44/08/05
الموضوع: الالفاظ، مبحث الأوامر، مقدمة الواجب
قبل ان ندخل في المقام الثاني في مطلق الواجب المشروط لا بأس ان نذكر بعض النكات الجيدة من الاعلام وهي ان السيد الخوئي ذكر في تعليقه على جواب الاخوند في الشرط المتأخر وأجاب عن إشكالية الشرط المتاخر صاحب الكفاية بان واقع الشرط ليس هو وجود الشرط المتأخر كيف يستشكل ان الوجوب كيف منوط بالشرط المتأخر كاناطة المعلول او المسبب بسبب متأخر وقال الاخوند ان الاشكال هذا يجري في المتقدم أيضا باعتبار معية قيود الوجوب والوجوب فأجاب المرحوم بان الشرط هو في الحقيقة الوجود العلمي للشروط وليس الوجود الخارجي.
طبعا هذه جدلية ان الأفق العلمي دخيل في التشريع او الواقع المعلوم دخيل بناء على مسلك العدلية خلافا للاشاعرة ان الذي يؤثر هو الوجود الخارجي او لا اقل العلمي بلحاظ الوجود الخارجي لا العلمي بما هو هو لكي لا يسبب التصويب. بالتالي المرحوم الاخوند بنى على انه هذا الوجود العلمي وسيأتي ان الشيخ الانصاري يمكن ان يقال بنى على هذا المبنى لكن بسياق أخرى في الواجب المشروط والان كلامنا في المقام الأول في الواجب المشروط بالشرط المتأخر ويسمى بالواجب المشروط بالشرط المتأخر مسامحة لانه وجوب الواجب مشروط بالشرط المتأخر كما انه عندما يقال الواجب المشروط مسامحة يعني ان وجوب الواجب مشروط. المهم هذا كان جواب الاخوند
جملة من الاعلام منهم السيد الخوئي اجابوا عن كلام الاخوند بضابطة لطيفة يستفاد منها في أصول القانون هي ان ارجاع شروط الوجوب الى الوجود العلمي انما تصح في قيود الجعل لا قيود المجعول سواء في الشرط المتأخر او المقارن او المتقدم. لنشرح كلام السيد الخوئي
مراد السيد الخوئي من المجعول هو الوجوب في المرحلة الفعلية ومراده من الجعل يعني نفس الحكم المجعول في المرتبة الانشائية ويجب ان يتقن الانسان هذا الاصطلاح. كثيرا ما الاصوليون يطلقون المجعول على الحكم الفعلي وليس مقصودهم من الحكم الفعلي ليس الحكم الفعلي الجزئي بالضرورة بل مقصودهم سواء الفعلي الجزئي او الفعلي المقدر وهو المرحلة الانشائية للحكم لكن فعلي مقدر فعندنا فعليان فعلي كلي يعني المقدر وفعلي جزئي. مرادهم من الجعل يعني المرحلة الانشائية. فما الفرق بين المرحلة الانشائية والفعلي المقدر؟ الفرق في الجعل ان الملحوظ هو الوجود الانشائي لا الوجود المرآة للخارج شبيه ما ذكره الفلاسفة ان الموجود الذهني تارة تكون مرآة للخارج كالفعلي المقدر وتارة تلحظه بما هو موجود في الذهن واذا لاحظته بما هو موجود في الذهن فيكون وجودا خارجيا يعني ان احد أنواع الوجود الخارجي هو الوجود الذهني واذا تلاحظه مرآة للخارج فيسمى الوجود الذهني. وفرق في الاحكام التكوينية فضلا عن الاعتبارية بين هذا الوجود الذهني تلاحظه مراتيا او الوجود الذهني الذي تلاحظه بنفسه خارجا فرقا كبيرا.
نفس الوجود الذهني اذا تلحظه مرآة فله احكام واذا تلحظه بما هو هو فيكون وجودا خارجيا ويكون مقولة من المقولات العشر واذا تلحظه مرآة يكون من مقولة أخرى. كما ان الامام أمير المؤمنين سلام الله عليه يقول: «ان الفكر مرآة صافية» ويقول حفيده الامام الرضا سلام الله عليه ان الله خلق المرآة واودع في المرآة اسرارا بمضمونه في عيون اخبار الرضا. واذا تضم كلام المرتضى الى الرضا سلام الله عليهما يصير الامر واضحا. المقصود ان الوجود الانشائي للحكم ان لوحظ بما هو هو يسمى الجعل اصطلاحا مع انه مجعول واذا لاحظته فعليا مقدر او فعليا جزئيا يسمى المجعول. غالبا هذا هو المراد عندهم حتى في باب الفقه. نعم قد يطلق الجعل على المراحل الانشائية الأسبق اذا بني على المرحلة الانشائية اثنتان او ثلاث. فاذا الجعل غالبا يطلقه الاصوليون ويريدون به الحكم الانشائي بما هو هو واذا لاحظوه فعليا مقدرا ولاحظوا به الخارج يعبر عنه المجعول.
السيد الخوئي ان ارجاع شروط الوجوب وقيود الوجوب الى الوجود العلمي لا يصح للحكم الفعلي والمجعول لا المجعول الفعلي المقدر ولا المجعول الفعلي الجزئي. «اقم الصلاة لدلوك الشمس» هنا دلوك الشمس كلي واقم أيضا كلي لا كلي ملحوظ به الخارج ففعلي مقدر وانيط الفعلي المقدر بالدلوك الخارجي لا الوجود العلمي للدلوك. «من شهد منكم الشهر» مقيد بالشهود الخارجي. يتولد من الفعلي الكلي المقدر افراد فعلية جزئية وهما منوطان بالقيود الخارجية. هذا بالنسبة الى المجعول يعني الحكم الفعلي المقدر او الفعلي ولا يمكن ان يكون منوطا بالوجود العلمي. نعم في قيود الجعل يعني قيود المجعول بما هو وجود ذهني لابد ان يكون الشروط بوجودها العلمي شروطا.
هذا البحث ملحمة ولا بد ان نبسط فيه. فلاحظ ان المجعول ان لوحظ كليا بلحاظ الخارج صار فعليا مقدرا وان لوحظ بما هو هو وجود ذهني صار جعلا وقيوده تختلف عن قيود المجعول. هذه نكتة مهمة يعني ان هناك في الأدلة الشرعية ادلة تتعرض للجعل ولا تتعرض للمجعول. يعني قيودها في الوجود الذهني وهذا البحث يفتح بابا لان هناك جملة من التشريعات تتعرض للجعل ولا تتعرض للمجعول وهذا النمط من التشريعات من الواضح انها ليست من الطبقة النازلة من التشريعات بل طبقة عليا من التشريعات والتي تسمى باصول القانون شبيه فلسفات التشريع وحكمة الحكم.
باصطلاح السيد الخوئي والاعلام هذه ليست حكمة الحكم بل قيود للجعل ولا يشترط فيه الوجود الخارجي. فلسفة التشريع وغايات التشريع التي يبرزها الشارع تتعرض الى طبقات الجعل يعني طبقات الحكم في مراحل الانشاء. اذا هذا فتح مبين كبير ان لدينا تشريعات للاحكام لكن هي ليست مرتبطة بالفعلية المقدرة يعني ليست مرتبطة بالطبقات النازلة من التشريع. هذا هو أصول القانون ويختلف عن فقه المقاصد وروح الشريعة بل هي مدرسة ثالثة ان هناك قيود وتشريعات تتعرض لقيود الجعل كما عبر عنه السيد الخوئي بالقيود والشروط غاية الامر انها في بحث الجعل والتشريع او مراحل الحكم الانشائية ولم تتنزل للتطبيق فهذه القيود فلسفات التشريع ويعبر عنه القيود ولم يعبر عنه الحكمة فهذه القيود للجعل حكمة للتشريع لكنها قيد للجعل. حكمة الحكم بالنسبة الى الحكم الفعلي المقدر لكن بالنسبة الى الجعل قيود وهذا فتح باب مهم لمنظومة أصول القانون وهي تعني طبقات القانون الفوقية التي ينحدر منها. فلاحظ معترك الفقيه كثيرا ما الفعلي المقدر او الفعلي الجزئي في الاستنباط ولكن هناك من الفقهاء من يعتني بمنظومة الجعل وقيود الجعل وهذا مهم. وهذا فتح مبين من كلام الأصوليين لكون ان الحكم الفعلي المقدر الكلي هذا هو محط بحث الفقهاء غالبا كثيرا ما وربما تسمى فقها استنباطيا وفقها تعليقيا اما الفقه المنظومي والفقه أصول القانون يبحث عن قيود الجعل. نعم قيود الجعل هي حكم للمجعول والفعلي المقدر لكنها قيود للجعل ونظم الجعل وقولبة الجعل. كما يقول السيد الخوئي هذه وجودها علمي وليس خارجيا بلحاظ انه سيعول اليه الاحكام.هذا البحث في الحقيقة صيد عظيم لبحث أصول القانون.
نحن نفتش ارتكازاتهم. على ضوء كلام الأصوليين آيات الاحكام الخمسمأة بلحاظ الفعلي المقدر والا بلحاظ تشريعات الجعل وطبقات الجعل اكثر من خمسمأة. اذا باعتراف الأصوليين هنا انه فرق بين ان يلاحظ الفقيه او الاصولي او المتكلم او عالم الاخلاق او الاداب الحكم الفعلي المقدر الذي له تماس مع العلم وبين ان يلاحظ منظومة طبقات الجعل وهو اعترف وجوده وان لها قيد. هذه نكتة ثمينة ان في بحث طبقات أصول القانون غالبا لها مراتب الجعل بالمعنى الذي مر بنا سواء اتحد ماهيته مع الحكم الفعلي المقدر او اختلفت. ﴿انزلنا الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط﴾ هذا تشريع وقيود لكنه قيود للجعل لا المجعول. ﴿فاذنوا بحرب من الله ورسوله﴾ ان لم تنتهوا من الربا. الربا والنظام الربوي في المجتمع حرب مع الله ورسوله. اذا من يبحث في الفقه والعلوم الدينية عن أصول القانون هذا المبحث يفيده جدا وهذا مبحث ان هناك تشريعات وقيود للجعل وهناك قيود للمجعول وقيود المجعول وهي الطبقة الأخيرة من الاحكام لابد ان يكون وجودا خارجيا وهناك طبقة أخيرة من الاحكام غير الحكم الذي دردشنا فيه بل عوالم سابقة للحكم وهذه نكتة مهمة لان الذي يبحث في أصول القانون يستطيع ان يفهم مواكب الشريعة لكل بيئات المعاصرة وكل المستجدات والمستحدثات. فاذا في التشريعات هناك طبقة أخيرة من التشريع وهذه الطبقة على تماس من الحكم الفعلي الجزئي. الشهيد الأول والشيخ جعفر كاشف الغطاء والشيخ موسى ابن الشيخ جعفر كانوا يبحثون في الملازمات ومقصودهم هو هذا يعني المنهج في طبقات التشريع وهذا الان صار نسيا منسيا. هذا الذي يفحص عن الطبقة الأخيرة في الاحكام يسمونه الفقه التعليقي وشبيه الفقه البلدي لانه على تماس من الخارج بخلاف الفقه الوزاري والبرلماني وكلها تنظير في تنظير ومنظومة. دور الصديقة الزهرا في التشريع ليس دور جعفر بن محمد الصادق سلام الله عليهما. دور الصديقة وضع الدستور خلال صفحات قليلة. هي جامع الكلم وابنة ابيها بينما دور الامام الصادق واعظم دوره في الطبقات النازلة وطبعا كانت وظيفته على أساس ان يبينها للفقهاء وعموم الناس. دور الصديقة في بدء الإسلام في ديباجة الدستور. هذا كل البحث يوضح انه لماذا دور أصحاب الكساء فوق مع تعظيمنا وتقديسنا لكل المعصومين. وان كان امير المؤمنين في باب القصاص والديات اكثر التشريعات تشريعات علوية باعتراف كل المسلمين تشريعات علوية منشعبة من التشريعات النبوية والقرآنية. هذه الطبقات للتشريع يجب ان نعيها وهي وظيفة علم أصول القانون. مادام اعترف الاصوليون بوجود تشريعات تسمى قيود الجعل تختلف عن تشريعات تسمى قيود المجعول