الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

44/06/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث الأوامر/ الإجزاء

منظومة طبيعة الحكم الظاهري

كان الكلام في القسم الثالث من مبحث الإجزاء. طبعا هذا القسم منظومة بحث في الأبواب الفقهية وإتقانه يظلل الصعاب في الأبحاث الكثيرة لأنه في الحقيقة نوع من التركيز على حقيقة الحكم الظاهري ومنظومة الحكم الظاهري وكيفية التعامل مع الأحكام الظاهرية لا سيما بين بعضها البعض وهذا من البحوث الابتدائية جدا.

مثلا في إمام الجماعة والمأمومين، الإمام يقلد مرجعا معين والمأمومون يقلدون مرجعا آخر. صرف الاختلاف في التقليد كثير من عامة الناس يفكرون انه نوع من عملية تعددية التقليد وتعددية الإحراز والمرجعية وهذا يستلزم تداعيات خاطئة بين الأتباع، بناء على ان تقليد هذا الإمام لقناعة معينة في الإحراز خطأ وإذا لم تصل الى الفسق تقليده يختلف قناعته عن قناعة المأمومين. فمن يرجعون اليه يرى شرطية شرط او جزئية جزء وذاك لا يرى الجزئية او الشرطية فإذاً الصلاة باطلة، هذا نوع من الخطأ في التعامل مع بنية الحكم الظاهري، بينما الفقهاء كلهم إلا من شذ في الائتمام بإمام الجماعة ليس من الضروري التطابق بين الامام والمأموم في الشرائط والاجزاء الغير الركنية بل حتى في الموانع، الموانع المبطلة للصلاة عندنا مانع ركني وعندنا مانع غير ركني. المانع الغير الركني مع الجهل والنسيان غير مبطل بل فقط مع العمد مبطل لكن كثير من العوام حتى عوام الخاص لا يلتفتون الى أن الاختلاف الامام والمأموم في الشرائط والاجزاء والموانع الغير الركنية غير مبطل للجماعة بفتوى الكل، هذا نوع من التعامل مع الحكم الظاهري. هذا له حكم ظاهري مع قناعته وذاك له حكم ظاهري مع قناعته، إذا اختل صلاة الامام في الأركان كالوضوء او كالركوع او السجود او الوقت او القبلة لا تنعقد صلاة الجماعة أما إذا كان الاختلاف في غير الأركان ما المانع في ذلك تصح وتنعقد الجماعة، فالمقصود بالنسبة الى عوام الخواص او عوام الناس هذه النكات لا يلتفتون اليه. فالاختلاف بين الامام والمأموم في غير الشرائط والموانع غير الركنية لا يوجب بطلان الجماعة.

حتى في البيع والشراء او النكاح او الأمور الأخرى، ذاك يتبنى حكما ظاهريا مع قناعته الخاصة وذاك يتبنى حكما ظاهريا آخر مع قناعته الخاصة لا يوجب البطلان. سيأتي البحث فيها. أيضا في موارد المجتهد تبدل تقليده من مجتهد الى مجتهد آخر أو نفس المجتهد تبدل رأيه، كثير من عوام الخواص بتعبير ابن سينا عن جمهور الفلاسفة ليسوا فلاسفة بل متفلسفة باعتبار انهم يشككون في ثوابت الدين وما يفتهمون وخواجه نصير الدين الطوسي أيضا يذكر جمهور الفلاسفة إلا الزبد الكبار ما فهموا معنى علم الله أن الله لا يعلم بالجزئي من حيث هو جزئي ويقولون هو جهل. استغفر الله كيف يطلقونها في الله تبارك وتعالى بل يعني ان العلم الحادث ليس عند الله علم الله أزلي ولا يتجدد. التجدد نقص في الله الكبار مرادهم هذا. جمهور الفلاسفة عوام الفلاسفة وليس فقط في الفلسفة بل في الفقه والأصول الجمهور المنتسبون الى العلم عوام ذلك العلم لان العلم له دقائق وله اسرار يجب الالتفات اليها.

المقصود هذا البحث سيال لو تبدل المجتهد كثيرا ما عوام الخواص عندهم تبدل المجتهد من حكم الى حكم دليل على ان الحكم السابق ليس حكما ظاهريا بل تخيلي ولا يميزون بين القسم الرابع في الإجزاء والقسم الثالث. هذه كلها مبحث منظومة آثار وأحكام الحكم الظاهري كيف علاقة الحكم الظاهري بحكم ظاهري آخر. مبحث حساس وله مواد أخرى يعني حتى في مبحث الاجتهاد والتقليد بحثوا هذا المسألة من جهة المقلد تبدل المجتهد الى مجتهد اخر او نفس المجتهد من رأي الى رأي آخر هل هي بمعيار واحد او معايير او مقلد من مجتهد الى مجتهد آخر. المقصود هذا المبحث التعاطي والتعامل مع الحكم الظاهري من منظار حكم ظاهري آخر يعني التعامل بين الحكمين الظاهريين في حكم واحد لكن من بعدين او شخصين او شخص واحد في زمانين. هذا كيف يكون؟ البحث محل الابتلاء ومهم وفيه دقة.

نعود الى أصل المبحث في تمييز موضوع القسم الثالث عن الرابع. القسم الثالث ضابطته أن تبدل الحكم الظاهري او تعدده الان ذكرنا تعدد الحكم الظاهري يعني المجتهد الى مجتهد اخر إما في زمان واحد كشخصين او في زمانين من شخص واحد. الكلام في تعدد الحكم الظاهري إما لزمانين لشخص واحد او لشخصين في زمان واحد وأمثلته كثيرة مثل قاضي يحكم بعد قاض آخر او متولي الوقف العام والخاص يرى تصرفات غير المتولي السابق قناعاته الظاهرية غير قناعاته الظاهرية. شبيه لهذا البحث الى حد ما في القانون الوضعي الان العقود التي تجريها الحكومة الأخرى سابقا مع موقف الحكومة اللاحقة مع الدول. على اية حال فالخطوة الأولى كما مر بنا في القسم الثالث هذا إذاً هذا المبحث مبحث منظومي يعالج الحكم الظاهري. طبعا كلامنا يعالج الحكم الظاهري الشبهة الحكمية لكنه يشمل الشبهة الموضوعية. وينكشف تارة بالقطع وتارة بظن آخر وتارة موضوعه باق وتارة موضوعه غير باق كما مر بنا امس.

لا بأس أن نعرف شمولية هذا البحث من جهة ما هي خصوص وخاصية الحكم الظاهري يعبر عنها أعماق الأصول انه مثلا عندنا في الموازين الشرعية أن الظاهر في الشبهات الموضوعية ميزان اكبر والظنون غير المعتبرة في الشبهة الموضوعية لا يعول عليها مثل سوء الظن وتعبير القرآن يا أيها الذين امنوا اجتنبوا كثيرا من الظن. لم يقل اكثر هذه التعابير فيها اسرار. لم يقل بعض ولا قليل قال كثير وهو غير عناوين أخرى. طبعا قال اجتنبوا وما قال احذروا. اجتنبوا كثيرا من الظن العلة ما هي؟ ما قال ان كثيرا من الظن اثم. قال ان بعض الظن اثم. هذه معادلات موضوع ومحمول دقة عجيبة. اجتنبوا كثرا من الظن ان بعض الظن اثم. لم لا يقال ان كثيرا من الظن اثم. لابد من التدبر في هذا البحث. لا ندخل في البحث بحث فقهي أخلاقي. في باب الشبهة الموضوعية الظنون المعتبرة الظاهرية يعول عليها الظنيات لا متناهية غير المعتبرة في الشبهة الموضوعية لا يعول عليها. ناموس في الشبهة الموضوعية أن يعول على بنية الحكم الظاهري المعتبر. ليس في الانسان ان يتعامل مع زوجته او الزوجة مع الزوج او مع البنات او الأولاد او الإخوان مع كل الارحام او مع الأصدقاء ان يتعامل مع الظنون غير المعتبرة . الحذر شيء اخر. ما ذا الفرق بين الحذر والاجتناب؟ مسألة طويلة الذيل ومعقدة وفقهية واخلاقية وليست أخلاقية محضة. فالمقصود هنا إذاً في باب الشبهة الموضوعية بالنسبة الى الانسان الفرد لا بالنسبة الى الحاكم السياسي وهو بحث آخر حتى الحاكم السياسي ليس له ان يتعاطى مع الظنون وما وراء الظاهر. إذا رجع الى الامر الصالح العام او الأمن العام. النكتة هذه وهو إذاً منظومة الظاهر منظومة مهمة حتى في باب القضاء. كثير من التعقيدات في باب القضاء مرتبطة بطبيعة الحكم الظاهري بالذات على صعيد الشبهة الموضوعية من باب المثال قضية المزارات اذكر فهرسة مختصرة. مثلا مزار الفلاني لأبناء الأئمة ما عندنا مستندات تثبت تقادم هذا المزار. تارة عندك علم باستحداث هذا العلم هذا بحث آخر. تارة ليس لك علم أنه مستحدث او متقادم. مزار او مقام منسوب بالائمة مثلا خطوة اميرالمؤمنين او مرور زين العابدين. تارة عندك علم باصطناء هذا المكان بحث آخر. وتارة ليس لك علم، إذاً الحكم الظاهري يحكم ولا نريد أن نقول انه علم اليقين وعين اليقين. نريد ان ندعي هكذا ان في موارد الشبهة الموضوعية ليس لك بمجرد عدم وقوفك على المستندات تقول ليس ثابت. بأي منطق؟ شيء بشيء يذكر كله في بحث الحكم الظاهري. نعرف ما هي طبيعة الحكم الظاهري. كيف إذا تبدل الى حكم ظاهري آخر كيف طبيعته وكيف موازينه. الفقهاء يعبرون ان السادة تارة نعلم انهم مستجدون هذا بحث آخر لابد للاستحداث ان يكون له دليل قطعي والا لا يبنى عليه الظنون لا يبنى عليها اما اذا ما نعلم استحداثه ولا نعلم تقادمه فالشهرة يعول عليه في النسب والاوقاف والولايات والمساجد. المقصود طبيعة وشرائط الحكم الظاهري في الشبهة الموضوعية الكثير لا يتقنونها ويظنون انه في موارد كثيرة لابد من اليقين وهو خطأ. فرض الموضوعات عن بعضها البعض ضروري يجب الالتفات اليه كثيرا. وأمثلة الحكم الظاهري سواء في الشبهة الموضعية او الحكمية كثيرة. هي خاصية وتداعيات الحكم الظاهري.

من المباحث التي اثارها اغا ضياء واستادنا الميرزا هاشم الاملي نقلا عن النائيني او العراقي أن قاعدة التجاوز والفراغ قاعدة ظاهرية ظنية في الشبهة الموضوعية هل العمل بها عزيمة او رخصة؟ هل يمكن ان يحتاط الانسان؟ هل العمل بالظنون في الشبهة الموضوعية او الحكمية عزيمة او رخصة؟ تقليد الاعلم عزيمة او رخصة؟ كمن يقلد مجموع الفقهاء او يقلد مجموع خمسة من الفقهاء وهو احتياط في التقليد. حصرية تقليد الاعلم ليست صحيحة. بلاشك رتبته اكثر من تقليد الاعلم حصرا عند جميع الفقهاء. ليس احتياطا كاملا ولا تقليد الأعلم خاصة. والكل متفق عليه. الاحتياط بين الاثنين او الثلاثة او الأربع او العشرة. تقليد الاعلم انزل المراتب لا ارفع المراتب. بالتالي لاحظ طبيعة الحكم الظاهري هذا ليس من باب العزيمة بل رخصة والا الاحتياط اكفأ باي مرتبة من المراتب. سواء الاحتياط في التقليد او الاحتياط في الفقه. الحصر ليس اعلى المراتب في ابراء الذمة. الاجتهاد اعلى مراتب في ابراء الذمة وبعده الاحتياط بكل درجاته أعلى في إبراء الذمة من حصرية تقليد الأعلم. هذه المباحث أصولية بديهية. من يناقش فيها لا يعرف ابجديات علم الأصول. مثلا حجية خبر الواحد الصحيح رخصة وليست عزيمة. يمكن للمجتهد ان يحتاط بين الخبر الصحيح وغير الصحيح. هذا أكثر حيطة من العمل حصريا بالخبر الصحيح لأن معنى حجية خبر الواحد كما يكرر استاذنا الميرزا هاشم الآملي العمل بالظنون المعتبرة رخصة وليست عزيمة. الشيخ في بداية الرسائل يذكر. طبيعة الحكم الظاهري طبيعة عجيبة غريبة منظومة عجيبة يجب الالتفات اليه. والا نفس هذا المبحث الان القسم الثالث طبائع وخاصيات اخرى لطبيعة الحكم الظاهري تدرس هنا. لازلنا في بوابة البحث.