44/05/17
الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث الأوامر/ الإجزاء
قواعد الرفع والتبعيض في المركب
كان الكلام في ما ذكره السيد الخوئي وهو مبنى المعاصرين أن أدلة الرفع والأدلة العامة للاضطرار لا تشمل الاضطرار في بعض الوقت إلا بدليل خاص وقرينة خاصة وإلا الأدلة العامة بل حتى الأدلة الخاصة (ان لم تجدوا ماء فتيمموا) لاتشمل الاضطرار في بعض الوقت لأنه لا تصدق عنوان (لم تجدوا) لأن المأمور به هو ما بين الحدين ما بين الزوال والغروب، هذا من جهة الموضوع وكهذا الاشكال في الأدلة العامة وأيضا الأدلة العامة رافعة وليست مثبتة. مثلا الوقوف بموقف العامة يوم التاسع عندهم غاية دلالة أدلة الاضطرار أنها رافعة لوجوب الوقوف يوم التاسع الحقيقي أما أنها تثبت وجوب الوقوف التاسع عندهم او الناقص يحتاج الى دليل ولا دليل في البين فهي رافعة وليست مثبتة كما اشكل على ذلك في الأقل والأكثر الارتباطي أن البرائة الشرعية فضلا عن العقلية رافعة ترفع وجوب المجموع من الأكثر وليست تثبت وجوب الأقل بحده.
طبعا نحتاج الى ضميمة في البين ليتم هذا الاشكال أن أدلة الرفع او البرائة ليست دالة على الرفع الضمني ورفع الأبعاض يعني ليست هي كالمقاص. إن كان هي كالمقاص وترفع الأبعاض لكان بقاء وجوب الباقي لأدلة وجوبه الأولية. لو كان هي تبعض لتم الاستدلال ولا نحتاج أن نلتزم بأنها مثبتة. هي رافعة والإثبات يأتي من الأدلة الأولية. بعبارة أخرى ضميمة الأدلة الأولية مع البرائت او الأدلة الثانوية يتعين الأقل الناقص لو بني على أن البرائة تجري في الأبعاض كما ادعى الشيخ الانصاري خلافا للنائيني ومتأخري الشيخ . الشيخ يصور أن الزائد المشكوك الأكثر هو ما لا يعلمون لا الأقل. موضوع ما لا يعلمون خصوص البعض المشكوك. المتاخر عن الشيخ ما قبلوا هذا التقريب من الشيخ . إشكال السيد الخوئي الذي هو اشكال النائيني في الأصل أن حديث الرفع سواء في البرائة او القواعد الفقهية الثانوية الخمس وليست هي أصول عملية كالبرائة (النسيان والاضطرار والخطأ والاكراه) الشيخ الانصاري وربما الوحيد البهبهاني بنوا على أن حديث الرفع يجري في البعض الضمني كمن نسي الجزء العاشر او اضطر ترك الجزء العاشر وعدم علم الجزء العاشر لا كل المركب فبهذا التقريب قاعدة الرفع تجري في الأبعاض بحيث يكون موضوع العناوين الستة خصوص البعض وليس مجموع الأكثر فيتم أن حديث الرفع يرفع البعض والباقي دليل وجوبه هو الأدلة الأولية (اقم الصلاة لدلوك الشمس ولا صلاة الا بطهور). إذاً إشكال السيد الخوئي ينتفي لو بني على هذا المبنى. لا ضير في هذا التقريب أن حديث الرفع ليس مثبتا سواء في البرائة او القواعد الخمس انما هو رافع بضميمة الأدلة الأولية المثبتة. هذا تقريب الشيخ الانصاري فلو بني على هذا المبنى فحديث الرفع رافع لخصوص البعض الأكثر. هذا البعض ما لا يعلمون او منسي او أكره على تركه فتنحل المشكلة.
النائيني لا يقبل هذا التقريب ويقول ان الابعاض ارتباطية ولما تكون ارتباطية ما يمكن التبعيض في اجراء حديث الرفع. فلا يكون موضوع العناوين الستة خصوص البعض الزائد لأن البعض لا حكم له في نفسه والحكم للمجموع لان طبيعة الوجوب ارتباطي وليس استقلاليا او انحلاليا او استغراقيا. فيرفع الكل لا خصوص البعض. هذا الاشكال تام او لا بحثه مفصل في البرائة والبرائة ذريعة للبحث عن العناوين الثانوية وهو بحث حساس وخطير في الأبواب الفقهية. اشكال النائيني ليس تاما لكنا لسنا في صدده. لكن بناء على أن حديث الرفع لا يجري في الأبعاض فحينئذ يجري اشكال أن حديث الرفع رافعا وليست مثبتا. إذًا هذا الاشكال يتأتى بناء على ان حديث الرفع لا يبعض وموضوعه ليس الأبعاض بل مجموع الكل.
هذه القواعد السّتّ لها ادلة أخرى بالسن أخرى وأسماء أخرى. قد يخفى حتى على الاكابر ولها طوائف من الروايات والايات وكل طائفة لها اسم. قاعدة لا ضرر ولا ضرار كثير من الاعلام بنوا على انها غير «رفع ما اضطروا» والحال انها نفس حديث الرفع. منشأ الاشتباه هو أن الفقيه «لولا نفر لتفقهوا» يعني ليتفهموا وفوق كل ذي فهم فهم وعلم البلاغة أهم الأبواب فيه علم المعاني لا نظير له. تستخرج المعاني من بطن المعاني بضوابط لغوية وهذا من علوم اللغة ومبحث الالفاظ في الأصول هو في الأصل علم المعاني إنما مساحات لم ينجزها علماء البلاغة في علم المعاني انجزها علماء الأصول. وربما مسائل اقحم من الحجج في الالفاظ والا مباحث الالفاظ التصورية هي تعميق لعلم البلاغة وعلم المعاني وعلم البيان والأخطر هو علم المعاني الذي يتكلم عن هندسة المعاني كالاسناد والمسند اليه والمسند والاخبار والانشاء والحصر وغيره. علم المعاني متخصص في المعاني والشبكة العنكبوتية للمعاني وارتباط المعاني.
رحمة الله على السيد عبد الحسين شرف الدين يقول في آية المودة معنى خطير لم يلتفت اليه علماء الفريقين والتفت اليه الزمخشري مع انه ليس إثنى عشري وكان معتزليا حنفيا لكن كان محبا لأهل البيت علیهمالسلام. وذكر في آيت المودة معنى خطيرا بتوسط علم المعاني اخطر ما يمكن ان يفهم بحسب قدرت البشر. لهم مقام عجيب في الولاية ومعنى حساس. فعلم المعاني مهم.
نرجع الي المطلب إذاً الرفع إذا بني على انه يتبعض ويجري في الابعاض كما ان عليه مدرسة الوحيد البهبهاني الى الشيخ الانصاري فلا اشكال. ربما استشكل عليه الاخوند والنائني حتى وصل الى السيد الخوئي ان حديث الرفع لا يبعض ويجري في الكل لأنها ارتباطية. لماذا حصلت الغفلة عن القواعد الست واسماءها الأخرى؟ لا ضرر ولا ضرار وما اضطروا الفاظ مختلفة وان كان مادة واحد. كثير من القواعد اشتبه. بعض القواعد الست ربما لها خمسة أسماء والكثير قد يشتبه انها قواعد متعددة. القواعد الست ليست واحدة كل من القواعد الست لها أسماء وادلة مختلفة وهي قواعد جدا مهمة ومحل الابتلاء في كل الأبواب.
هذا الاشكال من السيد الخوئي والنائيني والاخوند غير تام ونوضح في محله في البرائة في الأقل والأكثر وبالدقة البحث عن عموم البرائة سواء في البرائة البدوية او الأقل والأكثر بحث في العناوين الثانوية ومنظومة الاحكام الثانوية وعلاقتها بالاحكام الأولية مبحث معقد وصعب وهناك سنبين ان شاء الله ان الاشكال من النائيني غير تام. فبناء على هذا المبنى لا نحتاج ان نقرب ان حديث الرفع مثبتا بل يكون ضميمة مع الأدلة الاجتهادية ويمكن كما في باب العام والخاص اذا احرزنا ان هذا الفرد مصداق العام واذا شككنا ان هذا الفرد مصداق للخاص او لا فالتمسك بالعموم في الشبهةا لمصداقية للمخصص. فيستعان بالاصل العملي استصحاب عدم عنوان الخاص فالنتيجة التمسك بالعام بضميمة تنقيح الأصل العملي مع ان الأصل العملي ليس رتبته رتبة الدليل الاجتهادي. هذا ليس معناه ان الأصل العملي رتبته كرتبة الدليل الاجتهادي بل ذكروا النكتة هناك فارجعوا.
هنا في القواعد الست عناوين ثانوية كيف ينضم العنوان الثانوي مع الحكم الاولي والجواب نفس الجواب الذي ذكروا في التمسك بالعام مع الشبهة المصداقية للمخصص كيف يستعينون بالاصل العملي. المقصود ان حديث الرفع اذا رفع البعض بضميمة الأدلة الأولية تسهل المسألة. ان الأدلة تثبت الأقل او التام وحديث الرفع ترفع الأكثر او الناقص. اما مثل الاخوند في بعض أقواله او الميرزا النائيني او السيد الخوئي ان حديث الرفع لا يرفع البعض بل يرفع المجموع فيأتي الاشكال أن حديث الرفع يرفع مجموع الأكثر ولا يثبت الأقل. فلزوم الأقل في الأقل والاكثر الارتباطي من اين يثبت؟ صحة الأقل من اين؟ السيد الخوئي لازم ان يحل هذه المسألة لانهم لا يقبلون التبعيض فكيف حلوا هذا الاشكال وقالوا بحل آخر غير الحل الاخر الذي نقلناه عن مدرسة الوحيد البهبهاني.
حلوا المسألة بعلاج آخر: يسمى التوسط في التنجيز وهذا لا يعتمد على التبعيض في الرفع. التوسط في التنجيز في الحقيقة تبعيض في التنجيز وليس تبعيضا في المرفوع فالميرزا النائيني والسيد الخوئي في الأقل والأكثر الارتباطي سواء كان برائة او النسيان او غيره يتمسكون بالتبعيض في التنجيز لا التبعيض في الرفع والمرفوع. يقول ان الأقل منجز علينا على اي حال إما في ضمن الأكثر او هو بحده أما البعض الزائد غير منجز. فحديث الرفع يقوم بالتبعيض في التنجيز ويقول الميرزا النائني بالتوسط في التنجيز يعني ان هذا الأقل منجز على أي حال ومن طرف الأكثر قد لا ينجز لكن من طرف العلم الإجمالي منجز. الأقل إما لازم بحده او في ضمن الأكثر فعندنا علم اجمالي في التنجيز. هذا الأقل في ضمن الأكثر غير منجز علينا. هذا الأقل بنحو أعم منجز. التوسط في التنجيز. هلا الأقل في ضمن الأكثر ليس منجزا أما بنحو أعم فمنجز. للعلم الإجمالي بالأقل إما في ضمن الأكثر او بحده. فالعلم الإجمالي بالاقل مبهم وليس منجزا على تقدير الأكثر لان الأكثر تجري فيه البرائة. ولا تعارض بين البرائة في الأكثر والبرائة في الأقل لأن الأقل بحده لا محالة ملزم به ولا تجري البرائة فيه. فتجري البرائة في الأكثر. هذا الأقل إذا كان بلحاظ تفصيل الأكثر غير منجز لكن بنحو العلم الإجمالي مننجز. فهذا الأقل متوسط في التنجيز يعني تنجيزه وسط وليس كاملا. الوسطية والتوسط في التننجيز. انا أطرح المدعى ولا نبسط دليل المدعى. يقولون ان الأقل توسط في التنجيز هذا التوسط في التنجيز نوع من التبعض في التنجيز يعني ان الزائد غير منجز بل الأقل فقط منجز. وانا مطالب ان آتي بالصحيح بحسب المنجز لا الصحيح بحسب الواقع لان الواقع ليس منجزا علي. والمنجز علي هو الأقل المبهم لا الأقل في ضمن الاكثر. هذا خلاصة الحل ولا بد من الدخول في شيء من دليله. هذا العلاج يتأتى في شمول ادلة الاضطرار في ابعاض الاضطرار.