44/07/08
الموضوع: الالفاظ، مبحث الأوامر، مقدمة الواجب
لازلنا نحن في الواجب المشروط بالشرط المتأخر قبل الدخول في مطلق الواجب المشروط.
فسؤال يطرح أنه من اين نعرف ان القيد متأخر للوجوب؟ «الحج اشهر معلومات» لو كانت الأشهر قيدا للوجوب لا للواجب فمن اين نعرف ان الوجوب متقدم على الأشهر المعلومات؟ لعلها مقارنة وطبعا لها اثار، لو كانت الأشهر قيدا مقارنا يسوغ للإنسان أن يتلف الاستطاعة فوجوب الحج ليس فعليا بمجرد الاستطاعة بل لابد من دخول شهر الشوال فيسوغ للإنسان ان يعجز نفسه اما اذا كان الشهر الشوال قيدا متاخرا فوجوب الحج فعلي فلا يسوغ له التصرف واتلاف الاستطاعة. طبعا ذكرت لكم ان السيد الخوئي يفتي انه لو يعلم ان تسجيل النوبة الى ما قبل السنتين فواجب عليه حفظ الاستطاعة وتسجيل النوبة بينما السيد الكلبايكاني ما حدده بالسنتين بل حتى عشر سنوات فلا فرق عنده فما أن تتحقق الاستطاعة ويمكن للمكلف ان يهيئ بعض مقدمات الاستطاعة مثل تسجيل النوبة قبل عشر سنين قبل سفره فواجب التسجيل وتهيئة المقدمات وهذا هو الصحيح.
فمن اين نعلم ان اشهر الحج او سنة الحج ليست قيدا مقارنا بل قيد متأخر؟ فيه ثمرة أن يكون الوجوب فعليا وبقية المقدمات يجب ان يحافظ عليها وان كان القيد متاخرا. مثل الوضوء والغسل كانه ما الملزم ان يغتسل الانسان في ليل شهر رمضان؟ فمن اين نعرف؟ تارة فيه قرينة واضحة وصريحة فبها وتارة لا يكون فيها قرينة هل الأصل ان تكون القيود مقارنة او متاخرة او متقدمة زمنا لان الشرط المتاخر متأخر زمنا لكنه متقدم رتبة، أنه لا بد في ظرفه ينوجد كي ينوجد الوجوب اسبق زمنا فالوجوب اسبق زمنا لكنه متأخر رتبة. مثل «فشرطت عليهم الزهد فعلمت منهم الوفاء» هذا علمه بالمستقبل يقدم لهم بيئة اصطفائية فإعطاء الله عزوجل بيئة اصطفائية للمصطفون منوط ومرهون بشرط متأخر زمنا لكنه متقدم رتبة. هكذا في بيان عظيم ومعجزة علمية في دعاء الندبة. وهكذا «يا ممتحنة امتحنك الله الذي خلقك قبل ان يخلقك» امتحان في صعيد العلم وعالم العلم. فعلى أي تقدير الشرط المتاخر متأخر زمنا لكنه متقدم رتبة، فمن اين نعلم ان هذا الشرط متأخر زمنا ومتقدم رتبة او مقارنة زمنا؟ تارة فيه قرينة واضحة فلا بأس وتارة ليست فيه قرينة فالاعلام قالوا ان الأصل في الظهور الأولي هو التقارن الزماني عرفا لأن التقارن الزماني نوع من البيان الرتبي عادة والتاخر والتقدم يحتاج الى قرينة.
او يقال أنه إذا كان الشرط من الصفات او الأمور التعلقية تعني الأمور التي ذات تعلق كالعلم والظن والقدرة والاجازة والاذن التي طبيعتها تعلقية تتعلق بالمعلوم والمظنون والمقدور والمجاز والمأذون، هذه الأمور لا تحتاج الى دليل التقدم والتاخر لان طبيعتها تعلقية. مثلا إجازة المالك للعقد الفضولي هي شرط لصحة العقد او الإيقاع والا لا ينوجد العقد فهنا في مبحث الفضولي عقدا او ايقاعا في المعاملات مطلقا هل القاعدة الأولية فيه تقتضي الكشف او تقتضي النقل؟ نفس المبحث الذي نكون فيه. «الا ان تكون تجارة عن تراض» هل الرضى قيد متأخر او متقدم او مقارن؟ «عن تراض» زمني متقدم او زمني مقارن او متأخر؟ ما القاعدة في «تجارة عن تراض»؟ «الطلاق بيد من اخذ بالساق» هل مقتضى القاعدة هو التقارن الزماني او التاخر او الاعم؟ قد يكون اعم لا خصوص المتاخر ولا خصوص المتقدم ولا خصوص المقارن. هذا نمط آخر ويتركب مع الثلاثة. يقولون في الصفات التعلقية طبيعتها تركيبية وتتكيف مع الأزمنة الثلاثة.
«شرطت عليهم الزهد في درجات هذه الدنيا» المشروط متأخر والشرط متقدم «فعلمت منهم الوفاء» فالمعلوم متأخر «فقربتهم ...» فاعطيتهم أبواب السماء. لذلك عندما يقال ان الاصطفاء ليس جبرا بهذا اللحاظ. دعاء الندبة ان الاصطفاء ليست اكتسابية بل فعل الله لكن ليس فعل الله جبرا بل امر بين الامرين. قمة الاختيار الحسن هو سبب الاصطفاء بخلاف الاكتسابية ما تبلغ قمة الاصطفاء واختيار الحسن. هذا ادق التعريف يمكن ان نصل اليه واحد زواياه. ليست صفة اكتسابية بل فعل الله و«الله يخلق ما يشاء ويختار» لكن هذا فعل الله له سبب وهو قمة الاختيار الحسن، اذا الاصطفاء ليس جبرا وليس تفويضا بل قمة الامر بين الامرين. طبيعة العلم والرضا والاذن صفات تعلقية والصفات التعلقية طبيعتها مرنة ويمكن ان تتعلق بالمقارن ويمكن ان تتعلق بالمتقدم ويمكن ان تتعلق بالمتاخر فاذا الصفات التعلقية غير منحصرة بالمقارن ولا بالمتاخر ولا بالمتقدم. «علمت منهم» في الماضي والمقارن والمستقبل. الاجازة من الصفات التعلقية فاذا الأصل في عقد الفضولي بيعا او نكاحا او طلاقا ليس انه ناقلة. الناقلة تعني التزامن والكاشفة يعني انها تتعلق بالماضي. الصحيح في الاجازة ان تكون كاشفة تعني انها تتعلق بالماضي البيع السابق فالإجازة زمنها غير زمن المجاز ويجب ان لا نخلط بين زمن الاجازة وزمن المجاز وبين زمن الاذن وزمن المأذون وبين زمن العلم وزمن المعلوم وهكذا الظن والقدرة وهلم جرا. فالإجازة تعلقت بالزمن السابق فلا معنى بالقول بالنقل بل مقتضى القاعدة هو الكشف لكن كشفه من أي نمط بحث اخر لكن الأصل الاولي في البيع الفضولي ان يكون كشفا والصحيح هو الكشف البرزخي والانقلابي. لانه «الا ان تكون تجارة عن تراض» يعني تقييد العقود ليس مخصوص بالرضى المقارن ولا الرضى المتقدم بل يشمل الرضى المتاخر. فالرضى في العقد الفضولي متأخر لكن المجاز متقدم. لو سئلت في البيع الفضولي او النكاح الفضولي ان الأصل ما هو يقال ان الأصل هو الكشف لان المجاز متقدم وان تكون الاجازة متأخر وطبيعة الصفات التعلقية زمن متعلقها ليس ضروريا ان يكون مقارنا لها. جملة من الاحكام تترتب على زمن المأذون والمجاز وجملة من الاحكام تترتب على زمن الاجازة. لا نخلط بين الاثار التي تترتب على المجاز والاثار التي تترتب على زمن الاجازة.
شرط المتاخر بحث حساس لكن اثباتا كيف نثبته بحسب الأبواب وطبيعة العناوين والقيود تختلف. وتعبير السيد الخوئي صحيح يقول فيه زمن وقوع العقد الفضولي الى زمن الاجازة وهذه من المناطقة الحدودية المتنازعة بين الدولتين زمن العقد الى زمن الاجازة. المبيع ملك البايع او ملك المشتري؟ قبل صدور الاجازة المبيع ملك البايع وبعد صدور الاجازة المبيع ملك المشتري ولها ثمرات ان في هذه المنطقة الزمانية بين العقد والاجازة في فترة المتخللة بين زمن العقد او زمن الإيقاع كالطلاق الفضولي بناء على صحته وزمن المجاز فهذه الفترة بين الإيقاع والطلاق والاجازة هل الزوجة زوجته او ليست زوجته وفي العدة. الان ما اريد ان ادخل في الطلاق لانه معقد. في البيع يقول السيد الخوئي في الزمن المتخلل المبيع للبايع وهذا صحيح وفي نفس الزمن المتخلل المبيع للمشتري أيضا صحيح وليس متناقضة. المبيع ملك البايع وايضا ملك المشتري في نفس المنطقة الزمانية. طبعا كل الاعلام ذكروها وقالوا ليس تناقضا. المبيع في نفس المنطقة بين وقوع العقد الفضولي والاجازة يحكم عليه ملك البايع ويحكم عليه ملك المشتري. لماذا ليس تناقضا؟ بحث صناعي هذا التركيب الهندسي الذي استخرجها الفقهاء طبق نقطة أصولية مرت بنا الان. اما الحكم بان المبيع مثلا على ملك البايع لانه قبل الاجازة واقعا ملك البايع وبعد صدور الاجازة واقعا المبيع انتقل من ذلك العقد للمشتري، فاذا عندنا زمن الاجازة وزمن العقد وهذا الزمن عاملان يتنازعان في معمول واحد. تذكرون ان زمن العلم غير زمن المعلوم وزمن الظن غير زمن المظنون ولا ضرورة في تقارن الصفات التعلقية بزمن متعلقها. الضرورة في الصفات التعلقية هي التعلق اما التقارن ليس متقارنا بل مر بنا انها مرن بالمتقارن والمتقدم والمتاخر. فاذا لدينا زمانان وليس ضروريا ان يكون الزمانان متقارنين. الاعتبار امر تعلقي يتعلق بالمعتبر قد يكون زمن المعتبر غير زمن الاعتبار. فاعتباران مختلفان لمعتبرين مختلفين لكن ازمنة الأربعة مختلفة وان كان زمن المعتبرين واحد. المعتبر ملكية البايع للمبيع في زمن والمعتبر الثاني ملكية المبيع المشتري في نفس الزمن كلاهما معتبران في زمن واحد لكن الاعتبارين في زمانين. اعتبار ملكية المبيع للبايع زمنها قبل الاجازة واعتبار ملكية المبيع للمشتري زمنها بعد الاجازة. فاختلف زمان الاعتبارين وان اتحد زمن المعتبرين. في علم المنطق يقولون ان من شرائط التناقض وحدة زمن الاعتبار عشرة شروط للتناقض في القضايا. هنا وحدة زمن المعتبر موجودة وهو ملكية المبيع للمشتري والبايع لكن وحدة الاعتبار يختلف. لنفكك بين زمن الاعتبار وزمن المعتبر. فلدينا تبدل واقعي لا الظاهري. هذا الكشف الذي يقول به الفقهاء في العقد الفضولي ليس كشفا ظاهريا بل هذا في الحقيقة تبدل الموضوع او انقلاب الموضوع ثبوتا وهذا من روائع تبدل سبك الواقع وانصافا رائعة صناعية مهمة بحث الفضولي وفيها زوايا عديدة. الفرق بين زمن الاعتبار وزمن المعتبر لان الاعتبار أيضا من الأمور التعلقية وفي الأمور التعلقية طبيعتها الأولية مرآة واحد البحوث المعقدة في العقائد والعرفان والفلسفة والتفسير هو المرآة وهي الاية وهي من الصفات التعلقية فهو فيه زمن او اثار للامر التعلقية وآثار للمتعلق. الذهن أيضا والوجود الذهني من الأمور التعلقية ومن البحوث المعقدة عند كل المدارس الفلسفية. فيه احكام للصفة التعلقية وفيه احكام للمتعلق يختلف. فرق بين احكام الصفة التعلقية وبين احكام المتعلق. زمن الصفة التعلقية ليس من الضروري ان يكون متحدا مع زمن التعلق. فهنا في العقد الفضولي عندنا اعتباران تبدل احدهما الى الآخر ثبوتا لا ظاهرا. مثلا افترض ان البايع وطئ الأمة في الزمن المقدمة هل وطيه حلال او حرام؟ هل تناط الاحكام التكليفية بماذا؟ افترض هذا الأمة بيعت قبل سنة فضولة وتولدت طفلا هذا الطفل ملك من؟ فملكية النماء حكم وضعي وحلية الوطي حكم تكليفي.
هذا هو الاستنباط تركب المقدمات مع بعضها البعض بشكل متين. طبيعة الاستنباط هي هذه وهذا هو الجانب الصناعي للاستنباط. اجمالا هناك زمن للمعتبر وزمن الاعتبار. وللكلام تتمات.