الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

44/06/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث الأوامر/ الإجزاء

المراتب الأربع للصفات التعلقية والحكم الظاهري

 

کنا فی هذا التنبیه من القسم الثالث ان التعامل فی البعد الفردی بین المجتهد والمجتهد وبین المقلد والمقلد او المجتهد والمقلید المختلفین بین الوظیفة الظاهریة،‌ هل هذا یجزئ او لا یجزئ؟ النائینی والسید الخوئی وتلامیذهما یقولون لا یجزئ عدا ما مر من امام الجماعة‌ وصلاة‌ الجماعة‌ کما ذکرنا. المشهور عندهم البحث وفق البحث في الحكم الظاهري اذا تبدل بحكم ظاهري آخر طبعا الان التعامل المختلفين في الاجتهاد والتقليد تارة في عقد واحد وتارة فعله موضوع لفعل آخر وكلامنا في الصورة الأخيرة ان فعله موضوع لفعل آخر وهو يعمل بحسب وظيفته الظاهرية والأخر يعمل بحسب وظيفته الظاهرية الأخرى لا في صورة انشاءهما عقدا عند احدهما صحيح وعند الاخر غير صحيح هذا بحث آخر وليس مما نحن فيه لان الانشاء للتو يوجد ويولد فيولد صحيحا او غير صحيح انما الكلام في فعل اتى به المكلف وظيفته الظاهرية مختلفة عن الوظيفة الظاهرية لشخص آخر وفعله موضوع لفعل الأول مثل الطلاق السابق والنكاح السابق بغض النظر عن خصوصية النكاح والطلاق التي مرت بنا ان فيه الاجماع والاتفاق على ان الانكحة وتوابعهم. فاذا هناك صورتان صورة ان نريد ان ننشئ عقدا باللغة الفارسية احدها يرى انه صحيح والأخر يرى انه ليس بصحيح هذا مطلب آخر ولسنا في صدده وهذا ليس من مبحث إجزاء الحكم الظاهري عن حكم ظاهري آخر لانه لما لم ينوجد بحثه بحث آخر. انما الكلام اذا كان حكم ظاهري عمل به الف من المكلفين موضوع لفعل مكلف آخر حكم ظاهري لشخص آخر هل يرتب على فعل الف انه صحيح وتام او يرتب عليه بحسب وظيفته؟

التدقيق في زوايا الصور مهم كفرض فقهي او فرض اصولي كي يدقق فيها الانسان. فخلاصة ذكرنا في هذه الجهة من التنبيهات الحكم الظاهري القسم الثالث ان هذا البحث عين البحث الذي مر تبدل الحكم الظاهري لدى الشخص نفسه كتبدل رأي المجتهد الى رأي آخر او تقليد المقلد من الفقيه الف ثم الباء. ان دليل اعتبار كلا الظنين الان متقارن زمانا والان فعلي لكلا الطرفين وان كان متعلق الاعتبار متغاير زمانا. هذه ثلاث محاور او أربعة محاور في تنقيح القسم الثالث؛ هذا المحور هو طبقات الصفات الادراكية يعني هذه اذا ندقق فيها ولو هي معقدة ينفتح لنا الأبواب في الابحاب الكثيرة ومن افضل الأمثلة لتوضيحها البيع الفضولي او العقد الفضولي. البيع وقع كقبل ثلاثة اشهر والاجازة الان من المالك والبايع الأصلي فزمان المتخلل بين إجازة العقد الفضولي من قبل المالك مع زمان وقوع العقد الفضولي ثلاثة اشهر هذا المالك عندما يريد ان يجيز العقد الفضولي هل يجيز العقد الفضولي الذي وقع الان او يجيز العقد الفضولي الذي وقع قبل ثلاثة اشهر فالاجازة متعلقة بهذا الزمن او ذاك الزمن؟ البعض ربما يصور ان الاجازة تتعلق بالبيع الفضولي او العقد الفضولي باعتبار ان له الاستمرار تتعلق به الان وبقاء العقد واستمراره الى ان يتزامن مع الاجازة فالاجازة تجيزه، يعني ان الذي يبني على ان الاجازة ناقلة يقول هكذا تقريبا. الناقلة تعني ان زمان المجاز وزمان الاجازة متقارنان.

بناء على الكشف وله أنواع مختلفة في الكشف يقول ان الاجازة زمنه الان والمجاز زمنه سابق فاذا على الكشف سواء الكشف الحكمي او الحقيقي او التعبدي يقول ان متعلق الاجازة سابق. الاجازة الان ومتعلق الاجازة قبل ثلاثة اشهر وهنا صارت حزورة عند الاعلام ان الاثار تتبع زمن الاجازة او زمن المجاز؟ احد التعقيدات في عقد الفضولي هو هذا العقدة ان الاثار تتبع زمن الاجازة او زمن المجاز؟ كل يقرب بتقريب. لست في صدد الدخول في بيع الفضولي وبحث معقد ورياضي وصعب انه يمكن التفكيك بين وجود الشيء والشيء بما هو مظنون او متعلق بصفة ادراكية تعلقية مثل ما مر بنا ان معرفتنا بالله تعالى حادثة والمدرك ليس بحادث. فيه فرق بين آثار المدرك وبين احكام الادراك. فلا يصح ان نمزج وهذا في أبواب عديدة بحث النيابة وبحث صلاة المسافر وبحث العقد الفضولي لان طبيعة الصفات التعلقية كما يقولون انه ما الفرق بين صفة الحياة وصفة العلم ان العلم يتعلق بمعلوم والحياة تعني ذات الشيء حي وليس صفة تعلقية فتلقائيا الصفات التعلقية تأخذ بعدين او ثلاث او اربع مثل كثير من صفات النفس كالعلم والحب والبغض والرغبة والكراهة والاطمئنان والشك والاحتمال. المعلوم ذاته وجود خارجي وهذه الذات اذا أتت في الذهن تتصف بعنوان المعلوم ففرق بين ان نقول ان عالم القيامة له وجود خارجي وكونه معلوما في اذهاننا مرحلة ثانية وعلمنا بهذا المعلوم مرحلة ثالثة واحكام المعلوم واحكام العلم مرحلة رابعة اذا أربعة طبقات. فلابد ان ننظر على الاثار هل تترتب على ذات الشيء الخارجية او تترتب على المظنون او المعلوم او تترتب على صفة الظن وصفة الحب والاطمئنان وكذا او زمان الدليل والاعتبار. قد يكون لدينا أربعة ازمنة وأربعة بيئات. في فيزياء هذا يأتي وفي كيميا وفي علم الكلام وعلوم كثيرة هذا البحث يأتي فلابد ان نفكك بين هذه الطبقات الأربعة ان الاجازة طبيعتها تعلقية وبدون المجاز ما له معنى ففيه زمان للمجاز وزمان للاجازة وهلم جرا. فاذا هنا لازم ان نلتفت الى التفكيك بين الأزمنة.

هذا البحث يحتاج الانسان ان يركز عليه مرارا لكي نبين ان دليل اعتبار فتوى الفقيه الف الذي مر عليه عشرين سنة مثل من يقلد السيد الخوئي وبعده قلد أحدا من المراجع الاحياء، دليل اعتبار المرجع الحي ودليل اعتبار السيد الخوئي هذان الدليلان متقارنان والان يشمل دليل «من كان من الفقهاء...» هذا الفتوى وذاك الفتوى والدليل والحكم متقارنان ومتزامنان.

ان الظن او موضوع الظن تبدل لكن دليل الظن لم يتبدل لانه مر بنا انه ليس في البين فرض اختلال شروط الظن وهو في وقته تقليده للسيد الخوئي صحيح والان تبدل الموضوع. فمتعلق الدليل تبدل لكن الدليل هو نفسه لا اننا نكتشف ان هذين الظنين المتعارضين المتساقطين لا يشملهما الدليل معا، هذا التفكيك خطأ وليس من قبيل التعارض بل من قبيل تبدل موضوع الظن وموضوع الاعتبار فالاعتبار على حاله فاذا كان الاعتبار على حاله ومتقارن فبالتالي ليس هناك موجب لترجيح هذا على ذلك في المنطقة السابقة اذا هذا البحث ليس من باب تعارض الظنون وان كان صورة كانما تعارض الظنون. هو تخالف الظنون وتعارض بالمعنى اللغوي اما التعارض بالمعنى الاصطلاحي الاصولي ليس منه. لان التعارض بالمعنى الاصولي لا يمكن لدليلين ان يندرجا معا بالفعل في دليل واحد او دليل اعتبارهما وهنا ليس من هذا القبيل لذلك يعبر الاعلام ان الظن السابق غير مختل الشرائط يعني ان دليل اعتباره الى الان يقول انه في محله معيار قياسي موجود اليه. فهذه نكتة مهمة نلتفت اليه. هذا اذا كان بلحاظ المقلد الواحد او المجتهد الواحد كان يعمل بالعام ثم عدل الى دليل الخاص. منثم السيد اليزدي يقول كلاهما ظنان معتبران غاية الامر كل ظن له متعلق خاص ومظنون خاص فلماذا نحكم احدهما على الاخر؟ طبعا لاحظوا دليل اعتبار الف من الفقهاء كدليل اعتبار باء من الفقهاء وان كان الف لما يفتي بفتوى ففتواه تقدر ان تقول بلحاظ زمانه وتقدر ان تقول ليس بلحاظ زمانه بل مستمر. كذلك الباء فتواه بلحاظ حقبة زمانه وبلحاظ كل الازمان. لماذا وكيف؟ اذا اردت دليل اعتبار الظن الان وزمان اعتبار الظن الان وليس كل الازمان. زمان اعتبار الباء الان والمكشوف بظن الباء وفتوى باء كل الازمان. مثل أن زمان الإجازة غير زمان المجاز فنستطيع ان نقول ان فتوى باء لكل الأزمنة وفتوى باء زمانه الان، ماذا يعني؟ يعني اعتباره الان لكن المنكشف والمعتبر في كل الازمان. كما ان الظن اللاحق يدخل على خط الظن السابق فالظن السابق أيضا يدخل على خط الظن اللاحق. لان فتوى الف لما يقول ان صلاة الجمعة واجب عيني فالصلاة عينية حتى بعد وفاته حسب فتواه. فبلحاظ المكشوف الأزمنة غير مقيدة وبلحاظ زمان اعتبار الظنين كل له زمانه. فزمان هذه الطبقات مختلف ويجب ان ندقق فيه. هذا البحث ليس خاصا لباب الإجزاء بل سيال في أبواب الأصول وابواب الفقه اذا يدقق الانسان في الصفات التعلقية ولها آثار. والوجه الذي بنينا على الإجزاء على الظن السابق واللاحق لشخص واحد مع عدم اختلال الشروط كذلك نقول في الظن لشخصين. التعامل مع شخص وشخص لان هذا الشخص الذي ظنه مخالف لظن الشخص الاخر يقول وان اخطأ المنكشف لدى الشخص الاخر لكن ظنه واجد لشرائط الاعتبار ومعتبر.

كيف يفتي الحي الاعلم بان البقاء على فتاوى السيد الخوئي صحيح؟ ولو يفتي بذلك لمن يعتقد ان السيد الخوئي لازال اعلم. لكن كيف يفتى؟ وهو يعلم ان فتاوى السيد الخوئي مخالفة لفتاواه وفي نظره محل الكلام. لكن شرائط الظن لفتاوى السيد الخوئي ليست مختلة. مثلا السيد الخوئي يقول بنجاسة اهل الكتاب وهو يقول بطهارتهم، كيف يفتي بالبقاء على السيد الخوئي؟ اذا لاحظنا متعلق الظن كانما بينهما تدافع لكن اذا لاحظنا اعتبار الظن ليس تناقضا. لان فتاوى السيد الخوئي على شرائط الحكم الظاهري. اليس في مبحث الحكم الظاهري لدى الاعلام ان الحكم الظاهري قد يخطأ وقد يصيب، صحيح ان الرواية من راو عادل ثقة لكن يمكن للعادل ان يشتبه ويخطأ وآفات الذاكرة حتى كتبوا كتبا في علل الرواة يعني الامراض. فعندما يقال ان الراوي ثقة ليس بمعنى ان الرواية وحي منزل لان هذا الراوي قد يشتبه ويقدم ويؤخر ويلتبس ومحتمل حتى الراوي العادل لذلك قالوا ان التعليل الموجود في آية النبأ تشمل الخبر الضعيف حتي الخبر الصحيح لان الاحتمال موجود ولذلك الشيخ المفيد وغيره ينكرون حجية خبر الواحد والحجية للاطمئنان يعني لازم ان يحصل الاطمئنان. نعم العدل قرينة من القرائن مع ان العدالة ليست عصمة بل يمكن ان يكذب العادل. المدار ليس على عدالة الراوي وعدم العدالة بل المدار على الاطمئنان ونظام التبين والشيخ المفيد هكذا ذهب. فالمقصود ان الظن ولو كان معتبرا ليس بمعنى انه وحي منزل بل يحتمل ان يصيب ويحتمل ان يخطأ. المنهج الاصولي ان تعتمد على أصول استنباطية تبين بها الصحة الخبرية وصحة المضمون. بالاجتهاد تتبين صحة الخبر كما يشير اليه القرآن. صحة الخبر يعني الصحة الاجتهادية والاستنباطية وتعتمد على أصول علمية لا انه تعتمد على وثاقة الراوي لان الوثاقة ليست اصولا علميا. المجتهد عنده عيار الاستنباط ويعرضه على قواعد الكتاب والسنة والروايات المسلمة في الباب. استغفل هذا البحث

المقصود نرجع ان الظن حتى من الراوي العادل قابل للاختلاف فكلا الدليلين متقارنان.

 

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين