الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

44/06/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث الأوامر/ الإجزاء

إجزاء الحكم الظاهري عن الواقعي

المحاور الثلاثة في الحكم الظاهري

 

كنا في إجزاء الحكم الظاهري عن الواقعي او عن حكم ظاهري أقوى منه كما هو الغالب في الشبهة الحكمية وإن كان البحث أعم، لكن ما هو اكثر ابتلاء هو إجزاء الظاهري عن ظاهري أقوى منه في هذا البحث وباب القضاء والاجتهاد والتقليد او صلاحيات الفقهاء مع بعضهم البعض او تعامل المكلفين مع بعضهم البعض اذا اختلف تقليدهم. فبالتالي اذا كشف الخلاف يقينا هذا بحث آخر وكلامنا فيما إذا لم يكشف الخلاف يقينا وهذه نكتة مهمة أن كشف الخلاف بظن آخر أقوى لا يعني انه كشف الخلاف بالعلم اليقيني. كثير من المكلفين عنده رؤية شرعية ظنية تجاه شيء معين وعند آخر ربما رؤية ظنية أخرى وهذا لا يستلزم التفسيق والتكفير. مذهب الامامية لما يقولون بالتخطئة ما معناه التفسيق والتكفير بل معناه أن القناعاة الظنية قد تختلف عن بعضهم البعض، هذه قناعة ظنية وتلك أيضا قناعة ظنية يعني أنه ربما كثير من أهل الفضل او ما شابه ذلك ربما يلاحظ فتوى معينة وفاقية بين القرن او القرنين يبنى على انه تسالم بين العلماء والحال انه فرق بين التسالم والوفاق. هذا الحكم وفاقي بين العلماء لكن ليس تسالمي. التسالم بمعنى الاجماع او البديهة او الضرورة، هذه الموارد لابد ان يميز بينها لذلك البدعة لا تكون بدعة الا اذا كان خلاف الضرورة، بل حتى إذا كان خلاف الاجماع لا تكون بدعة وأيضا الشذوذ شيء والبدعة شيء آخر، فبهذه السهولة لايمكن ان يرسل الكلمات ربما الحاكم بالبدعة لم يطلع على فتاوى كثيرين من العلماء. فقضية الاختلاف الظني المعتبر لدى القناعات المختلفة باب واسع وأيضا لابد ان نميز بين الضرورة النظرية والضرورية البديهية. نعم، القيام بنشر الأدلة والإصرار على الأدلة من الجو العلمي وصحيح أما أن أفسّق كل من خالفني خطأ. باب اختلاف الظن المعتبر واسع والا في مسائل عديدة من الكبار ربما احد من الكبار بسبب تضلعه في مسألة معينة يحصل له القطع لكن ليس بمعنى ان ما يخالفه بدعة لأنه قطع نظري يعني أن فيه الاستنتاج والتدبر وليس قطعا بديهيا حتى على صعيد الشبهة الموضوعية الميزان الظاهري لابد ان يكون على حاله وليس معناه التفسيق والتكفير.

هذا أحد اشتباهات الوهابية ويظنون أن الحكم بالظن المعتبر عين الدين والعجيب من الجمهور ان الأدلة على الامامة ليس كباقي الأدلة عندهم. في الأصحاب ما تدعون انهم منصوص عليهم وجوب موافقتهم يعني تناقضات في دينهم، وكيف تدعون ان الامامة والخلافة ليس بالنص والحال أن من يخالف الاصحاب يكفروه ويفسقوه. فهذه نكات مهمة كلها من طبيعة موازين الحكم الظاهري سواء على صعيد الشبهة الموضوعية والحكمية ربما الانسان مع أولاده وارحامه وأصدقائه ميزان الظاهري ليس معناه انه حق اليقين ربما واحد يكون عنده ميزان ظاهري آخر.

اذا اجمالا الحكم الظاهري اذا انكشف الخلاف بظن آخر أقوى هل يجزئ عن الثاني او لا؟ هذا شطر من هذا القسم الثالث وهو إجزاء الحكم الظاهري عن الواقع. هذا القسم الثالث له أقسام وأنواع وليس نوعا واحدا. فنحن الان في نمط من أنماط القسم الثالث وهو الظاهري عن الظاهري الأقوى منه وهذا محل الابتلاء في الشبهة الحكمية فما هو الضابطة في الإجزاء؟

مر أنه لتنقيح هذا البحث لابد من تنقيح ثلاث محاور. المحور الأول ما هي حقيقة الحجية وماهية الحجية من بين الاحكام الظاهرية لاسيما كلامنا الان في الحجية التي هي النمط البارز من الحكم الظاهري؟ بحث حساس ومهم يؤثر على كل الأبواب الأصولية والفقهية. ثم المحور الثاني ان مراحل الحكم التي تجري على الحكم التكليفي الواقعي او الوضعي الواقعي هل تجري على الحكم الظاهري بالخصوص الحجية؟ المحور الثالث ان الظن الثاني الذي نقول ان الظن الأول يجزئ عنه أو لا، هل هو خاص بالزمن الثاني او يتسع للزمن الأول؟ هذه الأبحاث في القضاء والاجتهاد والتقليد وتبدل التقليد والمعاملات وإمام الجماعة محل الابتلاء وإذا ما نقحناها خطوة خطوة والمبنى في كل خطوة يختلف عن المباني الأخرى.

هذا المحور الثالث أيضا فيه ثلاث او أربع طبقات. المقصود منه اعتبار الظن او الظن نفسه او المظنون او ذات الشيء الخارجي؟ مر بنا أمس انه في الصفات الادراكية طبيعتها لها طبقات سواء في البحوث الفقهية او الأصولية او العقائدية. إن الظن الثاني ضيق بالزمن الثاني او يتسع ويشمل أي شيء يضيق ويتسع؟ ذات الظن او ذات الشيء او ذات الشيء المظنون او اعتباره؟ اربع طبقات. وسيما نحن في الأبواب الفقهية كثير من مساحة الاحكام ظنية وان كان لدينا قسم من الاحكام الضرورية البديهية خلافا للعلمانيين. وليس كل الشريعة ظنية بل فيه مساحة ظنية وهناك مساحة قطعية. فحينئذ هذه المساحة الظنية لها نظام وموازين. هذه الموازين يجب ان نلتفت اليه مثل المحور الثالث طبقات أربع للظن. نفس الظن ومتعلق الظن وهو المظنون ومتعلق متعلق الظن وهو ذات الشيء التي هي متعلقة للمظنون واعتباره. أي شيء منها ضيق بالزمن الثاني او شامل للزمن الأول؟ فانت لاحظ ان المحور الثالث هو شائك كيف تربكه بالمحور الثاني وهو مراحل الحكم ؟

اجمالا الاقوال هي ان مدرسة النائيني بسبب في المحور الأول وبسبب في المحور الثاني او بسبب في المحور الثالث عندها اختيار خلافا لمشهور طبقات الفقهاء. أن هذا الظن الثاني الذي هو علم تعبدي فنتعامل معه معاملة العلم الوجداني مطلقا. كما يحصل لك علم وجداني حينئذ الظن الأول يكون سرابا. فقط تعامل مع الظن الثاني. طبعا هذا يكلف النائيني والسيد الخوئي مع ان النائيني خالف المشهور لكن وافقهم شيئاما لكن السيد الخوئي اطلق في مبنى استاذه النائيني وبنى عليه بقول مطلق أن الظن الثاني بمنزلة العلم الوجداني كانما الظن الأول سراب بقيعة. ليس فيه الإجزاء أصلا. السيد الخوئي اكثر تشددا في هذا القول من استاذه النائيني .

المشهور يقولون ان مقتضى القاعدة الإجزاء الا ان يدل دليل على الخلاف كأنك تتعامل مع الظن الأول تعاملا واقعيا ومجيء الظن الثاني من باب تبدل الواقع من واقع الى واقع. كما اذا كانت الملك ملكا لزيد ثم اصبح ملكا لقاسم. يتعاملون في موارد بتبدل الظن بالظن تعامل تبدل الواقع. هذا اجمالا مبنى المشهور.

الان اتعرض الى الاقوال بشكل مجمل. كلامنا الان في الشبهة الحكمية بل حتى في الشبهة الموضوعية خلافا لمن نقل انما في الشبهة الموضوعية لا يلتزمون بالإجزاء لأن تبدل الشبهة الموضوعية غالبا بالعلم الوجداني واليقين وهذا بحث آخر ومهم لان غالب القضاء شبهة موضوعية ويلتزمون بالإجزاء إذا كان التبدل بالظن. أتذكر في بدايات هذا القسم الثالث استعرضت للشقوق والصور. اذا هناك قولان رئيسيان اجمالا قول مشهور طبقات الفقهاء والاصوليين المتقدمين يقولون بالإجزاء اذا كان التبدل من ظن الى ظن. محل الكلام في الحكم الظاهري الظن الأول الواجد للشرائط تبدل الى ظن ثاني واجد للشرائط اقوى. ليس محل الكلام في إجزاء الحكم التخيلي. محل الكلام انما هو في الحكم الظاهري والفرق بين القسم الثالث والرابع مر بنا ان في القسم الرابع ان الحكم الظاهري غير واجد للشرائط بل تخيل انه واجد للشرائط بينما في القسم الثالث الحكم الظاهري واجد للشرائط وتبدل غالبا الى شرائط أخرى وحكم ظاهري آخر. وهذه كما مر تارة ينكشف الخلاف بالعلم والوجدان القطعي وهذا في الشبهة الحكمية قليل ونادر. كثير من التشويشات في الاستدلال بين الاعلام نتيجة الغفلة عن الفرض. فاذا فرق القسم الثالث عن الرابع انه في القسم الثالث شرائط لحكم الظاهري تامة والكثير من الفضلاء فضلا عن عامة المكلفين يظنون ان تبدل الظن الى ظن آخر ان الظن الأول سراب والحال ان لظن الأول كان واجدا للشرائط والظن الثاني أيضا وواجدا للشرائط لا انه تخيل. لازم ان نحفظ الموضوع وفرض المسألة ولا نأتي بفرض آخر شبيه بهذا الفرض. مع التحفظ على الفرض نبحث عن الإجزاء انه موجود. بحثنا في الشبهة الحكمية او الموضوعية تبدل الظن الى ظن آخر أقوى لا الى العلم اليقيني فهذا يقتضي الإجزاء ام لا؟ اذا انكشف الخلاف بالعلم اليقيني الكل يقولون بعدم الإجزاء والكلام في التبدل بالظن الأقوى.

قول النائيني اعتمد على محاور ثلاثة حتى القول المشهور المحور الأول ماهية الحجية وهذا بحث حساس في علم الأصول والفقه وحساس في العقائد. وسنبين كثير من ضلال وتضليل او الكفر او الجحود بسبب عدم فهم ماهية الحجية حتى في العقائد. بحث حساس ثم نذكر المحور الثاني مراحل الحكم والبحث معقد وحساس وثقيل ومهم. حتى في علوم التفسير وقواعد التفسير يؤثر. بحث مركزي يزفي بظلاله وآثاره على كل العلوم الدينية والمحور الثالث مراتب الظن وطبقات الظن ضيقا وسعة. أنتم ملتفتون ان بيع الفضولي معقد وسببه هذا المبحث سيما المحور الثالث. حتى في صلاة المسافر تعقيده بسبب المحور الثالث وابواب عديدة مبحث جيد ان يركز الانسان ويدقق فيه. وان شاء الله يسهل وضوحه.