القدماء في مراحل الحكم الشرعي ومباني القدماء والمشهور في الدلالة. تذكرون مرارا مر بنا فرق بين التخصيص عند القدماء والتخصيص عند متاخري الاعصار. المتقدمي من الاعلام عندهم التخصيص ليس محوا للعام في منطقة الخاص ولا محو للمطلق في منطقة المقيد شبيه النسخ وانما تجميد وطبعا هذا يعتمد على القول بمراحل الحكم في المراحل الانشائية ومراحل الحكم في الفعلية وتعدد الفعلية وما شابه ذلك.
كيف يعتمد بيان الميرزا على هذا المبنى من القدماء بخلاف المتاخرين ان التقييد والتخصيص يكشف عن ان العام في منطقة الخاص من رأس لا وجود له ومحو. هذا مبنى المتاخري الاعصار. كيف يعتمد بيان الميرزا على هذا المطلب؟ هنا قال الميرزا نحن في حالة التردد بين العموم الاستغراقي والعموم البدلي. ان العموم الاستغراقي مقدم على البدلي لان رعاية العموم الاستغراقي لم يسبب التفريط لا في الاستغراقي ولا في البدلي. فيقدم اطلاق الاستغراقي ويجعل القيد يعود الى البدلي وما يرتفع البدلي بل يضيق اداءه ولا يرتفع اصل الحكم البدلي. هذا التعامل بهذه اللغة يعني كانما يفترض انه بحث التزاحم. في التزاحم بين الاستغراقي والبدلي واضح ان الاستغراقي يقدم لان البدلي لا يرتفع. هذا قبل ان يستنتج الميرزا النائيني دعوى ان الملاكات بهذا النمط قبل حسم الدلالة ما ذا يعني؟ القيد لن يكشف عن انعدام العام مطلقا بل القيد نوع من التزاحم. فانت بدل ما توجه القيد الى الاستغراقي وجهه الى البدلي. التعامل مع المراحل الانشائية لان التقييد والتخصيص من المراحل الانشائية لا الفعلية والتعامل معها بلسان التزاحم ولو التزاحم الملاكي أ ليس معناه موافقة القدماء؟ ان التخصيص وا لتقييد ليس كاشفا عن ان العام غير موجود في منطقة الخاص. لانك تقول انك فرطت في العام فالعام موجود وانت فرطت فيه. اذا جعلت القيد الى الاستغراقي انت فرطت في بعض افراد الاستغراقي. هذا نعم الوفاق مع القدماء كما ان الميرزا النائيني يقول ان الحكم في البدلي لم يرتفع كانما خارطة الملاكات مفروغ منها فيأتي خارطة الحكم الفعلي وما بعد الحكم الفعلي. كانما عند الميرزا النائيني ان بنية الملاكات غير مرهونة بالخاص والتقييد وهذا صحيح وعند القدماء هكذا أيضا. لذلك هذا الترجيح من الميرزا بهذا المرجح واضح انه نوع من التعامل بين العام والخاص كانما هما متزاحمان وبدل ما توجه الى الاستغراقي توجهه الى البدلي شبيه التزاحم في الامتثال. غاية الامر ليس تزاحما في الامتثال بل تزاحم في الملاك وهذا نعم الشيء. يلتزم الميرزا ان طبقات الانشائية وانشاء الحكم طبقات وليس طبقة واحدة لانه أراد ان يحدد التقييد مع مفروغية حسم لوحة الملاكات وكيف يمكن حسم لوحية الملاكات من دون مفروغية مراحل الانشاء ومن دون ان يتبنى مبنى القدماء ان التخصيص ليس اول مرحلة الانشاء بل التخصيص نوع من التوليف بين الاحكام التشريعية. هذا صريح كلامه ان التخصيص نوع من المولف اما بين العام الاستغراقي والقيد او بين المخصص والمقيد مع العام البدلي. هذا على كل ثمرة مهمة. اشكال السيد الخوئي لا يرد في اصل المطلب بل في استثمار هذا المطلب.
عنده بيان آخر في تقديم العموم الاستغراقي على البدلي في المقام يرجع لبا الى هذا المطلب ان العموم الاستغراقي التقييد فيه تفريط والتقييد في العموم البدلي ليس فيه تفريط يعني يرجع لبا نفس ذلك البيان.
يقول ان الاطلاق البدلي يختلف عن الاطلاق الاستغراقي او العموم الاستغراقي ان في البدلي يجب ان يحرز تساوي افراد البدلي في الملاك قبل ان نجري الاطلاق بخلاف العموم الاستغراقي لا يحتاج في اجرائه احراز تساوي افراده في الملاك. هذا تصريح بنفس المطلب الذي مر بنا. ثبت العرش ثم انقش. من اين نحرز الملاك؟ هذا تصريح من الميرزا ان الملاك له آلية في الدلالة قبل تعيين العموم وتعيين التقييد. لانه يقول ان الاطلاق البدلي قبل ان تجريه تحتاج ان تحرز تساوي الملاك. اذا لم تكن مراحل الانشاء متعددة دلالة ومدلولا هل يمكن احراز الملاك وتساوي الملاك؟ فاذا في ارتكاز الميرزا النائيني ان للملاك دلالة للجعل والانشاء قبل ان تكون الاطلاق بدليا او مطلقا. فلان الاطلاق البدلي يعتمد على هذه النقطة التساوي في الملاك بخلاف الاستغراقي حتى لو كان الشدة والضعف فيه لكنه لا يحتاج الى احراز تساوي الملاك في اجرائه. فيتقدم الاطلاق الاستغراقي لعدم توقفه لاحراز التساوي على الاطلاق البدلي. هنا القيد اما يقيد الاستغراقي او البدلي فبالتالي لا نحرز تساوي افراد البدلي في الملاك. هذا اجراء الاطلاق البدلي عند النائيني معناه ان الملاك متساوي او غير متساوي مأخوذ من الدلالة قبل الاطلاق البدلي. هذا اعتراف من الميرزا النائيني ان الانشاء له مراحل نفس المراحل الانشائية لها مراتب ومراحل. نفس مبنى القدماء لا نتعامل مع العام والخاص محو واثبات بل نوع من التزاحم لا التزاحم الامتثالي بل التزاحم في الملاكات والمقتضيات وتنظيم الجعل والمجعولات الشرعية في التشريع. العام والخاص نستطيع ان نطلق عليه نظرية جديدة وتسمية جديدة ان العام والخاص عبارة عن تنظيم الملاكات وتنظيم القوانين. ليس محوا واثباتا. يرجع الى نوع من التوليف والتوازن بين المجعولات الفوقية وهذه حقيقة مهمة في أصول القانون. ربطه بالمقام صحيح او لا بحث آخر لكنه في نفسه ثمين.