44/08/13
الموضوع: الالفاظ، مبحث الأوامر، مقدمة الواجب
الكلام كان في الواجب المشروط في مقابل الواجب المطلق، اشتراط الوجوب للواجب. طبعا كان المشروط بالشرط المتاخر قسما من اقسام الواجب المشروط وجوبه. اشكالية أصل اشتراط الوجوب اما من ناحية الدلالة والاثبات او من ناحية الثبوت.
الإشكاليات التي في محط الدلالة ثلاثة:
الاشكال الأول ان المعنى الحرفي جزئي ومر ان الجواب ان الحرفي ليس جزئيا حقيقيا وانما هو جزئي إضافي ولو سلم انه جزئي حقيقي هناك أيضا طريقان لتضييق وتقييد المعنى الحرفي. الطريق الأول انه قبل ان يوجد المعنى الحرفي نوجده ضيقا بالتالي المعنى الحرفي مثل زيد في الدار او على السقف هذه الحروف متعددة وجزئية فيمكن ان توجده ضمن المركب اما طرفه زيد او طرفه بيت، فاجعل أحد اطراف هذا الجزئي الحقيقي القيد الذي تريد ان تقيد الوجوب به، فاذا الجزئي الحقيقي بعد وجوده لا يتضيق لكن قبل وجوده يمكن ان توجده ضيقا شبيه «ضيق فم الركية» فاذا ممكن التقييد ولو كان جزئيا حقيقيا.
طريق آخر بناء على الجزئي الحقيقي طريق مهم أيضا ويحتاج الى التدبر ان الأصوليين يقولون بان التقييد على نمطين نمط بمعنى التضييق ونمط بمعنى التعليق فهناك فرق بين التعليق والتضييق. والتقييد الذي يراد في الواجب المشروط بمعنى التعليق لا بمعنى التضييق لانه لم يوجد كي يقال يوجد جزئيا فكيف يقيد، بل تعليق يعني قبل ان يوجد يعلق ويناط بشيء. هنا المراد من التقييد هو التعليق. بعبارة بسيطة لكن البحث مهم في الأبواب الفقهية.
ان التقييد نوعان وسنخان. ما الفرق بين قيود الواجب وقيود الوجوب؟ قيود الواجب تضييق ك «لا صلاة الا بالطهورو الاستقبال وغيره» اما التقييد في الوجوب يراد منه شبيه القضية الشرطية فيناط الوجوب كجزاء بالقيد كشرط. يعني نوع حالة التعليق فالتعليق يختلف عن التضييق والتقييد الفعلي وان كان التعليق هو نمط من التقييد. بالتعليق يعني ان المعلق ليس موجودا بل سيوجد ويناط وجوده المقيد على القيد. بخلاف «لا صلاة الا بالطهور» يعني ان الوجود الخارجي مضيق بالطهور والاستقبال والستر وكذا. فهناك بمعنى تضييق الوجود الفعلي اما هنا بمعنى الوجود المقدر يناط يعني حالة التقدير او الاناطة لوجود غير فعلي الان. فاذا فيه فرق بين سنخ التقيد في الواجب مع سنخ التقييد في الوجوب. سنخ التقييد في الوجوب يرجع الى جملة شرطية حالة ميزانية يناط احدهما على الاخر وليس ناظرا للوجود الفعلي الخارجي فمن ثم يسمى التعليق بخلاف التقييد بمعنى التضييق في الوجود الفعلي فهنا المعنى الحرفي ليس موجودا بل منوطا ومعلقا بالشيء. هذا الجواب شبيه الجواب الأول لكنه شرح بان المعنى الحرفي ليس موجودا بل سينوجد باناطة التعليق بالقيد. هذا البحث مهم في بحث العقود ان التقييد سنخان: نوع بمعنى التضييق ونوع بمعنى التقييد.
مثلا في باب الايقاعات ان الأصل فيها ان لا تكون معلقة فيبطل التعليق في الايقاعات وحتى التعليق في العقود قالوا باطل الا ما دل عليه دليل. هذا بحث ما نريد ان ندخل فيه. تقيد العقود او الايقاعات وتضيقها صحيح لكن التعليق فيها ليس بصحيح. هذا بحثه في المعاملات ولسنا نحن في صدده.
المقصود ان التقييد سنخان ويجب الالتفات اليه. الشروط بين المتعاقدين بنحو التضييق او بنحو التعليق بحث جدا خطير في بوابة بحث الشروط. شبيه القضايا الموجودة في علم المنطق جهات القضية كالمطلقة والمشروطة والحينية ما الفرق مثلا بين القضية الحينية والمشروطة؟ المشروطة قد تكون بنحو التضييق او بنحو التعليق. هذا البحث مهم بغض النظر عن المقام. اصل الفكرة ان التقييد نمطان مثمر جدا في أبحاث كثيرة. اقسام الشروط والشروط نوع من القيود. في بحث الشروط الى ما شاء الله من التقسيمات. ما الفرق بين تعدد التقسيمات وتعدد الأقسام؟ تعدد الأقسام في تقسيم واحد ومقسم واحد اما تعدد التقسيمات يعني تقسيم له اقسام وتقسيم ثاني له اقسام او قل ان المقسم يختلف وفرق بين تعدد المقسم وتعدد الأقسام. في الشروط تعدد الأقسام وتعدد التقسيمات. والشروط قيود أيضا. مثلا في العقود ما هو الفرق بين شروط الصحة وشروط المتعاقدين؟ الشروط التي اشترطها الشارع والشروط التي اشترطها المتعاقدان. يجب ان لا ينساق الباحث ان يرى كلمة الشرط أن يفهمها باصطلاح واحد بل لها اصطلاحات عديدة معان بحسب التقسيمات ومعان بحسب الأقسام والخلط بينها خطر لان لها اثارا يختلف سنخا.
فشرطت عليهم الزهد في درجات هذه الدنيا فما معنى شرطت. الشيخ الانصاري يستفيد من استعمال الشرط في دعاء الندبة يبني عليه في معنى الشرط.
أصلا بحث مقدمة الواجب هو عبارة عن بوابة ومفتاح لبحث تنويعات القيود قيود الوجوب او قيود الواجب الشرعية او العقلية. والقيود الشرعية قد تكون متلونة ومتشابهة وكذلك القيود العقلية. حالة التلون والتنوع في القيود سواء قيود الوجوب او قيود الواجب. فبالتالي بحث مقدمة الواجب بحث في القيود وأنواعها واقسامها. مر بنا ان القيود الشرعية للوجوب ليس كما بنى عليه الميرزا النائيني وتلاميذه والسيد الخوئي وتلاميذه انها قيود في مرحلة الفعلية بل القيود الشرعية للوجوب ممكن ان تكون في أي مرحلة من مراحل الحكم ثبوتا. بحث مقدمة الواجب بحث منظومة أنواع القيود. فهذا جواب عن إشكالية ان المعنى الحرفي جزئي ولا يمكن تقييده.
الاشكال الثاني في تقييد الوجوب ان المعنى الحرفي للهيئة فيما اذا انشأ الحكم بلفظة من الفاظ الحروف ملحوظ آليا يعني فانيا ولا يلحظ بذاته. فاذا يكون ملحوظا آليا وفانيا في غيره فكيف يقيد لان التقييد يستلزم لحاظ الشيء في نفسه. هذا مبحث سيال في كل أبواب الفقه او الأصول او العقائد. ذكرت لكم ان المعنى الحرفي معنى لغوي او معنى اصولي في عالم الدلالة لكنه في الحقيقة يرتبط كما ذكر استاذنا السيد محمد الروحاني بصميم التوحيد والكثير مما انجز في المعنى الحرفي ببركة المداقة والتدقيق في المعنى الحرفي. له ربط صميمي بالتوحيد.
المعنى الآلي يعني فناء او آية. الآية والفناء والدلالة هي المعنى الحرفي. المخلوقات آية تدل على معنى وكمال ليس في نفسها بل كمال في خالقها. فهنا إشكالية ان المعنى الحرفي وهو المخلوق هو فان وآلي فكيف يقيد في نفسه ويلحظ في نفسه.
بالتالي هذه الإشكالية انه لا يمكن تقييد المعنى الحرفي لانه آلي اجابوا بجواب تصلح في العقائد والأصول والفقه. فهنا اصل الاشكال هو الفرق بين النظرة الآلية والنظرة الاستقلالية. تارة تنظر الى المرآة في نفسها وتارة تنظر بالمرآة. النظر بالمرآة نظرة آلية والنظر في المرآة نظرة استقلالية كان ترى طول وعرض المرآة وتارة لا ترى المرآة وانما ترى ما تعكسه المرآة نظرة آلية وفانية مثل التعبير ﴿فلما رأته حسبته لجة﴾ هي رأت اللجة ولم تر الصرح مثل لجة البحر الاحدية. فاذا فرق بين ان ننظر الى الشيء وفي الشيء وبين ان ننظر بالشيء وهناك فرق أيضا بين النظرة الى الشيء والنظرة في الشيء. على كل هذه بحوث عقلية ودقيقة. فهنا الاشكال ان النظرة اذا تكون آلية فكيف تقيد لان التقييد نظرة استقلالية. ويقولون في العقائد ان اصل التوحيد ان تنظر الى فناء الأشياء في الله تعالى وفناءها لا بمعنى فناء عينها وجودا بل فناءها يعني حكايتها عن الله تعالى. «ملأت اسمائك اركان كل شيء» ملأت جزر واصل كل شيء. ركن الشيء مليء بأسماء الله لان الشيء ليس له ركنية الا به تعالى. «أسماءك التي ملأت اركان كل شيء» الآلية أيضا لها درجات وطبقات وليست طبقة واحدة. لاحظ ان المباحث الأصولية لها مرتبطة بالعقائد.
هناك جدلية موجودة عند العرفاء والمتكلمين والفلاسفة ان الوسيلة والوسائل والسبل الى معرفة الله تعالى هي الآيات والاسماء. اذا نظرت الى الوسيلة فانيا الى معرفة الله هذا توحيد واذا نظرت الى الوسيلة كشفيع هذا توحيد وليس شركا اما اذا نظرت الى الوسيلة في نفسها يكون شركا او قطع الطريق. فاذا ضابطة الوسيلة ما هي وضابطة الشريك ما هي؟ بحث صعب. كل يدعي الوصل بليلى.
لاحظ كيف تدخل المسائل الأصولية في ذروة المباحث العقائدية. العلامة الطباطبائي عنده تعبير اقسام الوحي في القرآن. مثلا ﴿ما كان لبشر ان يكلمه الله الا ...﴾ هذه طبقات الوحي في سورة الشورى. بعد ذلك «واوحينا اليك...» في ذيل هذه الاية يذكر العلامة امرا لا يلتزم به في تفسيره والحال ان الذي يذكره جيد وقوي ومرتبط بمبحثنا. انا في صدد ان المباحث الأصولية لها دخالة في صميم مباحث العقائد. وغدا اشرح هذا المطلب وفقا لاستاذنا السيد محمد الروحاني في ان علم الأصول منطق العلوم الدينية وخدم في كثير من المسائل العقائدية.