44/08/20
الموضوع: الالفاظ، مبحث الأوامر، مقدمة الواجب
كان الكلام في الواجب المشروط ووصل بنا الكلام في الاستدلال الرابع الذي استدل به على عدم تقييد الوجوب فلايكون الوجوب مشروطا أي لا يكون لدينا واجب مشروط يعني الواجب الذي وجوبه مشروط.
الوجه الرابع هو الاستدلال العقلي الذي يذكره الشيخ الانصاري من انه بالوجدان نرى ان القيود ليست هي قيود الوجوب بل هي قيود الواجب. غاية الامر قيود الواجب متنوعة ومتعددة بعض قيود الواجب يبعث نحوها الوجوب وبعض قيود الواجب لا يبعث نحوها الوجوب وانما تأخذ بنحو مفروضة الوجود. مثل اشهر الحج اذا جعلناها قيودا للواجب علاوة على ان الزمان غير مقدور فمأخوذة مفروضة الوجود فحينئذ يبعث الوجوب نحو الواجب على فرض تحققها. سواء كانت غير مقدورة او ربما مقدورة كالاستطاعة لكن الشارع لا يأخذ الوجوب باعثا نحوها لكن هي بالدقة هي قيود الواجب.
استدلال الشيخ في الحقيقة اعتمد على عنوان الإرادة والطلب او الشوق لان هناك جملة من الاعلام مثل المحقق النهاوندي وهذا رأي قديم من الأصوليين ان الحكم حقيقته الإرادة وهو إرادة تكوينية غاية الامر متعلقة بالغير على نحو الاختيار فكثر عرفوا الحكم بانه الإرادة. بالنسبة الى الباري تعالى الإرادة من صفاته الفعلية خلافا للفلاسفة حيث يجعلونها من صفات الذات لكنه متقدم على العوالم. فاجمالا اذا الإرادة تجاه الحج مثلا او أي شيء آخر. فهذه الإرادة تجاه الحج اما هي إرادة تجاه الحج من المكلفين المستطيعين او الاعم، يعني أي قيد كالاستطاعة لا حصرا في الاستطاعة. أي قيد تجاه الحج اما إرادة مطلقة او مقيدة فالارادة تجاه الحج ولو قيد تعلق الإرادة بالحج والاستطاعة لكن الإرادة فعلية وليست مقيدة. بالدقة ما هو مقيد هو الحج والطلب غير مقيد والمطلوب مقيد. سواء كان القيد يبعث الإرادة نحوها في الاحرام انه شرط في النسك او الإرادة لا تبعث نحوها كالاستطاعة واخذ مفروض الوجود او مثل اشهر الحج هي قيد غير مقدور لكن الإرادة تجاه الحج موجودة قبل موسم الحج. فاذا القيود للواجب هي متنوعة لا ان هذه القيود قيود الوجوب وهي الإرادة والطلب. الطلب ما ان يتصور المولى أي فعل من أفعال المكلف اما يريده او لايريده واذا أراده اما يريده مطلقا او مقيدا واذا أراده مقيدا اما يبعث نحو القيد او لا يبعث. فمسامحة ان نسميها قيود الوجوب ولو افترض في صورة الدلالة مقتضى الدلالة عدم تمامية الوجوه السابقة لكن رجوع القيد الى الوجوب صوري ولبا يرجع القيد الى المادة. غاية الامر هذه القيود التي تسمى انها ترجع الى الوجوب غاية الامر الوجوب لا يبعث نحوها واخذت مفروضة الوجود لا ان الوجوب معلق عليها. الوجوب لبا مطلق والإرادة مطلقة غاية الامر المراد مقيد بالاستطاعة التي لا يلزم المكلف بتحصيلها بل على فرض وجودها. فبالدقة الشيخ يقول وان كانت القيود صورة للوجوب لكن لبا ليست قيودا للوجوب بل هي قيود الواجب. لذلك فيه تساؤل عند بعض الاعلام: ما الفرق بين الواجب المشروط عند الشيخ الانصاري بناء على انكاره قيد الوجوب. وانما لدينا الوجوب دائما مطلق والواجب مقيد على انحاء. واما بنحو مفروضة الوجود وهي تسمى قيود الوجوب وبنحو يبعث الوجوب الى تحصيلها. ففيه تساؤل على مبنى الشيخ ان القيد يرجع الى الواجب والوجوب مطلق وليس مشروطا ما الفرق بين مبناه هنا في الواجب المشروط والواجب المعلق الذي سيأتي من صاحب الفصول لان فكرة الواجب المعلق والواجب المنجز تقسيم آخر للواجب. ما الفرق بين الواجب المعلق والواجب المشروط عند الشيخ؟ ربما اشكل المظفر رحمة الله عليه وبعض الاعلام ان مأل المعلق هو الواجب المشروط. المعلق عند صاحب الفصول القيد يرجع الى الواجب والواجب معلق عليه. وصف الواجب بانه معلق وصف بحال نفسه لا بحال الوجوب. بخلاف الواجب المشروط هذا وصف بلحاظ الوجوب. المفروض ان نخوض في المعلق لنقارن بين المعلق عند صاحب الفصول والواجب المشروط عند الشيخ الانصاري.
هذه الأقسام بلورها المتاخروا الاعصار من الأصوليين. كما ذكر الشهيد الصدر وهو الصحيح: عنصر من الأصول يأخذونه يدرجونه في علم الأصول فاكتشاف العناصر المشتركة في الفقه لا حد لها ولا حصر. جيل بعد جيل يكتشفون أمورا منه. مما ينبه على طبيعة الفقه والباحث في الاستنبط لا يستطيع ان يحصر ويحدد ظواهر الاحكام الفقهية في الأبواب الفقهية بما قعد من قواعد علم الأصول لان هذه القواعد من علم الأصول ليس ضروريا ان يكون كل العناصر المشتركة الموجودة في علم الفقه بدليل ان الجيل بعد الجيل يشتركون عناصر جديدة. فقد تواجده زوايا جديدة و طبايع من نمط مختلف في علم الفقه. هو يستفيد من القواعد لكن ليس ضروريا ان هذه تعالج كل العقد في الفقه بل كثيرا ما تعالج لا بنحو دائم. لذلك كل فقيه يكتشف طبيعة معينة من الفقه لم يكتشفه من قبله. مثل مرحلية الاحكام اكد عليه متاخروا علم الأصول وان كان ارتكازات المتقدمين ادسم من متاخري الاعصار في بحث الحكم الانشائي لكن هذه عملية الحصاد للعناصر المشتركة في علم الفقه بابها مفتوح وهذا ينبه على ان الضوابط المنهجية في علم الأصول تكتشف مجموعة بعد مجموعة او عنصرا بعد عنصرا وليس من الضرورية ان ينشر الباحث الفقهي البحث الفقهي تحت ما انجز من علم الأصول بل هناك مساحات أخرى الى الان لم تنجز من علم الأصول. كما ان هناك في علم الفقه نفسه من الخطأ ان يحشر الانسان الأدلة في القرآن والروايات بما بوبه علماء الفقه من الأبواب. الان أبواب جديدة موجودة مثل الصيرفة والبنك والتنسيل ولها قواعد خاصة بها او فقه الطب او فقه معاملات البرصة وما شابه ذلك. المقصود تولد الأبواب الفقهية من الأدلة الموجودة من الشبهات الحكمية او الشبهات الموضوعية قابل لتولد وتوليد الأبواب الفقهية الجديدة. ليس من الضروري ان نحصرها في التبويب الذي صنعه الفقهاء. لذلك أبواب الفقه عند الفقهاء غير الأبواب الفقه الموجودة في الشرايع واختلفت بهذا السبب. هذه أيضا بلحاظ علم الفقه.
نرجع الى كلام الشيخ الانصاري. يقول ان الوجوب مطلق وهو الإرادة والطلب والشوق فمطلق اما يطلبه او لا يطلبه واما يريده او لا يريده. فاذا أراد الحج اما يريده مطلقا او مقيدا. والقيد اما يبعث نحوها او لايبعث نحوه. فالتنويع في قيود الواجب وليس في قيود الوجوب. هذا محصل الاستدلال العقلي للشيخ الانصاري وهذا استدلال متين في نفسه. له الصلة بمدعى الشيخ او لا بحث آخر. فاذا الشيخ الانصاري طبق الدليل العقلي الكلامي رفع اليد عن صورة الدلالة يعني هذه الدلالة صورية وموجودة ولا ينكرها الشيخ لكن هذه القيود لبا وعقلا للواجب فاذا كان هناك دليل عقلي يسوغ رفع اليد عن هيكل الدلالة وقوالب الدلالة.
دعونا نذكر مقولة عند الأصوليين القديمة والجديدة ومقولة مهمة ان كل قيد قيد الوجوب هو قيد الواجب. ما مرادهم منها؟ والعكس كل قيد الواجب هو قيد الوجوب. تعاكس. مثلا الطهارة ليست فقط قيد الواجب بل قيد الوجوب أيضا والدلوك ليس قيد الوجوب فقط بل قيد الواجب أيضا. هنا مراد الأصوليين ليس كما يترائى ظاهرا ان كل قيد الوجوب هو قيد الواجب ليس بالمعنى المصطلح الاصولي لقيد الواجب بحيث يبعث الوجوب نحوها. بل المراد شيء آخر. كما ان قولهم كل قيد الواجب هو قيد الوجوب. ليس مرادهم صيرورة احد القسمين الى القسم الاخر ان يأخذ آثاره مطلقا. اذا ما هو مرادهم؟ مرادهم شيء واحد فقط. هذا بحث مهم يستفاد منه في موارد عديدة. ليس مراد الأصوليين من ان كل قيد الوجوب قيد الواجب ان يأخذ آثار قيد الواجب مطلقا بل يأخذ اثر واحد فقط. كما في العكس ما هو قيد الواجب كالطهور هو قيد الوجوب أيضا صيرورته الى قيود الوجوب لا انه آثار قيد الوجوب مطلقا بل يأخذ اثر واحد. عول القيد الى القسم الثاني له معنى. معناه فقط وفقط التضييق. قيد الوجوب اذا كان بالذات قيد الوجوب لا محالة سيضيق الواجب. كما ان الطهور يضيق الواجب. الدلوك أيضا يضيق الواجب يجعل الصلاة الرباعية زمانها ظهري. ضيق حصة الواجب. اذا هو بالذات قيد الوجوب لكن عوله وصيرورته قيد الواجب. كذلك قيد الواجب بالذات كاطهور يضيق الوجوب. لان الوجوب عندما يتعلق بالواجب تلقائيا يتضيق الوجوب يعني يتعلق نفس التعلق تقييد. فاذا أي قيد بالذات هو من احد القسمين ليس يقيد القسم الذي هو فيه فقط بل سيضيق القسم الثاني أيضا. هذا هو المراد فقط في التضييق. صيرورة قيود كل قسم الى القسم الثاني بمعنى التضييق فقط يعني قيد الوجوب بالذات قيد الوجوب لكنه سيضيق الواجب أيضا تلقائيا. كما ان قيد الواجب بالذات يضيق الواجب لكنه أيضا سيضيق الوجوب فبمعنى عقلي في القيد والتقييد والتضييق كل قيد من القسم هو تضييق للقسم الآخر. لا ان قيود الوجوب اذا صارت قيد الواجب تأخذ كل آثار قيد الواجب بل المراد اثر واحد وهو التضييق والعكس كذلك.
لم ذكرنا هاتين القاعدتين؟ كانما شيئا ما تدعمان دعوى الشيخ الانصاري ان قيود الوجوب لبا هي قيد الواجب. غاية الامر الشيخ أضاف الى ذلكا ن الإرادة فعلية وموجودة والمحقق العراقي في بعض الأبواب ليس مثل النائيني هو يبنى على مبنى من اول الأصول الى اخره اما العراقي والكمباني عنده التبدل في المباني والبداء والشيخ أيضا عنده البداء في بعض الأبواب يتخذ مبنى معينا وفي بعض الأبواب يتخذ مبنى معينا آخر. بخلاف النائيني طبيعة مشيه على وتيرة واحدة من ثم انسجام مدرسة النائيني في المباني اكثر من العراقي. فهذا استدلال الشيخ الانصاري لبا وهو يأخذ باستدلال عقلي يرفع اليد عن صورة الدلالة. هل هذا الذي ذكره الشيخ صحيح؟ استدلال في نفسه صحيح لكنه لا يثبت المدعى لعدم ارتباطه بالمدعى ان شاء الله في الجلسة القادمة.