44/05/05
الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث الأوامر/ الإجزاء
القسم الثاني من إجزاء الاضطراري
المحصل من إشكالات السيد الخوئي رحمهالله أنها غير واردة لأنه سواء افترضنا أن الامر تقية او ندبي أو أوامر أخرى حسب ما احتمله السيد، هذه الأوامر لا تنفي الأمر الآخر بذات الفريضة وموجود لدينا أن الصلاة في المسجد الحرام لها أمر خاص يجتمع مع «أقم الصلاة لدلوك الشمس» بلحاظ الهوية الفردية ثواب الصلاة في المسجد الحرام او المسجد النبوي او عند قبر النبي أو الصلاة عند قبر كل إمام بل الصلاة عند قبر امير المؤمنين علیهالسلام تعدل مأتا ألف ركعة من الصلاة وهذا محل اتفاق عند علماء الامامية. المقصود أن هذا الامر الاستحبابي للهوية الفردية للصلاة الفريضة او الصلوات النوافل، حتى في الصلوات النوافل مع ذلك فيه أمر للهوية الفردية لنوافل الظهر او النافلة المبتدأة مع أنها تتعلق بكل لحظة يستحب فيها الصلاة أن الصلاة معراج المؤمن وقربان كل تقي مع ذلك فيه أمر آخر من جهة الهوية الفردية كالصلاة في المسجد أو مرقد المعصوم. فلا تنافي بين الامرين بل ذاك الامر في الحقيقة بالهوية الفردية في طول الأمر بالهوية الصنفية او النوعية او الجنسية. بالتالي هذه الطبقات للأمر غير منفية بل متوقفة، حتى لو قلنا أن الأمر استحبابي بالتالي إعادة لأي صلاة؟ تكرار لنفس الصلاة اليومية التي أمر بها. يقصد بها ظهرا لا أن يقصد بها نافلة. على كل هذه الإشكالات من السيد مسامحة.
بالتالي لو كان الامتثال علة للسقوط فلا يمكن هذه الموارد فلابد أن لا يكون علة بل الاقتضاء بمعنى الكفاية او الإعداد. إذاً انتهينا من هذا البحث إجمالا كما مر. طبعا هذا البحث بغض النظر عن الإجزاء إتيان المأمور به على حده ووجه الأمر يقتضي الإجزاء نفس التحليل الماهوي وهذه البحوث للمركبات العبادية او غير العبادية أثمن من بحث الإجزاء كما مر التنبيه على ذلك.
القسم الثاني من بحث الإجزاء وهو إتيان المأمور به بالامر الاضطراري، هل يجزئ عن الأمر الواقعي ام لا؟ والمأمور به بالأمر الاضطراري الفرض فيه أنه أمر واقعي لكن يمكن أن يتصور بعض صور الأمر الاضطراري أن ليس من القسم الثاني الذي الان دخلنا فيه. قد يكون من القسم الثالث وهو المأمور به بالأمر الظاهري، إذا كان إحراز موضوع الأمر الاضطراري بأمارة ظاهرية كالاستصحاب أو بينة او ما شابه ذلك ثم تبين أن هذه الأمارة مخالفة للواقع. يعني أن موضوع الأمر الاضطراري غير موجود. بالتالي هذا الاضطراري أمر ظاهري وليس أمرا اضطراريا واقعيا ناقصا، فيندرج في القسم الثالث اللاحق بصورة الاضطراري. فإذاً ليس كل امر اضطراري صورة ضروري أن يكون امرا اضطراريا واقعيا. أو ربما إحراز الامر الاضطراري لا موضوعا بل محمولا وحكما بالأدلة الظاهرية الظنية فهو صورة أمر اضطراري لكن أمر ظاهري بلسان الامر الاضطراري. هذه نكتة مهمة أن الأمر الاضطراري قد يفرض فيه حيثية ظاهرية وهذا يوجب أن يندرج في القسم الثالث. اما القسم الثاني البحث في الامر الاضطراري من حيث الاضطرار هل هذا الامر الواقعي يقتضي الإجزاء عن الأمر الواقعي التام أم لا؟
قد يكون الامر الاضطراري تخيليا. يتخيل الانسان بوجود دليل محرز للأمر الاضطراري لموضوعه او محموله ويتضح ان المحرز فيه خلل في شرائطه او لا وجود له. المقصود يجب أن نبني ان ما نرى بحث الاضطرار فلانقول أنه من القسم الثاني فقط. إذاً حيثية البحث في الاضطرار من حيث هو اضطرار يعني اضطرار ناقص كيف يجزئ عن الامر الواقعي التام إذا كان البحث في هذه الحيثية فهو من القسم الثاني أما إذا كان البحث في حيثية ظاهرية من الامر الاضطراري فهو من القسم الثالث. قد يكون البحث عن الامر الاضطرار لكن لا من حيث الاضطرار بل من حيث اثبات موضوعه ظاهرا أو اثبات محموله ظاهرا كما ان البحث في القسم الثالث أيضا هكذا. فيجب ان لا ننخدع او نتسرع ان ما نرى من البحث الظاهري فنقول هو من القسم الثالث والامر الظاهري. ليس بالضرورة البحث في الامر الثالث يندرج في القسم الثالث. لأن ما يبحث في الامر الظاهري من حيث التخيل والاشتباه اشتباه المكلف مجتهدا او مقلدا هذا بحث في التخيل ويكون من القسم الرابع. هذه نكتة مهمة أن مجرد الامر الاضطراري او الظاهري لا يدرج البحث في القسم الثاني والثالث وإن يكون غالبا هكذا. إذاً البحث في القسم الثاني من حيث الاضطرار.
لذلك الفقهاء والاصوليون فرضوا في الامر الاضطراري جواز البدار واقعيا وظاهريا. البدار يعني المبادرة أن تبادر بامتثال الفريضة في أول وقتها مع انك ستؤدي الفريضة بمجموع ناقص فهل يجوز لك البدار او ان تنتظر الى نهاية الوقت. هذا مبحث في القسم الثاني. هل يجوز البدار او ينتظر الى آخر الوقت او ينتظر الى أن ييأس؟ فجواز البدار هل يختص باليأس او يختص بآخر الوقت او لا يقيد باليأس ولا بآخر الوقت؟ ليس في خصوص الصلاة الكلام في عموم الواجبات التي لها مرتبة ناقصة اضطرارية هل يجوز البدار ام لا؟ هذا الجواز متى يكون واقعيا ومتى يكون ظاهريا؟ اذا كان البدار واقعيا فيعني الاضطراري الواقعي واذا البدار ظاهري يعني الامر الاضطراري صورة اضطرار لكن ظاهري.
فعندنا جواز البدار الظاهري وعندنا جواز البدار الواقعي. بعبارة أخرى الامر الاضطراري بالناقص بحسب الادلة الواقعية له قيود معينة. قيود الوجوب التي أرضية لمجيء وتولد وتكوّن أمر الشارع بالاضطراري. مثل الاية الكريمة «فإن لم تجدوا ماء فتيمموا» أخذت الاية في التيمم الذي هو اضطراري عدم وجدان الماء وفرق بين عدم الماء وبين عدم وجدان الماء. قد يكون الماء موجودا لكن لا يمكن لي ان أجده. أخذ عدم الوجدان ولم يأخذ عدم الماء. وأيضا لم يقل إن لم تقدروا ماء وعدم القدرة على الماء. مثلا المريض الماء تحت يده لكن يمرضه استعمال الماء او يشدد في مرضه. فايهما الموضوع؟ هناك قرائن كثيرة أنه ليس الموضوع عدم وجدان الماء بل بالدقة عدم القدرة من استعمال الماء. اذا الموضوع الواقعي لمشروعية التيمم كالامر الاضطراري الواقعي من الأدلة عدم القدرة على استعمال الماء. استنطاق الأدلة من مجموع الأدلة في كل باب والقرائن مهمة. فهذا هو موضوع الطهارة الترابية التي هي طهارة واقعية ناقصة. تارة الانسان يحرز باليقين او بالعلم انه ليس بقادر او ليس بواجد الماء وتارة يشك. من الان الى آخر الوقت قد تتجدد لديه الماء او القدرة فتشك. طبعا في الحج حسب المشهور وهو الصحيح ان الوظيفة تتحدد في الظرف المعاطي للمكلف لا في ما بين الحدين لأعمال الحج ولو متأخروا الاعصار جملة منهم تشددوا فيها. إنه لا يعلق على استيعاب العجز لكل الوقت. هذا ليس صحيحا لنكتة في أعمال الحج. بالنسبة الى الصلاة وغير الحج، المفروض أن عدم الوجدان لكل ما بين الحدين وإذا كان هو شاكا أن هذا الموضوع متحقق بين الزوال والغروب لابد ان يحرز بالاستصحاب فيستصحب بقاء عدم الوجدان او عدم القدرة. الاستصحاب لا يكون الموضوع الواقعي للطهارة الترابية وانما هو محرز. هنا يكون التيمم صورة أمر اضطراري لكنه واقعا أمر ظاهري. جواز البدار في أول الوقت التي احرز بتوسط الاستصحاب يعبرون عنه الجواز الظاهري. أحد الأبحاث التي يبحث في الامر الاضطراري هو جواز البدار هذا الجواز اذا كان ظاهريا فليس البحث فيه من القسم الثاني بل من القسم الثالث. نعم قد يكون البحث في جواز البدار الظاهري أيضا حيثية منها في الاضطراري الواقعي يعني إذا لم يكن البحث في تخلف الظاهري او انكشاف خلافه لكن يبقى البحث ان هذا الناقص يجزئ عن الواقع إذا كان البحث في الاضطرار من حيث الاضطرار يكون من القسم الثاني لذا حيثيات البحث يجب ان يفرق بينها. إذا كان البحث في الاضطرار من حيث الاضطرار ومن حيث هو ناقص فيكون البحث في القسم الثاني. على فرض إصابة الاضطراري فهل يكون مجزئا ام لا؟ فهذا بحث في الاضطرار الواقعي وحيثية الاضطرار ولو في الامر الظاهري. فالعمدة هي أن تشخص ان الحيثية في الامر والمأمور هل هو من جهة الاضطرار فيكون من القسم الثاني أو أن البحث في أن الظاهر لم يصب الواقع فيكون من القسم الثالث. فصورة الامر الظاهري او الاضطراري ليست كل الملاك. قد يكون الامر اضطراريا صورة ولكن البحث فيه ظاهري. وقد يكون الامر الاضطراري ظاهريا لكن حيثية البحث فيه اضطراري. المدار جهة الشك ومنشأ الشك في الإجزاء.
إذا كان البحث في إحراز الامر ووجوده فيكون من القسم الثالث وإذا كان الأمر موجودا ومفروغا عنه والكلام ان الناقص يجزئ عن التام فيكون من القسم الثاني. طبعا هذه المؤاخذات نفس الأكابر يسجلون المؤاخذة على بعضهم البعض. نكات مهمة. إذا كان البحث في الأمر أن حيثية الناقص يجزئ عن التام فيكون من القسم الثاني. كلام في ان الامر واقعي لكنه ناقص أما إذا كان الكلام حتى في الامر الاضطراري هل أنه واقع او لا فيكون البحث ظاهريا ويكون من القسم الثالث. البحث الظاهري في انه أصاب الواقع او لا. الفرق بين القسم الثاني والقسم الثالث هو هذا المطلب. القسم الثاني هو إجزاء الناقص عن التام. الكلام ليس في الاضطرار فقط بل الناقص بحسب النسيان او الناقص بسبب الاكراه او أسباب مختلفة. كل ناقص واقعي بدليل معذر يندرج في القسم الثاني. هذه من باب نموذج بارز والا ليس الكلام في خصوص الاضطرار. البحث اعم من الاضطرار الواقع العذري يجزئ عن التام. اما القسم الثالث إذا كان الامر غير واقعي هل يجزئ عن الواقعي او لا مع انه لم يصب الواقع. فالنكات حساسة يجب ان نلتفت اليها.
فالبدار قد يكون في الاضطراري وقد يكون ظاهريا.