الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

44/07/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الالفاظ، مبحث الأوامر، مقدمة الواجب

كان الكلام في ان هذه التقسيمات الأربعة في الحكم والموضوع اوليا وثانويا من النكات المهمة المهيمنة في بحوث اصول القانون لان ثانوية او اولية الموضوع لها احكام وثانوية واولية الحكم لها احكام. امس ربما استعرضنا امثلة هي في الحقيقة معركة آراء بين فحول الفقهاء في الفقه السياسي والفقه العقائدي وسيرة المعصومين بحوث معقدة جدا ولا يحيط بها الا الاندر وليست توضيحها بشيء هين وسهل. اجمالا فهذا البحث مهم.

ما هو امد الحكم الثانوي؟ ما هو امد الحكم الاولي؟ ما هو طبيعة الموضوع الاولي وما هي طبيعة الموضوع الثانوي؟ هذه البحوث حساسة تؤثر في فهم العقائد وسيرة المعصومين وسيرة المعصومين والفقه السياسي ونستطيع ان نقول ان الفقه السياسي لا هو عقائد ولا هو فقه الفروع وقانون فردي بل امر بين الامرين يعني ان الفقه السياسي له بعد اجتماعي يقترب من العقائد سيما انه مرتبط بالولاءالسياسي ومشروع اهل البيت وبالتالي هو نوع من التولي والتبري الذي ليس من الفروع بل جعل من اركان الفروع. يعني وجوب التولي السياسي الاجتماعي من اركان الفروع وغير نفس الولاية وهي ارفع. عندنا اركان الفروع كوجوب الصلاة. هذه المباحث ربما يقضي الانسان عمره في البحوث الفقهية لكن لا يفرض هذه المباحث العقائدية واصول القانون ويجعلها من الفروع وليس كلهم مستوعب.

المقصود ان الصلاة ليست من الفروع. وجوب الصلاة من اركان الفروع والصلاة الواحدة أدائها من الفروع ولازم ان نفكك والاركان يعني انها من العقائد. اركان الفروع رتبة بعد أصول الدين وقبل الضروريات. الشيخ محمد حسن كاشف الغطاء رحمة الله عليه يقول عندنا أسس الدين وهي غير فروع الدين واعلى من أصول الدين. مع احترامنا العظيم شراح العروة لم يذكروا ما ذكره الشيخ محمد حسين، أسس الدين واصول الدين واسس الايمان واصول الايمان واسس الايمان متقدمة. لم يفتي احد ان المعاد من أسس الدين او أسس الايمان بل هو من أصول الدين واصول الايمان. فما هي أسس الدين؟ الشيخ كاشف الغطاء يقول ما هو مرتكز عند الكل لا ما هو ابتدأه. أسس الدين فاصول الدين وأركان الفروع وبعدها الضروريات. الضروريات محل القال والقيل وهذه البحوث حتى المتكلمين ما نقحوها بشكل جيد بل لازم ان تجمع ما نقحوها المتكلمون والفقهاء في مبحث الملل والفرق والمذاهب. والفقهاء بحثوه في النجاسات. الشيخ المفيد الى ابن ادريس المبنى عندهم يختلف عن مباني المحقق الحلي رحمة الله عليهم. المحقق الحلي صار مرحلة تغير المباني الكثيرة واثر على كل من بعده. المقصود هم كانوا يحكمون بمنتحلي الإسلام والان راح هذا الاصطلاح وعند المحقق الحلي مبنى آخر الإسلام الواقعي والإسلام الظاهري. فلاحظ أسس الدين عندنا واصول الدين. المعاد لم يدع احد انه من أسس الدين ولا من أسس الإسلام لكن الولاية من أسس الايمان. اصل مودة اهل البيت علیهم‌السلام أيضا هي فوق وجوب الصلاة بحسب المسلمين. الذي ينكر مودة اهل البيت ينكر ما هو اعظم من الصلاة بحسب القرآن ولذلك اتفقوا من يعلن النصب والعداء لاهل البيت كافر بالقرآن وزنديق بالقرآن ويكابر القرآن والقرآن لم يعظم وجوب الصلاة كما اعظم المودة.

على أي حال وجوب التولي والتبري من أركان الفروع لكن الولاية من أسس الايمان وعند الشيخ المفيد ان الولاية من أسس الإسلام ولا يسلم الا ان يدخل في الولاية عند القدماء وذكرت لكم ان المحقق الحلي خالفهم. الشيخ الطوسي بكل صلابة في كتبهم الكلامية وكتبهم الفقهية اعلنوا. قالوا ان الولاية أسس الإسلام. وجوب التولي والتبري السياسي مرتبة نازلة ومن اركان الفروع. هذه المباحث يجب ان ننقحها. لذلك عندهم الولاية ليست من اركان الفروع بل وجوب التولي والتبري من اركان الفروع وهي موجودة بشكل متواتر في كلمات المفيد والمرتضى والطوسي وابن براج وابن حمزة وابن ادريس ومهم ان يراجع. حتى المتاخرين في بحث حرمة الغيبة صرحوا مع انه من تشهد الشهادتين حقن دمه. حق الدم شيء والحكم بالإسلام شيء آخر. يحق دمه وماله وعرضه وهذا كله صحيح. لازم ان نميز بين اركان الدين والضروريات وفي الضروريات نزاع ان انكارها بنفسها هل يوجب الكفر او لو التزم انكار النبي؟ لا نخلط بين وجوب التولي والتبري والولاية. الولاية من أسس الدين. فرق هذه الأمور لازم ان تتضح وكثير من كلمات الفقهاء ما مجموعة وما مبلورة. ما جعلوا الولاية من اركان الفروع العشرة بل جعلوا التولي والتبري من اركان الفروع. كوجوب الصلاة كذلك التخلي عن التولي السياسي عن مشروع اهل البيت. هذه البحوث مهمة في التقسيمات.

حينئذ يأتي هذه البحوث ان الحكم الثانوي متى والموضوع الثانوي كيف؟ الموضوع الاولي ما هو؟ هذا المبحث اهم من كل مقدمة الواجب يعطينا يقظة في مباحث العلوم الدينية. لذلك لو يدون هذه المباحث في هذين الأسبوعين حري ان يطبع. هذا الذي ذكرت من بعض القصص الحوزوية صارت مصارعات بين الكبار وشيء دسم وثقيل. خصوصا ان زبدة النجف الاشرف كان آنذاك فخضرمة في الجو العلمي شيء عجيب. انما ذكرناها فهرسيا ولم نخوض فيه ابدا.

وصلنا الكلام الى انه نسب الى الشيخ البهائي رحمة الله عليه والمحقق التقي رحمة الله عليه ان مقدمة الواجب ولعل ليس فقط مقدمة الواجب بل المسائل العقلية الخمس هذه ليست من علم الأصول ولا من القواعد الفقهية ولا من القواعد الكلامية بل من المبادئ الكلامية. اوصي الاخوان في برنامج أصول الفقه لمركز النور وكل الكتب الأصولية فيه فيكتب هذا العنوان «المبادئ الاحكامية» ثم ينظر ما بحثوا عنها في الكتب ستتوفر على مادة ضخم كبير من بحوث أصول القانون لان فيه قناعة قديمة ان هناك مبادئ احكامية وذكرنا ان المبادئ يعني الأساس والأصول والاحكام يعني القانون والتشريع. وباعتراف الكل حتى الذين لا يوافقون الشيخ البهائي ان هناك مبادئ احكامية مهيمنة على العلوم الدينية وحتى أصول الفقه ولو هي في قناعتي من أصول الفقه. لكن المبادئ الاحكامية غير مباحث الدلالة اللفظية الظاهرية والحجج الظاهرية بل مهيمن على الالفاظ والحجج لكنها من أصول الفقه. فبالتالي ناقشوا صغرويا لكن اعترفوا كبرويا ان هناك احكام شرعية لا هي عقائد ولا هي فقه ولا هي أصول الفقه ولا هي من علم الاخلاق لكنها يمنهج واسس للمعرفة الدينية. اما المبادئ التصورية او المبادئ التصديقية يعني ممنهجة للاستدلال وبعبارةاخرى منطق العلوم الدينية ويعترفون ان المبادئ ليست خاصة بالفقه وليست خاصة باصول الفقه بل هي اعم. اذا لدينا تشريعات في القرآن والوحي وسنة المعصومين لا تندرج في العلوم الرسمية الدينية لكنها ممنهجة ومهيمنة فنظام دستوري في التعريف والمعرفة ونظام دستوري في المعرفة التصديقية والاستدلال. لذلك انت اذا تريد ان تجمع بحوث أصول القانون ابحث عن كلمة المبادئ الاحكامية في الكتب الأصولية. اللطيف حتى المذاهب الأخرى يعترفون بها.

اما صغرويا مقدمة الواجب: اجمالا قالوا انها ليست مسألة فقهية لا بالضابطة التي ذكرها النائيني لان الفقه يحتوي على الأقسام الأربعة من الثانوية والاولية في الموضوعات والاحكام. هذه الأقسام الأربعة موجودة في الفقه والأصول والكلام والعلوم الدينية عموما. من الخطأ ان نفسر سيرة المعصومين كلها على القسم الأول او الثالث بل فيها ثاني ورابع. فليست مسألة فقهية لان البحث فيها ليس في الوجوب في الحقيقة بل البحث في الملازمة بين وجوب ذي المقدمة الشرعي ووجوب ذي المقدمة الشرعي والملازمة بحث اصولي وليست بحثا فقهية. ليست كلامية لانها لا ترتبط بالاعتقاد.

لماذا ليست من المبادئ الاحكامية؟ لا لانها ليست موجودة. هم قبلوا كبرويا ان المبادئ الاحكامية موجودة وانما هي من أصول الفقه لان هي تقع في مراتب الاستدلال صغرى وكبرى الأخيرة في الاستنباط ويستنبط منها الحكم الفقهي فينطبق عليها ضابطة المسألة الأصولية ولا حاجة ان نجعلها من المبادئ الاحكامية. وهنا معنى كلام الاعلام ان العلوم الدينية طبقات والمبادئ الاحكامية من الطبقات العليا وهو نفس مبحث أصول القانون او أصول المذهب. هذا تمام الكلام ان شاء الله يقع الكلام في تقسيمات مقدمة الواجب وبحث جدا مهم.