44/05/03
الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث الأوامر/ الإجزاء
الإتيان لا يسقط الحكم الفعلي ويسقط التخيير
كنا في بحث أن إتيان المأمور به على حده أو على وجهه شرعا وعقلا يقتضي الإجزاء. كثير من الفقهاء فسروا «يقتضي الإجزاء» بمعنى الكفاية. إذا كان بمعنى الكفاية فله معنى وإذا كان بمعنى العلة للإجزاء فله معنى آخر. ثم سوال آخر: يقتضي الإجزاء أو يقتضي سقوط الأمر؟ هذا معنى آخر ومحتمل آخر. ثم هل الاتيان يقتضي الإجزاء او الامتثال يقتضي الإجزاء؟ الإتيان شيء والامتثال شيء آخر. هذه كلها محتملات.
عبر الفقهاء عن عنوان المسألة بإتيان المأمور به، فهل الإتيان هو الامتثال أو هو أداء أو إتيان يصلح أن يكون الامتثال؟ وما الفرق بين الإتيان والامتثال؟ مر بنا امتثال الشيء وإتيان الشيء وأداء الشيء وسقوط الموضوع أو انتهاء الأمد أربعة مسقطات، بالتالي الأداء مثل إتيان الأمور التوصلي إذا لم يأت بها بداعي أمرها فهي تسقط وأداء لها وإن لم يكن امتثالا. لكنه أداء والأداء أعم من الامتثال والاتيان أيضا أعم من الامتثال ولو لم يأت بداعي الأمر.
سؤال آخر؛ هل هو امتثال ومثول أو هو يصلح أن يكون امتثالا؟ أي يمكن لعنوان الامتثال أن يصدق عليه أو يصدق على المرة المكررة الأخرى التي يأتي بها بعد. شبيه ما إذا أمر المولى بالمجيء بالماء للشرب وأتيت أنت بكأس، هذا إتيان لكن لك أن تأتي بكأس آخر. ربما تبدل الامتثال بالامتثال ليختار الآمر أيا من الكأسين. مر بنا امس أن الامتثال بعد الامتثال مبحث وتبديل الامتثال مبحث آخر. فالإتيان ينطبق عنوان الامتثال عليه لكن ليس ضروريا عندما يكون الامتثال قابلا لأن ينطبق عليه أن يكون ممتنعا أن ينطبق على غيره. هذه نكتة أخرى في البين. فالإتيان عنوان والأداء عنوان وسقوط الغرض عنوان وانتهاء الأمد والامتثال عنوان. عناوين متعددة ربما هو إتيان وأداء او امتثال بهذا المعنى يعني إتيان يصلح أن ينطبق عليه عنوان الامتثال بمعنى أن عنوان الامتثال ليس ممتنعا أن ينطبق على غيره.
فهنا سؤال آخر: هل ينطبق عليه وعلى غيره بنحو الاستقلال أو بنحو المجموع؟ كما مر بنا من أقوال ثلاثة، كلها قابلة للتصور وبحسب الموارد يمكن أن يقال انها مختلفة الأنماط لا انه بنحو واحد.
فحينئذ المحمول عندما يقولون «يقتضي» يعني «يكفي». يكفي شيء والعلة شيء آخر. يكفي يعني يكتفى لا انه يسد الطريق عن الاتيان او الامتثال او أداء آخر.
ثم الامتثال او الاتيان يقتضي الإجزاء أو يقتضي سقوط الأمر؟ بعبارة أخرى أنه مجزي بنحو العلة الإعدادية لسقوط الامر او هو علة فاعلية؟ كل هذه محل الكلام. سيما إذا لاحظنا أنه حسب البحث العقلي، الأفعال المادية هي علل معدة وليست علل فاعلية، كما اشير اليه في سورة الواقعة «أفرأيتم» يعني الذي تقومون انتم من الأفعال هذه الأفعال معدة وليست من العلل الفاعلة التي منها إفاضة الوجود. «أفرأيتم ما تمنون» «أفرأيتم ما تحرصون» «أفرأيتم النار التي تورون» كل هذه الموارد إذا يدقق فيها فالانسان ليس علة فاعلية فيها بل علة اعدادية، لذلك لم يستطيعوا ان يحرقوا النبي إبراهيم. فبالتالي للإحراق حتى سجار النار والاحراق ليس علة فاعلية بل علة إعدادية. من ثم يقول: «يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم» إذا كانت العلل المادية طرا هكذا فالأعمال التي نأتي بها لا تخرج عن سلسلة العلل المادية والعلل المادية معدة سقوط الامر بهذا الغرض. أي غرض؟ الغرض إذا كان نفس الإعداد فنعم، حصل. لكن في باب المعدات والإعداد قابل للتبديل لا أن الطريق مسدود. في جانب العلل الفاعلية نعم الشيء إذا وجد لا ينقلب عما وجد عليه. هذا فيما اذا كانت العلل فاعلية وإفاضية. هذا هو الفرق بين الفلسفة المادية والفلسفة الإلهية العلل المادية كلها معدات وليست علل فاعلية. ولو أن اهل القرى امنوا واتقوا ... عموما العلل الفاعلية جانب علل اعدادية لها دور لكن دور العلل حتى في حقيقة الاختيار ليس معناها أن خمسين بالمأة من الانسان وخمسين بالمأة من الله. هذا شرك. حتى في أفعال الانسان وانما معناه ان الانسان يعد القابلية ثم الافاضة من الله عزوجل هذا هو معنى الاختيار وليس جبرا. عموما مرحوم الاصفهاني يصر على هذا المطلب وهذا كلام صحيح أن باب الإتيان او الأفعال هي عموما وطرا عبارة عن أفعال معدة للأغراض. الغرض تارة بمعنى إيجاد الغرض وهي ليس موجدا للغرض انما هي معدة ولو افترضنا ان الغرض ليس إيجاد الشيء بل الغرض هو الإعداد فالاعداد قابل للتبديل والتكرار. فالاصل الاولي في الأفعال حسب الطبيعة العقلية ان الامتثال بعد الامتثال متصور او يقال الاتيان بعد الاتيان متصور. هذا قول رابع. الأمس ذكرنا ثلاث اقوال وفيه قول رابع أنه في الاتيان بعد الاتيان أحدهما يكون امتثالا على البدل لا التبديل. شبيه العموم البدلي. فكل هذه التصاوير قابلة للتصور والصحيح هو هذا.
أما دعوى أن الإجزاء علة لسقوط الأمر فإن لم يكن هذا الأداء مسقطا للامر فالامر لا زال باقيا وله باعثية وفاعلية. ليس هكذا. الامر يقتضي الإعداد والإعداد حاصل وفرق بين أن الامر يقتضي الاتيان والأداء ولا يبعث نحو إتيان آخر وبين ان نقول هذا الاتيان مسقط للأمر. لماذا مسقط للأمر؟ الامر بمعنى تشريع الحكم لاجل الغرض هذا لازال على حاله والامر بمعنى الباعثية والتنجيز يسقط ولا يستحق العقوبة. سقوط مرحلة من مراحل الحكم وهو التنجيز مثلا او الباعثية والفاعلية التامة صحيح أما اصل التشريع والجعل لماذا يسقط؟ يكشف الامر ان هناك مصلحة في المجيء بكأس من الماء. يأت بالثاني والثالث ليختار الآمر أي كأس، ما المانع في ذلك؟ ويقال ان الكأس الثاني او الثالث منطلق من نفس الامر الأول لا من تنجيز او فاعليته وانما ينطلق من اصل تشريعه والجعل وكاشف عن وجود غرض في الجعل. الاتيان او الامتثال مسقط للتنجيز هذا صحيح وعلة للتنجيز هذا صحيح.
استلال السيد الخوئي هكذا: وإلا لما كان الاتيان الثاني والثالث والرابع يسقط التنجيز فالأمر دائما يبعث ودائما ينجز. نعم، بالاتيان الأول يسقط التنجيز ولا فاعلية ولا باعثية في البين لكن أصل الفعلية الناقصة الكاشفة عن الغرض باقية. شبيه ما ذكروه في الصبي. القدما كانوا يذهبون الى ان تشريعات الاحكام موجودة الا ان فاعلية الحكم او الفعلية التامة للحكم له نقص. فإذاً الاتيان او الامتثال علة لسقوط التنجيز عقلا صحيح او الفاعلية وان الحكم لا يحرك ويسقط. أما الفعلية الناقصة فهل تنعدم قطعا بالاتيان الأول؟ الحق مع الاصفهاني انه ليس من باب العلة لان افعالنا كلها من قبيل الإعداد. هذا هو الصحيح الذي نعوّل عليه. التنجيز ومرحلة التنجيز والفاعلية التامة وحتى الفاعلية الناقصة افترض تسقط أما الفعلية الناقصة ما المانع في وجوده والامتثال لا يدور مدار التنجيز او الفاعلية التامة او الفعلية التامة. المشهور في الصبي او المجنون او النائم يقولون ان التنجيز والفاعلية ليس موجود فيه لكن الفعلية وأصل الملاك للفعلية الناقصة موجود وهذا يصوغ المشروعية . الامتثال بعد الامتثال او تبديل الامتثال او تكرار الامتثال او الامتثال بالمجموع او الامتثال بأي منهما نحن وراء المشروعية ولسنا وراء الإلزام، الإلزام ليس موجودا. فالصحيح المتقن أن الأصل الأولي في إتيان المأمور به يقتضي يعني يكفي لذلك عبروا عنه بالكفاية ولم يعبروا عنه بالعلة. يقتضي اسمه فيه يعني يكفي. فالصحيح إذاً الأصل الاولي في تبديل او تكرار الاتيان شيء مشروع إلا إذا دل دليل خاص واقرائن الخاصة في مورد معين أن الامر هذا او المورد لا يصوغ أو لا يقبل التكرار او ان التكرار فيه محذور.
استدل من استدل بجواز الامتثال بعد الامتثال او تبديل الامتثال. نظريات اربع في الحقيقة وليست نظرية واحدة استدل بما ورد في صلاة الجماعة او الصلوات اليومية أبواب صلاة الجماعة جواز إعادة الصلاة. الباب السادس والباب الرابع والخمسين أيضا بما ورد في ابواب صلاة الايات الباب الثامن باب استحباب صلاة الخسوف او الكسوف، إن فرغ قبل الانجلاء وعدم وجوب الإعادة.
صحيحة معاوية بن عمار الأولى قال: قال أبو عبد الله عليه السلام صلاة الكسوف إذا فرغت قبل ان ينجلي فأعد.
مستحب إما مستحب ان يطيل صلاة الكسوف بطريق مطول أو يكرر صلاة الايات.
الرواية الثانية موثقة عمار عن ابي عبدالله: إن صليت الكسوف الى ان يذهب الكسوف عن الشمس والقمر وتطول في صلاتك «هذا خيار آخر إما يكرر الصلاة او يطيل الصلاة، فاذا عندنا تكرار في صلاة الكسوف.
وصلاة الجماعة الباب السادس الرواية صحيحة عمر بن يزيد قال أبو عبد الله ما منكم احد يصلي صلاة فريضة في وقتها ثم يصلي معهم صلاة تقية وهو متوضئ «لأنه في روايات حرمة الصلاة حتى معهم إذا أراد أن ينوي الصلاة أن يصلّي معهم من دون الوضوء. أ لا تخشى ان يخسف بك الأرض. يعني الحرمة» إلا كتب الله له بها خمسا وعشرين درجة.
مورد الرواية يعيد الصلاة بصلاة فرادى وإنما هي صلاة جماعة متابعة صورية وليست صلاة جماعة وهذا مما يدل على ان صلاة الفريضة يستحب تكرارها فرادى لأن هذه الصلاة فرادى نعم هذه صلاة فرادى بقوة الجماعة حسب فتوى متسالم عليه عند الأعلام أن الصلاة معهم صلاة متابعة. الصلاة مع كل إمام لا تتوفر فيه شرائط الامام الجماعة ليس فقط الخلل من جهة الايمان بل يمكن ان يكون من لحنه في الكلام. فيصلي الانسان صلاة المتابعة فتوى القدماء وهو الصحيح إن صلاة الجماعة متابعة وهي جماعة صورية وليست جماعة حقيقة يعني لا تترتب عليه احكام الصلاة الجماعة من حيث الحكم الوضعي مثل زيادة الركوع او السجود. وليس هذا الحكم في الصلاة الجماعة الصورية لكن هذه الجماعة الصورية التي هي متابعة تثار عليها ثواب الجماعة حتى مع المؤمن إن لم يكن واجدا للشرائط. ويثوب في صلاة الجماعة الصورية متابعة سواء مع المخالف او مع الموافق غير واجد للشرائط ويسوغ القرائة إخفاتا في المغرب والعشاء مع ان القرائة جهرا واجبة لكن بمانعية الجو ولو الجو المؤمن لا يريد انه لا يقتدي به فيسوغ له القرائة اخفاتا حتى صلاة الصبح. هذا من الموارد التي يسوغ فيها القرائة اخفاتا في الصلوات الجهرية وتجزئ مع انه فرادي. هنا واضح أن الذي صلى فرادى يعيدها معهم فرادى. لم أذكر أن أحد الاعلام يقول إن الأدلة الواردة موجودة في إعادة الصلاة الفرادى فرادى لكن هذه الفرادى في بيئة الجماعة الصورية المتابعة. الروايات في الباب كثيرة.
ما من عبد يصلي في الوقت فيفرغ ثم يصلي معهم وهو على وضوء الا كتب الله ... هذه رواية أخرى صحيحة عبدالله بن سنان وروايات كثيرة في الباب قريب من تسعة روايات واكثر في الأبواب الأخرى فهذه أيضا غير صلاة الايات في الصلاة التقية.
الان سنذكر إشكالات السيد الخوئي على دلالة هذه الروايات. الباب الآخر الباب الرابع والخمسون عنونه صاحب الوسائل باب استحباب إعادة المنفرد صلاته اذا وجد جماعة اماما كان او مأموما حتى جماعة العامة للتقية. مع ان الإعادة ليست جماعة بل فرادى في بيئة الجماعة يعبر عنه الجماعة متابعة وليس جماعة حقيقية. يعني اقرأ لنفسك لكن حركاتك متطابقة مع حركات الجماعة هذه معنى الجماعة المتابعة التي تشرع حتى مع الموافق غير الواجد للشرائط.
الرواية الأولى في الرجل يصلي الصلاة وحده ثم يجد جماعة قال يصلي معهم وليجعلها فريضة.
يعني من باب تبديل الامتثال بالامتثال. ليس من باب الامتثال بعد الامتثال. يجعلها فريضة أنه قد صلى الا ان عنوان الفريضة لا زال إمكانه قائم. هذا هو البحث الذي مر بنا. لا أنه علة لسقوط الأمر. إن كان علة لسقوط الامر فالأمر ما موجود فكيف يجعلها فريضة.
صحيحة زرارة قال لا ينبغي لرجل ان يدخل معهم في صلاتهم وهو لا ينويها «الصلاة لا الجماعة يعني فقط الحركات الظريف من موارد أن النافلة يسوغ متابعة معهم لانه ليس جماعة ينويها نافلة بجماعة صورية متابعة» بل ينبغي له ان ينويها صلاة وإن كان قد صلى فان له صلاة أخرى.
هذه الرواية تدل على الامتثال بعد الامتثال. فإن له صلاة أخرى وليس كتلك الرواية يجعلها فريضة. يعني نفسه هي الصلاة الاخر ولها ثواب آخر. يعني كل الاقوال الدليل عليها موجودة.
رواية زرارة قال له رجل:أاصلي في أهلي ثم اخرج الى المسجد ويقدموني؟ قال تقدم... جواز إعادة الصلاة ولو كان اماما.
الصدوق يقول: وروي: أنه يحسب له افضلهما واتمهما. بحسب تلك الروايات يحسب له كأداء للفريضة ولكن تلك الصلاة أيضا يثاب عليها. الصلاة الأخرى يعني التكرار ولا منافاة بين هذه الرواية وتلك الرواية. يعني ما هو امتثال فريضة افضلهما واتمهما وغير الأفضل أيضا تكتب صلاة أخرى. جمع بين الامرين ولا تناقض بين الروايات.
الرواية الخامسة في الباب. صحيح ابن بزيع «فقيه ومرجع من تلاميذ الامام الرضا وكان وزيرا في الدولة العباسية ويقال كان له قصر محمد بن إسماعيل ابن بزيع من فقهاء تلاميذ الرضا وممن له مرجعية بين المؤمنين والشيعة مع ذلك كان وزيرا للدولة العباسية نقلا عن احد الفضلاء حول ترجمة ابن بزيع» كتب الى ابي الحسن اني احضر المساجد مع جيرتي وغيرهم فيامرونني ....
تتمة ان شاء الله غدا
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين