الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

44/07/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: باب الالفاظ، مبحث الأوامر، مقدمة الواجب

كان الكلام في ما ذكره الميرزا النائيني من ان ضابطة المسألة الفقهية هي ان يكون موضوع المسألة الفقهية اللغوي والمنطقي لا الاصولي (الموضوع في علم الأصول يراد به خصوص قيود الحكم ولكن الأصوليين هم انفسهم قد يستعملون كلمة الموضوع في المعنى اللغوي للموضوع ولابد من الالتفات اليه) لا بد ان يكون عنوانا محددا ومعينا لا مرددا او عنوانا طارئا. ورتب على ذلك من باب المثال ان مقدمة الواجب ليست مسألة فقهية لانها مقدمة موضوعات متعددة مختلفة في الأبواب الفقهية فاذا ليست مسألة فقهية. هذه ضابطة ذكرها الميرزا النائيني وعنده ليست من المسائل الفقهية وليست مسألة كلامية وان كانت عقلية لما بين ان علم الكلام فيما يبحث عن المبدأ الباري تعالى ورسله وانبياءه واوصيائهم والمعاد وهذا ليس منه. فإما هي مسألة أصولية او مسألة من مبادئ احكامية.

اختار كونها من المبادئ الاحكامية المحقق التقي اخ صاحب الفصول وصهر الشيخ جعفر كاشف الغطاء وصاحب هداية المسترشدين والشيخ الانصاري مدح كتابه في الالفاظ وذهب المحقق التقي الى ان مقدمة الواجب ليست مسألة أصولية بل هي من المبادئ الاحكامية وكذلك نسب الى الشيخ البهائي ومنعا ونفيا ان تكون من المسائل الكلامية والفقهية والاصولية بل هي مسألة من المبادئ الاحكامية. لابد ان نشرح هذا القول يعني انها ليست من العلوم الدينية مع ذلك من الاحكام الشرعية. بغض النظر عن صحة وسقمه نفس هذا القول مهم.

اذا الميرزا النائيني نفى ان تكون المسألة من المسائل الفقهية وقد يظن ظان ان المبحث مبحث طرف فني وفضول من المسائل العلمية. ابدا ليس هكذا بل هذا المبحث اهم من المباحث المطوية في داخل مقدمة الواجب مع ان مقدمة الواجب من المباحث الحساسة الخطيرة التي ترتبط بيوميات الاستنباط لانها عبارة عن هندسة قالب الاحكام التكليفية او الاحكام الوضعية ومباحث مهمة فيها لكن هذا المبحث اهم من المباحث المطوية في الداخل كما سيتبين.

نفس هذه التقسيمات الأربع التي مرت جدا بحث مهم يعطيك خواص الاحكام الشرعية وخواص القواعد الشرعية من أي علم هي وكيف تضبط وتنضبط وهلم جرا. يعني هذا المبحث يستحق بسطا من الاعلام اكثر البسط في الاحكام التي ستأتي لانه سنبين انه سيصب في بحث علم أصول القانون الذي هو من علم الأصول او اعم واهمية علم أصول القانون انه يبين مواكبة الشريعة والدين لكل البيئات المتغيرة الكثيرة.

كلام الميرزا النائيني في ضابطة المسألة الفقهية. هذه الضابطة كما مر منقوضة. هو قال ان الموضوع اذا كان ثانويا فليست المسألة فقهية لكنه ينقض على الميرزا النائيني انه عندنا جملة من الأبواب الفقهية الأولية حكمها اولي لكن موضوعاتها ليست أولية بل ثانوية كباب النذر والعهد واليمين والصلح والشروط وطاعة الوالدين وطاعة الوالي السياسي وموارد عديدة، هذه الأبواب أولية من جهة الحكم وثانوية من جهة الموضوع وقاعدة الشعائر الدينية وكثير في الفتاوى حتى المعاصرين بين الاعلام لغط شديد سببه هذا البحث ان هذا حكم اولي او ثانوي ويحتاج الى نص خاص او عام وهلم جرا.

كتاب الشعائر الحسينية بلغ احد عشر مجلدا فيه أربعين رسالة لمجتهد او فقيه او مرجع نجفي كلهم من حوزة النجف في هذه المجموعة. هناك لغط صناعي ترتبط بهذا البحث بحث ان الحكم اولي والموضوع ثانوي ومعنى ثانوية الموضوع هل هو نفس معنى ثانوية المحمول او هو ثابت او متغير في الدين وهلم جرا. فيه لغط في الفقه السياسي اثير على السيد الخميني يعترض عليه كثير من الفقهاء انه عند الاحكام تغير من جهة الموضوع والمصاديق يمكن تصويره اما التغير من جهة جانب آخر بأي معنى؟ فما هو مراده. أتذكر خواص تلاميذه عقدوا ندوى علمية آنذاك لان الشيخ لطف الله الصافي كان بيده رئاسة مجلس المحافظة على الدستور يعني المحافظة على القوانين يعني مجلس وظيفته شرعية القوانين التي يصدره البرلمان. الشيخ الصافي كان تلميذ السيد البروجردي والكلبايكاني. المقصود انه كان اول المعترضين انه ماذا عن المجمع آخر لتغيير الاحكام بحسب المصلحة؟ المهم ان خصيصي السيد فسروا مراد السيد بالقسم الثالث. الموضوع اولي والحكم ثانوي. وأيضا السيد الخامنه اي فسر في صلاة الجمعة نفس التفسير واتذكر علميا بالحدث كاملا. السيد الخميني قال لتلاميذه ومدافعيه: أصلا انتم ما فهمتم ما أريد وما مقصودي. بحث علمي. لغط علمي في هذا البحث. هو مراده ذكر في المكاسب المحرمة في مبحث بيع السلاح على الأعداء فسره بالقسم الثاني لا بالثالث وهذا الى الان مغفول عنه في الوسط العلمي. المقصود هذه المباحث ليست سهلة وجدا دقيقة وصعبة ومعقدة. تعلمون بحث المصلحة ما المراد منها؟ بحث المصلحة بحث جدلي علمي بين المذهب الجعفري والمذاهب الأخرى واتذكر لغط علمي اثير ثمة في تهران وقم وكان السيد الخميني حيا. كاتب يريد ان يدافع عن الاعتراضات التي وجهت آنذاك في سنتين او ثلاث سنين أخيرة من السيد. كاتب ليس رجلا دينا لكنه كاتب محترف كتب مقالا عن الأربعة الاعمدة وقال ان هذه الاعتراضات كلها ترد على الامام اميرالمؤمنين علیه‌السلام. لكنه كتابته خطأ ولا يقاس غير المعصوم بالمعصوم مهما كان. المهم ذكر حصيلة أربعين جدلية علمية في الاحكام الشرعية والمقالة تستحق القرائة لا من جهة نفسه بل من جهة انه جمع الإشكالات التاريخية وكيفية فهم اميرالمؤمنين لانه علیه‌السلام ليس ورى المصلحة بل بالعكس ورى المبدأية وعدم التغير والثبات وهذا البحث كيف نفهم علي بن ابي طالب هل هو من أصحاب القسم الأول او القسم الثاني او الثالث او الرابع. حكومة امير المؤمنين كيف كانت؟ عبد الله بن عباس اعترض على امير المؤمنين كي يجمد الحدود لاجل المصلحة ويجعلها من القسم الثالث لكنه جعلها في القسم الأول وهذا مبحث مهم والفقيه يتعلم منه. ان الحدود تندرج في القسم الأول او الثاني او الثالث. اذا مبحث جدا حساس وهو ذكر أربعين جدلية علمية في سيرة اميرالمؤمنين علیه‌السلام. من ضمن اقتراحات عبد الله بن عباس ان طلحة وزبير منكبان على الدنيا فاعطهم قليلا من الدنيا حتى تستقر حكومتك ومعاوية أيضا يريد الدنيا اعطه وبعده اعزله. مبدأية بقول مطلق كما كان امير المؤمنين توجب زلزالا في الحكومة العلوية. فتفسير علماء الامامية للمصلحة لا على مذهب الحنفية ولا على المالكية وهذا مبحث معقد بصراحة والكبار ترجلوا فيه بالصراحة. وهذا نفس هذا المبحث ولغط في التاريخ كبير. لم الامام الحسن صالح لكن امير المؤمنين ما صالح وحتى فاطمة الزهرا سلام الله عليها ما صالحت ابدا. امير المؤمنين في سقيفة اخذ موقفا آخر اما فاطمة بنت نبي سلام الله عليها ابدا ما توسلت بالقسم الثاني ولا ثالث ولا رابع بل فقط وفقط بالاول. من بين المعصومين بعد النبي فقط سيدة النساء الصديقة هكذا. يقال صاحب العصر سلام الله عليه ما مأذونة يستخدم القسم الثاني والثالث والرابع كي لا يكون في عنقه بيعة كجدته الصديقة. توضيح سير المعصومين صعبة ومباحث عقائدية ولابد ان تلتفت الى هذه الجوانب وهذه الأقسام الأربعة.

المقصود هذه المقالة فيها أربعين جدلية وفيها تشدد امير المؤمنين سلام الله عليه في القسم الأول. معروف عن علماء الامامية في الفرق بين المذهب الجعفري والمذاهب الأخرى ان في المذهب الجعفري المصلحة فقط تفسر بالقسم الثاني او الثالث او الرابع والاخيران اكثر شيء في الحقيقة والثاني خفي على الكثيرين. اما المصلحة من غير اندراجها في القسم الثالث والرابع مثل المصالح المرسلة ومعروف بين المذاهب الأخرى عندهم المصالح المرسلة وهلم جرا وليست صحيحة وكتب في ذلك جملة من الاعلام. حتى الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء يقول ان عمر بن خطاب عندما نهى عن المتعة هل نهيه من القسم الأول وهو ليس نبيا او نهيه من القسم الثالث والرابع فيعني العنوان الثانوي فلم يجعلونه من العنوان الاولي. هذه من الاعتراضات الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء. يقول الوالي السياسي او الفقيه يتوسل بالقسم الثالث فكيف تجعلونه في القسم الأول. انتم أنفسكم تقولون ان النبي حتى وفاته كان يأمر ويحل ويشرع سواء متعة النساء او متعة الحج. المقصود لاحظوا كيف البحث حساس وذكرت ان هذا الأسبوع او الأسبوعين لو كتب فيه كتاب حري. نفس الثاني عندما علل عندما نهى عن المتعة باعتبار ان النكاح لا يحتاج الى الشاهد وكذا وكذا. المقصود كما يقال في علم القانون تداعيات سلبيات التطبيق تجرجر الى التشريع وهذا مبحث مهم في علم الاحكام. فرق بين النظرية والتطبيق وملابسات التطبيق غير صحيح ان نحملها على التطبيق والمرحلة الانشائية وهذه من اخطائهم الشائعة عند المذاهب الأخرى يجرون لوازم التطبيق على الانشاء. المقصود ان المبحث الأقسام الأربعة جدا مهم.

نرجع الى المطلب: رد على الميرزا النائيني ان عندنا أبوابا فقهية هي من قبيل القسم الأول لا من الأقسام الأخرى اكثر الأبواب الفقيهة لكن هناك أبواب من الأقسام الأخرى مع ذلك انها من المسائل الفقهية.

بقي ان نتعرض الى كلام الشيخ البهائي وكلام المحقق التقي ان مقدمة الواجب ليست من علم الفقه وعلم الكلام وعلم الأصول بل هي من المبادئ الاحكامية. الاعلام لما يريدون على كلام الشيخ البهائي والمحقق التقي يردون عليه ردا صغرويا لا كبرويا. يعني من حيث الكبرى لا يستشكلون الاعلام ان هناك احكاما شرعية لا تندرج في العلوم الدينية علم الكلام وعلم الفقه وعلم الأصول وعلم الاخلاق وانما هي حصرا تندرج في المبادئ الاحكامية. فكبراه لم يطعنوا عليها. انما استشكلوه صغرويا.

قبل ان ندخل في التفاصيل نريد ان نفهم الكبرى. هناك احكام شرعية وقواعد شرعية لا تندرج في علم الفقه ولا تندرج في علم الأصول ولا علم الكلام ولا علم الاخلاق لكنها رغم ذلك مبدأ وقواعد لكل العلوم الدينية او بعضها. هذا شيء جيد. لما يقر الفقهاء والاصوليون ان هناك قواعد شرعية واحكام شرعية مبادئ لكل العلوم الدينية او بعضها يعني ان هناك دستور واصلا. يعني انها دستور وخيمة تهيمن على العلوم الدينية تنطلق منها العلوم الدينية.

انظر صاحب المعالم والمحقق الحلي في كتابه المعارج في الأصول والشيخ المفيد والطوسي في العدة وصاحب الوافية وغيرهم يقرون بوجود المبادئ الاحكامية وهي غير العلوم الدينية. فعندنا مبادئ احكامية واصول دستورية واصول التشريع دائما ينادي ويهتف بها المحقق الحلي في كتاب الشرائع. «هذا اشبه باصول المذهب وقواعده» ولدينا أصول التشريع لا ترتبط بالقواعد الفقهية ولا ترتبط بالقواعد الأصولية حسب كلام الاعلام ولا قواعد علم الكلام انما ترتبط بالمبادئ الاحكامية وهذه مهيمنة وشاملة للعلوم الدينية وتنطلق منها العلوم الدينية.. قالوا انها اما مبدأ تصوري او تصديقي وهذه المبادئ الاحكامية ليست أمور لغوية من علم اللغة بل مبادئ شرعية. هذا البحث ضروري ان نقف مليا لانه مرتبط صميميا بعلم أصول القانون. شبيه فقه المقاصد وروح الشريعة ومذاق الشريعة لكن تلكما مدرستان غير منضبطة بخلاف علم أصول القانون وهو منضبط. يعني احد العلوم الدينية علم أصول القانون لان المبادئ يعني الأصل والاحكام يعني القانون فيقر الاعلام ان هناك أصول القانون ولها سبعة أسماء وهذه الأسماء مترادفة في المعنى العلمي.