الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

44/05/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث الأوامر/ الإجزاء

 

تبعية القضاء للأداء

الاضطرار الواقعي المقصود منه هو واقعي الموضوع وواقعي المحمول ولما يتدخل الظاهري في الموضوع أو المحمول فيكون الاضطرار ظاهريا، فلا يكفي واقعي الموضوع لبعض الوقت بل لابد من واقعي المحمول، فالواقعية للحكم من بعدين بعد الموضوع وبعد المحمول ولا تكفي الواقعية من جهة واحدة. هذه نكتة مهمة في القسم الثاني وفرقه الجوهري عن القسم الثالث.

يبقى الكلام في تبعية القضاء للأداء

هل القضاء تابع للأداء أم ليس بتابع؟ ولو سيأتي بحثه مستقلا لكن كفهرسة صناعية ما المراد من تبعية القضاء للأداء؟ التبعية الثبوتية بعد والتبعية الإثباتية بعد آخر.

كما مر بنا ان منهج المشهور على تحليل المعاني وليس الجمود على إطار الالفاظ او قوالب الالفاظ والمدار الأعظم والمعيار الأعظم عند المشهور على المعنى وليس المعيار الأعظم على الالفاظ او على الطريق وأسانيد الرواية، فمنهجان.

عندما يقال «المشهور» بدون التقييد كاصطلاح في علم الأصول والفقه يعني مشهور عشرة قرون أو اثني عشر قرنا يعني كل زمان الغيبة الكبرى، أما إذا يخصص المشهور أويسند الكلام الى أكثر القرن الأخير فيقال مشهور المعاصرين او مشهور القرن الأخير أما بدون التقييد خطأ أن يعبر عن مشهور القرن الأخير بالمشهور بقول مطلق. هذا ضروري والاسف كثير من اهل الفضل يقتصرون في رؤيتهم لموازنة أقوال الامامية على القرن الأخير، هذا ليس معيارا ولا ميزانا بل الشهرة تكون في عشرة قرون أو يفصّل ويقول مشهور المتقدمين وقد تكون الشهرة لطبقتين او ثلاث لأنه عندنا خمس طبقات أو أكثر والشهرة قد تختلف من طبقة الى طبقة، أما أن تطلق الشهرة من دون توضيح فهذا تلبيس لأن الانسان من العقل اللاوعي يجلّ المشهور. هذا ضروري في كل مسألة وكل قاعدة كما يقول كاشف اللثام ونحن وجدنا عملا ان فحول الكبار المتخصصين في تتبع الاقوال يشتبهون في التدقيق وتحديد النسبة الى العلماء تارة يشتبهون في النسبة الى الطوسي او المفيد او غيره. التدقيق شيء مهم فلابد ان تسبر وتفحص أنت نفسك في النسب.

الوحيد البهبهاني جراف التتبع وأيضا كان رجاليا متبحرا وفقيها متبحرا وأصوليا ودرّس الأصول ستة وعشرين مرة وعنده تعليقات على المعالم في كل دورة ولذلك كان مجددا في الأصول مع ذلك لا يفرّط برواية ضعيفة ومسلكه في الرجال كان مسلك المشهور. الشيخ علي خاقاني يشرح الفوائد الثمانية في رجال الشيخ وحيد البهبهاني يعني القواعد الثمانية في الرجال وهي تعليقة الوحيد البهبهاني على منهج الرجال للميرزا محمد الاسترابادي. حماية الوحيد للروايات اكثر من صاحب الحدائق مع زعم صاحب الحدائق أنه أخباري. صاحب الحدائق في بعض الكتب الروائية يطعن الأصل والوحيد لا يطعن مع انه رئيس الأصوليين. صاحب الحدائق عنده الكتب الأربعة فقط والبهبهاني يقول كل التراث منجز لكن لا يعمل برواية على عمايتها بل يحللها في مختبر معنوي يعني واقعا يجدر للمحقق ان يقارن بين مدرسة الوحيد البهبهاني ومدرسة السيد الخوئي. مدرسة السيد الخوئي أبعد ما يكون بالنسبة الى مدرسة الوحيد البهبهاني. لازم أن يفحص مدرسة البهبهاني رجاليا واصوليا وفقهيا وعقائديا كأنما نسخة ثانية عن المفيد. كتاباته في الفقه كله ولائي يعني بأدنى ارتباط يذكر أن هذه المسألة مرتبطة بولاية اهل البيت في مصابيح الظلام. تلاميذه بحر االعلوم والميرزا القمي وصاحب الرياض وكاشف الغطاء والنراقي الاب والابن وصاحب الجواهر فيهم طبقات ثلاث رباهم على الولاء وهذه من خصائص مدرسة الوحيد البهبهاني. بحر العلوم يتشرف خدمة صاحب العصر والزمان لايبعد تأثير نفس الوحيد عليه يعني خصائص عجيبة فيه عندما يقال له المجدد ورئيس الأصوليين فلازم ان يدرس شخصيته وكان من رغم أنه اصولي ويحارب الأخباري يعني يحارب المنهج العفوي والسطحي في الروايات. بل كان يغوص في المعاني وترابط المعاني وحقا يجب ان يشيّد. أكرم وأنعم بصاحب الحدائق لكن نريد ان نعرف الوحيد البهبهاني. طبعا هو خواله أو جده من طرف الام المجلسيان كما أن صاحب الرياض يكون خاله الوحيد البهبهاني. صاحب الحدائق اقتصر على الكتب الأربعة اما الوحيد البهبهاني على نظرية الانسداد كل التراث عنده منجز ونظرية الانسداد هي هذه. لكن هذا لا يغر الانسدادي بل يقول ليس المدار الأعظم على الطريق بل المدار الأعظم على المعنى وارتباط المعاني مع قواعد الباب الموجودة ومع الأدلة الأخرى الموجودة في فصول هذا البحث في أي علم من العلوم الدينية يعني أن لا تجعل الرواية مبتورة الصلة بل لابد من منهج منظومي في كل باب من أبواب العلوم الدينية يعني المعنى تربطه بأصول القواعد. هناك أيضا الوحيد البهبهاني يجل ويفخم الشيخ سليمان الماحوزي وكان رئيس علماء الأصول في بلاد البحرين ويعتبر مجددا لعلم الرجال. لماذا؟ يقول لأنه فتح باب الاجتهاد في علم الرجال. المحقق في علم الرجال ينصرف للشيخ سليمان مثل ابن ادريس فتح باب الاجتهاد بعد غلقه. مدرسة السيد احمد بن طاووس مدرسة اشبه بالتقليد بل الاجتهاد في علم الرجال جمع المواد الكثير وتحليل حال الراوي اكثر من النتائج المسلمة بلا نقاش. لذا كان الشيخ الوحيد يشير بكتبه كثيرا بمحقق الماحوزي. إجمالا ان كلمة المشهور لازم ان يدقق فيه في أي علم من العلوم الدينية وهو هذا الوحيد البهبهاني رغم انه متتبع في مسألة الإتمام في بقية المشاهد الأربعة كالكاظمية او لنجف يقول التعليل الوارد في صحيحة علي بن مهزيار حري بالتعميم الا ان المشهور لم يقولوا به فلا نعمل بهذا التعليل والحال انا وجدنا ان مشهور المتقدمين او الاقدمين على التعميم وما واقف عليه الوحيد ثم الأدلة الأخرى التي لم يطلع عليه الوحيد وصاحب الرياض ابن اخته أيضا تبنى كلام خاله أن هذا التعليل حري بالتعميم لولا مخالفة المشهور ومسائل كثيرة منها الشهادة الثالثة وكثير من الأعلام ما مطلع على السلسلة التاريخية لمن أفتى ومن لم يفت ويظن أن المسألة مسلمة العدم. فحص الأقوال وتتبع الأدلة والمواد مؤثر مسيريا في الاستنباط والاجتهاد. شاء ام ابى المجتهد او الفقيه. فالتتبع شيء مهم جدا.

يعني قاعدتان مهمتان في بحث الأحوال الشخصية للمحقق الحلي استظهر من الشيخ الطوسي في المبسوط وكل من اتى بعد المحقق الحلي بنى على انها مذهب الشيخ الطوسي وتدبرت أسبوعين في المبسوط ووجدت ان الشيخ الطوسي لا يذكره من نفسه بل من كلام العامة وكلامه مطابق للروايات فحلحلت المسألة في الأحوال الشخصية من ذاك الطرف الى ذلك الطرف.

قاعدة أخرى من المحقق الحلي رغم انه بحر ومتضلع لكن الانسان بالتالي خلق من الغفلة مهما يكون. فموارد يستظهر المحقق من الشيخ شكل والحال ان مبنى الشيخ شيء آخر سيما كتاب المبسوط يوجب الالتباس لان الشيخ الطوسي كثيرا ما يذكر اقوال العامة ثم يفندها بعد صفحات او لا يفندها في نفس المكان بل يفندها في باب اخر. هذه فائدة مهمة في التتبع.

فالمشهور عند الأعلام أن القضاء يتبع الأداء ثبوتا بل حتى اثباتا في كثير من الموارد وما هو معنى تبعية القضاء للأداء؟ بشكل سهل ومخلص كيف أن المخصصات عند القدماء يعتبرونها دليل قاعدة الميسور لان المخصص لا يعدم مشروعية العام في مورد الخاص وانما الخاص مطلوب في مطلوب وتعدد المطلوب عند المشهور. فعلى ذلك يحملون القضاء انه تعدد المطلوب، أصل الطبيعة مطلوب وخصوصية الأداء فيه مطلوب في مطلوب. هذا أصل فكرة المشهور يعني أن اصل ملاك العام موجود والوقت خصوص من الخصوصات ومخصص من المخصصات. فمثل الطهارة المائية لا صلاة الا بالطهور والصلاة لا تعاد الا من خمس والوقت منها حتى عند المشهور لو اتى دليل على القضاء هو منبه على التبعية الثبوتية عندهم لا أنه أمر مباين. هذا كلام المشهور إجمالا.

قبل ان نواصل نطرح هذا السؤال ونشرح به كلام المشهور ان الخصوصيات بمنزلة المراتب للعام. أي خصوصات هذه؟ أي مخصص؟ يعني مثل لا صلاة الا بالطهور مخصص والصلاة ثلثها الطهور ثلثها السجود وثلثها الركوع مخصص ولا صلاة الا بفاتحة الكتاب مخصص واقيموا الصلاة عام والبقية مخصص. ما المراد من المخصصات سبق ان شرحناه بمعنى مراتب العموم. لان المخصص في اصطلاح باب التخصيص نوعان. كما ان المقيد نوعان وليس نوعا واحدا. تارة المخصص مخالف في جهة الحكم مع العام سلب وايجاب هذا هو المعروف في المخصص. ويعبر عنه عملية التخصيص او التقييد وهناك مخصص موافق يعني اعتق رقبة واعتق رقبة مؤمنة. هذا مخصص لكن مخصص موافق. في الموافق متى يضيق ويخصص؟ المخالف يضيق بوضوح أما الموافق له شرائط. أي مخصص مراد للمشهور في مراتب العموم؟ هذا جوابه من عندكم.

المقصود نرجع الى ما كنا فيه فإذاً المشهور عندهم ان القضاء تابع يعني مرتبة من مراتب الأداء. إذا تذكرون مر بنا ان الخصوصات مراتب للعموم، أي خصوصات؟ ا لموافق او المخالف؟ لازم ان تدبرون فيه. سبق أن العام موجود في منطقة الخاص وان كان الخاص غالب عليه. أي خاص؟ الموافق او المخالف؟ الخاص تارة مشتمل على الحكم وتارة ما مشتمل على الحكم بل إنما ينفي. فإذاً ثبوتا عند المشهور القضاء تابع للأداء لأنه مرتبة منه بعضهم قال ان القضاء تابع للأداء ملاكا لا ثبوتا هذا ليس صحيحا. وفيه من قال أن القضاء تابع للأداء ملاكا و جعلا وفيه من قال ان القضاء تابع للأداء ملاكا لا جعلا ولا اثباتا. ثلاث مراتب. ماذا الفرق بين الثلاث؟ هناك من قال أن القضاء تابع للأداء ملاكا وجعلا ثبوتا واثباتا. السيد الخوئي يلتزم بهذا القول ان القضاء تابع للأداء ملاكا لا جعلا ولا اثباتا. التتمة ان شاء الله نحاول ان نوضحها.