44/08/12
الموضوع: الالفاظ، مبحث الأوامر، مقدمة الواجب
كان الكلام في الواجب المشروط والمقصود منه في الحقيقة يعني الواجب الذي وجوبه مشروط مثل الواجب المشروط بالشرط المتأخر فهذه التقسيمات بلحاظ الوجوب وستأتي التقسيمات بلحاظ الواجب نفسه.
فالواجب المشروط في مقابل الواجب المطلق والاشتراط والاطلاق كما مر نسبيان وليس على الاطلاق. هذه نكتة مهمة ان الأدلة سواء في العقائد او في الفقه او في القواعد الشرعية الأصولية او القواعد الأخرى من العلوم الدينية الأخرى ان العموم دوما محمول على النسبية. مثلا «لا يضر الصائم اذا ترك الأكل والشرب» انما ذكر بلحاظ البلعوم او في لسان آخر «لا يضر الصائم اذا اجتنب اربع» هذا أيضا حصر نسبي وليس مطلقا. من هذا القبيل في الأبواب والأدلة كثير جدا. حتى في العقائد المقصود من الحصر نسبي والا المجموع من الأدلة محكم وليس خصوص بعض الأدلة. ربما يسمى النسبي بلحاظ الدلالة ويعبر بلحاظ عالم الثبوت بالبيان الاقتضائي يعني اجتناب الاكل والشرب فيه الاقتضاء للمفطرية والا البقية لا ينكره. بحث الاقتضاء بحث آخر حتى في العقائد ان الاقتضاء لا يدل على انه في صدد الفعلية التامة المطلقة من كل جهة وليس بالضرورة هكذا. فلابد من الالتفات اليه كثيرا ما في العقائد والعلوم الدينية. «الحجج اثنا عشر» لا يدل على عدم حجية فاطمة سلام الله عليها. عمدة الأدلة في حجية الائمة علیهمالسلام المحور فيها فاطمة سلام الله عليها كآية التطهير والمباهلة والفيء وهي اركان الولاية وامامة اهل البيت والبيان كثيرا حصر إضافي. والا ورد الامامة بما لها من معاني في شأن الرسول تبلع امامة الائمة الاثني عشر وامامة الرسول غير النبوة. فلابد من ملاحظة مجموع الأدلة وليس بينها تعارض بل اقتضائات ولابد من جمع الأدلة.
هنا في المقام الواجب المشروط والمطلق لا المطلق مطلق ولا المشروط مشروط مطلقا وليس في البين تعارض. مثل ما ورد ان الاتمام في صلاة المسافر في مكة. ورد في الحرمين وورد في ثلاث والكوفة وكذلك في الأربع وليس فيها تعارض وليس مفهوم العدد حجة. كما ورد رواية أخرى غفل عنها المشهور وموجودة في أبواب الزيارات لان أبواب المندوبة في ستة او سبعة قرون صارت مهجورة في البحث الفقهي وكثير من القواعد الفقهية المهمة يجدها الانسان في أبواب المندوبة المتروكة ومنها هذه الرواية التي تدل على الاتمام في كل مراقد المعصومين واوردها ابن قولويه والشيخ المفيد وافتيا بها وعلي بن بابويه والشلمغاني وابن جنيد وكثير من القدماء افتوا بها والوقوف على كلمات القدماء غفل عنه المتاخرين. على أي حال قضية الحصر في الأدلة الحصر المطلق الحقيقي نادر في الأدلة. هذه نكتة استنباطية تفيد في كل العلوم الدينية.
تعريف الواجب المشروط و المطلق. الكلام في الوجوب وهو الحكم تارة ينشأ بلفظ من الحروف كالهيئة «اقم الصلاة» مادة الإقامة ليست هي الوجوب بل هيئة الطلب هي الوجوب فهنا الوجوب انشأ باداة لفظية حرفية كالهيئة وقد ينشأ الوجوب بلفظ اسمي «كتب عليكم الصيام» كتب لفظ اسمي او «كتب عليكم القتال» «ان الصلاة كانت كتابا» في جملة من الموارد ينشأ الحكم بلفظ اسمي وهذا ليس فقط في الحكم التكليفي كذلك في الحكم الوضعي «ما افاء الله على رسوله من اهل القرى فلله وللرسول وللقربى» اللام معنى اسمي فحتى الحكم الوضعي تارة ينشأ بلفظ الحرف وتارة ينشأ بلفظ الاسم.
اذا انشأ بلفظ الاسم جملة من الإشكالات التي ترد في تقييد الحكم تندفع وتبقى من الإشكالات. يعني بعبارة أخرى جملة من الاعلام هنا عنونوا ان الواجب المشروط يعني الوجوب المشروط وهذا الوجوب المشروط يعني المقيد بالقيود وتقييد الوجوب فيه إشكاليات وتارة هذه الإشكاليات ترد على ان الحكم الوضعي او التكليفي مثل «احل الله البيع» احل لفظة اسمية سواء الحكم التكليفي او الوضعي «حرم الربا» لفظة اسمية فتارة ينشأ الاحكام الوضعية او التكليفية بالفاظ اسمية وتارة حرفية. اذا انشأ بالفاظ حرفية كالهيئة واللام وغيرها يرد إشكالات ثلاثة في تقييد المعنى الحرفي واذا تم هذه الإشكالات فلا يكون لدينا واجب مشروط او واجب وجوبه مشروط سواء في الحكم التكليفي او الوضعي. وهناك إشكالات على تقييد الحكم سواء انشأ بلفظ حرفي او بلفظ اسمي إشكالات عقلي عند الشيخ الانصاري او استدلال عقلي ان القيد لا يمكن ان يرد على الحكم بل القيد لا محالة لابد ان يقيد متعلق الحكم وليس الحكم نفسه.
ماذا عن الإشكالات التي ترد على الدلالة اللفظية او بالمعنى الاستعمالي وليس إشكالات تكوينية بل إشكالات استعمالية ان القيد هل هو قيد الحكم او لا؟ طبعا هذه البحوث اجمالا بحثها علماء البلاغة في علم المعاني ان القيد الى من يتجه وعندهم تدقيقات جدا ممتازة.
الاشكال الأول فيما اذا انشأ الحكم بلفظة حرفية من قبيل الحروف الجر او الهيئة: الذي يشكله بعض الاصوليون منهم الشيخ الانصاري ان المعنى الحرفي جزئي والجزئي لا يمكن ان يقيد. هذه قاعدة عقلية واستفاد منها الاصوليون في موارد عديدة والفقهاء. هل الجزئي قابل للتقييد ام لا؟ بحث حساس في بحث قاعدة الشروط في العقود او الايقاعات. هل يمكن تقييد الجزئي او لا يمكن؟ أصلا بحث قاعدة الشروط في العقود كلا هذين البحثين مؤثر فيها في المعاملات. «المؤمنون عند شروطهم» او المسلمين. فلاحظوا. المهم بحث قاعدة الشروط من اصعب البحوث في المعاملات على الاطلاق باعتراف كل اساطين الفقه. تستطيع ان تقول ان قاعدة الشروط قاعدة جحجاحة القواعد المعاملية. ترتيبا الاصح ان نبحث عن الشروط قبل البيع والخيارات. الشروط قاعدة جحفلية مهيمنة على العقود كلها والايقاعات. اميرالمؤمنين سلام الله عليه يقول من اهم القواعد. المهم ان هذه القاعدة المعقدة العين الينبوع في المستجدات في البيئة المعاملية والسياسية متأثرة بهذا البحث ان الجزئي هل قابل للتقييد ام لا؟ فاذا كان المعنى الحرفي جزئيا فالجزئي لا يتقيد. مثلا الوجود الخارجي كالاستوانة لايمكن ان يقيد لانه هو موجود ومتشخص فهذا هو الاشكال الأول. ان الحكم الوضعي او التكليفي اذا انشأ بالمعنى الحرفي لا يمكن تقيده فالقيد يرجع الى متعلق الحكم كالصلاة.
هذا الدليل الأول أجاب عنه الاصوليون باجوبة مهمة وان انشأ الحكم بالمعنى الحرفي لابد من اتقانه لانها تفيد في أبواب مهمة.
الجواب الأول ان المعنى الحرفي ليس جزئيا حقيقيا بل جزئي إضافي وهذا البحث مر في المعنى الحرفي. بتعبير استاذنا السيد محمد الروحاني ان المعنى الحرفي خدمة عظيمة قدمها الاصوليون لفلاسفة الشيعة ولم ينجزه الفلاسفة او البلاغيون فيه وهو مرتبط بالتوحيد. المخلوقات حروف والمعنى المستقل هو الله تعالى. الحرف ما دل على معنى في غيره يعني هو ما عنده شيء وفقير. هذا دليل على ان علم الأصول هو منطق العلوم الدينية وليس المنطق الارسطي هو المنطق المعتبر وذكرت هذا البحث سابقا. المدارس المنطقية مدارس كثيرة.. فيه جهات اشتراك بين منطق العلوم الدينية والمنطق الارسطي لكن تصحيح كل المنطق الارسطي ليس بصحيح. المنطق المعتبر في العلوم الدينية هو علم الأصول ولذلك تبويب علم الأصول عين تبويب المنطق وهذا العلم مزج بين العقل والوحي والفطري. نعم في ضمن علم الأصول مدارس وليست مدرسة واحدة ولا يمكن القول ان علم الأصول هو مدرسة السيد الخوئي بل المدارس الأصولية لعلماء الامامية كثيرة. كما ان في علم الرجال المدارس الرجالية كثيرة عند علماء الامامية لا انه منحصرة بمدرسة واحدة.
كثير من الإنجازات التي لم ينجزها الفلاسفة وهي مصيرية في الفلسفة انجزها علم الأصول. العلامة الطباطبايي لم يذكر علم الأصول لكن اخذ من النائيني وذكره العلامة في اول رسالته في الاعتباريات. وتنبه بسبب تلمذه النائيني والكمباني. اجمالا ان علم الأصول خدم المباحث العقلية والعقائدية الشيء الكثير مما ينبه على ان علم الأصول هو علم منطقي لمنهجة العلوم الدينية. لذلك في المنطق يبحثون عن الدليل والحجية نفس التبويب في علم الأصول. هذا واضح ان البنية الهيكلية في علم الأصول هي بنية منطقية لكنه ليس ارسطية ويونانية بل وحياني وعقلي.
اذا المعنى الحرفي ليس جزئيا بل كلي فاذا قابل للتقييد.
الجواب الاخر: لو افترضنا ان المعنى الحرفي جزئي وسلمنا كما يدعي المستشكل مع ذلك قابل للتقييد بنمطين. هذان النمطين أيضا مؤثران بغض النظر عن المقام. ذكرنا ان بحث التقييد في الهيئة بحث حساس في قاعدة الشروط في العقود لذلك هذا البحث في نفسه مهم بغض النظر عن الواجب المشروط. فلو افترضنا ان المعنى الحرفي جزئي لكنه يمكن تقييده بنمطين يفيدان في أبحاث قواعد مهمة في الفقه.
النحو الأول: ان التقييد له معنيان رئيسيان
والنحو الثاني: ان التقييد من قبيل ضيق فم الركية فمن الأول يوجدها ضيقة.