44/08/08
الموضوع: الالفاظ، مبحث الأوامر، مقدمة الواجب
كنا في بحث الشرط المتأخر للوجوب وهو عند غالب الاعلام لا كلهم كبرويا قابل للتصوير والكلام هنا في الاثبات انه كيف نستظهر ان الشرط متأخر او مقارن او متقدم؟
مر بنا ان الأمور التعلقية تلقائيا هي ليس بالضرورة ان تقارن زمن متعلقها فبعض الاحكام بلحاظ زمن المتعلق تأخذ طابع زمن المتعلق وبلحاظ زمن نفس الامر التعليقي كالاجازة تأخذ زمن هذا الامر التعليقي نظير ما مر بنا في بحث الإجزاء، الحكم الظاهري اذا تبدل الى ظن آخر، فزمن الظنين شيء وزمن المظنون شيء آخر وعلى وفقها قرر الإجزاء يعني ان بعض الاحكام تلاحظ فيها زمن المظنون وبعض الاحكام تلاحظ فيها زمن الظن والتمييز بين احكام زمن الامر التعليقي وزمن المتعلق يحتاج الى دقة يعني أنه ليس فقط في كيفية إحراز تأخر الشرط او تقدمه بل الاحكام المترتبة على الامر التعلقي او المتعلق.
اما الكلام في اصل واجب المشروط ويقصدون منها الوجوب المشروط فكيف يمكن ان يكون الوجوب مشروطا؟ فالمراد من الواجب المشروط يعني ان وجوبه مشروط وغير قضية التأخر والتقدم والتقارن في ذات الشرط بل الكلام في نفس الاشتراط، كيف يمكن تصويرها؟ وكيف يثبت ان هذا القيد قيد الوجوب او قيد الواجب؟
هنا تبدأ ببيان اقسام الواجب ومرادهم من الأقسام هو الواجب المشروط والواجب المعلق والواجب المنجز مرادهم في الحقيقة هو البحث عن اقسام الواجب بلحاظ الوجوب او بلحاظ القيود للواجب لكن هذه القيود للواجب ليست على نمط بقية القيود للواجب. الواجب المعلق ما ذا تعريفه والواجب المنجز ماذا تعريفه والمقدمات المفوتة ما هو تعريفها يعني ان هذه الأقسام لها آثار. ففي بداية أي دليل أولا يحدد القيد انه قيد الوجوب او قيد الواجب وهذا القيد كيف اخذ في الوجوب او الواجب؟ لان القيود الشرعية للوجوب تختلف عن القيود الغير الشرعية كالقيود العقلية. هذه لابد من الالتفات اليها. اذا اصل القيد شرعيا او غير شرعي مهم وان القيد قيد الوجوب او قيد الواجب أيضا مهم وبالتالي أنواع ولابد من الالتفات اليه.
المعروف ان قيود الوجوب لا يبعث الوجوب نحوها وقيود الوجوب ليست من مسئولية المكلف لانها مفروضة الوجود والتحقق وبناء على هذا الفرض يتحقق وينوجد الوجوب. هذا معنى قيود الوجوب بخلاف قيد الواجب وهو قيد يبعث نحوه الوجوب ويطالب الوجوب بتحصيله. هذا التقسيم لقيود الوجوب و قيود الواجب في الحقيقة أيضا فيه تقسيمات أخرى وانحاء أخرى. فقيد الوجوب هو الذي يأخذ مفروض الوجوب وقيد الواجب هو الذي يأخذ كانما جزء الواجب يعني ان يبعث الوجوب نحوها.
ولكن لاحظ الاصوليون ان قيود الوجوب أنواع وقيود الواجب أيضا أنواع وبعض قيود الوجوب تشتبه كانها قيود الواجب وبعض قيود الواجب تشتبه كانها قيد الوجوب. هنا البحث حساس. كيف؟ انا اذكر شيئا اجماليا وسندخل في التفاصيل التي ذكرها الاعلام لكن هذا الاجمال مهيمن.
أولا لاحظنا ان الواجب المشروط بالشرط المتأخر ان قيد الوجوب قد يكون متأخرا زمنا عن الوجوب مع ان هذا من طبيعة قيد الواجب لان قيد الواجب يتأخر زمنا عن الوجوب لا قيد الوجوب نفسه. هذا تابع معين لقيد الواجب كانما سرى الى قيد الوجوب. يعني في الطبع الاولي المعمول المعتاد فلو لم يلتفت الفقيه والمجتهد في الأبواب ما أن يرى قيدا زمنه متأخر يحسبه انه قيد الواجب والحال انه قيد الوجوب. اذا جملة من قيود الوجوب اذا لم يدقق فيها المجتهد في الاستنباط قد يظن انها قيد الواجب والحال انه قيد الوجوب. والعكس كذلك بعض قيود الواجب اذا لم يدقق فيها المجتهد قد يحسبها انها قيد الوجوب والحال انها قيد الواجب. فاذا نستطيع ان نأخذ هذه الخلاصة المهمة والضابطة الجوهرية ان بعض قيود الوجوب لها شبه بقيد الواجب تأخذ بعض آثار وملامح قيد الواجب وكذلك قيد الواجب بعضها قد يأخذ بعض ملامح قيد الوجوب مثلا مر بنا الان ان طبيعة قيد الواجب انه يبعث الوجوب نحوه مثل «لا صلاة الا بالطهور ولا صلاة الا بالساتر» وبعض قيود الواجب لا يبعث الوجوب نحوها وسيأتي في الواجب المعلق في قبال الواجب المنجز. الواجب المعلق القيد فيه ليس قيد الوجوب بل قيد الواجب لكن اخذ هذا القيد في الواجب خاصية قيد الوجوب وهي ان الوجوب لا يبعث نحوها بل يأخذه مفروض الوجود. النكتة وسر التقسيمات في الواجب التي خاض فيها الاعلام بهذا السبب. لازم ان يدقق في بقية الاثار في القيد كي لا نخلط في القيود. بعض قيود الوجوب تأخذ بعض اثار قيد الواجب وبعض قيود الواجب تأخذ بعض اثار قيد الوجوب وهذه نكتة نفيسة فاذا قيد الواجب وقيد الوجوب كل منهما على أنماط وأنواع ومن الخطأ ان نحسبها على وتيرة واحدة. فعندنا واجب معلق وواجب منجز وغيرهما. فاذا عندنا اقسام في الواجب بلحاظ وجوبه وهنا يذكر الاصوليون تقسيمات الواجب بلحاظ الوجوب.
اعيد اذكر البحث الإجمالي قبل ان نخوض في تفصيلات كلمات الاعلام في تقسيمات القيد. المعروف ان قيد الوجوب الشرعي ما فرقها عن القيد العقلي للوجوب؟ أنواع لقيد الوجوب وما الفرق بينها؟ بحثنا في اثار القيود وتوابع القيود فما الفرق بينهما؟ كل الأبواب فيها قيود للاحكام التكليفية او الوضعية ومراد الأصوليين من الوجوب ليس خصوص الوجوب بل الوجوب من باب المثال البارز والكلام عام حتى يشمل الاحكام الوضعية. فحينئذ ما الفرق بين القيد الشرعي للوجوب والقيد العقلي للوجوب؟ الميرزا النائيني ذكر تعريفا لكنه غير مطرد ولا منعكس. هنا أيضا بعض القيود الشرعية تأخذ طابع القيد العقلي وبعض القيود العقلية قد تأخذ طابع القيد الشرعي للوجوب كما مر بنا ان بعض قيود الوجوب تأخذ بعض اثار قيد الواجب مثل قيد الوجوب المتأخر زمنا وقيد الواجب المتقدم زمنا حتى على الوجوب مع انها تبقى قيد الواجب فلا يغرنك ان تحسبها قيد الوجوب بل اخذت بعض خواص قيد الوجوب وكذلك العكس. كذلك في قيود الوجوب العقلية وقيود الوجوب الشرعية، بعض قيود الوجوب الشرعية تأخذ بعض اثار القيود العقلية للوجوب وكذلك العكس. اصل فكرة البحث في تقسيمات القيود هو هذا البحث انه كيف نميز بين قيود الوجوب وقيود الواجب ثم نعرف الاثار فيها هل هي الاثار المعمولة او الاثار الملونة بآثار قسيمها. مثلا البلوغ قيد شرعي متلون والعقل قيد الوجوب الشرعي او العقلي بحث فيه والاستطاعة في الحج. هذه النكات لنلتفت اليه جدا. القيد عقلي او شرعي للوجوب لكن هنا تمحيص الاعلام خلافا للنائيني مثل الشيخ الأنصاري وقبله وحتى المرحوم الاخوند والعراقي ان القيود الشرعية للوجوب على أنماط وليس على نمط واحد كما بنى عليه الميرزا النائيني لانه كما مر بنا ان بعض القيود الشرعية تأخذ بعض آثار القيود العقلية بعض القيود العقلية قد تأخذ بعض الاثار القيود الشرعية.
كذلك في قيود الواجب بعض القيود قيود شرعية للواجب وبعض القيود قيود عقلية وبعض القيود الشرعية قد تأخذ بعض الاثار العقلية وبالعكس أيضا وهذا تسبب الارباك لدى المجتهد لانه انس على ان قيود الواجب على وتيرة واحدة فكيف هناك حالة التلون بين قيود الوجوب وقيود الواجب ان قيود الوجوب تأخذ بعض اثار قيود الواجب كذلك بين قيود الوجوب ان القيود الشرعية قد تأخذ بعض اثار القيود العقلية وبالعكس او بين قيود الواجب.
مثلا الميرزا النائيني رحمة الله عليه واكثر تلاميذه كالبجنوردي وان كان تتلمذ عند العراقي ومنهم السيد الخوئي وغالب تلاميذ السيد الخوئي بنوا على ان القيد الشرعي للوجوب هو القيد الدخيل في الملاك ويعبر عنه الميرزا النائيني بقيود الاتصاف وهذا أيضا تعبير العراقي والاخوند لكن هذا التعريف للقيود الشرعية للوجوب غالبي وليس دائميا وليس مطردا ولا منعكسا. قبل اليومين او ثلاثة مر بنا كلام السيد الخوئي قيود المجعول وقيود الجعل. قيود الجعل هي قيود الحكم يعني قيود انشاء الحكم او قل قيود الحكم الانشائي وبدون تلك القيود لا وجود لانشائية الحكم الانشائي، مثلا ﴿لله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا﴾ الاستطاعة ليست من قيود الحكم الانشائي لانه لو كانت من قيود الحكم الانشائي لما تقرر ودون الحكم الانشائي لانه معلق على الاستطاعة بل من ينكر وجوده يخرج عن الدين لان وجوب الحج لا ربط له بأداء الحج بل هذا الحكم الكلي من الاعتقادات الضرورية ومن ينكرها يخرج من الدين. فهذا الحكم الانشائي موجود ولم يناط ولم يعلق على الاستطاعة فالمعلق على الاستطاعة هو الفعلي المقدر او الفعلي الجزئي. ﴿من شهد منكم الشهر فليصمه﴾ الحكم الانشائي لشهر رمضان لا يعلق على حضور الحاضر لشهر رمضان. الحكم الفعلي علق على الاستطاعة الحكم الفعلي المقدر الكلي او الحكم الفعلي الجزئي. ﴿اقم الصلاة لدلوك الشمس﴾ صلاة الظهر الحكم الفعلي المقدر علق على دلوك الشمس لان من انكر تدوين الوجوب الوحياني للصلاة يخرج من الدين فالحكم الانشائي للصلاة لم يعلق على الدلوك بل الحكم الفعلي المقدر الكلي علق وذكره السيد الخوئي كتسالم عند الاصوليين. فقيود الجعل يعني قيود الحكم الانشائي وهي غالبا قيود علمية وليست قيودا في الخارج علم الشارع لضرورة الصلاة لتطهير بني آدم قيد الحكم الانشائي ﴿ما خلقنا الجن والانس الا ليعبدون﴾ القيد مذكور في الدليل لكن لابد ان نميز ان القيد المذكور قيد للحكم الانشائي او قيد للحكم الفعلي. فحتى قيود الوجوب مراتب. هنا الفارق بين النائيني وتلاميذه وبين مشهور الأصوليين قالوا ان القيد الشرعي للوجوب ليس ضروريا ان يكون دخيلا في الاتصاف بالملاك عندنا قيود شرعية في الوجوب لكن لمرتبة التنجيز في الوجوب وعندنا قيود شرعية للوجوب لمرتبة الفعلية للوجوب وعندنا قيود شرعية للوجوب لمرحلة الفعلية الناقصة وعندنا قيود شرعية للوجوب لمرحلة الامتثال وعندنا قيود شرعية للوجوب لمرحلة احراز الامتثال. يعني بحسب المراحل للحكم الشرعي هناك قيود للوجوب من الشارع. الميرزا النائيني جعلها واحدة ان قيود الوجوب الشرعية هي دخيلة في اصل الفعلية والقيد الشرعي للوجوب الدخيل في فعلية الحكم هو قيود الوجوب الشرعية وهذا تعريف الميرزا وتلاميذه وهذا غير صحيح وغير سديد. هنا البيت القصيد. قيود الوجوب الشرعية لا تنحصرها في ما ادعاه وانحصرها الميرزا النائني. ذكر السيد الخوئي وصرح بها ان هناك قيود الجعل مع انها شرعية وهناك قيد شرعي للوجوب للفعلية الناقصة وقيد شرعي للوجوب للفعلية التامة وقيد شرعي للفاعلية الناقصة والفاعلية التامة والفاعلية غير الفعلية وبعدهما تأتي مرتبة التنجيز وهي عقلية مع ذلك فيه قيود شرعية والشارع يتصرف فيها مع انها مرتبة عقلية او مرحلة الامتثال مع انها تكوينية وعقلية. مراحل عقلية للوجوب فالشارع قيد يتصرف فيها. فاذا القيود الشرعية للوجوب على مراتب وعلى انماط وهنا الصعوبة للمجتهد في استنباطه.
كذلك القيود العقلية للوجوب أيضا هي على مراتب وانماط. غالبا في انس المجتهدين ان القيود العقلية للوجوب هي تأخذ في المراحل العقلية للحكم الشرعي يعني التنجيز لان التنجيز حكم العقل بل نحن نلاحظ قيود عقلية للوجوب تأخذ في المراحل الشرعية للوجوب. القيود العقلية للوجوب مراتب على مراتب الحكم. هذا اجمالا تقسيمات لا الاستدلال ولا النقض والابرام والتفتن بهذا التقسيمات مهم.