44/08/14
الموضوع: الالفاظ، مبحث الأوامر، مقدمة الواجب
كان الكلام في الواجب المشروط في قبال الواجب المطلق والمراد كما مر يعني الواجب الذي وجوبه مشروط والوجوب مثال كما مر والا كل الاحكام التكليفية بل كل الاحكام الوضعية ومورد البحث هو الانشاء والهيئة بلفظ او معنى حرفي وتارة انشاءه بلفظ اسمي او حرفي آخر والبحث على نمطين او على صعيدين. فاذا انشأ الحكم بمعنى حرفي بتوسط الهيئة او حروف أخرى مر الاشكال بالجزء الحقيقي ومر دفعه والان الاشكال بلحاظ الآلي للمعنى الحرفي فالآلية تنافي التقييد لان التقييد يستلزم النظر الى الشيء والحال ان الآلية والحرفية تعني الفناء.
الجواب النقضي عن الاشكال ان جملة من المعاني الاسمية تلحظ آليا مع ذلك تقيد في موارد عديدة مثلا زيد في الدار او زيد على الدار؟ زيد مفروغ عنه لكن تريد ان تعلم ان زيد في الدار او على الدار؟ محل الترديد والتركيز على «في» و«على» فبالتالي هنا الملحوظ آلي مع ذلك يمكن تقييده. وهنا في المقام مع ان المعنى حرفي لكن التركيز عليه اكثر وليس بنحو تبعي. زيد في الدار او زيد على الدار. المسير الى كربلا او من كربلا؟ فاذا هذه الدعوى غير صحيحة ان الحرفي يلازم الآلية والاسمي يلازم الاستقلالية بل قد يمكن العكس وقد يكون التركيز على المعاني الحرفية.
الجواب الحلي مهم وهذه النكتة تفيد في العقائد كما مر بنا ان العلم الأصول منطق العلوم الدينية ويفيد في المباحث العقائدية كثيرا جدا ومن الخطأ ان نجعل علم الأصول علم فهم الفروع بل الأصول علم فهم الدين عموما وهو في الحقيقة غير مختص باستنباط الاحكام الفرعية العملية بل علم الأصول علم بالقواعد الممهدة في الاستنباط في الحكم الاعتقادي او الأخلاقي او الفرعي وبالتالي يكون منطق العلوم الدينية ومن ثم له اسهامات كثيرة في العقائد حتى الفلاسفة يعني باعتراف رواد الفلسفة ان علم الأصول اصدى مباحث عقلية صعبة وركنية في الفلسفة الإسلامية والذي قام بها علم الأصول سيما عند الامامية ولم يقوموا بها الفلاسفة وهذه ليست ظاهرة صدفة وعفوية بل يدل على ان هناك بنيان ونظام بنياني في علم الأصول يؤثر على المباحث العقلية وليست صدفة. هذا برهان على ان علم الأصول منطق العلوم الدينية ومنطق الحوزات العلمية.
هنا مبحث لطيف في اللحاظ الآلي واللحاظ الاستقلالي اثاره الاصوليون اكثر من الفلاسفة والعرفاء مع ان حاجتهم فيه اشد وهذا المطلب هو ان اللحاظ الآلي درجات وليس درجة واحدة كما ان اللحاظ الاستقلالي درجات. لحاظ الفاني والفناء درجات وهذه النكتة جدا مهمة. شبيه البيانات الوحيانية العقلانية والعلمية لاهل البيت ان الإخلاص والخلوص درجات. من صفات امير المؤمنين سلام الله عليه أنه قمة المخلصين وسيد المخلصين في عدة من زياراته يعني انه وصل الى خالص الاخلاء والخليل أيضا درجات. الخلة التي حاز بها إبراهيم درجة وغير الخلة التي حاز بها امير المؤمنين فضلا عن سيد الأنبياء وكذلك موسى كليم الله واميرالمؤمنين في احتجاجه على يهود قال ان سيد الأنبياء في هذه الصفة اعظم من موسى لان موسى كليم الله في جبل طور بينما رسول الله كليم يكلمه الله وهو عند عرشه في المعراج. عيسى روح الله تأييد من روح القدس لعيسى بينما تأييد روح القدس للنبي واهل بيته سلام الله عليهم أنه قوة من قواهم النفسانية. فهذه الأسماء الموجودة في مقامات الأنبياء كلها ثابتة في اهل البيت وسيد الأنبياء لكن بدرجات لا تقاس. أيضا الفناء والإخلاص والفناء بلغة العقل النظري وبلغة العقل العملي نفس الإخلاص في تراجم بين عناوين العقل النظري وعناوين العقل العملي وهذه النكتة في نفسها ثمينة. فالاخلاص هو النقاء من الشوائب وانانية الذات ولها درجات كما ان الشرك درجات. ﴿ما يؤمن اكثرهم الا وهم مشركون﴾ بالتالي ان العبودية والتوحيد والشرك والكفر درجات والإخلاص والفناء درجات والآية الكاشفة أيضا درجات ﴿ولقد رأى من آيات ربه الكبرى﴾ فانظر ان الآيتية والكاشفية والعلامة والدلالة درجات وليس عبطا ان يقول امير المؤمنين «ما لله آية اكبر مني» باعتبار انه نفس الرسول من جهة عظمة المخلوقية. فلاحظ ان الآلية درجات والفناء درجات والاستقلالية درجات. كما مر ان الوجود في نفسه وبنفسه ولنفسه موجود قائم بنفسه وهو فقط الباري تعالى والباقي في نفسه لنفسه بغيره وهو الجوهر والعرض في نفسه لغيره بغيره والرابط في غيره بغيره ولغيره اضعف الوجودات. فلاحظ ان الاستقلالية درجات في الوجود مثل الدول التي تستقل في الاقتصاد ولا تستقل في السياسة او بالعكس او غير منقوصة في نظام المصرف او في النقل او بيع النفط. هذه كلها منقوصة السيادة والسيادة والعبودية درجات والمهم ان الضعف درجات والقوة درجات.
فهذه النظرة الاستقلالية والآلية درجات من الابتكارات العظيمة التي بينه الاصوليون واي درجة من الآلية تنافي التقييد؟ ﴿قل للذين آمنوا يغضوا﴾ ما قال يغمضوا. الغمض غير الغض. الغض هو ان ترى لكنك لا تركز، فما قال لا تنظر بل قال لا تركز ﴿قل للذين للمؤمنين ان يغضوا من ابصارهم وقل للمؤمنات أن يغضضن من ابصارهم﴾ يغضضن لا انه لا يرين او يغضوا لا انهم لا يرون. هذه الآية الكريمة من باب لطائف اللغة ولطائف الادب. مثل كلمة سيد الأنبياء ان النظرة الأولى لك والثانية عليك. الثانية هي التركيز والا ان النظرة الأولى المستدامة تكون النظرة الثانية. فاذا ﴿قل للمؤمنين يغضوا﴾ وليس لا يروا فاذا ان النظر درجات في النظرة الجسمانية فكذلك في النظرة الروحاني أيضا درجات. اذا يريد واحد ان ينظر الى المعنى يركز والتركيز درجات. لو كان للإنسان قوة التركيز القوية بقدر قوة وشدة تركيز الانسان يستطيع ان يلج الملكوت بغض ان يكون الانسان صالحا او طالحا. اعيد العبارة. بقدر قوة التركيز الانسان النفساني تلج في الملكوت صالحا او طالحا. التركيز النفساني درجات وله الربط بالرياضة الروحية كانما يقول جعفر بن محمد الصادق ان من غايات الصلاة تقوية النفس على التركيز النفساني والتوجه القلبي. انما يكتب للمرء بقدر ما اقبل قلبه. كما ورد في الروايات ان الله يباهي بصلاة فاطمة عندما تقوم في محرابها يقول الله تبارك وتعالى: هذه أمتي فاطمة قد اقبلت بقلبها لا بدنها فقط. فاذا التركيز والتوجه والنظر الى المعنى درجات وليست درجة واحدة والتكرار يولد التركيز واحد فلسفات تكرار الاذكار والصلاة والآيات هو ان ينفتح الملكوت ربما سنة او ربما أربعين يوم. طبعا مع ان يشوب الانسان قذارات الذنوب. لان طبيعة الملأ الأعلى هي الصفاء النقاء. الصلاة معراج المؤمن فيها التركيز والعروج. والعروج يعني التركيز القلبي يسبب الولوج في الملكوت وهي رياضة. باقل من ثواني يرتاض الانسان في التركيز بين جذبات النفس وجذباب صفات النفس وجذباب الذنوب العالقة في نفس الانسان. بالتالي التركيز القلبي والتوجه الفكري والعقلي واللحاظ درجات والاستقلال درجات.
نرجع الى بحثنا: اذا الآلية والاستقلال درجات. في نفسه وبنفسه ولنفسه وفيه حيثيات أخرى في تقسيم الوجود. في نفسه لنفسه بغيره وفي نفسه لغيره وبغيره وفي غيره والعبودية تعني في غيره ولغيره وبغيره والفناء وهي معنى انبأ في غيره كما يكون المعنى الحرفي هكذا. فاذا اذا كان التركيز درجات والاستقلالية درجات في اللحاظ المعنى ليس مطلق الآلية عدم القدرة على التقييد. قد يكون مشوبا وانا ما فرضنا ان المعنى الحرفي فناء مطلق في غيره. هو مشوب في اللحاظ فيمكن فيه التقييد. اذا هذا الاشكال أيضا مدفوع في الواجب المشروط
الاشكال الثالث ان الايجاب لابد ان يكون فيه وجوب واذا كان نعلق الوجوب وننيط الوجوب على قيد قد ينفك الوجوب عن الايجاب. التقييد مقتضاه انفكاك الوجوب عن الايجاب والحال ان الايجاب مثل الايجاد والوجود.
اجيب عن هذا الاشكال الثالث وهذا الاشكال ربما يرد على انه لو انشأ الحكم بمعنى اسمي لانه أيضا ايجاب ووجوب وليس مختصا بالمعنى الحرفي. لابأس ان اذكر مثالا لهذا البحث من العلوم الدينية. مثلا في الروايات الكثيرة «اجيب دعوة الداعي اذا دعان» او في الاوراد «لو فعل كذا فله كذا» شبيه الايجاب والوجوب او الايجاد والوجود. لكن تأتي ادلة أخرى وتقول انه صحيح انه إيجاد ووجود يعني السبب والمسبب لكن فيها قيد وانت ما التفت الى القيد. يعني فيها اقتضاء لكن المقتضي والمقتضى فيه القيد وهذا القيد ربما عشرة قيود. فلا يعني ان البيان والورد الذي له الخاصة خلاف الواقع بل له الواقع لكن بدرجة الاقتضاء.
فاذا اشكلوا بان الايجاب لا ينفك عن الوجوب فكيف يقيد و التقييد نوع من التفكيك بين الايجاب والوجوب او بين الايجاد والوجود. هذا الاستدلال بعينه ذكره جملة من الفقهاء في بحث المعاملات والعقود. في المعاملات والعقود مر بنا قاعدة عندهم. لكن دليل هذه القاعدة ماذا اجماعي او نصوص خاصة او مقتضى القاعدة جدل بين الفقهاء وهو ان التعليق في العقود غير صحيح الا ما استثني وقالوا ان التعليق في الإيقاعات غير صحيح الا ما استثني. هذا التقييد بمعنى التعليق. هذه القاعدة «التعليق في الانشائيات غير صحيح الا ما استثني» هل الاستثنا فيها متصل او منفصل؟ محل جدل بين الفقهاء. اذا يكون متصلا يعني انه غير ممتنع ذاتا والشارع تعبدنا والقاعدة تكون تعبدية. يعني في الاحكام التعبدية التعليق معقول لكن في الاحكام العقلية التخصيص غير معقول. هكذا معروف عند الفلاسفة والمناطقة. في الاحكام العقلية التخصص لا التخصيص. الان القاعدة هكذا في العقود التعليق غير صحيح الا ما استثني واذا يكون الاستثنا متصلا فيكون الحكم اعتباريا وتخصيصا واذا يكون الاستثنا منقطعا فالحكم عقلي وتخصص. هذا المبحث خطير وشائك في المعاملات لماذا التعليق غير صحيح لان في الوصية تقييد وقيل في المضاربة نوع من التقييد. في بعض القيود نوع من التعليق. الكلام في هذا ان الايجاب وراءه الوجوب. الايجاد الانشاءي وراءه الوجود الانشائي وكيف يدخل القيد ويفكك بينهم.
هذا هو الاشكال الثالث على تقييد الوجوب سواء انشأ بالمعنى الحرفي او المعنى الاسمي.