44/05/13
الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث الأوامر/ الإجزاء
العناوين الثانوية والاضطرار في بعض الوقت
وصل بنا الكلام الى أنه كيف نستفيد من الأدلة العامة للاضطرار مشروعية الاضطرار الناقص او الاضطرار في المأمور به وبالتالي يكون ناقصا. مر أن اشكال السيد الخوئي ان موضوع الأدلة العامة غير متحقق لأن المأمور به من الطبيعة لا يصدق عليها العجز إنما العجز حاصل في حصة منها وليس حاصلا في الطبيعة المأمور به سواء في الأدلة العامة او الخاصة إلا أن تكون قرينة خاصة في الأدلة الخاصة على أن الموضوع مجرد العجز عن حصة من الطبيعة وإلا المأمور به الذي يكون بين الحدين مثلا بين الزوال والغروب لا يحصل فيه العجز لأن الطبيعة مقدور عليها مع التمكن من الحصة الثانية. لذلك الاختلاف من الاعلام انما هو في البعض الأول من العجز والا البعض الأخير يصدق العجز. كلامهم والاختلاف في ان الاضطرار واقعي او لا، فيما إذا حصل الاضطرار لا في بعض الأخير سيما إذا لم يحصل العجز باختياره. لا كلام في تحقق الموضوع فيه. الكلام في تحقق الموضوع سواء من الأدلة العامة او الأدلة الخاصة في البعض غير الأخير. هذه نقطة
نقطة ثانية بغض النظر عن إشكالية تحقق الموضوع إشكالية أن الأدلة العامة رافعة. ما جعل عليكم من الدين من حرج ليس مثبتا للامر بالناقص اضطرارا. مثلا اذا أراد باحث في الفقه ان يثبت إجزاء الموقف مع العامة يوم عرفة بادلة الاضطرار او لا ضرر او شيء آخر يشكل عليه أن أدلة الاضطرار رافعة وليست مثبتة. هذان الاشكالان في البين ذكرهما السيد الخوئي. الاشكال الأول أعم من الأدلة العامة والخاصة والاشكال الثاني خاص للادلة العامة.
هذا الاشكال الثاني في المحمول وليس في الموضوع لأن أدلة الرفع محمولها نافي وليست مثبتة. ويتصور الاشكال في المحمول بعد الفراغ عن وجود الموضوع.
هذا الاشكال في المحمول في أدلة الرفع أشكل بنظيره وعين الاشكال على البرائة في الأكثر المشكوك. للبرائة موردان مورد الشك البدوي ليس مقرونا بالعلم الإجمالي الصغير وتارة البرائة تجري مع وجود العلم الإجمالي في الأقل والأكثر لذلك الاصوليون قسموا بحث منجزية العلم الإجمالي الى قسمين قسم الدوران بين المتباينين وقسم الدوران بين الأقل والأكثر الارتباطيين والاستقلاليان يعود الى الشبهة البدوية.
في الاقل والأكثر الارتباطيين المعروف ان الأصوليين يجرون البرائة عن المشكوك والأكثر سيما العبادات. الجزء المشكوك او الشرط المشكوك سواء بالبرائة العقلية او الشرعية هناك أشكل أن البرائة رافعة وليست مثبتة. ترفع الامر بمجموع الأكثر ولا تثبت ان الامر تعلق بالاقل فمن ثم من اين نحرز الصحة والفراغ؟ لان عندنا علما اجماليا اما الأقل او الأكثر والاشتغال اليقيني يقتضي البرائة اليقينية فيلزم عدم فراغ الذمة. البرائة ليس كالمقاص يعني لا تبعض وترفع وتثبت. ان كان كالمقاص فكان ترفع شيئا وتثبت شيئا بل البرائة فقط رافعة. يعني الأمر بمجموع الأكثر ترفعه لكن لا تثبت الامر بالاقل. لأن البرائة عن مجموع الأكثر يعارضه الأمر بالأقل بحده فيصير متباينين في الأقل والأكثر الارتباطين. أما نحن مأمورين بوجوب الأقل لا بشرط ووجوب الأقل بشرط وهما متباينان. فالبرائة ليست تبعض.
نفس الاشكال هنا في الاضطرار لأن الاضطرار اقل واكثر. الاضطرار أقل يعني المأمور به الناقص والمأمور به الاختياري هو الأكثر هنا أيضا الدوران بين الأقل والأكثر لأجل الاضطرار كما ان هناك الدوران بين الأقل والأكثر لكن من اجل الشك. من ثم المرحوم الاخوند لم يذهب الى البرائة العقلية في الأكثر المشكوك. لماذا يفصل بين البرائة العقلية والشرعية وكيف تدفع هذا الاشكال؟
هذا الاشكال اجيب بجوابين: الجواب الاسهل من الاخر والثاني نوكله الى محله في البرائة. هناك قالوا البرائة الشرعية لا سيما، ليست مفادها كالمقاص الذي يبعض وهذا صحيح ان البرائة ليس مفادها التبعيض يعني لا تتصرف الحكم الفعلي والانشائي بل البرائة لرفع المؤاخذة في مرحلة التنجيز. البرائة تبعض في التنجيز وليس تبعض الحكم. الواجب لا تتصرف فيه البرائة وليس كالدليل المخصص الاجتهادي. وهي رافعة وليست مثبتة وهذه كلها صحيح. لكن في التنجيز تبعض وهي مرحلة عقلية. الأقل منجز إما بحده لا بشرط او بشرط شي. في الأقل علم تنجيزه والأكثر مشكوك التنجيز من ثم البرائة تجري في المشكوك التنجيز. فيكون الأقل هو المنجز فالمكلف انما هو مؤاخذ بالاقل التبعيض في المؤاخذة. العلم الإجمالي لا يؤمن تنجيز الأكثر في المشكوك والمكلف مؤاخذ بما نجز عليه. تقول من اين نحرز الصحة؟ المكلف ليس مأمورا بالصحة الواقعية بل المأمور بأداء الصحة المنجزة عليه. لسنا نحن مطالبون بالصحة الواقعية بل الصحة الظاهرية. الصحة الظاهرية المنجزة علينا هي الأقل والاقل بحده نأتي به اما الأكثر لم تنجز صحته علينا. إذاً في مقام التنجيز او الامتثال بمقدار المنجز منجز والزائد تجري البرائة فيه. هذا يعبر عنه الميرزا النائيني بالتوسط في التنجيز يعني أن الأقل في ضمن الأكثر ليس منجزا والاقل بالمعنى الاعم منجز. فالأقل ليس منجزا بقول مطلق. ليس لا منجز ولا هو منجز بقول مطلق وإلا لو كان منجزا بقول مطلق يكون منجزا للأكثر. عبر عنه الميرزا النائيني الوسطية في التنجيز والتعبير جيد. إذا اتضح صورة هذا المطلب لسنا في ادلة الرفع وادلة النفي محتاجين الي كونها مثبتة بل يكفي فيها أن تبعض التنجيز وليكن لا تبعض الحكم الانشائي والفعلي لكن تبعض التنجيز.
هنا في الاضطرار نقول أيضا أدلة الاضطرار العامة تبعض التنجيز وهذا يكفينا أن المكلف انما مطلوب ويأتي بما هو منجز وما لا ينجز عليه لا يأتي به وهذا كاف ونوع من قاعدة الميسور. سواء بالنسيان او بالاضطرار او الحرج. نفس الكلام الذي ذكر في الامتثال الأقل والاكثر في مورد الشك والجهل بعينه ينسحب في القواعد الفقهية مع ان ذلك في الأصل العملي من انه التبعيض في التنجيز نحن مطالبون بالصحة المنجزة. هذا بالنسبة الى اشكال المحمول. فيه جواب آخر ما اريد ان ادخل فيه وربما يكون معقدا وطويلا. كلامنا في المحمول. من ثم افتتح منها الف باب ان قاعدة الميسور بضوابط قواعد رفع الخمس سليمة وصحيحة ومشي المشهور ليس لما وصل اليهم الدليل يعني تجبر الروايات العامة حيث عملوا بها المشهور. بل النكتة أنهم عملوا بهذه القواعد العامة هذه الروايات المروية من طرق العامة مطابقة مضمونها مع الحديث النبوي المروي في قاعدة الرفع. وسبب عدم الالتزام بعمومية قاعدة الميسور والقواعد الخمس لان لها الضوابط والشرائط الموضوعية والشرائط المحمولية لا أنها شيء مبهم. هذا بالنسبة الى المحمول. أن المنجزية قابلة للتبعيض
اما بالنسبة الى إشكال الموضوع. اعيد كلمات المشهور طبقات المشهور الى الشيخ الانصاري مع الجهل المركب انه عاجز كل الوقت فبادر بالصلاة مع الطهارة الترابية ثم انكشف ان اعتقاده خطأ تجدد القدرة على الماء في آخر الوقت ففي صورة الاعتقاد بالعجز المستوعب مع كونه خلاف الواقع أو مع اليأس، المشهور قالوا ان الاضطرار واقعي والبدار واقعي وليس ظاهريا. ذكرنا ثلاث صور من المشهور الصورة الأولى الاعتقاد الخاطئ او اليأس والصورة الثانية الشك والظن والصورة الثالثة العلم بأنه ليس عاجزا وسيتجدد القدرة وفيها قالوا بعدم صحة الاضطرار الا ان يأتي دليل خاص كما في الحج ان الشارع تسهيلا على المكلفين يكتفي بالعجز في بعض الوقت. المهم ما الوجه في قول المشهور في الصورة الأولى والصورة الثانية مختلفون فيها انه اضطرار واقعي او ظاهري. فثلاث صور في الاضطرار في بعض الوقت. كما مر بنا . لم قسم المشهور الى ثلاث صور؟ في القسم الأول قالوا ان الموضوع موجود والمحمول أيضا موجود ما الدليل لهم على ذلك؟ دليل المشهور على ذلك نحتاج الى مقدمتين. الان المكلف في فترة العجز في اول الوقت هل هو مأمور بالصلاة ام لا؟ بغض النظر عن الامر بالصلاة الكاملة الاختيارية او غيرها. المكلف في ظرف العجز على مبنى السيد الخوئي بالصلاة الاختيارية وان كان في الحصة الأولى عاجز. في علم الله ستجدد له القدرة وهو مأمور بأمر اختياري. في ظرف العجز في ذمته امر او لا؟ بالنسبة الى السيد الخوئي عنده امر واقعي ولو بالنسبة الى المأمور الكامل. اذا الامر موجود بالكل لا بالبعض.
دعونا أوضح لكم نقطة مهمة. اذا اتضحت اتضحت قوة كلام المشهور. مشهور الأصوليين الى زمن الشيخ الانصاري حتى الاخوند اجمالا. ان النائيني في بداية حياته العلمية كان مشهوريا ونهاية حياته العلمية خالف بعض المباني المشهورة وتبعه على ذلك كثير من تلاذته لا كلهم. يعني السيد هادي الميلاني والسيد الخوئي تابعاه والسيد شاهرودي الكبير لم يتابعه وهو الصحيح. في بعض المباني الخطيرة في الاصول خالف المشهور. ربما عشرة ضوابط خالف فيها النائيني مشهور الأصوليين والسيد الخوئي مشيه أكثرا مع النائيني وتأثر على عشرات الفتاوى في الأبواب الفقهية. هذه الضوابط اهم من مبحثنا. لم خالف النائيني فيها المشهور؟ المشهور قالوا في القواعد الخمس والعناوين الثانوية طرا العنوان الثانوي لا يرفع الحكم الأولي ولا فعلية الحكم الاولي. لا يرفع الحكم الانشائي ولا يرفع الحكم الفعلي ولا يتصرف فيه. فقط يتصرف في التنجيز. النائيني رحمهالله جعل العناوين الثانوية والقواعد الخمس كالدليل المخصص تتصرف في الحكم الانشائي فضلا عن الفعلي. السيد هادي الميلاني والسيد النائيني مشيا على المبنى الثاني للنائيني ومشوا عليه تماما. هذا مطلب جدا خطير نفس هذه الضابطة سأكملها يوم الاحد. التتمة ان شاء الله في الجلسة القادمة.