الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

44/07/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الالفاظ، مبحث الأوامر، مقدمة الواجب

الكلام يقع في تقسيمات مقدمة الواجب بعد تثبيت ان المسألة أصولية وانها ليست في نفس وجوب المقدمة بل المسألة في الملازمة فمن ثم تعم مقدمة الحرام ومقدمة المكروه والمستحب وهذه الملازمة يعني معادلة استنباطية فتقسيمات المقدمة جدا مهمة. لا أقول بأهمية التمهيد الذي مر بنا لكن مهمة لمعرفة أنواع المقدمة واصنافها بحسب مراحل الحكم الشرعي. في الحقيقة المقدمة تتنوع.

من التقسيمات مقدمة الوجوب ومقدمة الوجود. مقدمة الوجوب يعني مقدمة الحكم وليس البحث في مقدمات وجوب الحكم او ما يسمى بقيود الحكم لان الحكم يفترض فيه انه متأخر رتبتا وان لم يكن زمنا عن قيود الوجوب فلا يدعو اليها بينما مقدمة الواجب مترشح من وجوب ذي المقدمة. فاذا ليس البحث في مقدمة الوجوب بل البحث في مقدمة الوجود. وتسمى مقدمة الوجوب بمقدمة الاتصاف لانه بقيود الوجوب يتصف الفعل بان فيه المصلحة، يعني التي هي تحقق أرضية اتصاف الواجب بالمصلحة. مثلا اذا مرض الانسان يصلح له الدواء الفلان والا غالب الادوية لا مصلحة في اكله للإنسان بدون المرض لكن لما يطرء المرض فالمرض قيد الحكم يعني الجواز او الوجوب او الرجحان. فالمرض قيد الوجوب وقيد الحكم لاتصاف الفعل بان فيه المصلحة فتسمى قيد الوجوب وقيد المصلحة.

بينما مثل طهارة اللباس في الصلاة او الوضوء في الصلاة مقدمة الوجود ومقدمة إيجاد المصلحة وليست هي تهيئ أرضية المصلحة. أرضية المصلحة غير إيجاد المصلحة. مثلا الانسان السوي السليم يقدر ان يأكل الدسم الثقيل واذا كبر سنه لا يقدر ان يأكل من هذا القبيل ففيه الفرق بين مقدمة الوجوب ومقدمة الوجود وهذا فرق جوهري ويترتب عليه اثار كثيرة.

أيضا من تقسيمات المقدمة: المقدمة الداخلية والمقدمة الخارجية. الخارجية يعني خارج عن الواجب والداخلية يعني داخل في الواجب. المقدمة الخارجية تارة تسمى شرعية وتارة تسمى تكوينية وعادية وعقلائية والشرعية هي المقدمة التي اخذ التقيد بها في الواجب مثل لا صلاة الا بالطهور فاذا فرق بين المقدمة الداخلية التي هي الجزء وبين المقدمة الداخلية الشرعية التي هي قيد شرعي. التقيد جزء والقيد خارجي. والشرط تقيده جزء عقلي وليس جزء خارجيا. الشرط للكل جزء عقلي وليس جزء خارجيا اما الركوع والسجود والقرائة جزء خارجي والتقيد جزء داخلي لكن داخلي عقلي. لا الوضوء نفسه ولا الغسل نفسه بل التقيد بالوضوء والغسل جزء داخلي عقلي يعني العقل بالتحليل يدرك جزئيته وفيه الفرق بين الجزء العقلي والجزء الخارجي.

الميرزا النائيني عنده مبنى خاص سليم وسديد وان لم يوافقه كثير من تلاميذه لكنه سيأتي في الشرط الشرعي فالشرط الشرعي ذات الشرط وهو الوضوء والغسل او الاستقبال خارج عن الواجب والتقيد به داخل جزء عقلي داخلي. العقلي يعني العقل يدرك الضيق الحاصل من ذات الشرط. ففرق بين الوضوء والركوع وبين الطهور والسجود. السجود بذاته داخل اما الوضوء والغسل او الساتر او الاستقبال بذاته ليس داخلا وانما تقيده داخل عقلا. هذا التفكيك مهم.

المهم المقدمة شرعية مع ان ذات الوضوء خارج عن الصلاة لكن تختلف عن المقدمة العادية التكوينية مثل «اذا قمتم الى الصلاة» يعني اذا تهيئتم وهذه مقدمة عادية وتكوينية او عقلية او عقلائية وليست شرعية فاذا عندنا مقدمة خارجية شرعية وعندنا مقدمة خارجية غير شرعية.

بالنسبة الى الشروط عندنا شروط للكل ولدينا شروط للاجزاء في المركبات. شروط تختص الأجزاء بها مثل القيام بشرط انتصاب الظهر او القامة واستقامة الصلب هذا شرط في القيام او حتى الجلوس بين السجدتين والاستقرار في الوقوف شرط في القيام والركوع وذكر الركوع وذكر السجود. المهم في الأجزاء الداخلية شروط داخلية. تعتبر مقدمة شرعية لكنها داخلية او خارجية؟ اختلاف بين الاعلام في تصويرها. طبعا التقيد بالشروط الداخلية جزء عقلي لكن ذات الشرط جزء داخلي ام لا؟ هناك اختلاف بين الاعلام من ثم نحن قربنا اتفاق علماء الامامية الا من شذ على ان الولاية شرط في العبادات شرط الصحة وليست شرط القبول فقط. الاية الكريمة تدل عليه. لان الشرائط الصحة مسقطة للعقاب وشرائط القبول مدخلة في الجنة. صحة الواجبات تسقط العقوبة لكي لا يعصي الانسان وأداء الصحة في العبادات مسقط للعقوبة ومؤمن عن الدخول في النار لكن ماذا عن ادخال الجنة؟ لا تكفي شرائط الصحة في ادخال الجنة بل لابد من شرائط القبول. «من زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز» شرائط الصحة يعني التي توجب أدائها زحزحة عن النار اما الدخول الى الجنة تحتاج علاوة عليها شرائط القبول ولو السيد محمود الشاهرودي رحمة الله عليه المدفون في مسجد الرأس هنا تلميذ النائيني يقول خطأ التفكيك بين شرائط الصحة وشرائط القبول وعنده برهان ممتاز في بدايات الحج يذكر ان التفكيك عند المتاخرين والمتقدمون لا يفككون بين الصحة والقبول يعني ان ادنى درجات القبول ممتنع ان ينفك عن الصحة وكلامه صحيح ونحن نبني على ما يبني عليه. الان كلامنا مع المتاخرين من التفكيك بين القبول والصحة والا هناك جماعة من المتكلمين والفلاسفة يقولون باستحالة التفكيك بين ادنى درجات القبول والصحة. طبعا هذا بحث متكرر بين أبواب العبادات لذلك ذكره السيد محمود الشاهرودي في كتاب الحج وكتاب الحج صناعيا قوي جدا ويا ليت طبع تقريرات الشيخ محمد حسين الحججي وقرأت ذاك الكتاب المخطوط. كان من تلاميذ السيد محمود الشاهرودي والسيد الخوئي والشيخ حسين الحلي. أيا ما كان، فهناك يذكر السيد محمود ان التفكيك محال وهذا صحيح اما الان بناء على مبنى المتاخرين من التفكيك «فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز» وهناك آية كريمة «اني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى» واضح انه غير الايمان بالله والرسول بل اهتدى لولاية امير المؤمنين سلام الله عليه و«اني لغفار» يعني الزحزحة عن النار. هذا هو ان الولاية منجي من العقاب والهداية امر قلبي والمعرفي وليس عملا. آيات الولاية ناصحة في كل القرآن انها بعد التوحيد والنبوة قبل المعاد لم ينادى في ظاهر القرآن والتنزيل بشيء كما نودي بالولاية لا بالصلاة ولا بالمعاد. هكذا يعظم القرآن الكريم الولاية. فهنا اصل الولاية شرط للصحة ولا شرط للقبول. لان علامة شرط الصحة هي النجاة من العقوبة وغيرها من ايات الولاية دالة على ان الولاية شرط النجاة من النار. فهي شرط الصحة. هذه البحوث فقهية عقائدية ولا نريد ان نغوص فيها لكن التفكيك الصناعي بين شرائط الصحة وشرائط القبول مبحث حساس وذو ابعاد حساسة.

ما بنى عليه علماء الامامية والعمدة على المعظم ان الولاية شرط الصحة فهي ليس شرط كل الصلاة لان السجود عبادة بنفسه والركوع عبادة بنفسه والقرائة عبادة بنفسها والقيام قانتا خاضعا وذليلا بين يدي الله عبادة بنفسه والقرآن يدل على نفس الوقوف جوف الليل مستقبل القبلة ناديا الله عزوجل عبادة بنفسه «امن هو قانت آناء الليل والنهار» في نفسها هي عبادة كما ان الطواف عبادة بنفسها. يقولون ان السعي ما ثبت انها عبادة بنفسها. الوقوف في عرفة في نفسه عبادة مستقلة ورأيت جملة من اهل الحجاز او المؤمنين في الجزيرة العربية من المناطق العربية اذا ما عنده قوة في الحج لكن يأتي معتمرا ثم يتحلى من العمرة ثم يقف في عرفات لان نفس الجو جو عظيم حتى المزدلفة وعندنا روايات دالة على ان تكثير الحجاج حتى من غير الحاج مستحب سواء في العرفة او المزدلفة او المنى أجواء نورانية عظيمة. على اية حال بعض أجزاء العبادات في نفسها عبادة. النفر من الواجبات يعني الاستقرار في المنى. الخروج عن هذا المسير خلاف الاحتياط ويخل بتكاليف الحج. الاضطرار بحث آخر. شرائط الصلاة او شرائط الحج هي عبادات ويأتيها هذه القاعدة العامة ان الولاية شرط صحة العبادة يعني السجود في نفسه لا يمكن السجود الا بالولاية أيضا الركوع لله بدون شرط الولاية ركوع ابليسي والتشهد في نفسها عبادة وله حقيقة شرعية وشرط الصحة فيه في نفسه الولاية والاعظم من ذاك ان النية هي روح العبادة واس العبادة في كل العبادات. النية والتقرب الى الله من دون الولاية لا يصح. لا يمكن للإنسان ان يتقرب الى الله من دون الولاية ولو اتى باعمال الاولين والاخرين. التقرب هو عاصمة العبادة ومركز عين العبادة. فيه روايات وبيانات كثيرة في القرآن والروايات المتواترة. ان التقرب الى الله ممتنع بدون الولاية. لابد ان تتقرب الى الرسول والى ال الرسول فتتقرب الى الله. لا ان تعبد الرسول بل ان تجعل طريقك الى الله طريق التقرب الى الرسول. النية اذا ما تتكون من ثلاث مقدمات القربة الى الله والقربة الى الرسول والقربة الى ال الرسول صلى الله عليهم اجمعين. وهذه دلت عليه الايات جعل القرآن التقرب الى الله والتقرب الى الرسول مقرونين. من شاء فاليؤمن بالقرآن ومن شاء فليكفر. لا تصل الى النية والعبادة لله الا ان تتوجه في أعماق قلبك الروحي والعقلي الى الرسول وهو قبلتك الى الله ووجهتك الى الله. ﴿وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ صلوات الرسول شفاعة غاية العابد في العبادة ان يتأهل لشفاعة الرسول. غايتي من الزكاة ان اتأهل ليشفع لي النبي . انا في رادار القلب والنية عندي غايتان. لذلك في زيارة العاشور بيان لنفس الآية القرآنية. وفي سورة التوبة آية أخرى «خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وصل عليهم ان صلاتك سكن لهم» نفس المطلب ان القربة في النية في العبادات يجب ان تقترن اصلي صلاة الظهر امتثالا لامر الله وامر الرسول وامر آل الرسول قربة الى الله وقربة الى الرسول وقربة الى آل الرسول. لان التقرب اليهم هو الباب الى التقرب الى الله. هذا نص القرآن. صلوات الرسول قربى لهم. نفس استشفاع الرسول قربى لهم. صلوات الرسول ألا إنها قربة لهم. وكذلك سكن لهم كمال قربي. الغاية من العبادة من العبادة لا تحصل الا بصلوات الرسول. الاية الأخرى في ان العبادة تتقوم بالتقرب الى الله والتقرب الى الرسول. فرق بين الشفيع والشريك. «لو انهم اذ ظلموا انفسهم» التوبة عبادة والذي ينكر ان التوبة عبادة لم يفهم التوبة. بل التوبة كما ذكر الآلوسي في روح المعاني ان التوبة كل العبادات لان كل العبادات اوبة. «فلو انهم اذ ظلموا جاءوك» اول قدم ان يأتي الى النبي. لذلك افتى علماء الامامية في دعاء التوجه ان تذكر الرسول وعلي وال الرسول سلام الله عليهم. «اللهم اني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض على دين محمد وهدي علي والائمة المعصومين.» لم تذكر هنا فاطمة «اتقرب الى الله والى الرسول والى امير المؤمنين والى فاطمة والى الحسن والى الحسين بولايتك» حتى الولاية غايتها التقرب الى الرسول بعد التقرب الى الله. حتى ولاية اهل البيت غايتها الزلفى عند الله والزلفى عند الرسول وآل الرسول. «ولو انهم اذ ظلموا جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول» وآية أخرى ذكرها اهل البيت في سورة النور «في بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه» هنا العبادة تقبل بتعبير الشيخ جعفر كاشف الغطاء. اذا واضح. فالمقصود ان الولاية التي هي شرط صحة العبادة ام العبادات هي النية والنية التي لم تكن فيها طاعة لامر الرسول وطاعة لامر آل الرسول هذه النية ليست عبادة وبل عبادة ابليس.