44/07/07
الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث الأوامر/ الإجزاء
الأحكام الظاهرية وأقسامها في الإجزاء عن الواقع
كان الكلام الحكم الظاهري هل هو مجزئ أو ليس بمجزئ؟ يعني بعد انكشاف الخلاف وهذا البحث ينقسم الى تقسيمات كثيرة.
الأول تارة في الشبهة الحكمية وتارة في الشبهة الموضوعية والثاني تارة انكشاف الخلاف بظن آخر معتبر ومقدم على هذا الظن وتارة الانكشاف بالقطع واليقين والثالث تارة بلحاظ الأمارات وتارة الحكم الظاهري السابق الذي يبحث عن إجزائه بتوسط الأصول العملية والرابع تارة الموضوع لازال باقيا وتارة الموضوع منعدم والخامس تارة في العبادات وتارة في المعاملات والسادس تارة على الطريقية وتارة على السببية وهلم جرا.
المهم أن الغالب فيها تبدل الحكم الظاهري الى حكم ظاهري آخر في الشبهة الحكمية لا دائما، أما في الشبهة الموضوعية فيمكن تبدل الحكم الظاهري الى حكم قطعي وإن كان في الشبهة الموضوعية يمكن التبدل الى حكم ظاهري آخر. إذًا في الشبهة الحكمية التي هي مركز البحث غالبا يتبدل الحكم الظاهري الى حكم ظاهري آخر سواء اجتهاد الى اجتهاد أو تقليد الى اجتهاد او تقليد الى تقليد، المهم أن الجامع في هذا البحث يقابل القسم الرابع الآتي في الإجزاء وهو الحكم التخيلي أنه تخيل أنه حكم ظاهري او حكم واقعي ثم انكشف الخلاف.
الضابطة الصناعية بين القسمين قد يكون فيها نوع من الغموض او التعقيد، سيما في القسم الثالث إذا تبدل للمجتهد نفسه من حكم ظاهري الى حكم ظاهري آخر. فما هي الضابطة؟ اجمالا السيد الخوئي قال الضابطة في الفرق بينهما التطبيق أن في القسم الرابع الاشتباه في التطبيق والبعض الآخر ربما المعروف في كلماتهم يجعل الفارق بين القسم الثالث والرابع أنه في القسم الثالث حكم ظاهري موجود واقعا وتبدل الى حكم ظاهري آخر، يعني أن شرائط الحكم الظاهري او قل شرائط الاستنباط وشرائط الحجية موجودة للحكم السابق ثم الى الحكم الظاهري الثاني، بخلاف الحكم التخيلي سواء عند المجتهد او المقلد. الحكم الظاهري عند المقلد كمن فحص وقلّد عن الألف لكن بعد فترة توفي الف وقلد الباء بالتالي تقليده من الالف كان صحيحا وعلى الشرائط وتقليده للباء أحرزه أعلم بعد موت الف أو كان مقلدا ثم اجتهد او قلد ألف بشرائط ثم استجد له بينات له على الباء وهو لم يكن مقصرا لذلك بعضهم فرق بين القسم الثالث والرابع انه في القسم الثالث لا يكون مقصرا، يعني يفحص بالموازين وإن لم يكن هذه ضابطة تامة يعني يمكن أن يفرض الحكم التخيلي مع التقصير سواء من المقلد او المجتهد و يمكن أن يفرض مع القصور أيضا. فهذه ليست ضابطة تامة بل أحد الضوابط في التفرقة بين الثالث والرابع وربما بحث الأعلام في الفرق بين القسم الثالث والرابع في باب الاجتهاد والتقليد اكثر مما بحثوا في الإجزاء. أحدها عدم التقصير وأحدها ان يكون الحكم الظاهري السابق على الشرائط. هذا هو الفارق بين القسم الثالث والرابع اجمالا، لا سيما في الشبهة الحكمية. المهم في المسألة أقوال.
قبل أن نتعرض الى الاقوال لابد ان نتعرض الى صلب المسألة ولا أقل فرض المسألة بشكل واضح. الان لما نفترض أصل فرض المسألة فرض القسم الثالث وتصور البحث فيه مر بنا في الشبهة الحكمية غالبا تبدل الحكم الظاهري الى الظاهري ويعبر عنه انكشاف الخلاف ظنا ولم ينكشف الخلاف يقينا. ولما يكون حكما ظاهريا قد لا يكون الحكم الظاهري اللاحق مطابقا للواقع. مثل فتوى الأعلم ربما فتوى غير الاعلم مطابقة للواقع. من حيث الميزان الاثباتي فتوى الاعلم مقدمة لكن ليس بالضرورة مطابقة للواقع، لاسيما إذا كانت فتوى غير الأعلم مطابقة لمشهور طبقات الفقهاء. هذا مثال.
المهم ان الحكم الظاهري يتبدل الى حكم ظاهري آخر ولا يقال له انكشاف الخلاف بالقطع واليقين بل ظن بالظن. من ثم يثار السؤال أي الظنين أولى؟ المفروض أن الظن الثاني مقدم لأن له دليلا خاصا او انه راجح عند المعارضة او حاكم او مخصص او وارد او ما شئت فعبر.
أصل فرض المسألة هذا الظن الأول يجزئ عن ذلك الظن الثاني ماذا يعني؟ لابد أن نفترض أن الظن اللاحق قبل الوصول اليه في الفترة السابقة وهي فترة الظن السابق لما يقول يجزئ عن الظن الثاني لابد أن نفترض ان الظن الثاني في فترة الظن الأول له حجية، كي نقول ان هذا الظن الأول يجزئ عن ذلك الظن او لا؟ وإلا إذا لم يكن للظن الثاني حجية في فترة الظن الأول لماذا نقول الظن الأول يجزئ عن الظن الثاني او لا؟ لو كان كل ظن حدود اعتباره في زمانه فقط الظن الأول معتبر في الزمن الأول والظن الثاني معتبر في الزمن الثاني فقط فما كان مجالا لهذا البحث فيكون من باب تبدل الموضوع. الظن الأول موضوعه الزمن الأول وتصرم الزمن الأول والان زمن الظن الثاني واعتبار الظن الثاني ولا يمتد شعائه الى الزمن الأول. أصل فرض المسألة هذا، لأن المفروض في القسم الثالث إجزاء الحكم الظاهري بعد انكشاف الخلاف. غالبا في الشبهة الحكمية انكشاف ظني وليس قطعيا يعني يأتي ظن آخر لاحق. من هنا مقاولات عند الاعلام في تصوير البحث.
بعبارة أخرى كيف يفرض الحكم الظاهري فعليا وهو غير واصل؟ الظن الثاني كيف يفرض أنه فعلي وهو غير واصل؟ لا سيما مع عدم التقصير. كيف نفترض ان الظن الثاني فعلي وحجة ومنجز في الزمن الأول؟ يعني هذا ما يقال أن الظن كاشف عن الواقع كالعلم وليكن، بالتالي الواقع منكشف ظنا بالظن الثاني.
البعض قال كاشفية الظن الثاني عن الواقع لا يعقل أن تكون مقيدة ومحددة بالزمن الثاني وإلا ما كانت كاشفية. الكاشفية يعني العلم والإرائة والعلم لا فرق فيه بين الزمن والزمن. الكاشف لا يختلف بين الزمن والزمن. هنا كم طرف عندنا؟ ظنان كاشفان. الظن الأول والظن الثاني والزمنان اثنان والمكشوفان، الواقع المكشوف بالكاشف الأول وواقع المكشوف بالكاشف الثاني. فستة أطراف في البين. هذه بحوث حيثيات مهمة. يدقق فيها الانسان سواء في بحث الإجزا او بحث الاجتهاد والتقليد. عندنا كاشفان ومنكشفان والزمنان والواقع ما وراء الستة واحد فكيف نريد ان نصور اصل فرض المسألة؟ كثيرا ما لا يتمكن عن تصور اصل فرض المسألة العلمية سواء في علم الأصول او علم الفقه او الكلام او التفسير او التاريخ الديني، أصل المسألة تصوره مهم وإلا يصير إبهام في ابهام وهلم جرا. إذاً أصل تصور المسألة مهم. ثبت العرش ثم انقش. نقول هذا الظن مجزئ عن الظن الأول او عن الواقع؟ الظن الثاني موجود في الزمن الأول او لا؟ كيف يمكن افتراض الظن الثاني في الزمن الأول؟ له صلاحية شاملة للزمن الأول يمكن بتصويرين وربما اكثر.
تارة نقول ان هذا الكاشف الثاني والدليل الخاص في الزمن الأول حجة ولكن غير واصلة. ما ذا يعني؟ حجة ولكن غير واصل يعني الكاشف موجود والمنكشف موجود والحجية أيضا. عندنا المكشوف الواقع وعندنا الكاشف والدليل الخاص وعندنا اعتبار الكاشف. فإذاً هذا هو التصوير الأول أن نفس الدليل الثاني وحجيته والكاشف والمكشوف كلاهما موجودان في الزمن الأول وإن لم يكن واصلا. هذا هو الفرض الأول.
الفرض الثاني امتداد الظن الثاني الى منطقة الظن الأول ويقول أن الظن الثاني لا وجود له في الزمن الأول لكن كاشفيته كعدسة او ناظور او تلسكوب لا يسلط الضوء على الزمن الثاني بل يسلط الضوء على الزمن الأول فالمكشوف له السعة وإن كان الكاشف للزمن الثاني. الكاشف مخصوص للزمن الثاني لكن متعلق الكشف يتسع. طبيعة العلم وطبيعة درجات الادراك. اليوم حصل لك العلم لكن معلومك ليس ضروريا ان يكون اليوم. اليوم حصل لك العلم ان الحرب العالمي الأولى والحرب العالمي الثاني ابادت مأة ميليون من البشر. معلومك في ذلك الزمن. او شخص دخل في الإسلام اليوم حصل له العلم بنبوة سيد الأنبياء ولبيعة الغدير لأمير المؤمنين معلومه متقدم. هذا هو التصوير الثاني أن الكاشف متأخر والمنكشف متقدم.
هذا البحث جدا مهم في المعاملات كما في بحث البيع الفضولي وغيره من الأبواب. المالك عندما يجيز البيع الفضولي وبيع الغاصب الإجازة الان صدرت لكن متعلق الاجازة قبل سنة. إنشاء الإجازة الان لكن متعلقها والمأذون في القبل. ما الفرق بين التصويرين؟ التصوير الأول يريد أن يقول ان نفس الدليل الخاص موجود في الزمن الأول والظن والكاشف موجود في الزمن الأول ومكشوفه أيضا موجود في الزمن الأول غاية الامر هذا الظن الثاني والدليل الخاص لم يصل الى المكلف لا أنه لا وجود له. فالكاشف والمنكشف على التصوير الأول موجودان في الزمن الأول ولكنه لم يصل الى المكلف. على المبنى الثاني الكاشف الان لكن المنكشف في ما سبق.
قول ثالث في تصوير المسألة وأيضا مفيد في البيع الفضولي ومعقد. هذا القول يقول الكاشف الثاني في الزمن الثاني ومنكشفه أيضا في الزمن الثاني ولا ينسحب الى الزمن الأول فثلاث تصويرات. هذا أصل فرض المسألة. الحكم الظاهري يجزئ عن الواقعي غالبا كشف الخلاف بظن أقوى وليس بالعلم والوجدان. ههنا المقاولات في التصويرات الثلاث. إذاً تصور البحث أهم من الدخول في الأقوال والأدلة.
إن شاء الله نواصل
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين