44/05/19
الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث الأوامر/ الإجزاء
ادلة الاضطرار لبعض الوقت الواقعي
كان الكلام في الاشكال الرئيسي عند السيد الخوئي أن أدلة الاضطرار العامة وكذلك الخاصة من جهة الموضوع غير متحقق والموضوع الموجود إنما هو الامر بالمأمور به الاختياري الكامل باعتبار ان الاضطرار في بعض الوقت لا يعجز عن الطبيعة الاختيارية الكاملة ويكفي فيه القدرة على الطبيعة الكاملة في بعض الوقت. بناء على هذا الاشكال ان الامر بالصلاة هي مع الصلاة المائية وليست مع الصلاة الترابية فعند عجز المكلف عن الماء في البعض الأول من الوقت وهو آيس وإن لم يكن يأسه في محله او اعتقاده ببقاء العجز وان لم يكن اعتقاده في محله في هذا الظرف الامر بالصلاة مع الطهارة المائية المفروض انه موجود ويشكل السيد الخوئي على وجود الامر بالصلاة الاضطرارية وهو الصحيح، فهذا الامر بالطهارة المائية الموجودة أي مقدار من هذا الكل الاختياري منجز على المكلف في ظرف العجز مع يأسه او اعتقاده جهلا؟ بالتالي المنجز ليس كل المأمور به الاختياري. يعني أن الفرض هو غير واجد الطهارة بالماء والان العجز في بعض الوقت ليس فيه خلاف الواقع، الان هو عاجز عن الماء واقعا في بعض الوقت وليس عاجزا في كل الوقت. ففي بعض الوقت هو عاجز فإذا كان في بعض الوقت عاجزا لا يمكن تصوير مخاطبته في هذا الظرف مع يأسه او اعتقاده جهلا ولو بسبب جهله لا ينجز عليه الامر بالكل. فالمنجز عليه ما عدا الطهارة المائية. التكليف الفعلي هو على حاله لكن المنجز عليه في ظرف العجز هو ما عدا الطهارة المائية.
مر بنا ان العجز في بعض الوقت له ثلاث حالات. الكلام في الصورة الأولى وفيها التنجيز لا الحكم ولا نخلط الحكم بالكل وبين كون الاضطرار غير منجز عليه الكل وانما ما عدا الطهارة المائية. في هذا البعض الأول من الوقت التنجيز لما عدا الطهارة المائية. إذا كان في التنجيز توسطا فهذا التوسط في التنجيز بسبب الاضطرار معناه معنى الاضطرار الواقعي.
كيف نفسر ان هذا الاضطرار واقعيا؟ إذا كان هو توسطا في التنجيز كيف نفسر أن الاضطرار واقعيا؟ تفسيره بشكل مجمل مختصر وبسطه في البرائة أن حديث الرفع في القواعد الست الفقهية الخمس والأصل العملي في البرائة حديث الرفع محموله الرفع وموضوعه النسيان او الخطأ او ما اضطروا اليه او ما لا يطيقون او غيرها. المحمول في حديث الرفع شيء واحد سيان في الستة وهو رفع المؤاخذة يعني التصرف في التننجيز. طبعا هذا مبنى المشهور عدا النائيني وهو افترض ان الرفع رفع للحكم الفعلي او الانشائي ولو ظاهرا في البرائة وواقعا في القواعد الخمس وهذا فارق جوهري في المبنى بين المشهور وبين النائيني. حديث الرفع في القواعد السّتّ عند النائيني مخصص الحكم الانشائي طبعا في النصف الثاني من عمره بينما المشهور يجعلون تصرف القواعد الستة لا بمثابة الدليل المخصص يتصرف في الحكم الانشائي في المرفوع ولا يتصرف في الحكم الفعلي للمرفوع بل إنما يتصرف في تنجيز الحكم المرفوع ومؤاخذته. فلا فرق بين القواعد الخمسة والبرائة في أن المرفوع هو التنجيز. ولا ضرر لسان آخر لقاعدة رفع ما اضطروا اليه ونفس البيان ولسان آخر لقاعدة رفع ما لا يطيقون رواية ما جعل عليكم في الدين من حرج او يريد بكم اليسر ولا يريد بكم العسر. مر بنا ان هذه القواعد الخمس لها أسماء مختلفة ولها أدلة بعناوين مختلفة وهذا مما يخفى على الكثيرين وإلا القواعد هي نفسها. سواء بلسان «ما جعل» نفي او رفع او «لا» بالنهي كل ذلك بألسنة وعناوين مختلفة إنما هو رفع المؤاخذة والتنجيز. فإذاً حقيقة قاعدة رفع الاضطرار هو هذا، إذا كان هكذا فأي مورد يتضيق التنجيز هو رفع الاضطرار والاضطرار الواقعي. فإذاً ليس أدلة الرفع رفع الاضطرار حتى في الاضطرار بالدليل الخاص ليس إلا تضييق التنجيز.
فحينئذ قد يقول قائل ما الدليل على ان هذا الناقص مجزئ والدليل عليه أن الفرض ان الاضطرار الواقعي مجزئ ولو في بعض الوقت. بغض النظر عن الإثبات. كما في موارد أخرى. اتفاقا يقبل السيد الخوئي ان ادلة الاضطرار تشمل الاضطرار المستوعب ولو يقول أن الصلاة لا تسقط بحال وينضم اليه. ضم هذه القاعدة في الصلاة مع تنجيز الباقي بالتالي الأدلة في باب الصلاة دالة على ان الصلاة ذات مراتب واتفاقا هذه القاعدة إنما تدل على الإجزاء او التبعيض بعد ثبوب الأدلة الإجمالية في كل عبادة انها ذات مراتب فالمرتبة العليا تنجيزها غير مفروض ولو بسب عجزه في بعض الوقت او جهله بارتفاع العجز او يأسه. مثلا أن الصوم ثبت أنه ليس ذات مراتب حتى بالأدلة الخاصة. من أفطر ولو للاضطرار يسوغ له تكليفا لكنه لا يصح وضعا. بخلاف الحج والموارد الأخرى هذا بحث اخر ان الإجزاء في ادلة الاضطرار او الحرج او القواعد الخمسة انما يتقرر الإجزاء بعد فرض وجود الأدلة الاجمالية على مراتبية المركب فليس الدلالة على الإجزاء بدلالة الأدلة العامة او الخاصة بل على ثبوت كون ذلك المركب مثل الصلاة او الطواف او أي عبادة من العبادات كون الأدلة إجمالا تدل على انها ذات مراتب وهذا يكفي في أن المرتبة العليا غير منجزة وتتنجز المرتبة دون العليا ودون الكاملة بالتالي هنا يتقرر ان الاضطرار واقعي.
عمدة اشكال السيد الخوئي هي أنه إما موضوع الاضطرار غير موجود او محمولها رافع غير مثبت ونحن نقول هو رافع لتنجيز الطهارة المائية وتنجيزه لما بقي واقعي مع وجود الأدلة الاجمالية على ان الصلاة ذات مراتب. يقبل السيد الخوئي ان الاضطرار الواقعي اذا ثبت فهو مجزئ كما سيأتي البحث عنه. الى الان ما دخلنا في أنه لماذا الاضطرار واقعي سواء في بعض الوقت او كل الوقت؟ في البداية بيان ان الاضطرار في بعض الوقت هل هو اضطرار واقعي بحسب الأدلة العامة للاضطرار كلامنا في هذا المقدار والإجزاء سيأتي. الصحيح ما هو عليه المشهور انه مع اليأس والجهل المركب ان الاضطرار واقعي. يأتي الحديث عن كيفية إجزاء الاضطرار الواقعي. إذاً الاشكالان غير واردان. الحديث عن هذا مفصل في بحث البرائة. اجمالا البحث طويل الذيل في الحقيقة. هذا المقدار انتهينا.
الان حررنا الخطوة الأولى في البحث إجزاء المأمور به اضطرارا سواء بعض الوقت او كل الوقت عن المأمور به اختيارا والقسم الثاني سيأتي إجزاء المأمور به الظاهري عن الواقعي. الان كلامنا في القسم الأول في القسم الأول البحث الذي بحثنا الذي عنه كان في الموضوع لماذا يجزئ الاضطرار الواقعي. إذاً موارد الاضطرار الواقعي سواء لبعض الوقت او كل الوقت البدار يكون جائزا واقعيا وليس ظاهريا. لأن موضوع الاضطرار موجود. في موارد الاضطرار الواقعي سواء في بعض الوقت او كل الوقت سواء بالأدلة العامة او الأدلة الخاصة ما الدليل على ان المضطر به الواقعي الناقص يجزئ عن المأمور به الاختياري الكامل. الكلام في هذا. الى الان حررنا موضوع البحث. ان الاضطرار واقعي او لا. أصل البحث في ان الاضطرار الواقعي مجزئ او لا؟ لما ندخل في أصل البحث في القسم الاول وكنا في تصوير اصل فرض البحث وموضوع البحث.
اذا ما الدليل على الاضطرار الواقعي في بعض الوقت او كل الوقت مجزئ. المرحوم الاخوند يذكر اربع صور ثبوتا واربع صور اثباتا ولو ان السيد الخوئي في الأربع صور اثباتا خصصها بالاضطرار المستوعب وكلام الاخوند اعم والصحيح انه اعم. فعندنا اربع صور ثبوتية واربع صور اثباتية للاضطرار الواقعي والبدار الواقعي. سواء في بعض الوقت او كل الوقت.
الصورة الأولى أن يكون الاضطرار الواقعي في بعض الوقت او كل الوقت يوفي بكل الملاك. الإجزاء فيه واضح ولا حاجة في إعادة المأمور به اختيارا سواء في داخل الوقت او خارج الوقت. والصورة الثانية انه لا يوفي لكل الملاك لكن يمتنع استيفاء بقية الملاك. وواضح فيه الإجزاء والصورة الثالثة لا يوفي كل الملاك ولا يمتنع المجيء ببقية الملاك لكن البقية مستحبة والإجزاء فيه واضح والبدار واقعي والصورة الرابعة انه لايوفي بكل الملاك لكن الباقي من الملاك ملزم الاتيان به والرابع ملزم الاتيان والإعادة. السيد الخوئي وجماعة قالوا ان الصورة الرابعة محال. يعني إذا كان الاضطرار واقعيا يعني ان الشارع واقعا يأمر به وكيف يأمر الشارع بين الأقل والأكثر. الأمر بالاقل والاكثر محال إما يأمر بالاقل فلا يأمر بالاكثر او يأمر بالاكثر ولا يأمر بالأقل. لأنه أتى بالاضطراري سواء في بعض الوقت او كل الوقت وملزم ان يأتي بالاختياري فلم تلزمه بالاضطراري والتخيير لا معنى له. لماذا يخير بين الاختياري وبين معيته والاضطراري. الصورة الرابعة مؤداها ثبوتا أن الاضطرار في بعض الوقت اوكل الوقت يوفي لبعض الملاك والبعض الباقي ممكن الاستيفاء وملزم فلازم ان يعيد الصلاة المائية فما الفائدة في الامر بالصلاة الترابية؟ فقال السيد الخوئي ان التخيير مستحيل لذلك هذه الصورة الرابعة مستحيلة لكن الجواب أنه ليس مستحيلا بل من باب خيارات الواقع ان الناقص بضميمة الاختياري يوفي الملاك طبعا أن المأمور به الاختياري عمدة ملاكه أتى به بالاضطراري وبقيت باقية ملزمة يعيدها في الاضطراري هذا الاختياري الذي يأتي به بعد الاضطراري لا يوفي كل المصلحة انما يوفي بقية المصلحة الملزمة. هذه مؤاخذة على تقرير السيد الخوئي واشكاله. المفروض الاختياري تارة يأتي به بمفرده ويوفي كل الملاك وتارة يأتي بالاختياري بعد الاضطراري انما يوفي بالبقية وإلا الملاك عمدة الملاك اتي به بتوسط الاضطراري ففرق بين الاختياري الذي هو عقب الاضطراري والاختياري الذي اتي به بمفرده. الاختياري الذي يأتي به عقب الاضطراري يوفي ببعض الملاك وبينهما فرق وليس أقل وأكثر بل من حيث الملاك كأنما تباين. فإذًا لا غبار في إمكانية الصورة الرابعة لاسيما ان الاضطراري قد يوفي به فضيلة الوقت وإنما يأمر به الشارع لأجل فضيلة الوقت ولو فضيلة الوقت المستحبة لكنه مستحبة شديدة او عند القدماء مستحبة الزامية لكنها ليست كبيرة عند المشهور وهو الصحيح أن تأخير الصلاة من دون مانع ومن دون اشتغال بشيء لغرض عقلائي معصية مغفورة وموجود الأدلة عليه. نوع من الاستخفاف بالصلاة وسيئة مغفورة. الصلاة في اول وقتها رضوان وفي آخر الوقت غفران يعني سيئة مغفورة. تأخير الصلاة لها تداعيات عن وقت الفضيلة بلا أي سبب وغرض عقلائي ولو سبب غير الزامي. هذه معصية ومغفورة مع المجيء بالصلاة. المقصود ان الاضطرار مع الاختياري يختلف عن الاختياري مؤخرا. فاذا هذه الصورة الرابعة ممكنة وليست مسحيلة كما ادعى السيد الخوئي بل الحق مع الاخوند.
ماذا عن الصور الاثباتية؟ طبعا هذا التنقيح الذي ذكره الاخوند في الصور الاثباتية و الثبوتية تمهيد لبحث الإجزاء الواقعي سواء في بعض الوقت او كل الوقت. أما الصور الاثباتية وسيأتي بعد ذلك تنقيح الحال في أصل البحث انه مجزئ او غير مجزئ. الصور الاثباتية أنه تارة دليل الامر بالمركب والمجموع كعنوان الصلاة مطلق ودليل الأمر بالخاص يعني الجزء والشرط باعتبار انه يقيد الامر بالصلاة. دليل الأجزاء والشرائط أدلة مقيدة ومخصصة لعموم الامر بعنوان الصلاة. فاذا عندنا أمر عام وامر خاص وكلاهما فيهما اطلاق. هذه هي الصورة الأولى.
هذا التنقيح في الصور الاثباتية واعتنى بها الفقهاء في كل باب لتحرير الإجزاء. الصورة الثانية الإثباتية أن يكون الأمر بالعام مطلقا ولكن الامر بالخاص لا اطلاق فيه. يعني الامر بالجزء او الشرط الذي عجز عنه. الطهارة المائية لا اطلاق فيه. والصورة الثالثة العكس الدليل بالجزء والشرط فيه الاطلاق ودليل الصلاة والعام لا اطلاق فيه. والصورة الرابعة عكس الأولى ان كليهما لا اطلاق فيهما. ما هو حكم هذه الأربعة؟
وصلى الله على سيدنا محمد آله الطاهرين