44/08/01
الموضوع: الالفاظ، مبحث الأوامر، مقدمة الواجب
كان الكلام في تقسيمات مقدمة الواجب. طبعا مقدمة الواجب يعني قيود الواجب سواء الواجب الشرعي او غير الشرعي والقيود الشرعية لا تشمل أيضا قيود الوجوب لانها هي أيضا قيود وسيأتي ان كل قيد للوجوب هو قيد للواجب بمعنى يعني اذا قيد الوجوب بالدلوك فلا محالة صلاة الظهر تقيد بالدلوك وتضيق وأيضا كل قيد للواجب قيد للوجوب بمعنى، لا بمعنى حقيقة وبقول مطلق بل يعني ان فيه جانبا مشتركا لان الوجوب بالتالي يتعلق بالعمل والفعل فيضيق الوجوب بتعلقه بالمتعلق فقيود العمل تكون قيودا له بمعنى.
مر بنا ان قيود الوجوب قيود لفعلية الوجوب وتارة قيود للمرحلة الانشائية للوجوب. اول البحوث التي يثيره الاعلام بحث الشرط المتأخر هل انه ممكن او لا. ويعبرون عنه الواجب المشروط ومقصودهم ان الشرط يعود الى الوجوب وليس الى الواجب ابتداء لكن يعبرون عنه الواجب بالشرط المتاخر او الواجب المشروط بالشرط المتأخر وعلى أي تقدير هنا المراد هو الوجوب المشروط ولكن كما مر كل قيد للوجوب يعول الى قيد الواجب بمعنى التضييق لا بمعنى انه يكلف المكلف بإتيانه كالوضوء والغسل. اذا الواجب المشروط بالشرط المتأخر المراد به ان وجوبه مشروط.
فهنا الكلام يقع في مقامين انه كيف يمكن وجوب مشروط بالشرط المتأخر ويكون الوجوب فعليته متقدمة على شرطه المتاخر ومقام آخر في هذا البحث انه كيف يتم تقييد الوجوب سواء بالشرط المتاخر او المقارن او المتقدم؟ وان كان هذا البحث الثاني كبروي للبحث الأول. اذا هنا في البين مقامان مقام كيفية اشتراط الوجوب بالشرط المتاخر والحال ان المشروط منوط بشرطه ومقام آخر كيفية تقييد الوجوب بغض النظر عن كون القيد متاخرا او مقارنا او مقارنا.
بعبارة أخرى هناك قولان رئيسيان في كيفية التقييد او اشتراط الوجوب نظرية المشهور والثاني نظرية الشيخ الانصاري والمحقق النهاوندي يفسرونها بتفسير معين. هذه التقسيمات للواجب بلحاظ وجوبه مؤثرة وليس طرفا علميا. مثلا الانسان اذا حصل على مال الاستطاعة في اول شهر المحرم، هل يجوز له ان يتصرف فيه او يجب عليه ان يدخرها او يشتري نوبة للذهاب للحج وماذا لو كان قبل سنتين او قبل عشر سنوات؟ يعني الان لو يشتري نوبة على اقل تقدير بعد خمس سنوات او سبع سنوات تصير نوبته بحيث اذا لا يشتري الان يصير بعد خمس سنوات. السيد الخوئي كان يقول: انه يجب شراء النوبتين اذا كان في سنتين، لا الأكثر، والسيد الكلبايكاني لا يفرق بين السنوات ويفتي بالاشتراء حتى بعد عشر سنوات. هذا البحث يتم بعد معرفة تقسيمات الواجب وهذه التقسيمات هي تقسيمات لوجوب الواجب بالدقة ينعت بها الواجب. كان القدماء يفتون ان الوضوء بقصد الصلاة قبل الزوال باطل ومن هذا القبيل فتاوى كانوا متشددين فيها ووجوهها ليست في محلها شبيه قصد التمييز وقصد الوجه والمقصود ان هذه البحوث من ثمار تقسيمات الوجوب.
بالدقة هذه البحوث والتقسيمات مرتبط بزمن فعلية الوجوب وقد ينفك زمان الوجوب عن زمان الواجب وقد لا يتزامن زمن الوجوب مع زمن الواجب مثل ان يتقدم زمن الوجوب. ما الذي يوجب الصائم ان ينبعث لغسل الجنابة والواجب عند الفجر فكيف ينبعث؟ فزمن الوجوب يتقدم على زمن الواجب فاذا هناك نوع من اقسام الواجب او اقسام الوجوب لا يتزامن مع الواجب بل يتقدم وحينئذ الوجوب الذي يتقدم يكون له باعثية نحو بقية مقدمات الواجب قبل الواجب وعلى كل بحث المقدمة المفوتة وغيرها تأتي في المقام.
اما المقام الأول في الشرط المتأخر، وجوبه مشروط بالشرط المتاخر وطبعا نفس البحث اثير أيضا ماذا لو كان الواجب حقيقة مشروط بالشرط المتاخر بمناسبة البحث عن الشرط المتاخر في الوجوب بحث أيضا عن الواجب المشروط بالشرط المتاخر مثل صوم المستحاضة يشترط في صحت صومها ان تغتسل بالأغسال الليلية. بحث الاعلام عن الشرط المتاخر عن الوجوب والشرط المتاخر عن الواجب.
اجمالا فما الاشكال في الوجوب ان يكون مشروطا بالشرط المتاخر؟ عنون اشكالان لان المفروض في الشرط انه بمثابة السبب والوجوب بمثابة المسبب فكيف يتقدم المسبب على السبب؟ هذا عمدة الاشكال في المتاخر وهذا أيضا شيئا ما يأتي في الشرط المتاخر في الواجب.
المرحوم الاخوند قال هذا لا يختص بالشرط المتاخر بل حتى الشرط المتقدم في الوجوب او الواجب. لان ليس هناك تلازم بين السبب والمسبب فبالتالي غير متزامن في المتقدم والحال ان بين العلة والمعلول تزامن فالاشكال غير مختص بالشرط المتاخر في الوجوب والواجب بل يعم الشرط المتقدم في الواجب والوجوب.
فهنا الاعلام تصدوا باجوبة متعددة واستعراض هذه الاقول لا بأس بها. من الأجوبة التي ذكروها في المقام ان الشرط المتأخر ليس هو الوجود المتاخر بل الشرط هو في الحقيقة تعقب الوجوب بشيء متأخر. مثل ان نقول هذا اليوم متعقب بيوم الأربعاء وان كان يوم الأربعاء ما موجود لكن الان يصدق على يوم الثلاثاء بالفعل ملحوق بيوم الأربعاء وهذا الوصف الان فعلي وان كان منشأ الوصف متأخر فتكوينا ملحوقية او معقبية الشيء بشيء لاحق هذا وصف بالفعل وان كان منشأ الوصف متأخر. تقريبا شبيه مقولة الإضافة او ما شابة ذلك. الأرض تحت السقف منشأ الوصف شيء خارج الأرض ويسمونه مقولة الإضافة وهذا البحث العقلي اثاره الفلاسفة ان في مقولة الإضافة او في الاوصاف المنشأ معدوم وسيتجدد وجوده مع ذلك هذا الوصف وجوده فعلي. كذلك الكلام في بحوث عديدة يتعرض اليه ابن سينا في الهيات شفاء.
من ضمن الحلول التي ذكرها الاعلام حتى الفلاسفة انه في نفس الامر الوصف والمنشأ موجود لكن في الخارج سلسلة تديجية متصرمة. يعني هذا البحث في كل وجود سيال. كيف تنفي اوصاف من مناشئ متقدمة عليها او من مناشئ متاخرة عليها وتوجب له اوصاف فعلية وهي تكوينية؟ اذا لدينا في عالم التكوين في الموجودات التدريجية مثل هذه الإشكالية ولها أجوبة عقلية متعددة.
المقصود ان المسألة محلولة تكوينا فضلا عن ان تكون محلولة في عالم الاعتبار وللمسألة أجوبة عقلية متعددة ذكرت في بحوث الفلسفة وهذه البحوث بغض النظر عن المقام في التشريعيات حتى في العقائد لها ثمار. مثل «شرطت عليهم فعلمت» هل المنشأ خارج او المنشأ معلوم للعلم؟ شرطت عليهم فعلمت قبل ان يتحقق الامتحان يعلم بنتائج الامتحان واعطاهم نتائج الامتحان. فهذه بحوث موجودة في عالم التكوين ولها أجوبة متعددة.
من ضمن الأجوبة في عالم نفس الامر المتفرقات مجتمعات وجواب آخر ان عالم المادة كلها اعداد وكل ما يظن ظان ان عالم المادة المادة فيها سبب وعلة فاعلية فهذا وهم في وهم. عالم المادة كلها سلسلة علل إعدادية. «يا نار كوني بردا وسلاما» لو كان علة ومعلولا كيف تنفك النار عن الاحراق؟ مما يدل على ان العلة الفاعلية دوما تكون وراء عالم المادة. طبعا عند الفلاسفة ان ما وراء عالم الدنيا كلها مجردات وليس صحيحا وانما ما وراء عالم المادة مادة الطف وما وراءها مادة الطف الطف وهلم جرا وبتعبير آخر جانب الغيب تأثيره في المادة اكثر من المادة. هذا مثل «لا جبر ولا تفويض» لا تفوض الأمور بالتكنولوژية والأسباب. السعادة لازم ان تكون من الجانبين «ان تنصروا الله ينصركم» ومن جانب آخر «وما النصر الا من عند الله» يعني ان تنصروا الله انتم فعلكم إعداد لكي تتلقوا الفعل الإلهي لا ان يكون فعلكم فاعل «ما رميت اذ رميت» مثل «وما النصر الا من عند الله» او الاية الكريمة «فلم تقتلوهم» هذه بمعنى ان العلة الفاعلية ما وراء. الصورة الجوهرية للزرع لستم انتم زارعونها. اطلاق الزارع على الزارع خاطئ لان الزارع هو الذي يعطي صورة الزرع «أأنتم تزرعونه او نحن الزارعون» «أفرأيتم ما تمنون ام نحن الخالقون» هذه من المعجزات العقلية في القرآن الكريم ان عالم المادة سلسلة العلل الإعدادية والاعداد فيه المتقدم والمتأخر والمقارن ولا بأس بها. هذه أجوبة من الفلاسفة لا بأس بها تفيد في الفقه والعقائد. الحاصل خمسة او ستة أجوبة واجماله ان هذه الشروط ليس علل فاعلية بل اعدادات. مثل أطفال يجعلونهم في المدرسة المتميزة وهذا من العدل يجعلونهم في بيئة نشطة لهم. فلاحظ ما سيأتي اعداد يؤثر في الابتداء وهذه في التكوينيات الى ما شاء الله فالمسألة محلولة باي أجوبة وما فيه الاشكال والمرحوم الاخوند تبنى احد الوجوه التي ذكروها الفلاسفة.
الجواب الاخر من الوجوه العقلية المتينة ولا بأس بها من الاعتباريات ان عالم الاعتبار خفيف المعونة ولا تجري فيه قوانين التكوين. هذا الجواب ليس جوابا عن المقام فقط بل يصلح جوابا لموارد عديدة ان تم.
اجمال الجواب انه من الخطأ ان نحكم القواعد العقلية التكوينية او العلوم التجريبية التكوينية على العلوم القانونية الاعتبارية. هذا اجمال الضابطة. السيد الطباطبائي والسيد الخميني يبنون على هذا المبنى بضرس قاطع. وهذا بحث حساس في علم الأصول وعلم الفقه لان بحث اجتماع الامر والنهي وبحث الضد خاطئ لان باب الاعتبار لا تطبق فيه الضوابط العقلية والبحوث التي اثارها البلاغيون في علم المعاني ضوابط عقلية وليست ضابطة أدبية لغوية. اذا تراجعون بحث علم المعاني في علم البلاغة. علم واحد يجتمع على ثلاثة علوم مثل علم أصول الفقه يجتمع على علوم علم أصول القانون وعلم دليلية الدليل. الشاهد ان في علم المعاني كله مرتبط بقالب معنى تنتقل بقالب معنى آخر يعني ان تحاول ان تجد هندسة قوالب المعاني لذلك يسمونه علم المعاني. بخلاف علم البيان وهو بين اللفظ والمعنى مثل الكناية والاستعارة وان كان هذا العلم جدا مهم لكن الأخطر منه علم المعاني. في علم المعاني كل نكاته عقلية منطقية. لكن ليست صعبة فلسفية. لكن هذان السيدان يقولان يخطأ من يحتج بالادلة العقلية في عالم الاعتبار. لان عالم الاعتبار خفيف المعونة.
هذه الضابطة خطيرة في كل علم الأصول وعلم الفقه. قول آخر هو ان نطبق الضوابط العقلية مطلقا لان هي تنظم عالم الاعتبار. صحيح ان عالم الاعتبار خفيف المعونة لكن نظام ونظم الاعتبار لكي لا تكون فوضة وخيال شعرايي لابد ان ينضبط بالضوابط العقلية العلمية والتكوينية.
قول آخر تفصيل قد يظهر من العلمين السيدين وهو ان الاعتبار ليس كلها اعتبار. طبعا تعرضنا لهذا البحث في أواخر العقل العملي. عالم الاعتبار ليس كلها اعتبار بل فيه زوايا تكوينية كثيرة وفيه زوايا غير تكوينية. عالم الاعتبار كل زواياه تكوينية وزاوية واحدة غير تكوينية. بقية الزوايا التكوينية لابد فيها من الضوابط العقلية. هذا بحث سيال في كل علم الأصول وكل علم الفقه والعلوم القانونية. بحث مهم من بحوث أصول القانون. هل تجري في القوانين العلوم التكوينية بغض النظر عن المحمول الشرعية. المصرف والصيرفة والبرصات الان ماهية التعامل فيه قمار او قرض ربوي او غسيل الأموال ثلاث ماهيات سرطانية؟ او هي ملك او الوديعة في البنك بنى علماء الامامية على انها قرض وليس وديعة. فلاحظ البحث ماهوي تكويني او اعتباري؟ فالبحث سيال هل نراعي الضوابط التكوينية في البحوث القانونية او لا نراعي؟ الان ذكرت العنوان اجمالا والبحث حساس من البحوث المهمة في أصول القانون.